رد شبهة: نبيٌّ بطنه انتفخت بعد موتِه r !

زعم المعترضون زورًا وبهتانًا أن جسدَ النبي r قد أسن، وانتفخ بعد وفاتِه كشأنِ سائرِ الأجسادِ.....

واستدلوا على زعمهم بحديثين:

الأول: جاء في تاريخِِ الإسلامِ للإمام الذهبي (ج 4 / ص 3 ): "عن علي بن خشرم حدثنا وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي، أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبِّي rبعد وفاته، فأكب عليه فقبله وقال: بأبي أنت وأمي، ما أطيب حياتك ومماتك.
ثم قال البهي: وكان النبيُّ r ترك يوماً وليلة حتى ربا بطنه ، وأنثنت خنصراه. قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صلبه، ونصبوا خشبة ليصلبوه، فجاء ابن عيينة، فقال لهم: الله، هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه، وهذا حديث معروف. قال: ولم أكن سمعته، إلا أني أردت تخليص وكيع. قال ابن خشرم : سمعته من وكيع بعدما أرادوا صلبه. فتعجبت من جسارته. وأخبرت أن وكيعاً احتج فقال: إن عدة من الصحابة منهم عمر قالوا : إن رسول الله r لم يمت، فأحب الله أن يريهم آية الموت".

الثاني : جاء في سننِ الدارمي باب ( في وَفَاةِ النَّبِيِّ r ) برقم 84 أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ r يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ، فَحُبِسَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَالْغَدَ حَتَّى دُفِنَ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ ، وَقَالُوا : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَمُتْ وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى ، فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنْ عُرِجَ بِرُوحِهِ كَمَا عُرِجَ بِرُوحِ مُوسَى ، وَاللَّهِ لاَ يَمُوتُ رَسُولُ اللَّهِ r حَتَّى يَقْطَعَ أيدي أَقْوَامٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ مِمَّا يُوعِدُ وَيَقُولُ ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَدْ مَاتَ وَإِنَّهُ لَبَشَرٌ ، وَإِنَّهُ يَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ أي قَوْمِ ،فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَهُ إِمَاتَتَيْنِ ، أَيُمِيتُ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً وَيُمِيتُهُ إِمَاتَتَيْنِ وَهُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ؟ أي قَوْمِ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ ، فَإِنْ يَكُ كَمَا تَقُولُونَ فَلَيْسَ بِعَزِيزٍ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r وَاللَّهِ مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ السَّبِيلَ نَهْجاً وَاضِحاً ، فَأَحَلَّ الْحَلاَلَ وَحَرَّمَ الْحَرَامَ ، وَنَكَحَ وَطَلَّقَ وَحَارَبَ وَسَالَمَ ، مَا كَانَ رَاعِى غَنَمٍ يَتْبَعُ بِهَا صَاحِبُهَا رُءُوسَ الْجِبَالِ يَخْبِطُ عَلَيْهَا الْعِضَاهَ بِمِخْبَطِهِ وَيَمْدُرُ حَوْضَهَا بِيَدِهِ بِأَنْصَبَ وَلاَ أَدْأَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r كَانَ فِيكُمْ ، أي قَوْمِ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ. قَالَ : وَجَعَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَبْكِى فَقِيلَ لَهَا يَا أُمَّ أَيْمَنَ تَبْكِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r ؟ قَالَتْ : إني وَاللَّهِ مَا أَبْكِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r أَنْ لاَ أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا ، ولكني أَبْكِى عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ انْقَطَعَ. قَالَ حَمَّادٌ : خَنَقَتِ الْعَبْرَةُ أَيُّوبَ حِينَ بَلَغَ هَا هُنَا.

تكمنُ شبهتُهم في قولِ العباسِ بنِ عبدِ المطلبِt -عم النبي- لما قال : " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَدْ مَاتَ وَإِنَّهُ لَبَشَرٌ ، وَإِنَّهُ يَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ أي قَوْمِ، فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ ".



الرد على الشبهة


أولًا : إن المسلمين لا يعبدون النبي محمد r ، ولا يعتقدون بإلوهيته كما يعتقدُ المعترضون في يسوع المسيحِ u .... ثم إننا لن نتتبع جسدَه r أكان يتغير أم لا ، ويبلى بالوفاة أم لا....؟!
لأننا نؤمن أنه عبدٌ رسولٌr حفظه اللهُI حتى أتم رسالتَه ، وأكمل شريعتَه ، كما أننا نؤمن أن اللهَ يحفظ أجسادَ الأنبياءِ موقنين بذلك يقينًا جازمًا حازمًا....
جاء في سنن ابن ماجة برقم 1627 عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ ".
تحقيق الألباني: صحيح، ابن ماجة ( 1085 )، المشكاة ( 1361 )، صحيح الجامع ( 2212 ).
وهذا يكفينا لدفع أي افتراء مثل الذي قيل، ولكن رأيت من واجبي أن أُفند ما افتراه المعترضون على النبيِّ محمد ....



ثانيًا : إن من دلائل صدق نبوتهr التي غفل عنها المعترضون، أن هناك علامات قبل موته تشير إلى قُربِ أجله r قُُبيل إتمامِ رسالته r في قمةِ فتوحاته وانتصاراتهr كان النبيُّ يعلمها ويُحدث بها... منها ما يلي :
1- سورة النصر، لما قال I : ]إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ]1[ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً ]2[ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ]3[ [ ( النصر).
فهذه السورةِ فيها إشارة إلى أن النبي محمد r قد أدى الأمانةَ ، وبلّغ الرسالةَ، ونصح الأمةَ على أتم وجه، وقضى على الظلمة...
وكان عليه أن يستعد للانتقالِ من عالمِ الظالمين إلى عالمِ أرحم الراحمين؛ فكان رسولُ اللهِ r قبل موته يكثر من قَوْلِ:" سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ " ؛ ثبت ذلك في الآتي:
أ- مسندُ أحمدَ برقم 22936 قَالَتْ عَائِشَةُ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r يُكْثِرُ فِي آخِرِ أَمْرِهِ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ قَالَتْ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مَا لِي أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ قَالَ: إِنَّ رَبِّي Uكَانَ أَخْبَرَنِي أَنِّي سَأَرَى عَلَامَةً فِي أُمَّتِي ، وَأَمَرَنِي إِذَا رَأَيْتُهَا أَنْ أُسَبِّحَ بِحَمْدِهِ ، وَأَسْتَغْفِرَهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا فَقَدْ رَأَيْتُهَا؛ { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }
تعليق شعيبُ الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن أبي هند فمن رجال مسلم .
ب-المعجمُ الكبير للطبراني برقم 2610 عَنْ جَابِرِ بن عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بن عَبَّاسٍ ، في قول الله U إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ ، قَالَ مُحَمَّدٌ r " يَا جِبْرِيلُ نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ " قَالَ جِبْرِيلُ u: الآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى ، ولَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ r بِلالا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلاةِ جَامِعَةً ، فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ r ، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ U وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَبَكَتِ الْعُيُونُ ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ ؟ " فَقَالُوا : جَزَاكَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ خَيْرًا فَلَقَدْ كُنْتَ بنا كَالأَبِ الرَّحِيمِ ، وَكَالأَخِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ ، أَدَّيْتَ رِسَالاتِ اللَّهِ U وأَبْلَغْتَنَا وَحَيَهُ ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكِ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَازَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : " مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ ، أَنَا أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وبِحَقِّي عَلَيْكُمْ ، مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي " ، فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ ، فَنَاشَدَهُمُ الثَّانِيَةَ ، فَلَمْ يَقُمْ.

2-صحيحُ البخاري برقم 3615 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ :" إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ "، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَعَجِبْنَا لَهُ وَقَالَ النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهُوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ r هُوَ الْمُخَيَّرَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ إِلَّا خُلَّةَ الْإِسْلَامِ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ ".

3-الكاملُ في التاريخِ لابنِ الأثيرِ( جزء 1صفحة356 ) : قال ابنُ مسعودٍ t: نعى إلينا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر. فلما دنا الفراق جمعنا في بيت عائشة فنظر إلينا فشدد ودمعت عيناه وقال: مرحباً بكم، حياكم الله، رحمكم الله، آواكم الله، حفظم الله، رفعكم الله، وفقكم الله، سلمكم الله، قبلكم الله ، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، وأستخلفه عليكم، وأؤديكم إليه ، إني لكم منه نذير وبشير ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإنه قال لي ولكم: ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، والعاقبة للمتقين) القصص: r. قلنا: فمتى أجلك؟ قال: دنا الفراق والمنقلب إلى الله وسدرة المنتهى والرفيق الأعلى وجنة المأوى. فقلنا: من يغسلك ؟ قال: أهلي الأدنى فالأدنى. قلنا: فيم نكفنك؟ قال: في ثيابي هذه إن شئتم أو في بياض. قلنا: فمن يصلي عليك ؟ قال: مهلاً، غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيراً. فبكينا وبكى ، ثم قال: إذا غسلمتوني وكفتنتموني فضعوني على سريري على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعةً ليصلي علي جبرائيل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت مع الملائكة، ثم ادخلوا علي فوجاً فوجاً فصلوا علي ولا تؤذوني بتزكية ولا رنة وليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي ثم نساؤهم ثم أنتم بعد، أقرئوا أنفسكم مني السلام ، ومن غاب من أصحاب فاقرئوه مني السلام ، وما تابعكم على ديني فاقرئوه السلام.

4-قولُ النبيِّ r في خطبةِ حجةِ الوداعِ كما في مسندِ أبي يعلى الموصلي برقم 6683 قال r : " ألا إن أموالكم ودماءكم عليكم حرام كحرمة هذا البلد في هذا اليوم ، ألا فلا يعرفنكم : ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فإني لا أدري هل ألقاكم هذا أبدا بعد اليوم ، اللهم اشهد عليهم ، اللهم بلغت ".
5- صحيحُ البخاري برقم 3353 عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ r فَقَالَ النَّبِيُّ r مَرْحَبًا بِابْنَتِي ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَقُلْتُ لَهَا لِمَ تَبْكِينَ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ r حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ r فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ أَسَرَّ إِلَيَّ إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي فَبَكَيْتُ فَقَالَ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ . و قد ماتت - رضي اللهُ عنها- بعد موته r بستةِ أشهر ....
6-صحيحُ الجامع برقم 13840 قال r : " يا أيها الناس ! خذوا عني مناسككم فإني
لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا ". وحدث ما قاله r ....

7-مسندُ أحمد برقم 21040 عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ r يُوصِيهِ وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ r يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ يَا مُعَاذُ إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا أَوْ لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا أَوْ قَبْرِي فَبَكَى مُعَاذٌ جَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ r ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَقَالَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا.
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح .



ثالثًا : إنّ قول العباسِ بنِ عبدِ المطلبِt : " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَدْ مَاتَ وَإِنَّهُ لَبَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ أي قَوْمِ ، فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ " ليس إخبارًا منه عن أمر قد وقع بالفعل؛ و إنما هو اجتهادٌ منه t أخطأ فيه.... فالمحتملُ أنه لم يسمع حديثَ النَّبِيِّ r : " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ فَنَبِيُّ اللَّهِ حَيٌّ يُرْزَقُ ".
تحقيق الألباني: صحيح، ابن ماجة ( 1085 )، المشكاة ( 1361 )، صحيح الجامع ( 2212 ).

فكلُّ ما هنالك أنهt ظنَ أن جسدَ رسولِ اللهِ r سيسرى عليه ما يسرى على سائرِ الأجسادِ بعد الموتِ ،وقد قال هذه المقولة ترهيبًا، وتنبيهًا لعمرَ t الذي رفض مصيبة موتِ النبي r ؛ فقد صرخt َ من هول المصيبة متوعدًا كل من يقول: إن رسولَ اللهِr قد مات ....

فالروايةِ التي معنا فيها بيان ذلك: " فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ حَتَّى أَزْبَدَ شِدْقَاهُ مِمَّا يُوعِدُ وَيَقُولُ ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَدْ مَاتَ وَإِنَّهُ لَبَشَرٌ ، وَإِنَّهُ يَأْسُنُ كَمَا يَأْسُنُ الْبَشَرُ أي قَوْمِ ، فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ يُمِيتَهُ إِمَاتَتَيْنِ ، أَيُمِيتُ أَحَدَكُمْ إِمَاتَةً وَيُمِيتُهُ إِمَاتَتَيْنِ وَهُوَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ؟ أي قَوْمِ فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ ، فَإِنْ يَكُ كَمَا تَقُولُونَ فَلَيْسَ بِعَزِيزٍ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُ التُّرَابَ ".

والملاحظ : أن جسد النبيِّ لم يأسن ؛ وإنما طالب العباسُ t بدفنِ الجسدِ الشريفِ إكرامًا له ، و ترهيبًا لكل تركه حتى يأسن اعتقادًا منه أن ذلك محتملًا مع النبيِّ r بحكمِ طبيعةِ البشريةِ...

كما أن هذا الحديثَ لم يصح إسنادُه البتة ؛فمتنه هو : " أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ ...... ".
الحديثُ مرسلٌ منقطعُ السندِ لا يصح ؛ فعكرمة من التابعين يروي عن النَّبِيِّ r.

وعليه: فكانت إجابتي على الشبهةِ بفرض صحةِ الحديث مع كونه لا يصح....



رابعًا : أما عن حديث وكيع عن عبدِ اللهِ البهي .... الذي فيه أن جسدَ رسولِ r قد تُرك يوماً و ليلة حتى ربا بطنه... .. حديثٌ منكرٌ لا يصح؛ فهذا الخبر في إسناده علتان:

الأولى: الإرسال؛ فقد رواه عبد الله البهي - وهو تابعي – حكمه مرسلًا
الثانية: ضعف عبد الله البهي.

دلل على ما سبق : ما قاله الإمام الذهبي - رحمه الله - : { الراوي: عبد الله البهي مولى مصعب بن الزبير - خلاصة الدرجة : منكر منقطع الإسناد - المحدث: الذهبي - المصدر: سير أعلام النبلاء - الصفحة أو الرقم 9/160}.
فهذا حديث منكر منقطع لا حجة به ولا يُلتفت إليه ...
ثم إن العلماء في زمنِ وكيع نفسه أنكروا عليه هذا الحديثَ حتى أن سفيانَ بن عيينه العالم الوحيد الذي شهد للحديث بحسبِ الروايةِ ....أخبر أنه لا يعلم شيئًا عن هذا الحديث ؛ لكنه شهد له دفعاً للضرر الأكبر الذي كاد أن يُفتك بوكيع لتحديثه بهذا الخبر المنكر؛ وهذا هو الملاحظ من الرواية فقد جاء فيها :
قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريشٌ، وأرادوا صلبَ وكيع ونصبوا خشبة لصلبه فجاء سفيانُ بن عيينة فقال لهم: الله الله هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه ، وهذا حديث معروف .
قال سفيان بن عيينة: ولم أكن سمعته إلا أني أردت تخليص وكيع ..
وكان الذهبيُّ يقول : " فَهَذِهِ زَلَّةُ عَالِمٍ، فَمَا لِوَكِيْعٍ ، وَلِرِوَايَةِ هَذَا الخَبَرِ المُنْكَرِ، المُنْقَطِعِ الإِسْنَادِ كَادَتْ نَفْسُهُ أَنْ تَذْهَبَ غَلَطاً...". اهـ

فإن قيل : لماذا كان وكيع يحدُّث بهذه الروايةِ ؟!

قلتُ: لعله حين روى هذا الخبر رأى أن هناك حكمةً إلهيةً هي أن الله I جعل الجسدَ الشريف يربوا حتى لا يفتتنُ الناس به r وينزلوه r غيرَ منزلتِه، و حتى يثبت للمكذبين بموت النبي r حقيقةَ وقوعِ موته r ..... هذا على فرض صحة الرواية، وهي لا تصح أبدًا...

وبالتالي: فإن المعترضين يستدلون بخبرٍ مكذوبٍ، و منكٍر ، لا يقام به بيان ولا ُحجة ...وعلى ما سبق يسقط افتراءهم، وسوء زعمهم وعرضهم...



خامسًا: إن المفاجأة التي قد تصيب المعترضين بخيبةِ الأملِ والحسرة.... هي أن الأخبار الصحيحة التي ثبتت بخصوص وفاة النبي محمد r أثبتت الكرامات له ، ودللت على صدق نبوتِه r... كما يلي :

أولًا:- تغسيل جسده r: ثبت في سنن أبي داود برقم 2733 عن عَائِشَةَ قالت : لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ النَّبِيِّ r قَالُوا :وَاللَّهِ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللَّهِ r مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا أَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ أَنْ اغْسِلُوا النَّبِيَّ r وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَغَسَلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ وَيُدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: " لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ ". تحقيق الألباني : حسن الأحكام ( 49).

ثانيًا: حالةُ جسدِه : r ثبت عند الحاكمِ في المستدركِ برقم 4370 عن عليٍّ t قال : " غسلتُ رسولَ اللهِr فجعلتُ أنظر ما يكون من الميتِ فلم أر شيئًا، وكان طيبًا حيًا وميتًا r ". « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ».
تحقيق الألباني: صحيح، تلخيص أحكام الجنائز ( ج1 /ص30 ).

فهذا هو النبي r لم يدفن ثلاثةَ أيامٍ ثم لما حانت ساعة تغسيله ، أنزل اللهُ النعاسَ على صحابته ، و سمعوا صوتاً يأمرهم أن يغسلوا رسولَ اللهِ r في ثيابِه دون أن يكشفوا عنه إكراماً وتوقيراً لهr ، ثم يتولى عليُّ بنُ أبى طالب تغسيل جسده r ؛ فلا يجد منه ما يجد من الميت؛ بل يجد كل طيبٍ من أطيبِ الطيبين r ...


سادسًا: إن المسلمين يعتقدون أن اللهَI لم يُقدّر لأحدٍ الخلد ، فقد قضت مشيئتُه الموتَ على كل مخلوقاتِه بما فيهم الأنبياء ، والملائكة المقربين إلا وجهه الكريم ... أدلة ذلك ما يلي :

1- قوله I : ] كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) [ (الرحمن ).

2- قوله I: ]وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ [ (الأنبياء34) .

ومن خلالِ النظرِ إلى الكتابِ المقدسِ نجد أن من الأنبياءِ من حُرِّق ، و قتُل ، ومُزقَ كل ممزقٍ ، مثل زكريا، ويوحنا المعمدان ( يحيى u ) الذي يقول عنه يسوع المسيحُ في إنجيلِ لوقا إصحاح 7 عدد28"لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ" .
فيوحنا قُتل ، وقُطع رأسُه، ووضع بين يدي داعرة تُدعى سالومى، وهذا بنصوص الكتابِ المقدسِ .... فهل يعنى هذا أنه ليس نبيًّا مكرمًا؛لأن جسده شُرد ومُثل به...؟!

والأعجبُ من ذلك أن معتقد المعترضين هو أن الإلهَ نفسه قد ضُرب، وسُفك دمُه، وصُلب ومات؛ بل وظلت يداه مثقوبتان مشوهتان بعد قيامته المزعومة..... في حين أن كتابهم المقدس يزعُم وينسب لإنسان أنه لم يذق الموت( أخنوخ النبي) ، وذلك في سفر التكوين إصحاح 5 عدد24"وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ".

وينسب ذلك أيضًا إلى إيليا النبيِّ ، وذلك في سفر الملوك الثاني إصحاح 2 عدد 11وَفِيمَا هُمَا يَسِيرَانِ وَيَتَكَلَّمَانِ إِذَا مَرْكَبَةٌ مِنْ نَارٍ وَخَيْلٌ مِنْ نَارٍ فَصَلَتْ بَيْنَهُمَا، فَصَعِدَ إِيلِيَّا فِي الْعَاصِفَةِ إِلَى السَّمَاءِ.

ألم فكان الأولى للإله يسوع يصعد إلى السماء في مركبة من نار وخيل من نار ، بدلًا من أن يُمثل بجسده يُضرب ويُهان...؟!
ألم يكن قادرًا على نجاته، ويحافظ على جسده مُصان؟!
لا تعليق!

كتبه / أكرم حسن مرسي