علمُ التجويد
التجويد لغةَ: التحسين، يقال: هذا شيءٌ جيد، أي: حسن، ويقال: جودتُ الشيء، أي: حسّنته.
والتجويد اصطلاحًا: هو تلاوة القرآن الكريم وإعطاؤه حقه ومستحقه من الصفات، وحقُ الحرف: هو الصفة الملازمة للحرف التي لا تنفك عنه أبدًا كصفة الغنة في النون والميم، ومستحق الحرف: هو الصفة العارضة للحرف التي تتصف به أحيانًا وتفارقه أحيانًا كالتفخيم والترقيق في الراء.
إنّ شرف علم التجويد يتأتى من شرف كونه متعلقًا بألفاظ القرآن الكريم الذي هو كلام الله عزّ وجل، فمما يميز القرآن الكريم عن غيره من الكتب أن قراءته ليس كقراءة أي كتاب أو أي مقال، بل له ضوابط وآداب وطريقة خاصة منزلة من رب الأرض والسماوات.
وعلمُ التجويد قسمان: قسمٌ عمليٌ تطبيقي: وهو تلاوة ألفاظ القرآن الكريم كما أنزلها الله جلّ في علاه على خير رسله محمدٌ بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، وهذا موجود منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ووجد بمجرد تنزل القرآن الكريم، وقسمٌ علميٌ نظري: وهي الاصطلاحات والتعريفات الموصلة إلى الطريقة الصحيحة لتلاوة القرآن الكريم كما أنزل الله، وهذا وُجد بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يكن هنالك حاجة لتدوين هذا العلم آنذاك، إذ أنّ الدافع لتدوين هذا العلم هو الخوف على ضياع الطريقة الصحيحة لتلاوة القرآن الكريم بالتحريف أو التغيير أو التبديل لاسيما بعد استشهاد عدد كبير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظرًا لكثرة دخول الأعاجم في الإسلام واختلاطهم بالعرب، وقد اختلف في أول من ألف مؤلفات في هذا العلم فقد قيل: أبو الأسود الذؤلي، وقيل: أبو عبيد القاسم بن سلام، وقيل: الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقيل: غيرهم.
وحكم التجويد العملي: فرضُ عين، بمعنى: من التزم تلاوة القرآن الكريم بأحكام التجويد أجر على تلاوته، ومن لم يلتزم أثم. وقد دل على ذلك قول الله تعالى: " ورتّل القرآن ترتيلًا"، أي اقرأه بأحكام التجويد، ودل على ذلك صريح السنة النبوية الصحيحة فعن موسى بن يزيد الكندي –رضي الله عنه– قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرئ رجلا فقرأ الرجل " إنما الصدقات للفقراء و المساكين " مرسلة أي بدون مد، فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله. فقال الرجل: و كيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن ؟ قال: أقرأنيها هكذا " إنما الصدقات للفقراء و المساكين " و مدها، مما دل على وجوب تلاوة القرآن الكريم بأحكام التجويد، وقد أجمعت الأمة الإسلامية منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على وجوب تلاوة القرآن الكريم بأحكام التجويد.
وأما حكم التجويد العلمي: فرض كفاية، أي إن أداه البعض سقط الإثم عن الباقين، وإن لم يؤده أحد أثم الجميع.
فيا من تقرأ كلام الله كأي كلام التمس لك شيخًا يعلمك كيف تقرأ كلام الله وإلا فأنت في عداد الآثمين.
بقلم: صاحب القرآن.

19/ 11/ 2016