شبهة أمرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا…

الرد بسيط ومختصر:

الحديث الاول بيقول
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّى دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ » متفق عليه

أولاً: النبي صلى الله عليه وسلم يقول “أمرت” يعني ان الامر ليس من تلقاء نفسه ولكنه من رب العالمين!
ثانياً: القتال في الحديث ليس معناه القتل! فكلمة القتال لا تعنى ان النبي صلى الله عليه وسلم سيقول لهم إما القتل او الشهادتين! فكلمة القتال تعنى انه بين طرفين وليس من طرف واحد! بمعنى ان الشخص المسلم “المُحارب” يقاتل “يحارب شخص آخر مُحارب!

إذن عندما يقول النبي صلى الله عليه وسلم أمرت ان اقاتل الناس
1- يقصد ان حرب تدور بين شخصين
2- يقصد بالقتال هنا المحاربين

والسؤال لماذا الحرب؟!

الإسلام بداية لا يدعوا للاعتداء على اي شخص فيقول الله تعالى
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [البقرة : 190] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [المائدة : 87] إذن المسلم يُقاتل كما في الرواية عندما يتم الاعتداء عليه! ويكون قتاله من باب الدفاع عن النفس, ماذا لو لم يُحارب الغير مسلم؟
سأعطيك مثال بسيط جداً جداً
سيارة مطافي تدخل منطقة لإطفاء حريق بعمارة, فاعترضها بعض الاشخاص!
فماذا يفعل قائد سيارة المطافي؟ هل سيعود؟! ام يحاول الدخول؟
فلو عاد سيكون قد تخازل في حق هؤلاء الذين سيحرقون بلا شك!
ولو حاول الدخول سيعترضه هؤلاء الاشخاص!
فيجب عليه مقاومتهم والدخول حتى بالقوة!

هذا تماماً ما يحدث دعوة غير المسلمين سندعوهم وإن اعترضنا احد سندافع عن حقهم في معرفة الحق! وإن عرفوا الحق ولم يعترفوا به؟
هذا شأنهم يقول الله تعالى:

(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ )[البقرة : 256] وأيضاً:
(لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ )[البقرة : 272] وأيضاً:
(فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [البقرة : 213] فالأمر لهم يختاروا الإسلام او يظلون في دينهم! لا إجبار ولا إكراه!
ولكن إن حاربنا بعضهم؟! علينا حربهم وهذا ما يذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث…
ولا ننسي قول ربنا تبارك وتعالى
(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) [التوبة : 6] وكلمة المشرك تشمل أهل الكتاب وغيرهم, لو استجارني انا كمسلم عليه ان احميه!

فهل هذا دين إرهاب؟ هل دين الإرهاب يقول لا إكراه في الدين؟! ولا شك ان الآية تتحدث عن المسالم “الغير مُحارب” وحتى المُحارب فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
« أَيُّهَا النَّاسُ ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ)
فالحروب في الإسلام ليست ما يتمناه المسلم وإنما تأتي إضطراراً دفاعا عن النفس!
بل ان أول آية من آيات القتال جاءت تقول:
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) [البقرة : 216] وحتى الغزوات جميعها كانت دفاعاً عن النفس او استرجاع الحق المُغتصب! والقارئ لكتب السير سيجد هذا بجلاء! والسائل عن انتشار الاسلام بالسيف دائماً ما يسأل بصيغة عامة! وهذا سببه عدم دراسة بسيطة جداً للغزوات في الإسلام!

فالقارئ للقرآن الكريم يجد أن آياته بها الطابع الدفاعي وليس الهجومي على أعداءه , فيقول الله تعالى في أول آية أنزلها في السماح بالقتال :
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ , الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [1] ومن هذه الآية الكريمة أراد الله عز وجل أن يوضح للبشرية كلها أن هؤلاء الذين أخرجوا من ديارهم وشردت أولادهم ونُهبت أموالهم بأن لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم ولا يوجد هدف أسمى من الدفاع عن النفس , وأيضاً يقول الله تعالى :
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ)[2] والقارئ لهذه الآية الكريمة يجد أن القتال في الإسلام ماهو إلا رداً على قتال الأخرين لهم , وأقرأ معي إن شئت قول الله تعالى :
(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً)[3]


ويقول الله تعالى :
(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً) [4] فالحرب في الإسلام دفاعاً عن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان وقد تكون الحرب لها أهداف أخرى مثلاً التصدى للدعاة ومنهم عن نشر دعوة الإسلام بالقوة أو غير ذلك ..

فمثلاً عندما نقض أهل مكة صلح الحديبية وأعتدوا على بني خزاعة حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم حين ذلك دخل النبي مكة فاتحاً لترجع الحقوق إلى أهلها دون إراقة دماء ودون الإعتداء عليهم وهم الذين أضطهدوهم وشردوهم وأخرجوهم من ديارهم , ولأن النبي لم يأتي إلا رحمة للعالمين فقد أعاد الحقوق إلى أهلها دون التعدى عليهم , فمن هذا الذي يدعي أن الإسلام قد أنتشر بحد السيف ؟

أما في المسيحية فالأمر عكس ذلك بل إن إله المسيحية لم يترك قاعدة لأي حرب فأصبحت الحروب هجومية شرسة بالدرجة الأولى , وكما أشرنا بأن متى المسكين نفسه يقول : [5](فلا يمكن أن يجيزها الضمير ولا يمكن أن يبررها العقل بحسب موازين إيماننا ولكننا نقول إن إسرائيل تصرفت بأكثر مما أوصى بها الله )


فيقول كاتب سفر يشوع الإصحاح 10 الأعداد من 40 إلى 43 :
(فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها. لم يبق شاردا, بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله إسرائيل. , فضربهم يشوع من قادش برنيع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون. , وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك وأرضهم دفعة واحدة, لأن الرب إله إسرائيل حارب عن إسرائيل. , ثم رجع يشوع وجميع إسرائيل معه إلى المحلة إلى الجلجال. )
فالإله يأمر بقتل كل نسمة ولا يترك منهم شيئاً حي !!
ونقرأ الآن في الكتاب المقدس للرب وهو يأمر موسي بعدم الشفقة على أعدائك عند النصر عليهم في سفر التثنية الإصحاح 7 العدد 1 – 5 :
(متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التي أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوبا كثيرة من أمامك: الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين سبع شعوب أكثر وأعظم من , ودفعهم الرب إلهك أمامك وضربتهم فإنك تحرمهم. لا تقطع لهم عهدا ولا تشفق عليهم , ولا تصاهرهم. ابنتك لا تعط لابنه وابنته لا تأخذ لابنك , لأنه يرد ابنك من ورائي فيعبد آلهة أخرى فيحمى غضب الرب عليكم ويهلككم سريعا. , ولكن هكذا تفعلون بهم: تهدمون مذابحهم وتكسرون أنصابهم وتقطعون سواريهم وتحرقون تماثيلهم بالنار , )



الأمر صعب أن نقرأ مثل هذا الكلام في كتاب يدعي أتباعه أنه كتاب يدعو للمحبة والرحمة , هذه الأوامر لم تصدر أبداً من الإسلام العظيم لأن الإسلام لم يكن هدفه حرب الآخرين بل كل هدفه حماية أتباعه وحرية العقيدة كل هدفه أن يحمي المسلمين من الذين يعتدون عليهم .

بل قد أطُلق علي هذه الحروب في الكتاب المقدس ” حروب الرب ” الإسم المحبب لدي أتباع الكتاب المقدس فكما ذُكر في الكتاب المقدس:
(واصفح عن ذنب أمتك لأن الرب يصنع لسيدي بيتا أمينا, لأن سيدي يحارب حروب الرب, ولم يوجد فيك شر كل أيامك. ) سفر صموئيل الأول 25 / 28.


بل إن إله النصارى قد وعد بني إسرائيل لو إلتزموا بالشريعة بأن كل مكان تدوسه بطون أقدامهم تكون لهم لكي يرثوا الأرض كلها لهم فيقول :
(لأنه إذا حفظتم جميع هذه الوصايا التي أنا أوصيكم بها لتعملوها لتحبوا الرب إلهكم وتسلكوا في جميع طرقه وتلتصقوا به , يطرد الرب جميع هؤلاء الشعوب من أمامكم فترثون شعوبا أكبر وأعظم منكم. , كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم. من البرية ولبنان. من نهر الفرات إلى البحر الغربي يكون تخمكم. لا يقف إنسان في وجهكم. الرب إلهكم يجعل خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التي تدوسونها كما كلمكم. ) سفر التثنية 11 / 22 – 25 .



وأحب أن أذكر هنا قول إلريك زوينجلي وهو أحد الإصلاحيين المسيحيين والذي قاد جيوش البروتستانت ضد الكنيسة الكاثوليكية للدفاع عن أنفسهم فيقول (8):
( نحن لا نريد أن نسفك دم أحد , ولكننا نريد أن نقص أجنحة حكومة الصقور , فإن تجنبنا المواجهة فإن حق الإنجيل وحياة الرب لن تكون في أمان في وسطنا , ويجب أن نتكل على الله وحده , ولكن عندما تكون لدينا قضية عادلة يجب أن نعرف أيضاً كيف ندافع عنها , ونظير يشوع وجدعون نسفك الدماء في سبيل وطننا وإلهنا .. )

وقد قال أيضاً إلريك زوينجلي (9): ( إن الحرب العادلة ليست ضد كلمة الله ..)
وأنا أجد أيضاً أن الحرب العادلة والذي يكون فيها الدفاع عن النفس والدين , فلا يوجد مسيحي يترك زوجته تُغتصب بل سيقتل من يعتدي عليها ولن يسكت على حق زوجته فما بالك بحق الدين ؟ الذي وجب الدفاع عنه لبقاءه .



هكذا كانت المسيحية تأمر بالقتل قبل مجيء يسوع وهكذا كانت الدعوة وإحتلال الأراضي واستعباد أهلها لو لم يكن حرقهم وقتلهم وإبادتهم وحتى بعد مجيء يسوع وإنتشار المسيحية, وسنتكلم عن وصف هذه الحروب لنعرف ما يحدث بداخلها من تعديات بكل المقاييس , لكي نعرف الفرق بين حروب الإسلام وحروب المسيحية لنعرف الفرق بين ما يدعوا للبناء وما يدعوا للهدم , لكي نعرف الفرق بين الحرب الدفاعية والحرب الهجومية والتدميرية والآن لنري هل الحرب الإسلامية كانت ضدد مدنيين أم محاربين .

وأحب أن أقول كلمة العلامة أوريجانوس وهو يتكلم عن الحرب الدفاعية فيقول[6] :
(يوجد في شعب الله أشخاص هم جنود الرب ( أنظر 1تي 2/3-4 ) , الذين لا يرتبكون بأمور الحياة . هؤلاء هم الذين يمشون في الحرب ويقاومون الأمم المعادية والأرواح الشريرة لباقي الشعب وكذلك العاجزين الذين يمنعهم السن أو الجنس أو الضعف . هم يدافعون بالصلاة والصوم والبر والرحمة واللطف والعفة .. )

[1] الحج39-40
[2] البقرة 190
[3] النساء 74-75
[4] النساء 84 .
[5] تاريخ إسرائل من واقع نصوص التوراة والأسفار وكتب ما بين العهدين للأب متى المسكين صفحة53 .
(8) كتاب مختصر تاريخ الكنيسة – للمؤرخ المسيحي أندرو ملر – صفحة 555 , 556 .
(9) كتاب مختصر تاريخ الكنيسة – للمؤرخ المسيحي أندرو ملر – صفحة 559 .
[6] عظات أوريجانوس على سفر العدد – للعلامة أوريجانوس صفحة 182 .

والحمد لله رب العالمين .