يسأل الباحث المسيحي : إذا كان الله فى الاسلام قال فى القرآن أن للرجل أن يتزوج من أربعة نساء فقط ، وإذا كان هذا القرآن مكتوب فى اللوح المحفوظ ومعلوم بهذا التشريع لله منذ الازل ، فلماذا سمح للرجال بالزواج من أكثر من أربعة نساء قبل ذلك ولماذا سمح لرسول الاسلام ان يتزوج من أكثر من أربعة نساء ؟



وددت لو لم أجب على هذا السؤال فى الحقيقة لأنه يدل على جهل السائل بأمور كثيره من خلال صياغته للسؤال ولأنه مجرد سؤال جدلي ولو سمحنا لصياغة أسئلة كمثل هذا السؤال لما انتهينا منها ، فمثلا فى الكتاب المقدس الذى يؤمن به المسيحيون أنه وحى من الرب ، يسمح بتعدد الزوجات فى العهد القديم منذ أول اسفاره وبداية خليقته ولا نجد أن الكتاب المقدس يدين هذا الأمر، إن أول حالة تعدد زوجات في الكتاب المقدس كان لامك في تكوين 4 : 19 “واتخذ لامك لنفسه إمرأتين.” كما كان العديد من الرجال المعروفين في العهد القديم متعددي الزوجات. ابراهيم، ويعقوب، وداود، وسليمان، وآخرين أيضا كلهم كان لهم العديد من الزوجات. وفي 2 صموئيل 12: 8 نجد الله يتكلم على لسان النبي يوناثان ويقول أنه لو كانت زوجات داود وسراريه غير كافيات كان أعطى داود المزيد. سليمان كانت له 700 زوجة و300 من السراري (هن زوجات لهن مرتبة أقل) وفقا لما جاء في 1 ملوك 11: 3.



ثم نجد أن الرب يغير هذا التشريع فى العهد الجديد لسبب أو بدون سبب الى تشريع الزوجه الواحده ، فهل يمكن أن نقول لماذا سمح الرب لأنبياء العهد القديم بالزواج من أكثر من امرأه اذا كان يعلم أن تشريعه الذى يرضى به هو تشريع الزوجه الواحده ؟



هل يمكن أن نقول لماذا سمح الرب بالطلاق فى العهد القديم بينما لا يسمح به فى العهد الجديد ؟ هل يمكن أن نقول لماذا حرم الرب اكل الخنزير والجمل والارنب وشرب الخمر فى العهد القديم اذا كان يسمح به فى العهد الجديد ويستخدم الخمر فى سر التناول من الاسرار المقدسه ؟ لماذا أمر الرب فى العهد القديم تقديس يوم السبت اذا كان تشريع المسيحيه الكنسي يقدس الاحد (بدون نص من الكتاب بل هو اجتهاد البشر) ؟



بل قد نقول إذا كان الرب يعلم أنه سوف يتجسد ويًقتل تكفيرا لخطية آدم وخطايا البشر لماذا عاقبهم وطرد آدم من الجنه وكتب عليه الشقاء ؟ لماذا لم يغفر له من البدايه أو تجسد وقتل نفسه من أول الخليقه ؟



اسأل هذه الاسئله وأنا أعلم أنه لا يوجد فى الكتاب المقدس ما يقول أو يدل على أن الرب (يهوه) فى الكتاب المقدس يعلم الغيب أو يعلم ما سوف يحدث غدا أو فى المستقبل ، بل يقول الكتاب أن الرب يأسف ويندم على بعض افعاله ويراجع نفسه ويتعهد بألا يفعل مثل هذه الافعال مره أخرى ويضع علامه حتى يتذكر ما تعهد به فى المستقبل .. راجع سفر التكوين .



والآن نقوم بتوضيح ما يجهله السائل ونجيب على سؤاله ..!

ما هو اللوح المحفوظ ؟
اللوح المحفوظ في العقيدة الإسلامية هو كتاب كتب فيه الله مقادير الخلق قبل أن يخلقهم وهو مستودعٌ مشيئاته. وتقدير عام لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة.
قال الله : (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد 22
وقال الله : ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ إِنَّ ذَٰلِكَ فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (70) سورة الحج
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، وَمَا أَكْتُبُ ؟ قَالَ : اكْتُبِ الْقَدَرَ ، فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ فِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ .. )



فاللوح المحفوظ ليس كما يظن السائل أو غيره من الناس أنه لوح أو كتاب مكتوب فيه القرآن وفقط ، بل هو لوح أو كتاب مكتوب فيه كل ما سوف يقع من مقدرات الخلائق من قبل خلق السماوات والأرض وحتى تقوم الساعة ، أي مكتوب فيه أن الله سوف يسمح بتعدد الزوجات بدون تقييد ويترك الأمر للرجال كلٌ بحسب استطاعته (كما في العهد القديم مثلا) وأن هذا التشريع غير المقيد سوف يتم تقييده بنزول القرآن وشريعة الإسلام الخاتمة والكاملة .



وكذلك مكتوب في اللوح المحفوظ أن السائل سوف يرسل بهذه الرسالة ويتلقى هذه الإجابة ومكتوب ما سوف يترتب على ذلك بعلم الله السابق .



وأما ما يخص زيادة عدد زوجات النبى محمد فقد كان قبل التقييد التشريعي بزواج أربعة زوجات فقط وقد كان لأغراض اجتماعيه ونفسيه ، فقد تزوج النبى من نساء كبيرات فى السن ليكفلهم بعد موت ازواجهم ولم يكن لهم عائل ولا كفيل غيره ، تزوج النبى من نساء من أشراف القبائل التى دخلت الاسلام حديثا تقديرا لمنزلتهن فبل الاسلام وتأليفا لقلوب قومهن .. وغيرها من الأسباب لا اريد أن أطيل فى هذه النقطه ويمكنك مراجعتها من مصادر اسلاميه .



و كما قيد الله شرع خاص للزواج والتعدد فى الاسلام فقد قيد شرع خاص للنبى أيضا ربما يكون أكثر تقييدا مما شرعه لعامة الناس .
فقد شرع الإسلام للناس الزواج من أربعة فقط ولكنه سمح بالطلاق إذا لم يحدث توافق مع أحداهن أو بعضهن أو كلهن فيمكن للرجل أن يطلق ويتزوج بأخرى .
واما النبى فلأن أزواجه فى تشريع الإسلام هن أمهات للمؤمنين المسلمين .
(النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) الاحزاب 6
ولا يحل لأحد أن يتزوجهن بعد الرسول (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا) الاحزاب 53
فقد أبقى الله زوجات النبى معه ولا يطلقهن حتى يكفلهن ويرعاهن ولا يظلم بعضهن بالطلاق مع امتناع زواجهن من غيره من بعده ، ثم قيد التشريع الزواج للنبى بعدم السماح له بالزواج بغير زوجاته اللاتي معه ولا أن يطلق أحداهن ويتزوج بأخرى غيرها .
قال الله : (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52( الاحزاب 52
فهذا تقييد خاص بالنبى بعد التقييد الذى شرعه الله لغيره من الناس ، وهذا تشريع خاص يتناسب مع الوضع الخاص لزوجات النبى من كونهن أمهات للمؤمنين ومن وضع زواج النبى لهن كان لأسباب لابد من مراعاتها فى التشريع لأنه تشريع محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .