هل يشرك القرآن محمد مع الله فى كل أوامر الطاعة ؟



وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا
—————–
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، إن الحمد لله استعين به واستهديه واستغفره وأعوذ به من شرور نفسي وسيئات أعمالى … وبعد

فقد أشار لى أحد الإخوة الكرام على هذه الشبهة على صفحة قناة الحياة التنصيرية الضالة ، وفى الحقيقة لم أرى شبهة ، ولكنها حماقة وضحالة فى العلم والفهم لا مثيل لها ، وسيكون الرد عليها فقط ليعلم النصارى الذين ينبحون ليلا ونهارا لتشويه الإسلام ، أن الإسلام شرائعه وتعاليمه وعباداته وكل ما جاء به كالسحاب فى السماء ، لا يحمل إلا الخير ولا يأتى إلا بالخير ، ولم ينزله الله على الناس إلا ليحيي به القلوب الميتة كما يحيي الله بماء المطر الأرض الميتة .

فمن العجيب أن يهرب صاحب شبهة قناة الحياة التنصيرية من المقولة الساذجة والإدعاء المفضوح أن الكتاب المقدس كله وحده واحده يكمل بعضه بعضا ويستشهد بالعهد القديم ، الذى يسمونه عهد النقمة ونقص المعرفة وعدم اكتمال البشرية ويترك العهد الجديد على غير العادة منهم ، ولكن لعل لهذا سبب يتضح فيما بعد .

ومن العجيب أن يتكلم النصراني ويذهب عقله إلى أن الله يجب أن يرسل رسول أو نبي ليقول للناس لا تطيعوا هذا الرسول والنبي ولا تسمعوا له ، وأن الأمر بطاعة النبي والرسول هى بمثابة الشرك بالله ، وكأن الرسول يتكلم من عند نفسه أو يقول بما يخالف مراد الله وإرادته ، فيكون فى طاعته مخالفة لله أو إشراك به ..!

وكما نرى فى طرح شبهته عن القرآن ، لقد اختص النبي الذى يشركه الناس مع الله فى طاعته بأنه محمد صلى الله عليه وسلم ، وفى هذا بهتان عظيم وبيان لجهل مبين ، قد نعذره فيه لأنه جاهل بكتابه الذى يؤمن به ولا يعلم ما ورد فيه بعهديه القديم والجديد ، فكيف لا يكون جاهلا بالقرآن الكريم ، ذلك الكتاب الذي لا يؤمن به ويعاديه ويفتري عليه ! .

وسنبدأ بعرض شبهته من نهايتها ….

هل أمر القرآن بطاعة النبي محمد مع الله وحده دون سائر الأنبياء ؟
إن من الطبيعي والمنطقي والموافق للعقل أن الله – وكذلك الناس – عندما يرسل رسولا برسالة أو أمر ونهى فإنه يأمر المرسل أليهم بطاعة الرسول واتباعه فيما جاء به وأمر ونهى ، وإلا كان التعارض والتناقض إذ يرسل رسول ويتركه دون مساعدة ومساندة ، أو يأمر الناس بإهماله وازدراءه وتركه وعدم طاعته .
يقول الله تبارك وتعالى فى كتابه القرآن الكريم :
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ} سورة النساء 64
أي : فرضت طاعته على من أُرسله إليهم وقوله : ( بإذن الله ) أي لا يطيع أحد إلا بإذني . يعني : لا يطيعهم إلا من وفقته لذلك .
أى : إلا ليطاع فيما أمر به ونهى عنه .” بإذن الله ” بعلم الله و بتوفيق الله .
وهذا الأمر كما ورد فى القرآن لكل رسول أرسله الله وليس خاص بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو ما يوافق العقل ويقبله ولا غضاضة أو شبهة فى ذلك إلا لمن كان عنده خلل فى عقله ومرض فى قلبه .
قال الله سبحانه وتعالى فى كتابه القرآن الكريم فيما يحكي عن أنبياءه :
فيقول حاكيا عن عيسى بن مريم عليه السلام : {وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} آل عمران 50 – 51
أمر عيسى الناس بقوله (فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) ولم يفهم واحد مما قرأ القرآن أن هذا الأمر بطاعة المسيح فيه شرك بالله أو مساواة ، بل هو أمر بالطاعة فيما جاء به من عند الله بتوحيده وعبادته وحده (إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ)
ويقول حاكيا عن نوح عليه السلام : { كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء
ويقول حاكيا عن هود عليه السلام : { كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء
ويقول حاكيا عن صالح عليه السلام : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء
ويقول حاكيا عن لوط عليه السلام : { كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء
ويقول حاكيا عن شعيب عليه السلام : { كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} الشعراء
ويقول حاكيا عن هارون عليه السلام : {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي} طه 90

فكل نبي جاء من عند الله وكل رسول أتى ليبلغ ما أرسله به الله أمر الناس بعد تقوى الله سبحانه وتعالى بطاعته فيما جاء به من عند الله .
أى : فاتقوا عقاب الله أيها القوم على كفركم به ، وأطيعوني في نصيحتي لكم ، وأمري إياكم باتقائه .
“فاتقوا الله” أي فاستتروا بطاعة الله تعالى من عقابه .”وأطيعون” فيما آمركم به من الإيمان .

— وهكذا ما أرسل الله نبيا ولا جاء رسول إلا وقد أمر الناس بطاعته واتباعه كما جاء فى القرآن الكريم ، ولم يختص بهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يفهم واحد أن هذا من باب الشرك بالله ، وإنما طاعة النبي من طاعة الله وعصيان النبي والكفر به من عصيان الله والكفر به .
قال تعالى : { وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }
وذلك لأنه يدعو إلى صراط مستقيم ، قوله : ( وإن تطيعوه تهتدوا ) يقول تعالى ذكره : وإن تطيعوا – أيها الناس – رسول الله – فيما يأمركم وينهاكم – ترشدوا وتصيبوا الحق في أموركم ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) يقول : وغير واجب على من أرسله الله إلى قوم برسالة إلا أن يبلغهم رسالته بلاغا يبين لهم ذلك البلاغ عما أراد الله به .


يقول فليس على محمد – أيها الناس – إلا أداء رسالة الله إليكم ، وعليكم الطاعة ، وإن أطعتموه لحظوظ أنفسكم تصيبون ، وإن عصيتموه بأنفسكم فتوبقون .
فهل أشرك القرآن محمد مع الله بهذا الأمر ؟ وهل فى الأمر بطاعة الرسول والنبي فيما جاء به من عند الله شرك مع الله ؟ وهل رفع القرآن محمد صلى الله عليه وسلم وجعل له من السلطان والسيطرة على الناس فيما يجب لله وحده ؟
يقول الله سبحانه وتعالى :
{ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}
{ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} الرعد 40
{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21); لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} الغاشية
{ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} الشورى 48
{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ} الأنعام 107
{ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ} القصص 56
يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إنك} يا محمد {لا تهدي من أَحْبَبْتَ} هدايتَه، أي يا محمد إنك لا تَقْدِرُ أنْ تُدْخِلَ في الإسلامِ كلَّ مَن أَحْبَبتَ أن يَدْخُلَ فِيه – أي في الإسلام – مِن قَومِك وغَيرِهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يخلق الهداية في قلب من يحب له الهداية.



{ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } أي ولكن الله يخلق الهداية في قلب من يشاء الله أن يهديه من خلقه، بتوفيقه للإيمان به وبرسوله.
وهكذا ينفى القرآن ما ذهب إليه المعترض من الظن بأنه يشرك محمد مع الله ، فقد نفى أن يكون محمد له على الناس سلطان غير ما أعطاه الله من الرسالة والتبليغ ، فهو ليس عليهم بمسيطر ولا وكيل ولا حفيظ ولا حسيب ، وما عليه إلا البلاغ المبين عن رب العالمين ، الذى إن أطعناه فيه نهتدي إلى الحق وإلى الطريق القويم والصراط المستقيم . كما الحال مع سائر الأنبياء والرسل الذين أرسلهم رب العالمين .
فالغاية من اتباع النبي وطاعته هو أن ننال محبة الله ومغفرته ورضوانه : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّه فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّه وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم } آل عمران 31
ولم يأمر القرآن بطاعة النبي منفردا عن طاعة الله ، بل دائما يأتى الأمر بطاعة النبي مصاحبا وتابعا لطاعة الله سبحانه وتعالى ، فيقول :


{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } آل عمران 132
{ قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } آل عمران 32
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} الأنفال 20
أو يأتى الأمر بطاعة الرسول فيما يبلغه عن الله من عبادة لله وحده وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطلبا لرحمة الله فيقول :
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } النور 56
ويوضح القرآن أن الأمر بطاعة النبي ليس لذاته ولا طلبا لمرضاته ولكنه طاعة لله الذى أرسله وأمره بتبليغ الرسالة ، فإن طاعة الرسول هى طاعة لله فى حقيقة الأمر فيقول :


{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } النساء 80
فمن يطع الرسول ، فبطاعته لله أطاع الرسول ، ومن يعص الرسول ويكفر به ، فبعصيانه وكفره بالله كفر وعصى الرسول .

وبعد أن اتضح كذب ادعاء وجهل ناشر الشبهة على صفحة قناة الحياة التنصيرية ، وقد بان افتراءه على القرآن وجهله به ، نبين جهله بكتابه الذى استشهد به ايضا .

فهل ورد فى العهد القديم ما قد يظنه صاحب الشبهة كذلك اشراك للنبي مع الله فى الأمر بالطاعة له ؟ هل ورد فى العهد القديم نفس الأمر من السمع للنبي وطاعته واتباعه وأن هذا من السمع لله وطاعته وسبب لمحبة الله ورضوانه ، وأن عدم السمع للنبي والكفر به هو عدم سمع لله وكفر به ؟
نقول نعم ، وقد وردت عشرات الفقرات التى تحمل نفس هذا الأمر ونفس المعنى ونذكر بعض هذه الفقرات لعدم الإطالة وعلى المعترض من النصارى أن يكمل البحث فى كتابه الذى يجهل ما فيه .



سفر صموئيل الأول : الإصحاح الثامن
6 فَسَاءَ الأَمْرُ فِي عَيْنَيْ صَمُوئِيلَ إِذْ قَالُوا: «أَعْطِنَا مَلِكًا يَقْضِي لَنَا». وَصَلَّى صَمُوئِيلُ إِلَى الرَّبِّ.
7 فَقَالَ الرَّبُّ لِصَمُوئِيلَ: «اسْمَعْ لِصَوْتِ الشَّعْبِ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَ لَكَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا حَتَّى لاَ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ.
8 حَسَبَ كُلِّ أَعْمَالِهِمِ الَّتِي عَمِلُوا مِنْ يَوْمِ أَصْعَدْتُهُمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ وَتَرَكُونِي وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى، هكَذَا هُمْ عَامِلُونَ بِكَ أَيْضًا.
9 فَالآنَ اسْمَعْ لِصَوْتِهِمْ. وَلكِنْ أَشْهِدَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَخْبِرْهُمْ بِقَضَاءِ الْمَلِكِ الَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْهِمْ».
— يقول الرب لصموئيل عندما رفض الناس ملكه وطلبوا منه أن يجعل عليهم ملكا آخر (لأَنَّهُمْ لَمْ يَرْفُضُوكَ أَنْتَ بَلْ إِيَّايَ رَفَضُوا) ويقول (وَتَرَكُونِي وَعَبَدُوا آلِهَةً أُخْرَى، هكَذَا هُمْ عَامِلُونَ بِكَ أَيْضًا.) فهل هذا إشراك لصموئيل مع الله ؟ هل كما تركوا الله وعبدوا آلهة أخرى هكذا هم عاملون مع صموئيل ، أى يتركوه ويعبدوا غيره ؟ وهل كان يجب عليهم أن يعبدوا صموئيل ؟ هل هكذا تفهم الفقرات ؟!
يقول العهد القديم :
{ الخروج إ 19} {ع 9 فقال الرب لموسى: «ها انا ات اليك في ظلام السحاب ليسمع الشعب حينما اتكلم معك فيؤمنوا بك ايضا الى الابد». واخبر موسى الرب بكلام الشعب. }ـ
فهل ما يأمر به الله ويفعله ليؤمن الناس بموسى الى الابد فيه إشراك لموسى عليه السلام مع الله ؟
ـ{ التثنية إ 17} {ع 12 والرجل الذي يعمل بطغيان فلا يسمع للكاهن الواقف هناك ليخدم الرب إلهك أو للقاضي يقتل ذلك الرجل فتنزع الشر من إسرائيل. }ـ
الرجل الذى لا يسمع (أى لا يطيع) الكاهن والقاضى يُقتل لأنه شر ..! فهل هذا تأليه للكاهن والقاضي أم إشراك مع الله ؟
ـ{ الملوك الثاني إ 18} {ع 12 لأنهم لم يسمعوا لصوت الرب إلههم، بل تجاوزوا عهده وكل ما أمر به موسى عبد الرب، فلم يسمعوا ولم يعملوا. }ـ
(لم يسمعوا صوت الرب بل تجاوزوا عهده) = (وكل ما أمر به موسى فلم يسمعوا ولم يعملوا)
فهل هذا إشراك لموسى مع الله ؟
يقول العهد القديم :
ـ{ ارميا إ 29} {ع 19 من أجل أنهم لم يسمعوا لكلامي يقول الرب إذ أرسلت إليهم عبيدي الأنبياء مبكرا ومرسلا ولم تسمعوا يقول الرب. }ـ
ـ{ حزقيال إ 3} {ع 7 لكن بيت إسرائيل لا يشاء أن يسمع لك, لأنهم لا يشاؤون أن يسمعوا لي. لأن كل بيت إسرائيل صلاب الجباه وقساة القلوب. }ـ
(لا يشاء أن يسمع لك) = (لأنهم لا يشاؤون أن يسمعوا لى) ، فهل هذا مساوة وشرك مع الله ؟
ـ{ زكريا إ 1} {ع 4 لا تكونوا كآبائكم الذين ناداهم الأنبياء الأولون: هكذا قال رب الجنود: ارجعوا عن طرقكم الشريرة وعن أعمالكم الشريرة. فلم يسمعوا ولم يصغوا إلي يقول رب الجنود. }ـ
ـ{ القضاة إ 2} {ع 17 ولقضاتهم أيضا لم يسمعوا, بل زنوا وراء آلهة أخرى وسجدوا لها. حادوا سريعا عن الطريق التي سار بها آباؤهم لسمع وصايا الرب. لم يفعلوا هكذا. }ـ
هل هذا شرك ومساواة للأنبياء الأولين والقضاة مع الله ؟
سفر العدد 27 :
18 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلاً فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ،
19 وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ.
20 وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ،
21 فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ الأُورِيمِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ، هُوَ وَكُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، كُلُّ الْجَمَاعَةِ».
هل عندما يأمر الرب أن يسمع كل جماعة بني إسرائيل لـ “يشوع” حسب قوله يخرجون ، وحسب قوله يدخلون ، هو إشراك يشوع مع الله ؟
سفر القضاة 9 :
6 فَاجْتَمَعَ جَمِيعُ أَهْلِ شَكِيمَ وَكُلُّ سُكَّانِ الْقَلْعَةِ وَذَهَبُوا وَجَعَلُوا أَبِيمَالِكَ مَلِكًا عِنْدَ بَلُّوطَةِ النَّصَبِ الَّذِي فِي شَكِيمَ.
7 وَأَخْبَرُوا يُوثَامَ فَذَهَبَ وَوَقَفَ عَلَى رَأْسِ جَبَلِ جِرِزِّيمَ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ وَنَادَى وَقَالَ لَهُمْ: «اِسْمَعُوا لِي يَا أَهْلَ شَكِيمَ، يَسْمَعْ لَكُمُ اللهُ.
(اسمعوا لي) = (يسمع لكم الله) ، أليست هى اتبعونى يحببكم الله ؟
وهكذا عشرات الفقرات فى العهد القديم يأمر فيها الرب أن يسمع شعبه للنبي وأن يطيعون ويتبعوه وينزل عقابه على من عصى النبي ولم يسمع له ، فهل هذا تأليه للأنبياء والكهنة والقضاة أو إشراك للأنبياء ومساواة بينهم وبين الله ؟

والآن نتطرق إلى ما أهمله المعترض عندما قارن بين القرآن الكريم والعهد القديم وترك العهد الجديد مع أنه الأقرب فى النزول إلى القرآن والأولى بالمقارنة به .
فقد يقول قائل أن العهد الجديد يتكلم عن المسيح الذى يؤمن النصارى أنه الله ولهذا إن قال اطيعونى أو اتبعونى أو اسمعوا لى لا يعتبر هذا شرك لأنه هو الله نفسه ..!
نقول : ولو كان عند النصارى دليل قاطع بألوهية المسيح وأنه الله لانقطع الكلام فيما دون ذلك من الأمور ، ولكن هيهات هيهات أن يثبتوا ذلك المعتقد من كتابهم بالنقل أو يثبتوه بالعقل ، فهذا محض باطل وافتراء على الله ورسوله المسيح عليه السلام .
فهل هل قال المسيح أنه هو نفسه الله ؟
يقول العهد الجديد منسوبا الى المسيح ، يوحنا 5 :
31 «إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا.
32 الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ، وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌ.
33 أَنْتُمْ أَرْسَلْتُمْ إِلَى يُوحَنَّا فَشَهِدَ لِلْحَقِّ.
34 وَأَنَا لاَ أَقْبَلُ شَهَادَةً مِنْ إِنْسَانٍ، وَلكِنِّي أَقُولُ هذَا لِتَخْلُصُوا أَنْتُمْ.
..
37 وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ،
38 وَلَيْسَتْ لَكُمْ كَلِمَتُهُ ثَابِتَةً فِيكُمْ، لأَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ هُوَ لَسْتُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِهِ.
– فالذى يشهد للمسيح (الآخر) غير المسيح ، هو الله الآب الذى أرسل المسيح ، فالله الآب الذى أرسل المسيح هو آخر وليس هو المسيح كما يزعم النصارى ..!

فهل قال المسيح أنه مساوي لله ؟
يقول العهد الجديد منسوبا الى المسيح ، يوحنا 14 :
28 سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.
(أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي) = أى أن المسيح ليس مساويا لله الآب .

هل قال المسيح أن الأقوال والأفعال التى يقولها ويفعلها هى له من نفسه ونسبها لذاته ؟
يقول العهد الجديد حاكيا عن المسيح ، يوحنا 5 :
19 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ.
20 لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالاً أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ.
يوحنا 5 : 30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.
(إنجيل يوحنا 8: 40) وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ.
وغير ذلك الكثير جدا من الفقرات التى تخبرنا أن أقوال المسيح وأفعاله ليست له وإنما هى من الله الآب الذى علمه وأخبره وأعطاه القدرة على فعلها … !
فمع صريح العبارات أن المسيح ليس هو الله وليس مساويا لله وأعماله وأقواله ليست من عنده ولكنها من الله ، وأنه مجرد إنسان رسول من عند الله ، نجد الأمر من المسيح لأتباعه بأن يسمعوا قوله ويطيعوه ويكرموه ويجعل هذا من طاعة الله واكرامه ..!
يوحنا 5 : 23 لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ.
فهل فى قوله : (مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ) إشراك بين الرسول (الإبن) مع الله (الآب) الذى أرسله ؟
قد يقول المعترض أن هذه النصوص التى وردت على لسان المسيح لتثبت بشريته ورسالته كان يتكلم بها عن نفسه كإنسان (ناسوت) وأن هناك نصوص أخرى كان يتكلم بها تثبت ألوهيته (لاهوت) ومساواته بالله مثل :
” أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يو10: 30).
“أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ” (يو14: 10).
“الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ” (يو 14 : 10)
“اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ” (يو 14 : 9)
– من المعلوم أن هذه الفقرات المنسوبة إلى المسيح فى الأناجيل (العهد الجديد) كالتى سبقتها ، قد قالها المسيح الإنسان (الناسوت) ولم يقل المسيح ولا تلاميذه ولا من رأوه أنه اله (لاهوت) ، وقول المعترض أن هذه فقرات يقصد بها الناسوت وهرات أخرى يقصد بها اللاهوت ، فقد استدل بما نحتاج عليه دليل ، كيف يقول أن هذه الفقرات يقصد بها اللاهوت (الالوهيه) ونحن نبحث عن دليل يثبت الألوهيه من البداية .

فكل ما يمكن أن نقوله – حتى تثبت الألوهيه للمسيح – هو أن هذه الفقرات تتعارض مع الفقرات الأخرى التى ذكرناها أولا وتحتاج لمن يفسر هذا التعارض والتناقض ، فكيف أن المسيح البشر الإنسان الرسول أن يقول فى نفس الوقت ..
الذى يشهد لى هو آخر وهو الآب ، ويقول أبي أعظم مني ، ويقول أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا ، ثم يقول أنا والآب واحد ، ويقول أنا فى الآب والآب في ، ويقول من رآنى فقد رأى الآب ..!

ولكن قد يزيل هذا التناقض مراجعة الأقوال المنسوبة إلى المسيح نفسه فى الأناجيل (العهد الجديد) لنكون بعيدين على الإدعاء بأن هذه تفسيرات حسب المعتقد الإسلامي أو المعتقد النصراني .
فالمسيح كما قال : (أنا والآب واحد) وقال : (الآب الحال في) وقال : (أنا في الآب والآب في)
فقد قال عن تلاميذه والمؤمنين : انجيل يوحنا 17 :


20 «وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ،
21 لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي.
22 وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ.
23 أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.
24 أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ.
25 أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ، إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
26 وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».
في هذه الفقرات الرد بوضوح من أقوال المسيح على ما يظنه النصارى أدلة على ألوهيته (لاهوته) وتفسير للمعنى المقصود من هذه الأقوال وتوضيج أن إيمان التلاميذ به أنه رسول من الله وليس هو الله ولا ابن مولود من الله ولا غير ذلك مما يذهب إليه النصارى .
فقوله (لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا)

دليل وتفسير أن المقصود بكلمة (واحد) ليس وحدة الذات أو الصفات الذاتية أو القدر والمكانة ، فمعلوم لدى النصارى أن بطرس هو رئيس التلاميذ وأفضلهم ، وقد اختصه المسيح برعاية التلاميذ من بعده ، وبجعل مفاتيح الملكوت فى يده ، وأنه الصخرة التى يبني عليها المسيح كنيسته ، وقد قامت الطائفة الكاثوليكية ببناء كنيستها على اسم (بطرس) ، وقامت الطائفة الأرثوزكسية ببناء كنيستها على اسم (مرقس) تلميذ (بطرس) ، ولا يقول عاقل أن بطرس وجميع التلاميذ واحد فى الذات أو الصفات الذاتيه أو القدر والمكانة ، ولا يقول قائل أن من رأى بطرس فقد رأى متى ويوحنا وبرنابا وفيلبس وغيرهم من التلاميذ ، ولكن من صدَّق أحدهم فى دعوته فقد صدَّق الآخرين .

ولا يقول قائل أن (يهوذا) التلميذ الخائن الذى باع التلاميذ بثلاثين من الفضة ، بخيانته فقد خان جميع التلاميذ ، بل تجد النصارى يرفعون قدر (بولس) ويذكرونه ويمجدونه أكثر من سائر التلاميذ الذين لا يعرف أغلب النصارى حتى أسمائهم .

الشاهد من الكلام أن المقصود بكلام المسيح عن الوحدة بينه وبين التلاميذ والله ، وكلامه عن الحلول وغيره من الكلام الفلسفي الذي تفرد به كاتب انجيل يوحنا ، ليس وحدة الذات أو الصفات الذاتيه أو القدر والمكانة أو الألوهية كما يدعي النصارى وإلا أصبح التلاميذ آلهه تبعا لهذا القول .

وإنما المقصود هو وحدة العقيدة والإيمان والهدف والغاية وما يسعون إليه من دعوة الناس وهدايتهم إلى الطريق الحق والإيمان الصحيح وعبادة الله وحده لا شريك له .

ـ{ انجيل يوحنا إ 17} {ع 3 وهذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته. }ـ
وهذا ما يعنيه المسيح بقوله : (مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ) وقوله : (اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ)

فمعلوم وثابت فى كل الكتب أن الله لا يراه أحد ولا يمكن أن يراه انسان ، فالمقصود بالرؤية هنا ليس الرؤية البصريه بالعين ، ولكن المقصود هو التصديق واليقين والإيمان الذى لا يساوره شك .

فكلمة الشهادة فى اللغة لا تعنى فقط المشاهده والرؤية البصريه بالعين ولكن تعنى الإيمان والتصديق والإقرار واليقين ، ولهذا يقول المؤمنون : أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله وأشهد أن المسيح عبد الله ورسوله ، وهذا المعنى فى جميع اللغات .
وقد ورد فيما هو منسوب للمسيح الكثير من الأقوال التى توضح هذا المعنى فقال :
يوحنا 5 : 46 (لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي.)

على الرغم من أن اليهود الذين يخاطبهم المسيح يؤمنون بموسى ويصدقونه ، وعلى الرغم من ان اليهود الذين يعاصرون المسيح لم يروا موسى ولم يسمعوه ، إلا أن المسيح جعل من تكذيب اليهود له وعدم تصديقه ، هو تكذيب لموسى وعدم تصديق لما جاء به وكتبه ، وهذا لأن المسيح وموسى واحد ليس فى الذات أو الصفات ولكن فى الهدف والرسالة والدعوة .
ولم يقل قائل أو يظن واحد ممن يعتقدون الوهية المسيح أن مثل هذا القول يعنى أن موسى اله وأنه تأليه لموسى ولا أن هذا اشراك بين موسى والاله الذى يعبدونه ويعتقدون الوهيته ..!

كما قال المسيح : ـ{ انجيل يوحنا إ 5} {ع 24 «الحق الحق أقول لكم: إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة بل قد انتقل من الموت إلى الحياة. }ـ

فمن يسمع كلام المسيح ويؤمن به فإنما يؤمن بالذى أرسله وفى هذا الإيمان الحياة الأبدية .. ولكن ليس هذا بكلام المسيح وحده وإنما بكلام تلاميذه من بعده أيضا لأنهم واحد
ـ{ انجيل متى إ 10} {ع 40 من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني.
ـ{ انجيل مرقص إ 9} {ع 37 «من قبل واحدا من أولاد مثل هذا باسمي يقبلني ومن قبلني فليس يقبلني أنا بل الذي أرسلني». }ـ
ـ{ انجيل يوحنا إ 13} {ع 20 الحق الحق أقول لكم: الذي يقبل من أرسله يقبلني والذي يقبلني يقبل الذي أرسلني». }ـ
ـ{ انجيل لوقا إ 10} {ع 16 الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني». }ـ

وهكذا نجد أن الإنسان مطالب بأن يسمع كلام رسل الله ويطيعهم وكذلك من يبلغون رسالتهم ويكملون دعوتهم ، وفى هذا تصديق وطاعة لله ، ومن يرفضهم ويرذلهم ويكذبهم فإنما يرفض الله ويرذله ويكذبه ، وهذا لأنهم يبلغون رسالة الله ويبلغون أوامره ونواهيه وليس فى هذا اشراك بالله ولا تأليه للرسول .
يقول بولس : ـ{ الرسالة الأولى الى تسالونيكي إ 4} {ع 8 إذا من يرذل لا يرذل إنسانا، بل الله الذي أعطانا أيضا روحه القدوس. }ـ
ـ{ انجيل يوحنا إ 3} {ع 34 لأن الذي أرسله الله يتكلم بكلام الله. لأنه ليس بكيل يعطي الله الروح. }ـ

وأخيرا ، وعلى الرغم من أن الإعتراض ما كان ليحتاج كل هذا الرد إلا ليعلم النصارى أن جهلهم يوردهم المهالك ويبدي حماقة شبهاتهم وجهلهم بكتبهم التى يؤمنون بها قبل أن يبدي جهلهم بكتب غيرهم ، ولمن ينشر مثل هذه الشبهات من المنصرين الحاقدين على الإسلام ، أقول لهم انبحوا وارفعوا أصواتكم بالنباح ، فلن يضر السحاب نباحكم !

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .