الا أنه بعد ضعف حكم المكابيين واقتراب نهايته تسلل الفساد والفلسفات الوثنية مرة أخرى الى اليهود فى فلسطين

فان تلك الأفكار اليونانية الوثنية والميل الى التهلهن تسلل أيضا الى فئة اليهود المتمسكون بالشريعة فى فلسطين
وهذا يؤكد على تمكن اليونانيين من تحقيق هدفهم فى تدمير الثوابت الدينية والرموز الدينية لبنى اسرائيل
فحتى سلالة المكابيين تشبهوا باليونانيين وانجذبوا اليهم
فنجد ظهور ملوك من المكابيين لا يلتزمون بالناموس مثل الإسكندر جنايوس كما نجد تحول فى أسماء حكامهم الى أسماء يونانية والتخلي عن الأسماء العبرية مثل الإسكندر جنايوس ، ألكسندرا
ونجد الصدوقيون الذين أنكروا الغيبيات و الملائكة (أعمال 23 :8 ) و كذلك نجد الاسينيين و أيضا الهيروديسيين اللذين تكونوا من بعض الفريسيين مع بعض الصدوقيين والذين تبعوا بعض العادات الوثنية
و أيضا الغنوسية و غيرهم من الطوائف
و حتى من لم يتأثروا بالأفكار الوثنية الا أنهم لم يطبقوا الشريعة بالكامل بل طبقوا البعض وتركوا البعض بالرغم من زعمهم أنهم لازالوا متمسكين بها
فتمسك الفريسيين بالناموس كان تمسك ظاهري ولم يكن حقيقي لأنهم حرفوا فيه ولم يطبقوه كله (يوحنا 7: 19 ، أعمال الرسل 7: 53)

فنقرأ من انجيل يوحنا :-
7 :19 اليس موسى قد اعطاكم الناموس و ليس احد منكم يعمل الناموس لماذا تطلبون ان تقتلوني

فعلى سبيل المثال :-

الربا محرم على الانسان التعامل به أي كان شخصية الذى تتعامل معه ، بدليل تلك النصوص :-

من سفر اللاويين :-
25 :35 و اذا افتقر اخوك و قصرت يده عندك (( فاعضده غريبا او مستوطنا )) فيعيش معك
25 :36 (( لا تاخذ منه ربا و لا مرابحة بل اخش الهك )) فيعيش اخوك معك
25 :37 (( فضتك لا تعطه بالربا و طعامك لا تعط بالمرابحة ))

ومن سفر المزامير :-
15 :5 (( فضته لا يعطيها بالربا )) و لا ياخذ الرشوة على البريء الذي يصنع هذا لا يتزعزع الى الدهر

وأيضا :-
146 :9 (( الرب يحفظ الغرباء )) يعضد اليتيم و الارملة اما طريق الاشرار فيعوجه
ولكن الكهنة جعلوه محرم فقط بالنسبة الى اليهودي أما غير اليهودي فمسموح ، كل ذلك من أجل الربح
فنقرأ من سفر التثنية :-
23 :19
لا تقرض اخاك بربا
ربا فضة او ربا طعام او ربا شيء ما مما يقرض بربا
23 :20
للاجنبي تقرض بربا
و لكن لاخيك لا تقرض بربا لكي يباركك الرب الهك في كل ما تمتد اليه يدك في الارض التي انت داخل اليها لتمتلكها

كتبوا الكتاب بأيديهم حسب هواهم ثم قالوا للناس هذا كتابكم المقدس

كان الهيكل بالنسبة لليهود مكان للصلاة طاهر لا يدنسه أحد سواء كان يهودي أو غير يهودي

ولكنهم طبقوا هذا الحكم على غير اليهودي فقط فليس له أن يدخل الهيكل حتى لا يدنسه
أما هم اليهود فمسموح لهم أن يبيعوا ويشتروا فيه ويستخدموه فى غير الغرض المخصص له أي يدنسوه بأفعالهم
حرفوا فى الشريعة لخدمة مصالحهم الخاصة وكل ذلك من أجل الربح

ونرى من انجيل متى كيف تحول الهيكل الى ساحة للبيع والشراء ، فالمهم بالنسبة لهم هو كسب المال
فنقرأ :-
مت 21 :12 و دخل يسوع الى هيكل الله و اخرج جميع الذين كانوا يبيعون و يشترون في الهيكل و قلب موائد الصيارفة و كراسي باعة الحمام
مت 21 :13 و قال لهم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى و انتم جعلتموه مغارة لصوص
ففى حقيقة الأمر كان فى ذلك العصر قد وصل الفساد الى كلا من الفئتين اليهود ، و اليهود اليونانيين (والذين أطلق عليهم كتاب العهد الجديد اختصارا مسمى الهلنيين)
ولكن ظل الفرق بينهم هو فرق ظاهري

فاليهودي يتظاهر بتمسكه بالشريعة و معرفته باللغة العبرية والتقليد ويتسمى بأسماء يهودية وان دخلته بعض الأفكار والعادات اليونانية فهو فى حقيقة الأمر لا يطبق الشريعة بالفعل

أما اليهودي الهيليني فقد تخلى عن اللغة العبرية وعن الأسماء اليهودية وعن التقليد واسلوب الحياة اليهودية بجانب دخول الأفكار الوثنية الى عقله ومزجها بمعتقدات أجداده
فاليهودي اليوناني هو أيضا فى حقيقة الأمر يهودي ولكنه تهلهن (اليهود المتأغرقين ) أي تشبه باليونانيين
لذلك نجد كاتب رسالة غلاطية يقول (نحن بالطبيعة يهود) وكان يقصد أن اليهودي اليوناني هو أيضا يهودي بالميلاد وله الأفضلية


نسيان اسم ومعتقد الأجداد :-

وفى تلك الفترة نسى بنى اسرائيل سواء المقيمون فى فلسطين أو فى الشتات اسم ومضمون معتقد اجدادهم بعد أن حرفوا فيه وصنعوا معتقدات ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان وأصبح اسم يهودي هو الأكثر تداولا بينهم
لذلك نسبوا اسم معتقدهم المحرف الى اسم اليهود أى يقولوا (دين اليهود) ثم تحول بعد ذلك الى الديانة اليهودية
وفى نفس الوقت ظلت كلمة يهود كدلالة على فئة عرقية من بنى اسرائيل

لذلك أصبحنا نقرأ فى العهد الجديد اسم الديانة اليهودية
(غلاطية 1: 13) ، (رؤيا 3: 9 )

فنقرأ من رسالة غلاطية :-

1 :13 فانكم سمعتم بسيرتي قبلا في (( الديانة اليهودية )) اني كنت اضطهد كنيسة الله بافراط و اتلفها
بينما لا نقرأ مسمى الديانة اليهودية فى العهد القديم
ولذلك بعث الله عز وجل اليهم سيدنا زكريا وسيدنا يحيى وسيدنا عيسى عليهم صلوات الله وسلامه حتى يرجعوهم الى المعتقد الصحيح وهو الاسلام

فنقرأ من انجيل متى :-
مت 7 :21 ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات
أي الذى يستسلم لأوامر الله عز وجل ويطيعه هو من يدخل الجنة
فكان المسيح عليه الصلاة والسلام يدعوهم الى الاسلام

فكان المسيح عليه الصلاة والسلام يهودى من ناحية الموطن ، والمسيح من ناحية الاسم ولكنه مسلم الديانة