[TR]
[TD="class: usermess, align: right"]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

التبرك بين المشروع والممنوع

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد فيا أيها الإخوة:
إن الله تبارك وتعالى لما أراد خلق الخلق سوّى الأرض وعدّلها وكمّلها وجعل فيها أقواتها وقد رلها ما به تؤدي وتؤدى عليها الوظيفة التي خلقت من أجلها، وتمت نعمة ربنا على هذه الأرض كاملة يوم بارك فيها سبحانه ببركته التي ليس لها حد ولا منتهى، تلك البركة التي لا يستطيع شيء من الخلق المعيشة بدونها ولو لحظة أو أقل من ذلك والتي سيظل الخلق بأسرهم يفتقرون إليها ويتمتعون بها إلى أن تزول الأرض ويفنى من عليها وإلى الله ربهم يرجعون ولكن صنفاً من الخلق لا يدركون شيئاً من ذلك كله يحسبون أن الكون خلق صدفة وأنهم أوجدوا عبثاً وهملاً، قال الله تعالى موبخًا ومنكرًا على الكافرين الذين جحدوا نعمة الله وفضله عليهم وكفروا برسله لما جاءتهم: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 9 - 11].

أيها الإخوة!
ومن هذه البركة التي وضعها الله تعالى في الأرض أن جعل في كل سبب تقوم به الحياة خاصيته التي بها تتأدى وظيفته، فالماء مثلاً خاصيته الإرواء، والنار خاصيتها الإنضاج والإحراق، والأكل خاصيته الإشباع وهكذا، وهذه ينتفع بها المؤمن وغيره.

ولكن الله سبحانه قد جعل في أشياء خاصة بركة من لدنه زائدة عن الحد الذي به تتأدى وظيفة مثله. تشريفاً وتكريماً خاصّاً لا يحصل إلا لأهل الإيمان به عز وجل.

كما وضع الله في ماء زمزم البركة في أن يشبع من جوع وليست هذه صفة مثله من الماء، وجعله كذلك يداوي من الأمراض ويشفى من الأدواء وليست هذه كذلك صفة مثله.

وكما جعل الله في الكعبة المعظمة زادها الله تعظيماً وتشريفاً بركة خاصة ليست لما سواها من الأشياء من حجر أو غيره.

وكذلك ما في الحجر الأسود الأسعد، وكذلك ما في ريق النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرها وغيرها الكثير مما وهب الله من بركته.

هذه هبة الله في بعض خلقه، بينما سلب الله تعالى أشياء البركة والمنفعة معاً فجعلها تضر ولا تنفع وتؤذي ولا تجلب خيراً، وهكذا تنوعت مخلوقات الله حسب مشيئته - سبحانه وتعالى - وأمره وإرادته ومحبته وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فالأمر يتعلق تعلقاً كاملاً بالمشيئة الإلهية ويرجع إلى الله في كل جزئياته، ومعنى ذلك أن طلب نفع الأشياء والتماس بركتها لا يكون إلا بحسب الشرع الكريم من طريقيه المعروفين القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على صاحبها أزكى الصلاة وأتم التسليم والسؤال - أيها الإخوة - فهل امتثل العباد ذلك؟ وهل بحث الناس في ذلك أصلاً ليستمسكوا به؟ هذا ما تجيب عليه الدقائق القريبة التالية ونحن نناقش في هذه اللحظة قضية من أخطر القضايا ألا وهي التبرك، وقد اعتدنا أن نؤصل ولا نشتت وأن نفصل ولا نجمل وأن نستدل عن الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا نلقى الكلام جزافاً لذا فأعيروني - أيها الإخوة - الأسماع والقلوب وسأركز الحديث في العنصرين التاليين فقط:
أولاً: التبرك تعريفه وأقسامه.
ثانياً: الأسباب الشرعية لنزول البركة.

أيها الإخوة!
التبرك هو طلب البركة بواسطة يلزمها العبد رغبة في حصول الخير ونزوله من الله تعالى ولابد أن نؤصل مما سبق أن قدمنا قاعدة تستمر معنا إلى آخر لقائنا هذا وهي أن البركة إنما هي من الله تبارك وتعالى وحده، لأنه هو مالكها وواهبها، فمن أراد البركة فليطلبها منه عز وجل، فمن آمن بهذا فليلتزم ما دل الدليل على أنه مبارك وليجتنب ما ليس كذلك، فإن الأول ينفعه والثاني يضره.

وهذا يدفعنا إلى بيان أقسام التبرك وهو ينقسم إلى: تبرك مشروع وتبرك ممنوع.

أما التبرك المشروع: فهو مثل التبرك بأفعاله صلى الله عليه وسلم وبذاته المشرفة وبآثاره الحسية المنفصلة عنه كما كان يفعل ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم به ولا ينكر عليهم ذلك، روى ابن إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل الصفوف في يوم بدر وفي يده قدح فمر بسواد بن غزية فطعن في بطنه فقال: أوجعتني يا رسول الله فأقدني أي اجعلني أقتص منك فكشف عن بطنه فاعتنق سواد بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، وقال: مالك؟

قال: قد حضر ما رأيت – أي القتال - فإن أقتل أحب أن يكون آخرَُ ما مس جلدي جلدَُك فيحرمني الله على النار[1] وكما أخذ الصحابي من النبي الشملة لتكون كفنه في قبره يكفن فيها والحديث أخرجه ابن ماجه بسند صحيح عن سهل بن سعد الساعدي أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة قال وما البردة قال الشملة (أي العباءة) قالت يا رسول الله نسجت هذه بيدي لأكسوكها فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها فخرج علينا فيها، وإنها لإزاره، فجاء فلان بن فلان رجل سماه يومئذ فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه البردة اكسنيها؟ قال: نعم، فلما دخل طواها وأرسل بها إليه، فقال له القوم: والله ما أحسنت كسيها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها ثم سألته إياها وقد علمت أنه لا يرد سائلاً! فقال: إني والله ما سألته إياها لألبسها ولكن سألته إياها لتكون كفني فقال سهل: فكانت كفنه يوم مات[2].

وفي صلح الحديبية لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُرِيَ المشركين حرص الصحابة على اتباعه كما في الحديث في البخاري: "ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِعَيْنَيْهِ. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَي قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِىي وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا. [3]

وأصاب أنس من النبي صلى الله عليه وسلم شعرات فكانت عنده واحتفظ بها أهله وانتقلت من بعد إلى ابن سيرين الإمام العالم فكان يقول: إن عندنا شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناها من قبل بعض آل أنس ما أود أن لي بها الدنيا جميعاً.

وغير ذلك كثير: هذا من التبرك المشروع، ومنه أيضاً التبرك بمجالسة الصالحين ومخالطتهم من العلماء والزهاد وأهل الفقه والعبادة والورع فهؤلاء القوم لا يشقى بهم أبداً جليسهم.

ومن التبرك المشروع: التبرك بماء زمزم فإنها مطعمة مشبعة من الجوع، وشافية واقية من الأمراض والأسقام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "ماء زمزم لما شرب له" [4] وكما قال: " إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ". [5]

هذا هو التبرك المشروع، وأما التبرك الممنوع: فهو ما كان من التبرك بالأحجار والأشجار وجدر القبور والأضرحة على النحو الذي يفعله بعض من لا يعرف في دين الله شيئاً فيهلك نفسه بالشرك الأكبر أو الأصغر ظانّاً أنه يجلب لها الخير ويدفع عنها الضر وينسى أن هذا عين ما كان يفعله المشركون والكافرون في جاهليتهم التي جاء الرسول صلى الله عليه وسلم لإخراجهم من ظلماتها إلى أنوار التوحيد.

كانوا يتبركون بالأحجار والأشجار والأصنام كما قال الله عز وجل: ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ﴾ [النجم: 19 - 23].

والمعنى يقول تعالى: "أفرأيتم أيها المشركون هذه الآلهة المزعومة هل نفعت أو ضرت؟ وهذا استفهام إنكاري، توبيخاً وإنكارا لهم على هذا الفعل، فماذا يكون جوابهم؟

إنهم لا يستطيعون أن يقولوا: تنفع وتضر، لأنها ليست كذلك فإنها لا تملك ذلك لنفسها فضلاً عن أن تملكه لغيرها: واستمع معي لما يذكر الحافظ ابن كثير في السيرة النبوية عن راشد بن عبد ربه أحد الصحابة الفضلاء العقلاء الرشداء قال: كان الصنم الذى يقال له سواع "بالمعلاة من رهط" تدين له هذيل وبنو ظفر بن سليم، فأرسلت بنو ظفر راشد بن عبد ربه بهدية من سليم إلى سواع.

قال راشد: فألفيت مع الفجر إلى صنم قبل صنم سواع، فإذا صارخ يصرخ من جوفه يقول: العجب، كل العجب، من خروج نبي من بنى عبد المطلب، يحرم الزنا والربا والذبح للأصنام، وحرست السماء ورمينا بالشهب، العجب، كل العجب.

ثم هتف صنم آخر من جوفه: تُرك الضمارُ وكان يُعبد، خرج النبي أحمد، يصلى الصلاة ويأمر بالزكاة والصيام، والبر والصلات للأرحام.

ثم هتف من جوف صنم آخر هاتف يقول:
إن الذى ورث النبوة والهدى
بعد ابن مريم من قريش مهتدى
نبي أتى يخبر بما سبق
وبما يكون اليوم حقّاً أو غد.

قال راشد: فألفيت سواعاً مع الفجر وثعلبان يلحسان ما حوله، ويأكلان ما يهدى له، ثم يعوجان عليه ببولهما، فعند ذلك قال راشد بن عبد ربه:
أرب يبولُ الثعلبانِ برأسه ♦♦♦ لقد ذَلَّ من بالت عليه الثعالب

وذلك عند مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومهاجره إلى المدينة وتسامع الناس به، فخرج راشد حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ومعه كلب له، واسم راشد يومئذ ظالم، واسم كلبه راشد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك؟" قال: ظالم.

قال: "فما اسم كلبك؟" قال: راشد، قال: "اسمك راشد، واسم كلبك ظالم!" وضحك النبي صلى الله عليه وسلم.

وبايع راشد النبي صلى الله عليه وسلم وأقام بمكة معه، ثم طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيعة بوهاط - ووصفها له - فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعلاة من وهاط شأو الفرس، ورميته ثلاث مرات بحجر، وأعطاه إداوة مملوءة من ماء وتفل فيها وقال له: "فرغها في أعلى القطيعة ولا تمنع الناس فضلها" ففعل.

قال ابن كثير: فجعل الماء معيناً يجرى إلى اليوم، فغرس عليها النخل، ويقال: إن وهاط كلها تشرب منه، فسماها الناس ماء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأهل وهاط يغتسلون بها.

وبلغت رمية راشد الركب الذى يقال له ركب الحجر، وغدا راشد على سواع فكسره.[6] فلم يمنعه الصنم ولم يدفعه لأنه ليس له حيلة إلى ذلك فهو حجارة.

وهذه الأصنام هي هي التي حطمها النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح الله عليه مكة وصارت مكة دار إسلام فكان يضربها بعصاه قائلاً: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" وكانت تخر ساقطة على الأرض لوجهها عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ: دَخَلَ النبي صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ الْبَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُمِائَةِ نُصُبٍ فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ في يَدِهِ وَيَقُولُ ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81] ﴿ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ [سبأ: 49].[7]

الله تبارك وتعالى قرع المشركين في شأن آلهتهم التي كانوا يعبدونها قائلاً: "أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى". أي: هل أعطتكم ما كنتم تؤملون فيها من البركة وحصول الخير حين سألتموها ذلك وطلبتموه إليها؟ أو هل نفعتكم لما وسطتموها إلى الله فجعلتموها بينه وبينكم ترفع لكم حوائجكم بزعمكم وتقربكم إليه زلفى؟ أجيبوا عباد الله: هل أعطتهم الأصنام ما أملوا وهل حصلت لهم ما أرادوا؟ كلا وربي.

وإن ما أخذه المشركون قديماً من أصنامهم هو عين ما سيأخذه القبوريون والمتمسحون حديثاً بالأضرحة تبركاً ورغبة في الخير، فصنيع كصنيع ونتيجة كنتيجة.

فالتبرك بالقبور والأضرحة مردود كله على أصحابه ولم لا، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه لما رآهم التمسوا البركة فيما ليس سببًا شرعيًّا لالتماسها وحصولها وذلك هو الذي يلتمسه اليوم المتبركون بالقبور من البركة وهي ليست سبباً شرعيّاً لحصول البركة.

روى الترمذي بسند صحيح عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر! إنها السنن، قلتم - والذي نفسي بيده - كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138]، لتركبن سنن من كان قبلكم).[8]

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أغلظ على أصحابه واشتد نكيره عليهم وأكبر ما قالوه وأعظمه أن يخرج منهم وبين لهم أن هذه سبيل اليهود والنصارى وأنهم شابهوا اليهود في طلبهم ذاك وكان الأجدر بهم ألا يقعوا في ذلك لأنه لا بركة تلتمس مما لم يجعله الشرع سبباً لها، ولا شك أن هؤلاء الطالبين ليسوا كبار الصحابة ولا الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم، بل هم كما قال راوي الحديث: حدثاء عهد بشرك أو بكفر وهم مسلمة الفتح.

فمثل هذا يقال في كل من تبرك بما لم يجعله الشرع المطهر سبباً للبركة وإنما الدافع إليه الهوى والشيطان والعقل والنفس الأمارة بالسوء.

فالله تعالى لم يجعل الأحجار والأشجار والقبور والأضرحة سبباً للبركة وهي لا تقدر على منح البركة طلابها فالشيء من الأشياء لا يخرج البركة ولا يخلقها ولا يوجدها من تلقاء نفسه وإنما الذي يوجد البركة والذي يخلقها هو الله رب العالمين وهو مسبب الأسباب الكريم الوهاب جل في علاه، وبإرادته ومشيئته يجعل في شيء البركة ولا يجعلها في آخر فعلى العبد أن يلزم غرز الشرع الذي رسم وخطى الشرع التي قدر ولا يمشي مع هواه فإنه يضله.

وصدق ربي إذ يقول: ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].

فالتبرك بالأحجار والأشجار ومثله التبرك بالأضرحة والقبور والجدران ممنوع وحرام، ومثله التبرك الموجود في بعض الناس هذه الأيام وهو التبرك بآثار الصالحين كشرب المتبقي من شرابهم على سبيل التبرك، أو التماس عرقهم أو منديلهم، أو التمسح بهم، أو أن يحمل الرجل مولوده إلى صالح ليحنكه بتمرة حتى يكون ريق الصالح أول ما يدخل في فمه وهذا ممنوع كله لا يجوز بحال، لأن الناس قاسوا أفعالهم هذه بالصالحين على أفعال الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهيهات ففرق كبير بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره مهما كان فضله فهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام فقط ولهذا لم يفعل الصحابة هذا مع أبي بكر أو عمر أو عثمان أو علي مثلاً.

ذلك لأن البركة في ذات النبي صلى الله عليه وسلم فحسب وخاصة به عليه الصلاة والسلام ليست لغيره.

فلا يتبرك بذوات الصالحين قياساً على النبي، لأنه لا يصح، ونحن لا ننفي بذلك التبرك بالصالحين كله.

فهناك تبرك جائز بالصالحين ألا وهو التبرك بالعمل وذلك يكون بالاقتداء بهم في صلاحهم وتقواهم وورعهم وهداهم وعبادتهم والاستفادة من علمهم، فهذا هو المطلوب شرعاً وقد حض الشرع الكريم عليه كما قال ربنا سبحانه وتعالى في كتابه: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة: 4]".

وقال سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ ﴾ [الممتحنة: 60].

وهكذا فالاقتداء بهم مستحب بنص القرآن الكريم وكذا بالسنة كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر".[9]

وكذا في حديث العرباض بن سارية: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ".[10]

وهناك أيضًا من التبرك الجائز بالصالحين مجالستهم ومصاحبتهم والانضواء في مجالس علمهم فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم كما في الحديث الذي أخرجه البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ. قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا. قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عبادي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ.

قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رأوني قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ. قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رأوني قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. قَالَ يَقُولُ فَمَا يسألوني قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ. قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْهَا. قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ. قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ »[11]

هذا - أيها الإخوة - هو التبرك وهذه أقسامه وأحكامه ولا شك أن القلوب تهتف الآن من أعماقها تقول: فإذا لم تكن هذه كلها أسباباً شرعية للبركة فما هي الأسباب الشرعية لنزول البركة؟ وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء:
الأسباب الشرعية لنزول البركة:
أيها الإخوة إذا كنا عرفنا حكم التبرك المشروع منه والممنوع وعرفنا أن المشروع منه هو التبرك بذات النبي صلى الله عليه وسلم وآثاره وأفعاله وأستطيع الجزم بيقين أنه ليس بين أيدينا منه الآن شيء، وأما هذه الأشياء التي توجد في بعض المساجد مما يسمى شعر النبي أو ملابس النبي أو قدم النبي التي أثرت في الحجر والصخر كلها مخترعة لا يدل عليها دليل وقد كانت ولا تزال سبب فتنة عظيمة وغواية وضلال عن دين الكبير، المتعال وكذا عرفنا الممنوع من التبرك وهو التبرك بآثار الصالحين أو بذواتهم على السواء فهو حرام والسؤال فإذا كان الحال كذلك: هذا فعله متعذر لعدم وجوده وإمكانه، وهذا فعله متعذر لحرمته وامتناعه شرعاً، فمن أين نلتمس البركة؟ ومن أين نستنزلها؟ وكيف نجتلبها؟

والجواب بعد جلسة الاستراحة أسأل الله تعالى أن يباركنا وأن يبارك علينا.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق فسوى، وقدر فهدى، وأغنى وأقنى، وجعلنا من خير أمة تأمر وتنهى، والصلاة والسلام على خير الورى، وما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى.

أما بعد:
فيا أيها الإخوة! من أين نلتمس البركة؟ ومن أين نستنزلها؟ وكيف نجتلبها؟
إن الشرع المطهر لم يبق العباد خلوا فارغين عن ذلك بل بين لنا الله ورسوله أسباب اجتلاب البركة في الرزق وغيره ووسائل حصول البركة ونزولها وهذا بيان لبعض هذه الأسباب والوسائل التي أوضحها لنا الشرع.

أولاً: تقوى الله عز وجل: فهي مفتاح كل خير، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ﴾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 3،2]، أي من جهة لا تخطر على باله. وعرف العلماء التقوى: بأن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله.

قيل لأحد الصالحين: إن الأسعار قد ارتفعت. قال: أنزلوها بالتقوى. وقد قيل: ما احتاج تقي قط. وقيل لرجل من الفقهاء: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 3،2]، فقال الفقيه: والله، إنه ليجعل لنا المخرج، وما بلغنا من التقوى ما هو أهله، وإنه ليرزقنا وما اتقيناه، وإنا لنرجو الثالثة: ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً ﴾ [الطلاق: 5].

ثانياً: قراءة القرآن: فإنه كتاب مبارك وهو شفاء لأسقام القلوب ودواء لأمراض الأبدان: ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29] والأعمال الصالحة مجلبة للخير والبركة.

ثالثاً: الدعاء: فقد كان النبي يطلب البركة في أمور كثيرة، فقد علمنا أن ندعو للمتزوج فنقول: "بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خير " [12]، وكذلك الدعاء لمن أطعمنا: "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم، وارحمهم "[13]

رابعاً: عدم الشح والشره في أخذ المال: قال صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه: "يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبع "[14]

خامساً: الصدق في المعاملة من بيع وشراء قال صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما"[15].

سادساً: إنجاز الأعمال في أول النهار؛ التماساً لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دعا عليه الصلاة والسلام بالبركة في ذلك: فعن صخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم بارك لأمتي في بكورها"[16] قال بعض السلف: عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يرزق؟! وانظر لحال هذا الصحابي راوي الحديث فقد كان رجلاً تاجراً وكان يبعث تجارته من أول النهار فأثرى وكثر ماله.

سابعاً: اتباع السنة في كل الأمور: فإنها لا تأتي إلا بخير. ومن الأحاديث في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وسطه"[17]

وأمر صلى الله عليه وسلم بلعق الأصابع والصحفة، وقال: "إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة"[18]

ثامناً: حسن التوكل على الله عز وجل: قال تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خِماصاً وتروح بِطاناً"[19]

تاسعاً: استخارة المولى عز وجل في الأمور كلها، والتفويض والقبول له بعد ذلك فإن ما يختاره الله عز وجل لعبده خير مما يختاره العبد لنفسه في الدنيا والآخرة، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الاستخارة: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم فإن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ودنياي ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجله، وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجله، وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به"[20]

عاشراً: ترك سؤال الناس؛ قال صلى الله عليه وسلم: "من نزل به حاجة فأنزلها بالناس كان قمناً أن لا تسهل حاجته، ومن أنزلها بالله تعالى أتاه الله برزق عاجل أو بموت آجل"[21]

الحادي عشر: الإنفاق والصدقة؛ فإنها مجلبة للرزق كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ:39].

وفي الحديث القدسي: قال الله تبارك وتعالى: "يا ابن آدم أنفق، أُنفق عليك"[22]

الثاني عشر: البعد عن المال الحرام بشتى أشكاله وصوره: فإنه لا بركة فيه ولا بقاء والآيات في ذلك كثيرة منها قوله تعالى: ﴿ يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، وغيرها كثير.

الثالث عشر: الشكر والحمد لله على عطائه ونعمه؛ قال تعالى: ﴿ وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144]، وقال تعالى: ﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].

الرابع عشر: أداء الصلاة المفروضة؛ قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

الخامس عشر: المداومة على الاستغفار؛ لقوله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾ [نوح10، 12].[23]

وثمت أسباب للبركة كثيرة يعرفها من تتبعها في القرءان والسنة من الإجمال في الطلب والاقتصاد في المعيشة وعدم التبذير واتباع السنة في كل الأمور الواجبة والمستحبة اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم محبة له واتباعاً لكل ما جاء عنه وذلك طلباً لحصول البركة من ذلك الاتباع في الدنيا والآخرة فإن هذا بحد ذاته يعد سبباً من أسباب استجلاب الخير والبركة في الدنيا والآخرة.

هذه - أيها الإخوة - الأسباب الشرعية التي قدمها الإسلام لاستجلاب البركة وهذه هي الأشياء التي جعل فيها البركة، فليس لكاذب على الله ورسوله يدعي زوراً وبهتاناً بعد هذا أن في شيء من الأشياء بركة في حين أن الشرع لم يجعل فيه ذلك، فليتق الله هؤلاء الكاذبون وليتق الله الذين يتبعونهم على كذبهم ذاك.

نسأل الله تعالى أن يبارك لنا ويبارك علينا ويجمعنا على ما فيه البركة لنا. اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا واجعله عوناً لنا على طاعتك..

الدعاء.

[1] أخرجه ابن إسحاق في"السيرة"2 / 266 - سيرة ابن هشام ومن طريقه أبو نعيم في"معرفة الصحابة"
ق 303/1 و ابن الأثير في "أسد الغابة" 2 / 332 وحسنه الألباني في"الصحيحة"6 / 808.
[2] أخرجه ابن ماجه 3555، وصححه الألباني في صحيحه.
[3] أخرجه البخاري 2731 و2732.
[4] أخرجه أحمد 3 / 357، 372 وابن ماجه 3062، وصححه الألباني في الإرواء 1123.
[5] أخرجه مسلم 6513.
[6] السيرة النبوية لابن كثير - 1 / 374.
[7] أخرجه البخاري 4720، ومسلم 4725.
[8] أخرجه أحمد 5/218، والنسائي في السنن الكبرى 11185، والترمذي 2180، وصححه الألباني في ظلال
الجنة 76، المشكاة 5369.
[9] أخرجه الترمذي 3662، وابن ماجة 97 وصححه الألباني فيهما.
[10] أخرجه ابن ماجه 43، وأحمد 4 / 126، وصححه الألباني "الصحيحة" 2 / 648.
[11] أخرجه البخاري 6408، ومسلم 7015.
[12] أخرجه أبو داود 2130، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 1866.
[13] أخرجه مسلم برقم2042.
[14] أخرجه البخاري 1361.
[15] أخرجه البخاري برقم1973
[16] أخرجه أحمد 15841، وأبو داود 2606، والترمذي 1212، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1300.
[17] أخرجه الترمذي 1805، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2123.
[18] أخرجه مسلم 2034.
[19] أخرجه ابن ماجة4164، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 3359.
[20] أخرجه البخاري 1109
[21] أخرجه أحمد 3696 وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
[22] أخرجه مسلم 993.
[23] البركة المفقودة – خطبة من موقع المنبر.


موقع الألوكة

[/TD]
[/TR]