بسم الله الرحمن الرحيم

( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم 00 )

تعالوا إلى كلمة تغني وتكفي عما سواها فيها الحق والعدل والإنصاف وتهدي إلى الصراط المستقيم ...كلمة ليست من قول البشر ولكنها من قول خالق البشر ...
كلمة تدعو لوحدانية الله سبحانه وتعالى وإخلاص العبادة له ...فهل نعيها ونجتمع على ما تدعوا إليه ؟
فأقرءوها واسمعوها و عوها في قول الله سبحانه وتعالى :
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)) آل عمران

فاستجيبوا يا أهل الكتاب لهذه الدعوة التي تجمعنا وإياكم على أهم وأعظم ما أمر الله به وهو :
• ألا نعبد إلا إياه ...
• ولا نشرك به شيئا ...
• ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ...

فإن أبيتم فاشهدوا بأننا مسلمون ، لا نعبد إلا الله ... ولا نشرك به شيئا ... ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله .

وإن كان لنا جدال بعد ذالك فلن يكون إلا كما أمرنا الله به في قوله تعالى :(وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)) العنكبوت

وإتباعا لهذا المنهج الحسنالذي أمرنا الله به ، ولبيان عظم هذه الدعوة ، وعدالة هذه الكلمة في سبيل الوصول للحق وإتباعه

نستعرض هذه المجادلة أو المناظرة القديمة جدا والتي حصلت في العهد الأموي :

بين شيخ مسلم أسره الروم يدعى واصل وبين أربعة من عظماء المسيحية هم على الترتيب:
بطريق يدعى بشير ، وقس ، وملك الروم ، ورأس النصرانية "البابا"

والذي يهمنا من هذه المناظرة :-
الحقائق والثوابت الأبدية التي لا تتغير مع الزمن ولا شأن للبشر في صنعها ...إذ يمكن طرحها في أي زمان ومن أي كان دون ربطها بزمن أو حدث أو شخص معين ...لذلك لا تهمنا قصة المناظرة بقدر ما يهمنا ما جاء في المناظرة نفسها من حجج وبراهين يؤيدها العقل والمنطق والواقع ...

وإليكم المناظرة : -
التي بدأها ..البطريق بشير مع الأسير الشيخ واصل 000لتنتقل الى القس 00ثم الى ملك الروم ... وعظيم النصرانية .

قال بشير (البطريق بشير) :الحمد لله الذي كان قبل أن يكون شيء وخلق سبع سموات طباقا بلا عون كان معه من خلقه ثم دحا سبع أرضين طباقا بلا عون كان معه من خلقه فعجب لكم معاشر العرب حين تقولون إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون[/COLOR]

قال الشيخ (الأسير واصل):أما ما وصفت من صفة الله فقد أحسنت الصفة وما لم يبلغ علمك ولم تستحكم عليه رأيك أكثر والله أعظم وأكبر مما وصفت ولا يصف الواصفون صفته وأما ما ذكرت من هذين الرجلين فقد أسأت الصفة ألم يكونا يأكلان الطعام ويشربان ويبولان ويتغوطان وينامان ويستيقظان ويفرحان ويحزنان

قال بشير:بلى

قال الشيخ :فلم فرقت بينهما

قال بشير :لأن عيسى ابن مريم كان له روحان اثنتان في جسد واحد روح يعلم بها الغيوب وما في قعر البحار وما يتحات من ورق الأشجار وروح يبرىء بها الأكمه والأبرص ويحيى الموتى

قال الشيخ :فهل كانت القوية تعرف موضع الضعيفة منهما

قال بشير :قاتلك الله ماذا تريد أن تقول إنها لا تعلم وماذا تريد أن تقول إن قلت إنها تعلم

قال الشيخ :إن قلت إنها تعلم قلت فما تغني قوتها حين لا تطرد هذه الآفات عنها وإن قلت إنها لا تعلم فكيف تعلم الغيوب ولا تعلم موضع روح معها في جسد واحد

فسكت بشير

فقال الشيخ :أسألك بالله هل عبدتم الصليب مثلا لعيسى بن مريم أنه صلب؟؟؟

قال بشير :نعم

قال الشيخ :فبرضا كان منه أم بسخط

قال بشير :هذه أخت تلك ماذا تريد أن تقول إن قلت برضا منه وماذا تريد أن تقول إن قلت بسخط .

قال الشيخ :
إن قلت برضا قلت لقد قلتم قولا عظيما فلم تلام اليهود إذا أعطوا ما سألوا وأرادوا وإن قلت بسخط قلت فلم تعبد ما لا يمنع نفسه


ثم قال الشيخ
بشير نشدتك بالله هل كان عيسى يأكل الطعام ويشرب ويصوم ويصلي ويبول ويتغوط وينام ويستيقظ ويفرح ويحزن


قال بشير :نعم
قال الشيخ :
نشدتك بالله لمن كان يصوم ويصلي


قال بشير :لله عز وجل

ثم قال بشير:والضار النافع ما ينبغي لمثلك أن يعيش في النصرانية أراك رجلا قد تعلمت الكلام وأنا رجل صاحب سيف ولكن غدا نأتيك بمن يخزيك الله على يديه ثم أمره بالانصراف

فلما كان من الغد بعث بشير إلى الشيخ فلما دخل عليه إذا عنده قس

قال بشير للقس
ان هذا رجل من العرب له حلم وعقل ...وقد أحب الدخول في ديننا فكلمه حتى تنصره

فقال القس
أيها الشيخ ما أنت بالكبير الذي قد ذهب عنه عقله وتفرق عنه حلمه ولا أنت بالصغير الذي لم يستكمل عقله ولم يبلغ حلمه غدا أغطسك في المعمودية غطسة تخرج منها كيوم ولدتك أمك


قال الشيخ :
وما هذه المعمودية


قال القس :
ماء مقدس


قال الشيخ :
من قدسه


قال القس :
قدسته أنا والأساقفة قبلي


قال الشيخ :
فهل يقدس الماء من لا يقدس نفسه



قال القس :
إني لم أقدسه أنا


قال الشيخ :
فكيف كانت القصة


قال القس :
إنما كانت سنة من عيسى ابن مريم


قال الشيخ :
فكيف كان الأمر


قال القس :
إن يحيى بن زكريا أغطس عيسى ابن مريم بالأردن غطسة ومسح برأسه ودعا له بالبركة

قال الشيخ:
واحتاج عيسى إلى يحيى يمسح رأسه ويدعو له بالبركة فاعبدوا يحيى يحيى خير لكم من عيسى


فسكت القس ...وضحك بشير وقال للقس ... دعوتك لتنصره فاذا انت قد اسلمت

ثم ان أمر الشيخ بلغ الملك فبعث إليه

فقال الملك :
ما هذا الذي قد بلغني عنك وعن تنقصك ديني ووقيعتك ؟؟


قال الشيخ :
إن لي دينا كنت ساكتا عنه فلما سئلت عنه لم أجد بدا من الذب عنه


قال الملك :
فهل في يديك حجج


قال الشيخ :
نعم ادعوا لي من شئت يحاجني فإذا كان الحق في يدي فلم تلمني عن الذب عن الحق وإن كان الحق في يديك رجعت إلى الحق


فدعا الملك بعظيم النصرانية فلما دخل عليه سجد له الملك ومن عنده أجمعون

قال الشيخ :
أيها الملك ما هذا


قال الملك :
هو رأس النصرانية هو الذي تأخذ النصرانية دينها عنه


قال الشيخ :
فهل له من ولد أم هل له من امرأة أم هل له عقب


قال الملك :
ما لك أخزاك الله هو أزكى وأطهر من أن يتدنس بالنساء هذا أزكى وأطهر من أن ينسب إليه ولد هذا أزكى وأطهر من أن يتدنس بالحيض هذا أزكى وأطهر من ذلك


قال الشيخ :
فهل أنتم تكرهون لآدمي يكون فيه ما يكون من بني آدم من الغائط والبول والنوم والسهر وبأحدكم من ذكر النساء وتزعمون أن رب العالمين سكن في ظلمة البطن وضيق الرحم ودنس بالحيض


قال عظيم النصرانية:
هذا شيطان من شياطين العرب رمى به البحر إليكم فأخرجوه من حيث جاء


وأقبل الشيخ على القس


قال الشيخ :
عبدتم عيسى ابن مريم إنه لا أب له فهذا آدم لا أب ولا أم خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته فضموا آدم مع عيسى حتى يكون لكم آلهين اثنين وإن كنتم إنما عبدتموه لأنه أحيا الموتى فهذا حزقيل تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل لا ننكره نحن ولا أنتم مر بميت فدعا الله عز وجل فأحياه حتى كلمه فضموا حزقيل مع عيسى حتى يكون لكم ثالث ثلاثة وإن كنتم عبدتموه أنه أراكم العجب فهذا يوشع بن نون قاتل قومه حتى غربت الشمس فقال ارجعي بإذن الله فرجعت اثني عشر برجا فضموا يوشع بن نون مع عيسى ليكون لكم رابع أربعة وإن كنتم إنما عبدتموه لأنه عرج به إلى السماء فثم ملائكة مع كل نفس اثنين بالليل واثنين بالنهار يعرجون إلى السماء ما لو ذهبنا نعدهم لالتبس علينا عقولنا واختلط علينا ديننا وما ازددنا في ديننا إلا تحيرا

ثم قال الشيخ:
أيها القس أخبرني عن رجل حل به الموت الموت أهون عليه أو القتل ؟؟؟


قال القس :
القتل


قال الشيخ :
فلم لم يقتل يعني مريم لم يقتلها فما بر أمه من عذبها بنزع النفس


قال القس :
اذهبوا به إلى الكنيسة العظمى فإنه لا يدخلها أحد إلا تنصر


قال الملك :
اذهبوا به إلى الكنيسة


قال الشيخ :
ماذا يراد بي يذهب بي ولا حجة علي دحضت حجتي


قال الملك :
لن يضرك إنما هو بيت من بيوت ربك يذكر الله فيه


قال الشيخ :
إن كان هذا فلا بأس


فذهبوا به فلما دخل الكنيسة وضع أصبعيه في أذنيه ورفع صوته بالأذان فجزعوا لذلك جزعا شديدا وصرخوا ولببوه وجاءوا به إلى الملك

فقال الشيخ :
أيها الملك أين ذهب بي ؟؟؟


قال الملك :
ذهبوا بك إلى بيت من بيوت الله لتذكر فيه ربك



قال الشيخ :
فقد دخلت وذكرت فيه ربي بلساني وعظمته بقلبي فإن كان كلما ذكر الله في كنائسكم يصغر دينكم فزادكم الله صغارا


قال الملك :
صدق ولا سبيل لكم عليه


قالوا أيها الملك لا نرضى حتى تقتله

قال الشيخ :
إنكم ما قتلتموني فبلغ ذلك ملكنا وضع يده في قتل القسيسين والأساقفة وخرب الكنائس وكسر الصلبان ومنع النواقيس


قال الملك:
فإنه يفعل


قال الشيخ :
نعم فلا تشكوا


ففكروا في ذلك فتركوه ...

قال الشيخ :
أيها الملك ما عاب أهل الكتاب على أهل الأوثان؟؟؟


قال الملك :
بما عبدوا ما عملوه بأيديهم



قال الشيخ :
فهذا أنتم تعبدون ما عملتم بأيديكم هذا الذي في كنائسكم فإن كان في الإنجيل فلا كلام لنا فيه وإن لم يكن في الإنجيل فلا تشبه دينك بدين أهل الأوثان


قال الملك :
صدق هل تجدونه في الإنجيل


قال القس :
لا


قال الملك :
فلم تشبه ديني بدين الأوثان 00 فانتقض الكنائس فجعلوا ينقضونها ويبكون


قال القس:
إن هذا شيطان من شياطين العرب رمى به البحر إليكم فأخرجوه من حيث جاء ولا يقطر من دمه قطرة في بلادكم فيفسد عليكم دينكم فوكلوا به رجالا فأخرجوه إلى ديار دمشق


ووضع الملك يده في قتل القسيسين والأساقفة والبطارقة حتى هربوا إلى الشام لأنهم لم يجدوا أحدا يحاجه



المصدر التاريخي للمناظره
وتسهيلا لمن يرغب أن يطلع على هذه المناظرة بكامل تفاصيلها من مصدرها التاريخي التي وردت فيه فسيجدها في هذا المصدر القديم جدا وهو :
اسم المصدر تاريخ مدينة دمشق
المؤلف ابن عساكر 1105م - 1176م
الناشر دار الفكر
المحقق على شير
الجزء 62
الصفحات من 377 إلى 382 (( مرفقة ))
المرفقات :
1. الصفحات التي وردت فيها المناظرة.
2. ترجمة للمناظرة باللغة الانجليزية قام بها الدكتور/ محمد الطرهوني الذي قام بتحقق قصة هذه المناظرة ... وقد نشرها منذ سنوات في موقعة ورابطها / http://www.tarhuni.com/story.doc

مرفقات آخرى ذات علاقه :
1.الآيات التي ذكر فيها المسيح عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام في القرآن الكريم
2.ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق
3.ملة أبيكم إبراهيم
4.بعض الكتب ذات علاقة
5.بعض المواقع ذات العلاقة


ونترك الهداية لمشيئة الله تعالى دون إكراه عملا بقول الله تعالى[لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )256 البقره