التحدّي والإعجاز في القرآن الكريم
قال الله تعالى في سورة البقرة :
" وإن كنتم في ريب مما نزّلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله " ( البقرة 23 )
وقال الله تعالى في سورة يونس :
" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله " ( يونس 38 )
هل هذا تكرار في القرآن الكريم في موضوع التحدّي أم هناك فرق بين هاتين الآيتين. في سورة البقرة قال الله تعالى (( من مثله )) أمّا في سورة يونس فقال الله تعالى ((مثله )) . اجتهد العلماء في هذا الفرق ، ومن أجمل ماقيل في هذا الموضوع أنّ الله عزّ وجلّ تحدّى العرب في سورة يونس وهم أصحاب الفصاحة في الكلام بأن يأتوا بسورة مثل سور القرآن الكريم فعجزوا عن ذلك . أمّا في سورة البقرة فإنّ الله تعالى قال (( من مثله )) أي المقصود مثل النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهو الأمّي الذي لا يعرف القراءة والكتابة ولم يجلس على معلّم ولم يقرأ ولم يُؤثر عنه في حياته قول بليغ . قال الله تعالى :
" قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون " ( يونس 16 )
ومن جهل العرب أتّهم ظنّوا أنّ هناك رجل أعجمي يعلّم النبي عليه السلام هذا القرآن قال الله تعالى :
" ولقد نعلم أنّهم يقولون إنّما يعلّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين " (النحل 103 )
وبعد أن عجز العرب أن يأتوا بسورة مثل سور القرآن الكريم لجؤوا إلى التكذيب . قال الله تعالى :
" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوّاً " ( النمل 14 )
ومع ذلك فإنّ بعض العرب الفصحاء عندما عرفوا عظمة هذا القرآن قالوا نؤمن لو أنّ هذا القرآن نزل على غير محمّد صلّى الله عليه وسلّم . قال الله تعالى :
" وقالوا لولا نُزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " ( الزخرف 31 )
وفي الختام فإنّ الله عزّ وجلّ هو وحده الذي يعلم قيمة وعظمة النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم وهو أعلم بمن يحمل هذا القرآن . قال الله تعالى :
" الله أعلم حيث يجعل رسالته " ( الأنعام 124 )


من كتاب خواطر علمية لمؤلّفه
محمد صفوح الموصللي
دمشق