القرآن الكريم ومعنى ( يرتدد ) و ( يرتد )

قال الله تعالى في سورة البقرة :
" ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة " ( البقرة 217 )
وقال الله تعالى في سورة المائدة :
" ومن يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه " ( المائدة 54 )
إنّ كلمة يرتدّ عن دينه أي يترك دين الإسلام بشكل نهائي إلى الكفر أو إلى دين آخر ، بينما يرتدد يعني أن المرء في حالة تردد بين الكفر والإيمان . وكلمة التردد من المصطلحات الحديثة في العلوم ، حيث يعرف التردد بأنّه مقدار تغيّر جهة المتحرّك خلال زمن معين . فالتردد إذاً هو عدم الثبات على جهة معينة , كذلك هو المعنى في القرآن الكريم . قال الله تعالى :
" إنّ الذين آمنوا ثمّ كفروا ثمّ آمنوا ثمّ كفروا ثمّ ازدادو كفراً "
( النساء 137 )
والمشكلة في حالة يرتدد هي أن يموت المرء وهو في حالة الكفر فعندئذ حبطت أعماله في الدنيا وفي الآخرة . أما في سورة المائدة عندما قال الله تعالى إنّ ( من يرتد عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبّهم ويحبّونه ) فيمكن فهمها من خلال قصة ارتداد جبلة بن الأيهم وجماعته عن دين الإسلام حيث أنّ الخليفة الفاروق لم يتنازل عن التساوي بين السادة والعبيد في الأحكام القضائية . فإذا ظنّ البعض أنّ الإسلام خسر بخروج جبلة عن الإسلام فقد دخل فيه بعد جبلة وجماعته أقوام وجماعات لا حصر لها ، ولعلّ فيهم من يحبّهم الله ويحبّونه . وقصة جبلة بن الأيهم تذكّرنا بقصة الصحابي عبد الله بن أم مكتوم الأعمى الذي أعرض عنه النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو يتصدّى لسادة وعظماء قريش . قال الله عزّ وجلّ :
" عبس وتولّى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعلّه يزّكّى "
( عبس 1 – 2 – 3 )
حيث يفهم من هذه الآية أنّ من الضعفاء من هو خير وأحبّ إلى الله تعالى من الأقوياء المتكبّرين .


من كتاب خواطر علمية لمؤلّفه
محمد صفوح الموصللي
دمشق