بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، وأشْهَد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسوله.

وبعد:
فقد روى الإمامان البُخاريّ ومسلم من حديث أبي هُرَيرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلاَّ واحدًا، مَنْ أحصاها دخل الجنَّة))[1]، قال بعضهم: ورد ذكر البَصير في كتاب الله تعالى اثنتَين وأربعين مرَّة.

قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 233]، وقال تعالى: ﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ [الملك: 19]، قال ابنُ كثير: "والله بصير بالعباد؛ أي: هو عليم بمَن يستحقّ الهداية ممَّن يستحقّ الضلالة، وهو الَّذي لا يُسأل عمَّا يفعل وهم يُسألون؛ وما ذاك إلاَّ لحكمته ورحمته"[2].

وإن سألت عن بصَره، فهو البصير - جلَّ جلالُه - الَّذي قد كمل في بصره، أحاط بصرُه بجميع المبْصَرات في أقطار الأرض والسَّموات، حتَّى أخفى ما يكون فيها، فيرى دبيبَ النَّملة السَّوداء، على الصَّخرة الصمَّاء، في اللَّيلة الظَّلماء، وجَميع أعضائها الباطنة والظَّاهرة، وسريان القوت في أعضائِها الدَّقيقة، ويرى سرَيان المياه في أغصان الأشْجار وعروقِها، وجميع النَّباتات على اختلاف أنواعها وصِغَرها ودقَّتها، ويرى نياط عروق النَّملة والنَّحلة والبعوضة وأصغر من ذلك، ويَرى خيانات الأعيُن، وتقلُّبات الأجفان، وحركات الجنان، ويرى ما تحت الأرَضين السَّبع، كما يرى ما فوق السَّماوات السَّبع[3].

قال ابن القيّم - رحمه الله -:
وَهُوَ البَصِيرُ يَرَى دَبِيبَ النَّمْلَةِ السْ
سَوْدَاءِ تَحْتَ الصَّخْرِ وَالصَّوَّانِ
وَيَرَى مَجَارِي القُوتِ فِي أَعْضَائِهَا
وَيَرَى عُرُوقَ بَيَاضِهَا بِعِيَانِ
وَيَرَى خِيَانَاتِ العُيُونِ بِلَحْظِهَا
وَيَرَى كَذَاكَ تَقَلُّبَ الأَجْفَانِ[4]

وقال المؤيد في الدين:
يَا مَنْ يَرَى مَدَّ البَعُوضِ جَنَاحَهَا
فِي ظَلْمَةِ اللَّيْلِ البَهِيمِ الأَلْيَلِ
وَيَرَى نِيَاطَ[5] عُرُوقِهَا فِي نَحْرِهَا
وَالمُخَّ مِنْ تِلْكَ العِظَامِ النُّحَّلِ
امْنُنْ عَلَيَّ بِتَوْبَةٍ تَمْحُو بِهَا
مَا كَانَ مِنِّي فِي الزَّمَانِ الأَوَّلِ

ومن آثار الإيمان بهذا الاسْم العظيم:
أوَّلاً: إثبات صفة البَصَر لله؛ لأنَّه وصف نفسه بذلك، وهو أعلم بنفسِه، وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السَّمع، فالمتَّصف بهما أكمل ممَّن لا يتَّصف بذلك؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الأنعام: 50].

وقال - تعالى - موبِّخًا للكفَّار، ومسفِّهًا عقولَهم؛ لعِبادتِهم الأصْنام الَّتي هي من الحِجارة الجامدة: ﴿ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾ [الأعراف: 195]؛ أي: أنتُم أكمل من هذه الأصنام؛ لأنَّكم تسمعون وتُبْصِرون، فكيف تعبدونها وأنتم أفضل منها؟!

ثانيًا: أن الله - تبارك وتعالى - بصيرٌ بأحوال عباده، خبير بصير بِمَن يستحقُّ الهداية منهم ممَّن لا يستحقُّها، بصير بمن يصلح حاله بالغِنَى والمال وبمن يفسد حاله بذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27].

وهو بصير بالعباد، شهيدٌ عليهم، الصَّالح منهم والفاسق؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [التغابن: 2]، بصير خبير بأعمالِهم وذنوبهم؛ قال تعالى: ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 17]، وسيَجزيهم عليها أتمَّ الجزاء[6].

ثالثًا: إذا علِمْنا أنَّ الله بصيرٌ، حملَنا ذلك على حِفْظ الجوارح وخطرات القلوب عن كلِّ ما لا يُرْضِي الله، وحملَنا أيضًا على خشْيته في السِّرِّ والعلانية، في الغَيب والشهادة؛ لأنَّه يرانا على كلِّ حال، فكيف نَعْصيه مع عِلْمنا باطِّلاعه عليْنا؟! قال تعالى: ﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ﴾ [الشعراء: 218-219]، ومن علم أنَّه يراه أحسن عملَه وعبادته، روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هُريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال عن الإحسان: ((أن تعبُد الله كأنَّك تراه، فإنْ لَم تكُن تراه فإنَّه يراك))[7].

قال النَّووي - رحمه الله -: "هذا من جوامع الكلِم الَّتي أُوتيها - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأنَّا لو قدرنا أنَّ أحدنا قام في عبادة وهو يُعايِن ربَّه - سبحانه وتعالى - لَم يترك شيئًا ممَّا يقدر عليه من الخضوع والخشوع وحُسْن السَّمت، واجتماعه بظاهره وباطنه، وعلى الاعتِناء بتتْميمها على أحسن وجوهِها إلاَّ أتى به"[8].

والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيّنا محمَّد، وعلى آله وصحْبِه أجْمعين.

[1] ص 526 برقم 2736، وصحيح مسلم 1076 برقم 2677.
[2] "تفسير ابن كثير" (3 /37).
[3] "موارد الأمان" ص 27.
[4] "النونية" (2 /215)؛ لابن القيم، بشرح ابن عيسى.
[5] قال في "اللسان": النياط: الفؤاد، والنياط عرق علق به القلب من الوتين (7 /418).
[6] "النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى" (1 /237).
[7] ص 36 برقم 8.
[8] "شرح صحيح مسلم"؛ للنووي (1/157 - 158).

موقع الألوكة

اسم الله تعالى البصيــــر

البصيـــر سبحانه وتعالى المطلع على خلقه، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر، فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة ..

المعنى اللغوي

البصر في حق الخلق: حاسة الرؤية أو حِسُّ العين، والبصيرة: العلم والفطنة.

ورود الاسم في القرآن الكريــــم

ورد الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة، منها قوله جلَّ وعلا {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]

وقوله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 61] .. وقوله سبحـــانه {.. وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان: 20]



معنى الاسم في حق الله تعالى

البصير: هو الذي يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة، الذي يرى الأشياء كلها ظهرت أو خفيت، دقت أو عظمت، وهو الذي يبصر خائنة الأعين وما تخفى الصدور.

قال السعدي "البصير: الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء. ويبصر ما تحت الأرضين السبع، كما يبصر ما فوق السموات السبع. وأيضًا سميع بصير بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته، والمعنى الأخير يرجع إلى الحكمة" [تيسير الكريم الرحمن (1:946)]

على هذا يكون للبصيـــر معنيـــان:

الأول: أن له بصرٌ يرى به كل شيء سبحـــانه وتعالى.

الثاني: أنه ذو البصيرة بالأشيـــاء، الخبيــر بها.



يقول ابن القيم في القصيدة النونية

وهو البصيرُ يَرَى دبيبَ النَّملةِ السـ ... ـوداءِ تحت الصَّخرِ والصَّوَّانِ

ويَرَى مجاري القوت في أعضائِها ... ويَرَى عُروقَ بَيَاضِها بعيانِ

ويَرَى خياناتِ العيونِ بلْحظِها ... ويَرَى كذلكَ تقلُّبَ الأجْفَانِ

[النونية (2:215)]



آثــــــار الإيمــان باسم الله تعالى البصيـــــر

1) إثبـــــات صفة الإبصار لله جلَّ شأنه ..

وهي صفة ثابتة لله عزَّ وجلَّ نؤمن بها ولا ندري كيفيتها .. فهو سبحانه {.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .. وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع.

2) الله جلَّ جلاله هو البصير الذي ينظر للمؤمنين بكرمه ورحمته ..

ويمن عليهم بنعمته وجنته، ويزيدهم كرمًا بلقائه ورؤيته ..

ولا ينظر إلي الكافرين إيقاعًا لعقوبته .. فهم مخلدون في العذاب محجوبون عن رؤيته، كما قال تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15]، وقال: {أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77].

فكما لم تُبصِر قلوبهم، عوقبوا بجنس عملهم بأن حُجِبوا عن ربِّهم في الآخرة ..

وكم من آيــــات ونذر يرسلها إلينـــا ربُّنا عزَّ وجلَّ، ونحن عنها غافلون !!



حظ المؤمن من اسم الله تعالى البصير

1) دوام الحيـــاء والمراقبة ..

قال تعالى { .. وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 17] .. فمن عَلِم أن ربَّه بصيرٌ مُطلعٌ عليه، استحى أن يراه على معصية أو فيما لا يُحب .. ومن عَلِم أنه يراه، أحسن عمله وعبادته وأخلص فيها لربِّه وخشع.

وإذا داوم العبد على تلك المراقبة، بلغ أعلى مراتب الإيمان .. كما جاء في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي : ما الإحسان؟، قال "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" [متفق عليه]

فيجب على العبد أن يراقب ربَّه في جميع أحواله، ويوقن أن ربَّه سبحانه وتعالى من فوق عرشه بصيرٌ به،،



2) النظر والتفكُّر والاعتبـــار والتذكُّر ..

فعلينا أن ننظر في خلق الله تعالى؛ لنرى كمال قدرته فنزداد يقينًا وإيمانًا .. يقول الله عزَّ وجلَّ {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (*) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (*) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (*) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17,20] ..

وكذلك التفكُّر والاعتبـــار من أحوال من سبق .. فكما أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن ننظر في خلقه، أمرنا أن نعتبر بما فُعِل فيما مضى من الأمم الغابرة .. يقول تعالى {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (*) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 137,138]



3) التوكل على الله سبحانه وتعالى ..

فالله تبارك وتعالى بصيرٌ بأحوال عبـــاده، خبيرٌ بما يُصلحهم وما يفسدهم .. يقول تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30] ... مما يجعلنا نتوكل عليه سبحانه وتعالى حق التوكل ونفوض إليه جميع أمورنــا.

4) الرضـــا بقضــاء الله تعالى وقدره ..

لأن طالما الله سبحانه وتعالى بصيرٌ بنـــا شهيدٌ علينــا، فهو سبحــانه يعلم إن كان ما نسأله عليه من الرزق سيصلحنا أم أن فيه هلاكنـــا دون أن ندري .. قال تعالى { وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى: 27] .. فلابد أن نرضى بقضائه لنـــا.



كيف ندعو الله تعالى باسمه البصير؟

ورد الدعـــاء باسمه تعالى البصير في مواضع كثيرة، منها:

دعـــاء موسى عليه السلام {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (*) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (*) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (*) يَفْقَهُوا قَوْلِي (*) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (*) هَارُونَ أَخِي (*) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (*) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (*) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (*) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (*) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (*)قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 25,36] .. أحْسَن في الدعــــاء، فأناله الله تعالى ما سأل.

وكما قال العبد الصالح، مؤمن آل فرعون: { وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (*) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (*) لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (*) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 41,44].

ومن دعاء المسألة أيضًا، الدعاء بمعنى الاسم ومقتضاه .. كسؤال العبد ربَّه أن ينير له بصره وبصيرته .. كما في قول إبراهيم عليه السلام وهو يطلب من ربِّه في دعائه أن يبصره بمناسك الحج إلى البيت الحرام: {رَبَّنَا وَاجْعَلنَا مُسْلِمَيْنِ لكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَليْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:128].

وكذلك طلب الحق تعالى من سيد الخلق أن يتوكل على الله الذي يراه: { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (*) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} [الشعراء: 217,218].

وكان من دعائه " اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي بصري نورًا .." [متفق عليه] .. فكان يدعو الله سبحانه وتعالى أن يفتح له من رحمته، فيُبصِر بقلبه مع عينه ولا يرى إلا مايحب الله جلَّ وعلا.

نسأل الله تعالى أن يُبصرنا بعيوبنــا،

وأن يجعلنا نرى الحق حقًا ويرزقنا إتباعه، ويرنا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنـــابه ..

وأن يُبصر قلوبنـــا بحقائق الأمور، فلا تزيغ ولا تنحرف عن طريق الهداية،،
شرح واسرار الاسماء الحسنى للشيخ هانى حلمى