بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

من هم الذين لا ينظر الله - عز وجل - إليهم يوم القيامة؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحبه وأزواجه وأبنائه ومن تَبعَه بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد:
فإن إثبات صفة النظر لله عز وجل عَلَى ما يليقُ به جلَّ جلالُه وتقدَّسَت أسماؤه أمرٌ دلَّت عليه نصوصُ الوحيين، وأجمعَ على إثباتها السلفُ رضوان الله عليهم أجمعين، وقد صنَّف فيها العلماءُ قديما وحديثًا.

وهي - أعني: صفةَ النظر - صفةٌ من الصفاتِ الفعلية، المقيَّدة بمشيئة الله عز وجل وقدرتِه, والتي يفعلُها اللهُ متى شاء، إذا شاء، مع من شاء؛ فهو عزَّ وجلَّ ينظرُ إلى مَن شاء أن ينظرَ إليه، ولا ينظر إلى من شاء ألاَّ ينظر إليه، ينظر إلى من رضيَ عنه, ولا ينظر إلى من غضب عليه.

إذًا: فصفةُ النظر لا تكونُ إلاَّ لمن يحبَّه فيكرمَه بها؛ فإذا ما نظرَ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى إنسان؛ فإنه سيرحمه ولا بد، وقد قال أبو عمران عبدالملك بن حبيب - وهو من أئمة التابعين الكبار -: "ما نظر اللهُ إلى شيءٍ إلا رحمَه"، وكان يحلفُ ويقول: "والله لو نظر اللهُ إلى أهل النار لرحمَهم، ولكنه قضَى أنه لا ينظر إليهم"[1]، ولذلك نرى اللهَ عز وجل يُكرم - مثلاً - البعضَ بأن ينظرَ إليهم في جملةٍ من المواقف، وقد قيل: "من نظر اللهُ إليه لم يعذبه أبدًا"، بل إن الله عز وجل يُكرم من شاء بأن ينظرَ إليه، ويمكِّنه من أن يراه عزَّ وجل بالأبصار يومَ القيامة، كما دلَّت الأدلةُ على ذلك من الكتاب والسنة وإجماع سلفِ الأمة.

وسيأتي معنا قوله عز وجل: ﴿ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ﴾ [آل عمران: 77]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ إليهم))، أو ﴿ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ ﴾، وهي وإلى جانبِ أنَّ فيها إثبات صفة النظر لله عز وجل كما تقدَّم - فإنها - أيضًا - ولا شكَّ تدلُّ على أن كلَّ مَن كان منهم قد حُرم نظر الله عز وجل إليه؛ فإن له نصيبًا من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وصاحبه مستحقٌّ للعذاب الأليم، نعوذُ بالله عز وجل من سخطه وعذابه، ولذلك - بيانًا وتحذيرًا - نحن نتسألُ في هذا المقال عن: "من هُم الذين لا ينظرُ اللهُ عز وجل إليهم يوم القيامة؟!"، وسوف نذكر - بعون الله عز وجل وتوفيقه - إن شاء الله جملةً من النصوص التي وردَت في وصفِهم؛ لنحذرها ونتجنبها؛ ومنها:
1- من اشترى بعهد الله وباليمين الفاجرة الكاذبة:
قال الله عز وجل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران:77].

فهذه الآية تدلُّ على عقوبة من اشترى بعهد الله وباليمينِ الفاجرة الكاذبة شيئًا قليلاً من حطام الدنيا، سواء كان قليلاً أو كثيرًا، وإنَّ هذه عقوبته، وأنه سوف يلقى الله عز وجل فلا يكلِّمه، ولا ينظرُ إليه، ولا يزكِّيه، وله عذابٌ أليم، فيحصلُ له هذا الوعيدُ الشديد الذي جاء في هذه الآية الكريمة.

وأمرٌ أخر؛ وهو: كما أن في هذه الآية إهانةً لهم من الله عز وجل بهذا؛ ومنه: ﴿ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ ففيها إثباتٌ لنظر الله عز وجل لغيرهم؛ إذ لو كان اللهُ عزَّ وجلَّ لا ينظر إلى عباده المؤمنين، لكانوا في ذلك هُم وأعداؤه سواءً، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا ﴿ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ فائدةٌ أصلاً، والله أعلم.

تنبيه:
وقبل أن أشرع في سرد هذه الأحاديث أقول تنبيهًا: إن أغلب من شرح هذه الأحاديث[2] من العلماء رحمهم الله عمد إلى صرفِ "صفةِ النظر" عن ظاهرها، وتأويلها بصورة أو بأخرى؛ كصرفها للرحمة مثلاً، وهذا في الحقيقة من التأويل المذموم، وهو مذهبُ الجهمية ومَن وافَقهم؛ كالمعتزلةِ، والكُلاَّبيَّة، والأشاعرة، وغيرهم مِن منكري الصفات، وهو مخالفٌ - جملةً وتفصيلاً - لعقيدة السلف الصالح، كما سبق تقريرُه؛ لأن الأصل - عندهم - إمرارُ نصوص الصفات على ظاهرها، على الوجه اللاَّئقِ بعظمةِ الله عز وجل وجلالِه، وأما الكيفيةُ فلا يعلمها سوى الله عز وجل؛ كما في قوله عز وجل: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11]، كما نصَّ على ذلك علماؤنا، وننقل شيئًا يسيرًا من أقوالهم، وبشيءٍ من الاختصار وعلى عجالة، فنقول:
يقول أبو القاسم الأصبهاني: "فـ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ ينفي كلَّ تشبيهٍ وتمثيل، ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، ينفي كلَّ تعطيلٍ وتأويل، فهذا مذهبُ أهل السنَّة والجماعة والأثر، فمَن فارق مذهبَهم فارقَ السُّنَّة، ومن اقتدى بهم وافق السنَّة، ونحن بحمد الله من المقتدين بهم، المنتحلين لمذهبهم، القائلين بفضلهم، جمع اللهُ بيننا وبينهم في الدارين، فالسنَّة طريقتُنا، وأهلُ الأثر أئمتنا، فأحيانا اللهُ عليها وأماتَنا برحمته إنه قريبٌ مجيب"[3].

وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: "ومن الإيمان بالله: الإيمانُ بما وصف به نفسَه في كتابه، وبما وصفه به رسولُه محمد صلى الله عليه وآله وسلم: من غير تحريفٍ ولا تعطِيل، ومن غير تكيِيفٍ ولا تمثيل؛ بل يؤمنون بأن اللهَ سبحانه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، فلا ينفون عنه ما وصفَ به نفسَه، ولا يحرِّفون الكَلِمَ عن مواضِعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيِّفون ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمِيَّ لَه ولا كُفوَ لَه ولا نِدَّ له ولا يُقاس بخلقه سبحانه وتعالى؛ فإنه سبحانه أعلمُ بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثًا من خلقِه، ثم رسله صادقون مصدوقون؛ بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون"[4].

وقال ابن القيم: "فهذا الموصوفُ بهذه الصفات والنُّعوت والأفعال، والعلوِّ والعظمة، والحفظ والعزَّة، والحكمة والمُلك، والحمد والمغفرة والرحمة، والكلام والمشيئة والولاية، وإحياء الموتى والقدرةِ التامة الشاملة والحكمِ بين عباده، وكونه فاطر السموات والأرض ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، فهذا هو الذي ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾؛ لكثرة نعوتِه وأوصافه، وأسمائه وأفعاله، وثبوتها له على وجه الكمال الذي لا يماثلُه فيه شيءٌ، فالمثبِت للصفات والعلو والكلام والأفعال وحقائق الأسماء هو الذي يصفُه سبحانه بأنه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، وأما المعطِّل النافي لصفاته وحقائق أسمائه فإن وصفه له بأنه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ مجازٌ لا حقيقة كما يقول في سائر أوصافه وأسمائه، ولهذا قال مَن قال من السلف: إن النُّفاة جمعوا بَين التشبيه والتعطيل، فسَموا تعطيلَهم تنزيهًا، وسموا ما وصف به نفسه تشبيهًا، وجعلوا ما يدلُّ على ثبوت صفات الكمال وكثرتها دليلاً على نفيها وتعطيلها، وراج ذلك على من لم يجعل اللهُ له نورًا، واغترَّ به من شاء الله، وهدى اللهُ من اعتصم بالوحي والعقل والفطرة، ﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [البقرة: 213]"[5].

وقال الشنقيطي: "فنفَى عن نفسِه جلَّ وعلا مماثلةَ الحوادث بقوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، وأثبت لنفسه صفات الكمال والجلال بقوله: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، فصرَّح في هذه الآية الكريمة بنفي المماثلة مع الاتصاف بصفات الكمالِ والجلال، والظاهرُ أن السرَّ في تعبيره بقوله: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ دون أن يقول مثلاً: (وهو العلي العظيم) أو نحو ذلك من الصفات الجامعة؛ أن السَّمع والبصر يتَّصف بهما جميعُ الحيوانات، فبيَّن أن اللهَ متَّصفٌ بهما، ولكنَّ وصفَه بهما على أساس نَفي المماثلة بين وصفه تعالى، وبين صفات خلقه، ولذا جاء بقوله: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ بعد قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، ففي هذه الآية الكريمة: إيضاحٌ للحقِّ في آيات الصفات، لا لبس معه ولا شبهة ألبتة "[6].

وقال السعدي: "﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾؛ أي: ليس يشبِهه تعالى ولا يماثِله شيءٌ من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله؛ لأن أسماءَه كلَّها حُسنى، وصفاته صفة كمالٍ وعظمة، وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارِك، فليس كمثله شيءٌ؛ لانفرادِه وتوحُّده بالكمال من كل وجه، ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ لجميع الأصوات، باختلاف اللُّغات، على تفنُّن الحاجات، ﴿ الْبَصِيرُ ﴾ يَرى دبيبَ النملة السوداء، في الليلة الظَّلماء، على الصخرة الصمَّاء، ويرى سَريان القوت في أعضاء الحيوانات الصغيرة جدًّا، وسريان الماء في الأغصان الدقيقة، وهذه الآية - ونحوها - دليلٌ لمذهب أهل السنة والجماعة، من إثبات الصفات، ونفي مماثلة المخلوقات، وفيها ردٌّ على المشبِّهة في قوله: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، وعلى المعطِّلة في قوله: ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾".

وقال الفوزان: "الواجبُ إثباتُ أسمائه وصفاته، واعتقاد ما تدل عليه من صفات كماله ونعوت جلاله؛ من غير تحريفٍ ولا تعطيل، ومن غير تكييفٍ ولا تمثيل، على حدِّ قوله سبحانه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾"[7]، وبقي الكثيرُ لكنِّي أكتفي بهذا وأعتذرُ عن الإطالة؛ لكنِّي قصدت التأكيدَ والبيان، وإزالة الوهم والشبهة، والموفَّق من وفقه اللهُ عز وجل.

ونعود بعد هذا لاستكمال ما شرعنا فيه من ذِكر "مَن هُم الذين لا ينظرُ اللهُ عز وجل إليهم يوم القيامة؟!" وبيان أوصافهم؛ فنقول ومنهم:
1- من حلف على سلعةٍ لقد أَعطى بها أكثر مما أَعطى وهو كاذب.
2- من حلف على يمين كاذبة بعد العصر؛ ليقتطعَ بها مال رجل مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ثلاثةٌ لا يكلِّمهم اللهُ يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلفَ على سِلعة لقد أَعطى بها أكثر ممَّا أَعطى وهو كاذبٌ، ورجلٌ حلف على يمينٍ كاذبة بعد العصر؛ ليقتطعَ بها مالَ رجلٍ مسلم، ورجلٌ منع فَضْل ماءٍ؛ فيقول الله: اليومَ أمنعك فضلي كما منعتَ فَضل ما لم تَعمل يداك))[8].

3- من بايع رجلاً لا يبايعه إلا للدنيا؛ فإن أعطاه ما يريد وفى له، وإلا لم يف له.
4- من ساوم رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا فأخذها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بطريق يمنع منه ابن السبيل، ورجل بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه ما يريد وفى له وإلا لم يف له، ورجل ساوم رجلا بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا فأخذها))[9].

5- من كان له فَضْل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: رجلٌ كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا؛ فإن أعطاه منها رَضي وإن لم يعطِه منها سخِط، ورجلٌ أقام سلعتَه بعد العصر فقال والله الذي لا إله غيرُه لقد أَعطيت بها كذا وكذا فصدَّقه رجلٌ، ثم قرأ هذه الآية: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً ﴾))[10].

6- المسبِل.
7- والمنفِّق سلعتَه بالحلف الكاذب.
وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم))، قال: فقرأها رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرار، قال أبو ذَرٍّ: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: ((المُسبِل إزارَه، والمنَّان الذي لا يعطي شيئًا إلا منَّة، والمنَفِّق سلعتَه بالحلف الكاذب))[11].

8- الملك الكذَّاب.
9- الشيخ الزاني[12]
10- العائل المزهو والمتكبر.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثةٌ لا يكلمهم اللهُ يوم القيامة، ولا يزكيهم - قال أبو معاوية[13]: ولا ينظر إليهم -، ولهم عذابٌ أليم: شيخٌ زانٍ، وملكٌ كذَّاب، وعائِل مستكبِر))[14].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: الشيخُ الزاني، والإمام الكذَّاب، والعائل المزهو[15]))[16].

11- من بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها وَفَى، وإن لم يُعطه منها لم يَفِ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثٌ لا يكلمهم اللهُ يوم القيامة، ولا ينظرُ إليهم، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: رجلٌ على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايع رجلاً بسلعةٍ بعد العصر فحلفَ له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدَّقه وهو على غير ذلك، ورجلٌ بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا؛ فإن أعطاه منها وَفَى، وإن لم يُعطه منها لم يَفِ))[17].

12- العاقُّ لوالديه.
13- المرأة المترجِّلَة.
14- الدَّيوث.
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا ينظرُ الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والمرأةُ المترجِّلة، والدَّيُّوث، وثلاثة لا يدخلون الجنةَ: العاقُّ لوالديه، والمدمن الخمر، والمنَّان بما أعطى))[18].

15- مدمن الخمر.
16- المنان.
وعن سالم، عن أبيه رضي الله عنهما، مرفوعًا: ((ثلاثةٌ لا ينظر اللهُ إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، ومدمن الخمر، والمنَّان عطاءَه، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والديُّوث والرَّجِلة))[19].

17- من جر ثوبَه أو إزاره بطرًا وخُيَلاء.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لا ينظر اللهُ إلى من جرَّ ثوبَه خُيلاء))[20].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جرَّ إزارَه بطرًا))[21].

18- من لا يقيم في الصلاة صلبَه بين ركوعها وسجودها.
عن طلق بن عليٍّ الحنفي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ عزَّ وجلَّ إلى صلاة عبدٍ لا يُقيم فيها صلبَه بين ركوعها وسجودها))[22].

19- المرأة التي لا تشكر لزوجها.
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ إلى امرأةٍ لا تشكر لزوجها؛ وهي لا تستغني عنه))[23].

20- الأشيمط الزاني.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ عز وجل إلى: الأُشيمِط الزاني، ولا العائل المزهوِّ، ولا الذي يجرُّ إزارَه من الخيلاء))[24].

وعن سلمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: أُشَيمِط زانٍ، وعائلٌ متكبِّر، ورجل جعل اللهُ له بضاعة، فلا يبيع إلا بيمينه، ولا يشتري إلا بيمينه))[25].

21- الرجل الذي يأتي الرجلَ.
22- ومن أتى امرأةً في دُبرها.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ إلى رجلٍ أتى رجلاً أو امرأةً في دُبرها))[26].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ إلى رجل يأتي امرأتَه في دُبُرها))[27].

23- من جعل الله له بضاعةً، فلا يبيع إلا بيمينه، ولا يشتري إلا بيمينه.
وعن سلمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليم: أُشَيمِط زانٍ، وعائلٌ متكبِّر، ورجل جعل اللهُ له بضاعة، فلا يبيع إلا بيمينه، ولا يشتري إلا بيمينه))[28].

24- اتخذ الأيمان بضاعة يحلف في كل حقٍّ وباطل.
وعن عصمة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم غدًا: شيخ زان، ورجل اتَّخذ الأيمانَ بضاعةً يحلف في كل حقٍّ وباطل، وفقير مختال مزهو))[29].

25- من اقتطع بيمينه ظلمًا ما ليس له.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: ((اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أرضِ أحدهما من حَضرموت، قال: فجعل يمين أحدهما فضجَّ الآخرُ، قال: إذًا يذهبُ بأرضي، فقال: إن هو اقتطعها بيمينه ظلمًا كان ممن لا ينظرُ اللهُ إليه يومَ القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم، قال: وَوَرِع الآخَرُ فردَّها))[30].

26- العجوز الزانية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا ينظر اللهُ يوم القيامة إلى الشيخ الزاني، ولا إلى العجوز الزانية))[31].

هذه هي جملةٌ من النصوص التي وقفنا عليها والتي تبيِّن صراحةً من هم الذين لا ينظر اللهُ عز وجل إليهم يومَ القيامة، وهي وإن كان فيها نوع تكرار بين بعض من أنواعها، إلا أني أحبَبتُ أن أوردها كما هي لأمرين:
الأول: التزامًا بالنصوص كما هي، وكما وردَت.
والثاني: لأن في بعض النصوص بيان لما أُجمِل في نصوصٍ أخرى أو إيضاح أو استفصال أو نحوها.

وفي الختام: نسأل اللهَ عزَّ وجلَّ بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن لا يجعلنا منهم، وصلى الله وسلم على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

[1] أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (2/ 465)، وقال محققه: "إسناده حسن"، وكذا أبو نعيم في الحلية (2/ 314) و (6/ 290)، وعزاه ابن تيمية إلى ابن أبي حاتم، كما في مجموع الفتاوى (13/ 134).
[2] كالقاضي عياض في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم (1/ 257)، والكرماني في الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري (21/ 53)، والقرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2/ 65)، والنووي في شرحه على صحيح مسلم (2/ 116)، والسندي في حاشيته على النسائي (7/ 245)، والقسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (4/ 205)، والسيوطي في الديباج على مسلم (1/ 120)، والمناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير (3/ 329)، والصنعاني في سبل السلام شرح بلوغ المرام (4/ 134)، والشوكاني في نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار (9/ 167).
[3] الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة (1/ 260).
[4] العقيدة الواسطية.
[5] الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (3/ 1029- 1030).
[6] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (2/ 18-19).
[7] الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد (ص: 137).
[8] أخرجه البخاري رقم: (2240).
[9] أخرجه البخاري رقم: (2527).
[10] أخرجه البخاري رقم: (2230)، ومسلم رقم: (107).
[11] أخرجه مسلم رقم: (106).
[12] وسيأتي في حديث أخر: الأُشيمِط الزاني.
[13] هو الضرير، وهو أحد رجال الإسناد.
[14] أخرجه مسلم رقم: (107).
[15] أي: الفقير المتكبر المفتخر.
[16] أخرجه النسائي (5/ 86)، وأحمد (2/ 433)، وابن حبان رقم: (4413) وصححه شعيب الأرناؤوط، والألباني.
[17] أخرجه مسلم رقم: (108).
[18] أخرجه النسائي (1/ 357) والسياق له، وأحمد (2/ 134)، وابن حبان رقم: (56)، وقال الألباني: " قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبدالله بن يسار وقد روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه ابن حبان، فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى"؛ السلسلة الصحيحة (2/ 289) رقم: (674).
[19] أخرجه البزار في مسنده رقم: (1875)، وصححه الحاكم، والذهبي، والألباني وهو مخرج حجاب المرأة (ص: 67)، وانظر: السلسلة الصحيحة (3/ 387) رقم: (1397)، وانظر - أيضًا - رقم: (3099).
[20] أخرجه البخاري رقم: (5446)، ومسلم رقم: (2085).
[21] أخرجه البخاري رقم: (5451)، ومسلم رقم: (2087).
[22] أخرجه الإمام أحمد (4 / 22) ورجاله موثَّقون، وله شاهد رواه أحمد والطبراني في "الكبير" والضياء المقدسي في "المختارة"، وسنده صحيح، وصححه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" وقال المنذري : "إسناده جيد"، وانظر: صلاة التراويح (ص: 118)، والسلسلة الصحيحة (6/ 82) رقم: (2536).
[23] أخرجه النسائي في عشرة النساء من السنن الكبرى (1/ 84)، وأخرجه الحاكم (2/ 190) وقال: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وصححه الألبانيُّ في الصحيحة (1/ 518) رقم: (289).
[24] أخرجه الطبراني في الكبير (12/ 306) وفي الأوسط (5/ 367)، والبيهقي في الشعب (6/ 487)، وقال الألباني: "صحيح لغيره".
[25] أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 301/ 6111)، والأوسط (6/ 288/ 5573)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/ 163).
[26] أخرجه الترمذي رقم: (1165)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 320)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 197)، وابن الجارود في المنتقى رقم: (729)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/ 312) مرفوعًا، وقال الحويني في غوث المكدود (3/ 52): "إسناده صحيح موقوفًا".
[27] أخرجه النسائي في السنن الكبرى (5/ 322)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 198)، وحسنه الترمذي، وقواه ابن الجارود (729)، وصححه البوصيري، وابن حبان (1302)، ومن قبلهما الإمام إسحاق بن راهويه في مسائل المروزي (ص221)، وابن حزم أيضًا (10/ 70)، وابن دقيق العيد في الإلمام (1127)، وانظر: آداب الزفاف في السنة المطهرة (ص: 33)، وصحيح أبي داود (6/ 375- الأم) رقم: (1878)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (9/ 197). وقال شيخنا مقبل رحمه الله: "رجاله رجال الصحيح "كما في تعليقه على تفسير ابن كثير (1/ 485).
[28] أخرجه الطبراني في الكبير (6/ 301/ 6111)، والأوسط (6/ 288/ 5573)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/ 163).
[29] أخرجه الطبراني في الكبير (17/ 184)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع رقم: (5381)، ثم ضعفه في ضعيف الترغيب (1/ 278).
[30] أخرجه أحمد (4/ 394)، وأبو يعلى (13/ 257)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (2/ 172).
[31] أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 500)، والأوسط (8/ 202)، وانظر: السلسلة الصحيحة رقم: (3375).

موقع الألوكة