بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

الـمُحيي والـمُميت


يوصف الله عزَّ وجلَّ بأنه المحيي والمميت، وهذا ثابت بالكتاب والسُّنَّة، وهما صفتان فعليتان خاصتان بالله عزَّ وجلَّ، وليسا هما من أسمائه.
· الدليل من الكتاب:
1- قولـه تعالى: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة: 28].
2- و قولـه: وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ [الحج: 66].
3- و قولـه: إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْـمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [فصلت: 39].
· الدليل من السُّنَّة:
1- حديث حذيفة رضي الله عنه في دعاء الاستيقاظ من النوم: ((الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور)) (2) .
2- حديـث أنس رضي الله عنه: ((اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) (3) .
قال البيهقي: (المحيي: هو الذي يحيي النطفة الميتة، فيخرج منها النسمة الحية، ويحيي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث، ويحيي القلوب بنور المعرفة، ويحيي الأرض بعد موتها؛ بإنزال الغيث، وإنبات الرزق. المميت: هو الذي يميت الأحياء، ويوهي بالموت قوة الأقوياء) (4) .
موقع درر

هل يستطيع أحد أن يحيي الموتى ؟!
هل يمكن أحداً أن يحيي ميِّتا ؟
الحمد لله
مِن أصول الاعتقاد الصحيح : الإيمان بأن الله تعالى هو وحده الذي يحيي ويميت , ومن ادَّعى أن غير الله تعالى قادر على الإحياء والإماتة فقد كفر ، بل إن المشركين في جاهليتهم لم يعتقدوا ذلك في أصنامهم وآلهتهم .

قال الله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) البقرة/28 .

وقال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الحج/6 .

وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنْسَانَ لَكَفُورٌ ) الحج/66 .

وقد بيَّن الله تعالى عجز الآلهة المزعومة عن الخلق والرزق والإحياء والإماتة .

قال تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الروم/40 .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" فقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : ( هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء سُبْحَـانَهُ وَتَعَـالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يدلّ دلالة واضحة على أن شركاءهم ليس واحد منهم يقدر أن يفعل شيئًا من ذلك المذكور في الآية ، ومنه الحياة المعبّر عنها بـ : ( خَلَقَكُمْ ) ، والموت المعبّر عنه بقوله : ( ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) ، والنشور المعبّر بقوله : ( ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وبيَّن أنهم لا يملكون نشوراً بقوله : ( أَمِ تَّخَذُواْ آلِهَةً مّنَ لاْرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ ) ، وبيّن أنهم لا يملكون حياة ولا نشوراً في قوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُل للَّهُ يَبْدَأُ لْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) ، وبيَّن أنه وحده الذي بيده الموت والحياة في آيات كثيرة ؛ كقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَـاباً مُّؤَجَّلا ً) ، وقوله تعالى : ( وَلَن يُؤَخّرَ للَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا ) ، وقوله تعالى : ( إِنَّ أَجَلَ للَّهِ إِذَا جَاء لاَ يُؤَخَّر ) ، وقوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوتًا فَأَحْيَـاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) ، وقوله تعالى : ( قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا ثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ثْنَتَيْنِ ) ، إلى غير ذلك من الآيات .

وهذا الذي ذكرنا من بيان هذه الآيات بعضها لبعض معلوم بالضرورة من الدّين " انتهى .

" أضواء البيان " ( 6 / 271 ) .

وقد كان من آيات عيسى ابن مريم عليه السلام البينات أنه يحيي الموتى بإذن الله ، ولم يكن عيسى عليه السلام قادراً على ذلك إلا أن يشاء ربه تبارك وتعالى .

قال تعالى : ( وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ) آل عمران/49 .

وقال تعالى : ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ) المائدة/110 .

وأما ما وقع من المجادل لإبراهيم عليه السلام بأنه قادر على الإحياء والإماتة فهذا من أسخف الادعاءات , وأبطلها , ولهذا لما ناظره إبراهيم عليه السلام انقطع ذلك الكافر , وثبت بطلان دعواه .

قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة/258 .

فلا يستطيع أحدٌ من البشر أن يدَّعي أنه قادر على إحياء الموتى ، ومن ادعى ذلك فها هم الموتى من الرسل والأنبياء والعظماء فليحيهم إن كان صادقاً في دعواه !

والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب