يرى الطبيعيون والكيماويون أن الإنسان جزء من عموم الطاقة المادية فهو بناء يخضع للقوانين الفيزيائية والكيماوية التي تخضع لها الكائنات الأخرى من حيوان وجماد ونبات ويقسم علماءالنفس الطبيعة البشرية إلى قسمين :
1 - الاتجاه البيولوجي ويركز على البناءات الفيزيقية والكيماوية والعصبية وما ينتج عنها من وظائف تحتاج إليها في شرح السلوك البشري .
2 – الاتجاه الذاتي المتعلق بحالة الإنسان العقلية ولذلك يستخدم أصحاب هذا الاتجاه مصطلحات مثل الوعي والقصد والغرض والقيمة والاختيار .
وما يجب أن نشير إليه أن كلا من الاتجاهين يرى الإنسان كائن ذو عقل
كما يرى علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي : أن الإنسان حيوان اجتماعي الذي يحذوهم إلي شرح وتفسير الأنماط المتعددة للنظم الاجتماعية والتحول الذي يمر به الكائن البشري .
ويكون الإنسان عندهم مخلوق يسعى إلى السيطرة والوصول إلى السلطة ويستخدم لذلك القوة والدعاية والتهديد والوعيد والوعود والضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يأمل أن يؤثر بها على الآخرين والمجتمع والإنسان عند الجغرافيون موضوع له صلة بالأرض ويكون السلوك البشري عندهم محكوم بالمناخ والطعام والمواصلات ومدى سهولتها وصعوبتها وتوزيع المصادر الطبيعية ....
وللمؤرخين نظرة أخرى فهم يرون أن الإنسان كائن يعيش الحاضر بذاكرة الماضي وتوقع للمستقبل ، ففهم الأحداث الماضية يبني المستقبل .
اما في نظر الإسلام ف الإنسان جوهر أعلى يفوق جوهره الخلائق الأخرى بأسرها وهي مركبة من المادة والروح معا ويتحقق التنسيق بين الجانبين بما ميزه الله سبحانه وتعالى عن غيره من المخلوقات ، فهو شخصية تتكامل فيها الجوانب المادية والمعنوية ونتيجة لذلك يتميز بصفات لا نجدها عند غيره من المخلوقات .
وقد تباينت أقوال العلماء قديما وحديثا حول طبيعة الإنسان ، فمنهم من رأي أن طبيعة الإنسان خيرة ولا أصل للشر فيها لقوله تعالي ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) الروم 30
وتعني الآية ( لاتبديل لخلق الله )عند هؤلاء العلماء أن الطبيعة الإنسانية لا تتغير ابد عما فطر الله وبهذا لا يخرج الإنسان عن مقتضاها أبدا.
إما القسم الثاني فيري ان طبيعة الإنسان تجمع بين الخير والشر معا فهي مستعدة أي النفس البشرية علي ان تكون خيرة او شريرة ، وعليه فالنفس البشرية مفطورة علي كليهما معتمدين علي قوله تعالي (وهديناه النجدين ) البلد 10 ، وقوله تعالي ( إنا هديناه السبيل إما ا شاكرا وإما كفورا ) الإنسان 3 ،علي إن هناك قسم رأي أن طبيعة الإنسان شريرة لا أصل للخير فيها لان القران الكريم وصف الإنسان بأوصاف شتي منها الهلع والكفر والبخل و اليأس والظلم والجهل و الكند لقوله تعالي ( إن الإنسان لظلوم كفار ) إبراهيم 34
( وكان الإنسان قتورا )الإسراء 100
( خلق الإنسان من عجل ) الأنبياء 37
( إن الإنسان خلق هلوعا ) المعا رج 19
هذا ما قيل حول طبيعة الإنسان
والمستعرض الآيات الكريمة في القران الكريم التي تتحدث عن الإنسان وعن طبيعته نجد إن الإنسان قد ذكر فيها بغاية الحمد وغاية الذم في الآية الواحدة ، ولا يعني ذلك انه يحمد ويذم في ان واحد ولكن المعني المقصود انه أهل للكمال و النقص بما فطر عليه من استعداد لكل منهما فهو أهل للخير والشر لأنه أهل للتكليف.
والإنسان ينفرد بين الخلائق بمبادئ لا يوصف بها غيره لان السيئة والحسنة علي سواء لا يوصف بها مخلوق غير مسئول ، والإنسان بكونه مخلوق مسئول يوصف دون غيره من المخلوقات بالكفر والظلم والطغيان والخسران والفجور لأنه دون غيره أهل للإيمان والعدل والرجحان والغفران والعفاف ، أي هو أهل لان يوصف بكل الصفات الحسنة الخيرة .
وكلما ارتفعت إنسانية الإنسان عظمت سيطرته علي نوازعه الطبيعية وتغلب علي غرائزه الطبيعية وأخضعها لخدمة الإنسان فيه، وكلما انحطت إنسانيته ضعفت مقاومته لنوازع الشر.
ومثلما يحتاج الإنسان إلي الجهد العظيم لتطوير حياته المادية فهو محتاج إلي جهد مضاعف لتطوير حياته الروحية والارتقاء بملكاته الإنسانية .
وبهذا يكون الإنسان خلافا لسائر المخلوقات يتمتع بقوة إرادة وقدرة علي الاختيار ، وعلية إن يطوي طريقه الفطري الطبيعي عن اختيار لأنه طريق سموه وكماله وهذا يعني انه قادر علي الانحراف عن الطريق القويم ، لقوله تعالي ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )الكهف