مناة و اللات و العزى



آلهة العرب القدماء:




لا يمكن إثبات وقت محدد لدخول عبادة الأوثان إلى عرب الجاهلية، فقد ألهوا الأوثان والأصنام والأنصاب وعبدوها، بسبب كونهم على اتصال دائم بمن حولهم، من شعوب العالم القديم، وكان لهذا الاتصال سبل عديدة: التجارة، وهجرة القبائل وإقامتها في أرض متاخمة للفرس والرومان، والبعثات اليهودية والمسيحية التي تغلغلت في جزيرة العرب لتدعو إلى دينها ونشر تعاليمها.



أماكن العبادة:


كان يصعب عليهم أن يتخذوا أمكنة ثابتة لإقامة عباداتهم ومن ثم كانت الفرائض عندهم بسيطة يقيمونها حيثما حلوا أما بتوجيه نظرهم إلى الأجرام الفلكية مع ذكر آلهتهم وأما ببعض أعمال تقوية من سجود ودعاء وتقادم لا سيما في بعض أطوار حياتهم المهمة كمولد بنيهم وتزويجهم ودفن موتاهم، وفي بعض الأمكنة العالية التي كانوا يدعونها " المشارف ". وكان إكرامهم لمواليد الطبيعة يوافق أيضًا حالتهم البدوية فيجدون منها أينما ساروا كالأنصاب، وبعض الأشجار، والطيور التي يعيفونها ويزجرونها على مقتضى حركاتها يمينًا أو شمالاً. وكان الأب في عائلته والشيخ في قبيلته يقومان مقام الكهنة ويتوليان إجراء المشاعر الدينية باسم ذويهم. بينما العرب الذين بلغوا منهم درجة راقية من التمدن كالحميريين والنبطيين ودول الحيرة وكندة وغسان فما كانوا ليكتفوا بهذه العبادة البسيطة، وإنما خصصوا لديانتهم أمكنة كانوا يفردونها لذلك إما بمضارب يزينونها بأصناف الجلود والأقمشة على شكل خيمة العهد في بني إسرائيل وإما بتشييد بعض الأبنية لهذه الغاية. وربما دعوا هذه الهياكل بالمساجد فإن لفظة المسجد قديمة، وردت في كتابات الأنباط المكتشفة حديثًا.


من مقاماتهم الدينية الكعبات وهي بيوت مربعة مرتفعة على شكل الكعاب، كانوا يفرزونها لديانتهم، منها ذو الكعبات في شمالي الجزيرة لبني أياد، ومنها كعبة نجران، والكعبة اليمانية حيث كان بنو خثعم يعبدون صنمهم المسمى ذا الخلصة مع غيره من الأصنام. وأشهر منها الكعبة الحجازية في مكة، رغم أنها قبل أن تتحول إلى مركز أصنام كانت أول بيت وضع للناس من أجل عبادة الله، إذ جاء في القرآن: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ } . ثم استقرت بعض القبائل العربية في مكة من العماليق وجرهم، وتصدع بناء الكعبة أكثر من مرة نتيجة لكثرة السيول والعوامل المؤثرة في البناء، وكان أفراد تلك القبيلتين يتولون إصلاحها، ورعايتها. وأول ذكرها في التاريخ ديودورس الصقلي في القرن الأول قبل المسيح . وكثر عدد هذه الهياكل في بعض الأمكنة حتى أن بلينيوس الطبيعي في القرن الثاني للمسيح عد منها 6. في مدينة سبأ حاضرة اليمن و65 في تمنة مدينة بني غطفان.

وكانوا يتخذون لهذه المقامات حرمًا أي يجعلون لها دائرة تحفظ حرمتها ولا يجوز لأحد انتهاكها، وكان حرم مكة أشهرها. وكذلك كان يخدم هذه المقامات رجال يدعونهم كهنة، أو كهانًا، ويريدون بهم الخبيرين بالأحوال الماضية والعرافين، وقد دعوهم سدنة أي خدمًا للمقدس، لقيامهم بحاجاته وحاجات زواره. ومنهم من تسمى باسم هذه الأماكن، كعبد الكعبة، وعبد الدار.
وكانوا يزينون تلك الهياكل بالتصاوير المنقوشة على جدرانها أو ينصبون فيها التماثيل للأصنام على هيئات شتى. منها حجارة منحوتة بيضاء أو سوداء ومنها صخور من العقيق كهبل، وبعض الحجارة الكريمة أو الصخور العادية كسعد معبود بني كنانة الذي فيه يقول الشاعر:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا سعد فلا نحن من سعد




آلهة العرب:

اللات: إلهة الخصوبة عند العرب قبل الإسلام وتمثل كذلك الأرض وأخواتها هن العزه ومنات وهؤلاء الأصنام هن الغرانيق العلى ومن عبدة اللات قبيلة بني ثقيف.

أصح ما روي عن اللات هو ما رواه البخاري في صحيحه: عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله: {اللات والعزى} كان اللات رجلا يلت سويق الحاج.

يعني يعجن العجين للحجاج وهي كلمة عربية يستخدمها أهل البادية. فـ "السويق" هو العجين، ولت السويق هو خلطه بالسمن وعجنه. فالظاهر أن "اللات" كان رجلًا محسنًا يعجن العجين للحجاج ويطعمهم إكرامًا لهم، فلما مات عظموه وعكفوا على قبره ثم جعلوه إلهًا. وقد قيل إن اسم هذا الرجل "صرمة بن غنم".

وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس: (كان يلت السويق على الحجر فلا يشرب منه أحد إلا سمن فعبدوه)


وروى سعيد بن منصور والفاكهي عن مجاهد: (كان اللات رجلا في الجاهلية وكان له غنم فكان يسلو من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والاقط فيجعل منه حيسا ويطعم من يمر من الناس فلما مات عبدوه وقالوا هو اللات. وكان يقرأ اللات مشددة).



المظهر والاعتقاد:

•عند العرب: كانت اللات عند العرب على شكل صخرة بيضاء مربعة منقوشة، ويقال أن تلك الصخرة كانت نيزكا هوى إلى الأرض أو حجرا بركانيا. وكانت مرتبطة بالسماء والشمس والصيف وكان العرب يقولون أن اللات والعزى بنات الله، وأن الله يتصيف باللات لبرد الطائف ويشتو بالعزى لحر تهامة.

•عند الأنباط: كانوا يسمونها "اللت" كما ورد في النصوص النبطية التي وجدت في تدمر وصلخد والحجر وكانت ربة البيت. وقد ورد أن ابن الملكة الزباء من زوجها أذينة كان اسمه وهب اللات. ويظن أنهم رمزوا لها بالزهرة السماوية.


•عند الآشوريين: عندما دخلت عبادة اللات إلى سوريا قرنوها بحدد إله المطر.



طقوس العبادة:


كان للّات بيتا مشيدا في الطائف تسير العرب إليه ويضاهي أهل الطائف به الكعبة، وكانوا يسمونه بيت الربة. وكان له كسوة وحَجَبَة.

وكان للات أيضا واديا يدعونه حَرَم الربة لا يُقطع شجره ولا يصاد حيوانه ومن دخله فهو آمن. و كانت العرب تعظم اللات ويتقربون إليها وكان.

تحت صخرة اللات يوجد حفرة حفظت فيها القرابين والهدايا والأموال التي قُدمت لها وكان العرب يسمون كل حفرة لوضع الهدايا والقرابين "الغبغب". وكانت الهدايا تختلف من حلي وثياب ونفائس أخرى، وكانت طريقة التقديم أن يعلقوا ما قدروا على تعليقه عليها، والباقي يعطونه للسدنة، وأبرز ما كان يعلق عليها القلائد والسيوف، وهي عادة عند العرب عامة مع جميع آلهتهم وليست عبادة مختصة باللات. و كانوا يحلفون باللات أيضا وغالبا ما يعطفون على العزى أثناء القسم فيقولون "و اللات والعزى".


هبل: هبل هو أحد المعبودات لدى العرب القدماء قبل الإسلام، وهو صنم على شكل إنسان وله ذراع مكسورة، قام العرب بإلحاق ذراع من ذهب بدل منها.كان موجودا داخل الكعبة وقد كان يطلق عليه لقب صاحب القداح.
ويقال إن هبل أيضا هو إله الشمس
.


مناة:


هي واحدة من الثالوث من أشهر أوثان الجاهلية. وقد اعتقد قسم من الجاهليين أنها ابنة العزى وأخت اللات. وقد كانت في نظر الجاهليين إلهة خيرة معطاءة مغيثة، إلا أن المفارقة العجيبة هي كونها إلهة المنايا والموت في نفس الوقت لأن اسمها مشتق من كلمة مَنِيَّة. وقد عرف مناة شعوب أخرى غير العرب:

عند البابليين: عرفوها باسم "ما مناتو" وبلهجة أخرى "مناتا Menata" .

عند العبرانيين: منا Mana التي جمعها مانوت Manot .



المظهر والاعتقاد:

كانت منصوبة على ساحل البحر بقرب موضع اسمه "وادي قديد"، ويستنتجون من ذلك أن لها صلة بالبحر والماء والريح والسحب، وقد كانوا يذبحون لها في أوقات القحط والجدب يستمطرون بذلك ويقدمون لها الشكر إذا هبت عليهم الرياح الرطبة. وكانوا أيضا يرونها إلهة خيّرة كريمة تنشر السعادة بإرسال السحائب الممطرة.


العبادة:


كان لمناة بيتا في موضع يقال له "المشلل"، وكان العرب يحجون إليه ويلبون بقولهم: "لبيك اللهم لبيك، لولا أن بكراً دونك، يَبُرُّكَ الناس ويهجرونك، وما زال حج عثج يأتونك، إنا على عدوائهم من دونك". وكانوا يديمون الذبح عندها حتى إن بعضهم قال إنها ما سُمّيت بمناة إلا لأن الدماء "تُمنى" عندها. و كانت مناة معظمة عند الأوس والخزرج بصفة خاصة وكل من كان مواليا لهاتين القبيلتين من الأزد وبني غسان مثل قريش وهذيل وخزاعة، فكانوا (أي الأوس والخزرج) إذا قضوا حجهم وأتموا جميع المناسك لا يحلقون رؤوسهم حتى يصلون عندها، فيحلقون رؤوسهم ويقيمون عندها وبذلك يرون أن حجهم قد تم. و قد قال الشاعر: إني حلفت يمين صدق برة بمناة عند محل آل الخزرج و المحل هو المكان الذي يقفون فيه أمام مناة ليحلفون عندها. و قد تسمى بعض عرب الجاهلية بأسماء تعبدوا فيها لمناة مثل: "سعد مناة" و"عبد مناة" وأوس مناة". و كانت سدانة مناة في الغطاريف من الأزد، وكانوا في غناء وثراء فاحش، وذلك بسبب الكم الكبير من الهدايا والنذور والقرابين التي كانت تهدى لمناة.


ما بعد الإسلام:

لما فتح النبي محمد مكة، أرسل علياً بن أبي طالب إلى بيت مناة، فهدمه وأخذ ما فيه من الحلي والهدايا وكان من جملة ما أخذ سيفين كان الملك الغساني الحارث بن أبي شمر قد أهداهما للإلهة مناة، والسيفين هما "مخذم" و"رسوب". فلما رجع إلى النبي وأخبره بما وجده عندها وهبه النبي أحد السيفين ويقال إن ذو الفقار هو ذلك السيف. و يذكر أن هذين السيفين لهما ذكر في شعر علقمة عندما قال: مظاهر سربالي حديد عليهما عقيلا سيوف مخذم ورسوبو هناك قول آخر هو أن علي بن أبي طالب وجد هذين السيفين عند الإله الفَلْس، إله طيء. و قد ورد ذكر مناة مع اللات والعزى في القرآن الكريم مهاجما إياها بالخرافات في سورة النجم: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى(23)﴾


العزى : هي من أعظم الإلهات التي عبدها أهل مكة في الجزيرة العربية قبل الإسلام. وقد كانت طرفا في الثالوث الإلهي الذي يجمعها مع اللات ومناة، إلا أنهم كانوا يفضلونها هي وتأتي بعدها في المرتبة الثانية اللات ثم مناة. وكانوا يعتقدون أيضا أنها من بنات الله.


المظهر والاعتقاد:


أورد الطبري روايات تفيد بأن العرب كانوا يقدسون أجمة شجيرات على أنها تمثلها، وفي روايات أخرى ورد أنها حجر. والغالب أنه كان للعزى تمثالا على شكل امرأة. ويظهر من اسمها الذي هو مشتق من العزة أنها كانت إلهة قوية عزيزة تعز من عبدها، وكانوا يرونها أيضًا شديدة العقاب والانتقام ممن يعاديها.


العبادة:

كانت قريش تعظم العزى وتخصها بالزيارة والهدية دون غيرها من الآلهة، وكانوا يضعون الهدايا في حفرة يسمونها "الغبغب" أمام تمثال العزى في معبدها. وكان للعزى أيضا منحرا داخل البُسّ تنحر عليه القرابين. وكانت قريش إذا فرغت من حجها لا يحلون حتى يأتون العزى ويطوفون بها ويعكفون عندها يوما كاملا.


و قد عرف عبادة العزى أيضا بعض الشعوب من اليمانيين وكانوا يسمونها "عزيان"، وكان الأنباط وآل لخم ملوك الحيرة يعبدونها أيضا. إلا أن عبادة آل لخم للعزى كانت مختلفة و"متطرفة" بعض الشيء، فقد كانوا يتقربون إليها بالذبائح البشرية. فيقال أن المنذر ملك الحيرة قد تقرب للعزى بذبح ابن الملك الغساني الحارث. وقد ورد في تواريخ السريان أن المنذر بن ماء السماء قد ضحى بأربعمائة راهبة مسيحية للعزى. وذكر "إسحاق الأنطاكي" أن العرب كانوا يقدمون الأولاد والبنات قرابينًا للعزى فينحرونهم لها.


نهاية عبادة العزى:

كانت نهاية عبادة العزى في السنة الثامنة للهجرة في الخامس والعشرين من شهر رمضان عندما بعث النبي محمد خالد بن الوليد في ثلاثين فارسا من أصحابه ليهدم البُسّ ويدمر العزى ويقضي على عبادتها.




ود: (في الخط المسند ) هو إله محبة لدى العرب وأحد الآلهة الخمسة الذي وجد تماثيلهم عمرو بن لحيّ الخزاعي مدفونة في ساحل البحر وأدخل عبادتها للجزيرة العربية. كان من الآلهة المهمين عند العرب عموما ويرجح أن عبادته ترجع لزمن النبي نوح.



التسمية:

يظهر من اسمه أنه يحمل معنى المودة والمحبة، وله أسامٍ أخرى مثل أدد وأَدّ (أَدّ الرجل أي حنّ إلى الشيء),

و من أسمائه أيضا "كهلن" أي الكهل أو القديم، ويظن أن قبائل عرب الجنوب التي تنتسب لكهل إنما تنتسب للإله ود وتزعم أنها من نسله .



المظهر والاعتقاد:

صور عابدو ود إلههم في التماثيل التي صنعت له كهيئة رجل كأعظم ما يكون من الرجال عليه حلة من رداء وإزار مُنَمْنَمَيْن (أي ملمومين مزمومين كملابس الرومان) متقلد سيفا ومتنكب قوسا وأمامه حربة فيها لواء وجعبة أسهم، في هيئة أشبه بالملوك - نظرا إلى الحلة - أو المحاربين - نظرا للسيف واللواء والقوس والسهام -، ويجوز القول هنا أن ودا كان أيضا إلها للحرب.

و كان ود إلها للمحبة لدى الثموديين والسبئيين والاسماعيليين والتدمريين، وكانت السلالة الحاكمة في مملكة معين تعتبر نفسها من سلالة ود إله المحبة وكانت تقدمه رئيسا على جميع الآلهة. وجعلوا القمر والهلال رمزا للإله ود.



العبادة:


لم يكن عرب الحجاز يعرفون وداً في بادئ الأمر إلا حينما أخرجه عمرو بن لحي الخزاعي، وقصة العثور على ود هي أن عمرو بن لحيّ كان له رئيا من الجن فقال له‏:‏ "عجل بالمسير والظعن من تهامة بالسعد والسلامة"‏ فقال عمرو‏:‏ "جير ولا إقامة"‏ فقال له الرئي: "إيت ضف جده، تجد فيها أصناما معدة، فأوردها تهامة، ولا تهاب، ثم ادع العرب إلى عبادتها تجاب‏" ففعل ذلك عمرو وأتى شط جدة فاستخرج التماثيل وحملها معه حتى وصل تهامة‏، ثم إنه خرج للحج في تلك السنة ودعا العرب إلى عبادتها. فجاء رجل يقال له عوف بن عذرة بن زيد اللات إلى عمرو وطلب منه تمثال ود، فاحتمله وسار به إلى دومة الجندل ووضعه هناك وبنى له معبدا وجعل ابنه عامراً الذي يقال له عامر الأجدار سادنا لود، وسمى عوف أحد أبناءه بـ"عبد ود".
و قد كانوا يقدمون اللبن لود، لقول رجل من سلالة عامر الأجدار اسمه مالك بن حارثة الأجداري أن أباه حارثة كان يعطيه اللبن ويقول له: "اذهب واسقِ إلهك"، والظاهر أنهم كانوا يصبون اللبن على التمثال.
و كان ممن عبد ود من القبائل: بني تميم وطيء والخزرج وهذيل ولخم.




ما بعد الإسلام:


حارب الإسلام كل العبادات الشركية التي كانت منتشرة في جزيرة العرب آنذاك ودعا إلى التوحيد وعبادة الله إلها واحدا ليس له شريك. وقد ذم القرآن عبدة ود ووصفهم بالضالين في سورة نوح: {وَ قَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَ لَا سُوَاعاً وَ لَا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً (23) وَ قَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً ۖ وَ لَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً (24)}.


سُوَاع:

إلهة (أنثى) قديمة من آلهة الجزيرة العربية عبدها عرب الجاهلية وتمتد جذور عبادتها التاريخية إلى قوم النبي نوح. اسمها يعني "المذي".

المظهر والاعتقاد:

كان لسواع تمثالا على شكل امرأة كأعظم ما تكون من النساء.


العبادة :

كانت بداية عبادة العرب لسواع أن عمرو بن لحيّ نبش عن تمثالها في ساحل جدة فوجد تمثالها مع الآلهة الأخرى ود ويعوق ويغوث ونسر. فلما خرج عمرو بن لحي للحج أخذ معه التماثيل - كما أمره رئيسه من الجن - ودعا العرب لعبادتها وأعطى التماثيل لقبائل مختلفة ليعبدوها. فكانت سواع من نصيب قبيلة هذيل التي خصتها بالعبادة وبنت لها معبدا بموضع يقال له رهاط من أرض ينبع. وكان رجل من هذيل يقال له الحارث بن تميم هو الذي أخذ سواعًا وأتى بها إلى قومه. وقيل أن بني كنانة ومزينة وعمرو بن قيس بن عيلان عبدوها أيضا مع هذيل. وكان سدنتها بنو صاهلة من هذيل. وفي رواية ًأن عبدة سواع هم آل ذي الكلاع.
والجدير بالذكر أن سواع لم تكن من الآلهة الكبيرة عند ظهور الإسلام لأن اسمها لم يرد في الأعلام المركبة كعبد سواع أو أمة سواع، ولعل السبب أن عبادة سواع انحسرت لأن هذيل لم تكن من القبائل ذات الصولة والجولة في تلك الفترة فلم يتبعها أحد في عبادة إلهتهم، بعكس قريش التي بسطت نفوذها على باقي القبائل حتى إن إلهتهم العزى صارت من أهم آلهة الجاهلية.



يغوث :

هو أحد الآلهة الخمسة الذين وجدهم عمرو بن لحيّ مدفونين في ساحل جده فاستخرجهم ونشر عبادتهم بين العرب.



المظهر والاعتقاد:

كان يعوق على صورة فرس مصنوعا من الصفر والرصاص. واسمه مشتق من الفعل "عاق" أي ثبطه، مما يوحي بأنه كان إلها "معيقا".


العبادة:

الأصل في عبادة يعوق أن عمرو بن لحي الخزاعي استخرج تمثاله من شط جده مع تماثيل أربعة آلهة أخرى هم: ود وسواع ويغوث ونسر ووزع تلك التماثيل على القبائل العربية في موسم الحج. فجاء مالك بن مرثد الهمداني فأعطاه عمرو تمثال يعوق فنصبه في موضع خيوان بالقرب من صنعاء. فعبدته قبيلة همدان ومن والاها من أهل اليمن.
و تقول رواية أخرى أوردها الطبري أن عبادة يعوق كانت في كهلان توارثتها الأجيال إلى أن استقرت عبادته في قبيلة همدان.



يذكر أن عبادة يعوق لم تكن منتشرة بين العرب عامة ويظهر أنها كانت محصورة على قبيلة همدان - التي عبدت يغوث بشكل رئيسي .


و يعلل المؤرخون ذلك بأن همدان قد اختلطت بحمير - التي كانت يهودية - فتركوا الوثنية واعتنقوا اليهودية، وبذلك يستنتجون أن عبادته قد ماتت قبل الإسلام .


بعد الإسلام:


بعد انتشار الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية ترك العرب الوثنية وأسلموا، ولم تذكر كتب التاريخ كيفية القضاء التام على عبادة يعوق ولا عن هدم معبده أو كسر تمثاله. وقد جاء ذكر يعوق في القرآن في سورة نوح:﴿وَ قَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُوَاعًا وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْرًا﴾.