هذه الملاحظات منها أخطاء تمس العقيدة، ومنها أخطاء تخل ببعض واجبات الحج، ومنها أخطاء يترتَّب عليها الحصول على المشقة العظيمة للحاج، وسأفصل القول فيها بمشيئة الله حسب مناسك الحج وأيامه، فتقول:

أولاً: ملاحظات يقع فيها من عزم على الحج قبل السفر وأثناءه:
1- عدم التزويد بدعوى التوكُّل على الله.

2- أن يقصد الحاج بحجه التكسُّب أو الرياء والسمعة والمفاخرة.


3- اختيار الرفقة السيئة الذين يبعدونه عن الله ويشغلون الوقت بالمعاصي، وسماع آلات اللهو والسب والشتم.


4- سفر المرأة بغير محرم، وهذا يحصل كثيرًا مع الخادمات اللواتي يأتينَ دون محرم، وكل هذا خطأ ظاهر.


5- التهاون في أداء الصلاة في وقتها بحجة الإجهاد والتعب، وهذا من تلبيس الشيطان على المسلم، وقد شرع الجمع والقصر تخفيفًا على المسافر لكن أن تؤخر عن وقت الأولى، والثانية، فليس هناك ما يبرر هذا إطلاقًا.


6- اصطحاب بعض الآلات واستخدامها في أمور محرمة، كالآلات اللهو، وآلات التصوير، فهذه الآلات إذا استخدمت في أمر محرَّم منع منها شرعًا، وما أكثر ما يقع الحجاج في هذا الأمر.


7- بعض النساء يتساهلن بالتجول في الأسواق خارج بلدهنَّ، وكأن الممنوع في بلدهنَّ مباح في غيره، وعلى المرأة المسلمة أن تعرف الممنوع شرعًا، فتبتعد عنه في بلدها وفي غيره فوق أي أرض وتحت أي سماء.


8- بعض الحجاج يُزعج رفقته بالإسراع الشديد، وعدم الوقوف للراحة، فيتأذَّى مَن معه، وخصوصًا النساء، ويحصل للجميع من الحرج والعنت ما لله به عليم.


ثانيًا: ملاحظات يقع فيها الحاج قبيل الإحرام وبعده:
1- بعض الحجاج الذين يسافرون عن طريق الجو أو البحر يتساهلون في عقد نيَّة الإحرام، وقد يؤخِّرونه عن الميقات المحدد لهم.

والذي ينبغي لهؤلاء الاستعداد للإحرام من بلدانهم ولبس ثياب الإحرام قبل صعود الطائرة أو بعده مباشرة، ثم نية الإحرام ولو قبل الميقات؛ لأن هذا أحوط في حقهم وأسلم لهم؛ لئلا يؤخروه عن ميقاته الشرعي.


2- بعض الحجاج إذا لبس ثياب الإحرام، طلب من غيره أخذ صورة (فوتوغرافية) له، وأحيانًا له مع عائلته، وهذا خطأ ظاهر.


3- بعض النساء تعتقد أن للإحرام لباسًا خاصًّا، كالأخضر أو الأسود أو الأبيض، وهذا غير صحيح، بل المرأة تحرم بما شاءت من الثياب، لكن تجتنب الثياب الجميلة والتي فيها تشبه بالرجال.


4- بعض الحجاج يظن أن أي لباس لم يلبسه حال النية لا يسوغ له أن يلبسه بعد الإحرام، كالحذاء والساعة والنظارة، وغير ذلك مما يحتاجونه، ولا يمنع منه المحرم، والصحيح أنه لا حرج في ذلك؛ لبسه عند النية أو لم يلبسه، ذكره أو لم يذكره، بل ذلك مرهون بحاجته له وعدم كونه ممنوعًا حال الإحرام.


5- بعض الحجاج يظن الاضطباع المسنون في طواف القدوم - أول طواف بالبيت للحاج أو المعتمر - مشروعًا من حين الإحرام، وهذا خطأ؛ فالاضطباع لا يُسَنُّ إلا حال الطواف فقط، أما قبل ذلك وبعده فلا يسن.


6- يعتقد بعض الحجاج أن لباس الإحرام لا يجوز تغييره، حتى إنه أحيانًا يتسخ أو يتمزق، وهذا غلط ظاهر، بل لباس الإحرام يجوز تغييره وخلعه وغسله متى شاء المحرم وكيف شاء.


7- بعض النساء تضع حائلاً بين الغطاء ووجهها، وهذا تكلُّف لا أصل له في الشرع، بل المرأة تغطي وجهها عند الرجال الأجانب، ولو مس الخمار وجهها، وإذا لم يكن عندها رجال أجانب كشفت وجهها، وهذا ما فعلته أمهات المؤمنين ونساء الصحابة بتوجيه من الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم.


8- بعض النساء إذا مرَّت بالميقات وكانت حائضًا أو نُفَساء، لم تُحرم ظنًّا منها أن الإحرام تُشترط له الطهارة، وهذا خطأ ظاهر؛ فالمرأة الحائض والنفساء تعمل كما يعمل غيرها في الميقات؛ من اغتسال ونظافة، ونيَّة للإحرام، وهذا ما فعلته أسماء بنت عميس بتوجيه من الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين نفست في الميقات.


9- بعض الحجاج يظن أن الإحرام يبدأ من حين لبس ملابس الإحرام، فيمتنع عن محظورات الإحرام بمجرد ملابس الإحرام، والصحيح أن الإحرام يبدأ بنية الإحرام؛ سواء خلعت ملابس الإحرام أو تأخَّرت عنها.


10- بعض الحجاج يستمر في لهوه وعبثه ومزاحه بعد إحرامه بالحج، فيسوي بين حاله قبل الإحرام وحاله بعده، وهذا من الحرمان، نسأل الله العفو والعافية.


11- بعض الحجاج الذين يكون معهم أطفال ويلبون عنهم إذا أحسوا بالتعب، فسخوا النيَّة ولم يمكنوهم من إتمام الحج، وهذا خطأ؛ فالصغير يتمُّ النُّسك إذا دخل فيه بنيَّة منه أو من وَلِيِّه، وعلى وَلِيِّه أن يمكنه من إتمام النُّسك ويهيئ ذلك له.


12- من الأخطاء المتكررة من بعض النساء لبس القُفَّازين بعد الإحرام؛ حرصًا على الستر، وهذا خطأ؛ فالمرأة لا تلبس القفازين حال الإحرام، لكن تستر يديها بثيابها عند الرجال الأجانب، كما تستر وجهها.


13- من الأخطاء المتكررة أن بعض المسافرين عن طريق الجو ينسون الإحرام في حقائبهم، ثم لا يحسنون التصرف وهم في الطائرة قبل الميقات، فيؤخرون الإحرام إلى جدة وهذا خطأ، والذي ينبغي أن يخلعوا ثيابهم ويبقوا السروال مثلاً، ويجعلوا الغترة كالرداء، حتى ينزلوا بالمطار، ثم يلبسوا ثياب الإحرام، ويخلعوا ما عليهم من ملابس، وبقاء السروال أو غيره في هذه الحالة ضرورة يعفي عنه - إن شاء الله.


ثالثًا: ملاحظات يقع فيها الحاج عند الطواف:
1- أكثر الحجاج في هذه الأوقات يلتزمون أدعية خاصة بالطواف؛ سواء كانوا فُرادى أم جماعات، وهذا خطأ ظاهر، وليس للطواف دعاء خاص، بل يدعو المسلم بما أحب من خيري الدنيا والآخرة، ويتلو القرآن ويذكر الله حسب استطاعته.

2- بعض الحجاج يقبل الركن اليماني وهذا خطأ؛ فالركن اليماني يستلم استلامًا فقط، ولا يقبل ولا يُشار إليه إن لم يتيسَّر استلامه.


3- بعض الحجاج يؤذي إخوانه حال طوافه بمزاحمتهم، وخصوصًا عند الحجر الأسود، وتجد هؤلاء يحرصون على تحقيق سنة، فيرتكبون في سبيل ذلك أمرًا محرَّمًا وهو أذيَّة الآخرين، ومَن طاف وقت الزحام شاهد هذا كثيرًا.


4- بعض الحجاج حال الزحام يدخلون وسط حجر إسماعيل من جهته الشرقية، ويخرجون من جهته الغربية وهؤلاء أخلوا بطوافهم؛ لأن الحجر من الكعبة، فالطواف لا بد أن يكون من ورائه.


5- بعض الحجاج يظن أنه لا يتم حجه إلا إذا بدأه بالنيَّة جهرًا وهذا خطأ؛ بل يكفي أن يأتي إلى الحجر ويبدأ منه بتقبيله أو استلامه أو الإشارة إليه، وهذا كافٍ عن الجهر بالنيَّة.


6- بعض الحجاج يتمسَّح بأستار الكعبة ومقام إبراهيم وحجر إسماعيل وهذا خطأ؛ لأنه لم يَرِدْ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن صحابته، وهو مخالفة شرعية ظاهرة.


7- بعض الحجاج يستمر مضطبعًا بعد الطواف ويصلي ركعتين وهو مضطبع وهذا خطأ، بل عليه أن يستر كتفيه بعد نهاية طوافه، وقبل صلاة الركعتين.


8- بعض الحجاج يظن أن ركعتي الطواف لا بد أن تكونا خلف المقام وهذا غير صحيح، بل الركعتان تجزئان خلف المقام، وفي أي مكان من المسجد؛ فينبغي للحاج ألا يؤذي الناس ويزاحمهم ليؤدِّي هاتين الركعتين خلف المقام؛ بل يصليهما في أي مكان من المسجد.


9- من أكثر الملاحظات وأشدها خطرًا على المسلمين تبرُّج النساء بجوار الكعبة المشرَّفة، وفي سائر مناسك الحج؛ حيث يأتيْنَ إلى هذه العبادة - الطواف - وهنَّ في كامل زينتهنَّ؛ من لباس وطيب، بل وهنَّ متبرِّجات، وهذا منكر عظيم ينبغي أن تنتبه له الأخوات المسلمات، ويَحْرِصْنَ على الأدب والحشمة والعفاف؛ فالله الذي أمرهنَّ بالطواف حول بيته المعظَّم أمرهنَّ بالستر والعفاف، وعدم التبرُّج وإبداء الزينة، فكيف يُطِعْنَه في أمرٍ ويَعْصِينَه في أمر آخرَ؟


رابعًا: ملاحظات يقع فيها الحاج عند السعي:
1- بعض الحجاج يظن أنه لا يتم سعيه إلا بصعود الصفا حتى أعلاه، والمروة حتى أعلاها، والصحيح أنه يكفي أن يرتفع قليلاً لو لم يبلغ آخرهما، ويلصق جسمه بالجبلين.

2- بعض الحجاج يصلي ركعتين بعد تمام السعي، كما فعل بعد تمام الطواف، وهذا لا أصل له في الشرع؛ إذ ليس هناك ركعتان خاصتان بالسعي كالطواف.


3- بعض الحجاج يستمر في سعيه بعد إقامة الصلاة وهذا خطأ، فإذا أقيمت الفريضة، لزمه قطع السعي وأداء الصلاة، ثم مواصلة السعي بعد الصلاة.


4- بعض الحجاج يظن أنه لا بد من الاضطباع في السعي كالطواف وهذا خطأ؛ فالاضطباع خاص بطواف القدوم فقط.


5- بعض الحجاج يظن أن الطهارة شرط في السعي كالطواف وهذا غير صحيح، فالسعي لا تُشترط له الطهارة، لكن لو تطهَّر وأراد السعي، لكان أفضل وأكمل.


6- بعض الحجاج يظن أن السعي لا يجوز قطعه وهذا خطأ؛ فالحاج يسوغ له أن يقطعَ السعي للحاجة، كالتعب والتأكد من الرفقة، وشرب الماء، كما أنه يجب قطعه إذا أقيمت الفريضة ويكمل ما قطعة لفريضة أو حاجة من مكانه الذي توقَّف فيه.


7- بعض الحجاج يظن أن السعي لا يصح إلا بعد الطواف مباشرة وهذا غير مسلَّم به؛ فالسعي صحيح بعد الطواف مباشرة أو بعده بزمن كثير، لكن إن خلف السعي الطواف، فهذا أفضل وأكمل.


8- بعض الحجاج يكرر السعي اجتهادًا منه ورغبة في الخير وهذا غلط ظاهر، فالسعي لا يسوغ تكراره؛ لأنه عبادة خاصة في مناسبة خاصة، وليس كالطواف، فمن سعى لغير الحج والعمرة، فلا يزيد على أنه أراح جسمه بالمشي، لكن إن نوى بهذا السعي العبادة، فقد أخطأ وتعدَّى.


9- بعض الحجاج يظن أن السعي أربعة عشر شوطًا، بحيث يبدأ بالصفا ثم يعود إليه بعد مرور بالمروة، ويعتبر هذا شوطًا، وهذا غلط فاحش؛ فالسعي سبعة أشواط ذهابه شوط وعودته من المروة للصفا شوط، بحيث يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة.


خامسًا: ملاحظات يقع فيها الحاج عند الحلق أو التقصير:
1- بعض الحجاج يحلق بعض الرأس، كمقدمته أو مؤخرته، أو نصفه أو ربعه، ويترك الباقي للعُمرة بعد الحج، أو للحج بعد العمرة، أو يقصِّر من بعض الشعر، وهذا غلط بَيِّنٌ؛ فالحلق أو التقصير لا بد فيه من التعميم، فيحلق رأسه كله أو يقصره كله.

2- بعض الحجاج يلتزم بأدعية غير ثابتة قبل وأثناء حلق رأسه، وهذا لا أصل له في الشرع.
3- بعض الحجاج يقصر في المسعى نفسه وهذا من سوء الأدب، فهذه الأماكن ينبغي أن يساعد الحجاج على نظافتها ويتعاونوا في دفع الأذى عنها، ولا شك في أن تقصير الشعر داخل المسعى إيذاء للآخرين بتطاير الشعر عليهم، كما أن فيه إرهاقًا للعاملين في النظافة دون أدنى حاجة.


4- بعض الحجاج ممن سيضحي لنفسه أو لغيره يظن أنه لا يسوغ له أن يحلق حتى تُذبح أضحيته، وهذا خطأ ظاهر؛ فالحلق بعد السعي نُسك واجب لا يترك من أجْلِ الأُضحية، وهو لا يُعارض وجوب ترك الشعر لمن أراد أن يُضحي؛ لأن هذا خاص بمن لم يجب في حلقه الحلق.


سادسًا: ملاحظات يقع فيها الحاج في عرفة:
1- بعض الحجاج لا يتثبَّت من وقوفه بعرفة؛ حيثُ يكون خارج حدودها، ورغم ما يُبْذل من توعية الحجاج وإرشادهم، إلا أن بعضهم لا يكترث بذلك، ويضيِّع هذا الركن العظيم بوقوفه خارج أميال عرفة.

2- بعض الحجاج يظن أنه لا يتم وقوفه بعرفة، إلا إذا صعد الجبل أو على الأقل جعله بينه وبين البيت وهذا غلط بَيِّنٌ؛ فالوقوف يكفي فيه أن يكون داخل حدود عرفة ثم يستحب أن يستقبل القبلة حال الوقوف والدعاء.


3- من أغرب من ملاحظات على بعض الحجاج أن هناك من يظنُّ منهم أنه لا بد أن يستمر الحاج واقفًا بعَرَفة، ولا يسوغ له الجلوس وهذا غلط فاحش؛ فالوقوف بعرفة معناه الذهاب إلى عرفة والجلوس فيها، والدعاء من بعد زوال شمس يوم التاسع حتى تغرب الشمس.


4- من الأخطاء المتكررة من كثير من الحجاج انصرافهم قبل غروب الشمس من يوم عرفة، رغم ما يُبذل من جهود مكررة في توعيتهم وإرشادهم.


5- كثير من الحجاج يُسرع في انصرافه من عرفة وينشغل عن التلبية وكل همُّه أن يصل إلى المزدلفة بأسرع وقت، والأحرى به أن يمشي وعليه السكينة والوقار، يُسرع في مكان السرعة، ويطمئن في موضع الزحام، وشعاره في كل ذلك التلبية.


6- بعض الحجاج يؤذي الآخرين حال انصرافه بالأبواق المزعجة والسرعة العظيمة، فيُعرِّض نفسه ومَن معه ومَن حوله للتَّهْلُكة.

سابعًا: ملاحظات يقع فيها الحاج في مزدلفة:
1- كثير من الحجاج يبدأ بلقط الحَصَى في مزدلفة قبل الصلاة وهذا خلاف السنة؛ لأن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة، ينبغي أن يبدأ بالصلاة فيجمع ويقصر؛ المغرب والعِشاء.


2- بعض الحجاج من حرصه على تطبيق السُنة في البدء بالصلاة لا يتثبَّت من القبلة؛ ولذا يُصلِّي غلى غير القبلة مع سهولة التثبت والتحرِّي.


3- بعض الحجاج يُصلي الفجر قبل وقتها وهذا أمر محرَّم؛ فكم شاهدنا مَن يُصلي قبل وقت صلاة الفجر بساعة أو أكثر.


4- بعض الحجاج لا يتحرَّى في حدود مزدلفة، فنجده يجلس قبلها أو يستمر حتى يتجاوزها إلى وادي محسر وهذا خطأ؛ فبإمكان الحاج أن يسأل قبل أن يجلس ويتثبت من كونه داخل مزدلفة.


5- بعض الحجاج المرخص لهم بالدفع من مزدلفة بعد منتصف الليل ينصرفون قبل منتصف الليل وهذا خطأ؛ فالرخصة في حقِّهم بعد منتصف الليل ومَغِيب القمر.


ثامنًا: ملاحظات يقع فيها الحاج عند رمي الجمرات:
1- بعض الحجاج يرمي الجمرات قبل وقتها؛ فيوم العيد يرمي جمرة العقبة قبل منتصف الليل – هذا إن كان من الضَّعَفَة - وجمرات أيام التشريق يرميها قبل الزوال وهذا خطأ ظاهر؛ لأن العبادة إذا وقعت قبل وقتها لم تصحْ.


2- الإخلال بالترتيب بين الجمرات، فمن الحجاج من يبدأ من الكبرى فالوسطى فالصغرى، ومنهم من يرمي الوسطى ثم الصغرى ثم الكبرى وهذا خطأ؛ فالترتيب المشروع أن يبدأ بالصغرى، فالوسطى، فالكبرى.


3- بعض الحجاج يرمي من بُعد، فلا يقع الحصى بالحوض، فمن رمى في غير محل رمي، لم يؤدِ العبادة على وجهها الصحيح.


4- بعض الحجاج يخل بالترتيب الزمني للجمرات، فيرمي عن اليوم الثاني عشر في اليوم الحادي عشر، أو يؤخِّر رمي الجمرات، فيرمي عن اليوم الحادي عشر والثاني عشر في موقف واحد، وغير ذلك مما يقع فيه بعض الحجاج.


5- بعض الحجاج عند رميهم للجمرات يصدرون أصواتًا عالية وسبًّا وشتمًا؛ ظنًّا منهم أنهم يتعاملون مع الشيطان وهذا غلط فاحش، فالجمرات ينبغي أن تُرمى بسكينة ووقار، واستمرار في الذكر والدعاء، فقد جُعل رمي الجمار لإقامة ذكر الله.


6- رمي الجمار بغير الحصى المشروع كرميها بالأحذية والحصى الكبار، وكأن المسألة معركة فيها منتصر ومهزوم، ويعلم الله كم آذى هؤلاء عباد الله، وكم روّعوا من الحجاج وأخافوا من النساء والأطفال.


7- ما يفعله بعض الحجاج من السير بعنف للجمرات، وإيذاء إخوانهم في الطريق، ثم استعمال عضلاتهم عند المرمى ومزاحمة الآخرين، فيؤذون باللسان والجسم؛ بل قد يقتلون والويل كل الويل لهؤلاء، الذين يقتربون إلى الله بأذيَّة عباد الله، وكم شاهدنا وسمعنا من مآسٍ حول الجمرات بسبب بُعد الناس عن فَهْم روح التشريع وأسراره، ألا فلينتبه المسلمون في كل مكان لمثل هذا الأمر، ويحسبوا له حسابه، ويتقرَّبوا إلى الله بما شرع، دون مخالفة أو اعتداء.


8- بعض الحجاج يظن أن حصى الجمرات كلها يلتقط من مزدلفة، فينشغلون حال وصولهم مزدلفة بلقط الحصى، ويأخذون ما يزيد على الخمسين أو السبعين، والسنة لقط حصى جمرة العقبة فقط من مزدلفة، وأما حصى الجمرات الأخرى فمن مِنى.


9- بعض الحجاج يظن أن المشروع هو رمي العمود، فيحرص على ضربه بالحصى، ولا يلتفت لسقوط الحصاة في الحوض أولاً وهذا خطأ؛ فالعمود وضع علامة على المرمى فقط، فالمشروع رمي الحصى في الحوض، فإن ضرب الشاخص وسقطت في الحوض، فهذا حسن، وإلا فالمطلوب إسقاطها في الحوض لا ضرب العمود.


10- بعض الحجاج يجمع الحصى وقبل الرمي ينظفها ويغسلها وهذا غير مشروع؛ فالحصى يلتقط ويُرْمى به دون غسل؛ لأن هذا من الزيادة في العبادة المشروعة.

11- بعض الحجاج يقول مع كل حصاه: بسم الله أو يسبح ويهلل بدل التكبير وهذا خطأ؛ فالمشروع التكبير بأن يقول مع كل حصاة: الله أكبر.

12- بعض الحجاج أهمل سُنة الدعاء بعد الجمرة الصغرى والوسطى، وينبغي أن يحرص الحاج على هذه السنة ويعمل بها، لأن العمل بالسنن عند اندثارها آكد، وخصوصًا ممن هم محل القدوة والتوجيه.


13- يتساهل كثير من الحجاج بالتوكيل في رمي الجمرات، فهناك أشخاص قادرون أصحاء لا يمنعهم من الرمي، إلا العجز والكسل، فيوكلون غيرهم وهذا غلط بيِّنٌ؛ فالتوكيل للعاجز فقط.


تاسعًا: ملاحظات يقع فيها الحاج عند نحر هديه:
1- كثيرٌ من الحجاج يذبح هَدْيًا غير مُجزئ، فلا يتثبَّت من سَن الهَدي ومدى إجزائه من عدمه؛ بل رأينا مَن يحرص على الصغيرة جدًّا وهذا من الجهل الفاحش؛ فينبغي للحاج أن يتثبَّت من السنِّ، وإذا كان يجهل، فليسأل أهل الخبرة في هذا الشأن.


2- كثير من الحجاج يذبح هَدْيه ويتركه لا يأكل منه ولا يتصدق، ولا يهدي وهذا تساهل في غير محله؛ فعلى الحاج أن يعتني بهَدْيه، ويأكل منه ويوزع باقِيه، وإذا لم يستطع ذلك فليوكِّل غيره ممن يحسنون تولي هذا الأمر من الأفراد والهيئات الموثوقة.


3- بعض الحجاج لا يختار الجيد من الهَدِي، فتجده يحرص على ما قيمته أرخص، بغض النظر عن جودته، ووفره لَحْمه وسلامته من العاهات.


وهنا أهمس في أذن باعة الماشية، فعليهم أن يتقوا الله في حجاج بيت الله في حجاج بيت الله، ولا يجلبوا في يوم العيد وأيام التشريق إلا ما يجزئ، ويكون سليمًا من الأمراض والعاهات، وإن أحضروا معهم صغيرًا أو مريضًا، فليبينوا عِلَّته للآخرين؛ لأن هذا من الصدق في البيع والشراء، وخلافه من الغش المحرَّم شَرَعًا.


عاشرًا: ملاحظات يقع فيها الحاج في المبيت بمنى:
1- بعض الحجاج يتساهل في المبيت بِمِنى، فتجده يجلس في مكة أو مسكنه حول الحرم إلى آخر الليل، ثم يخرج إلى منى، وقد لا يصلها إلا مع الفجر أو العكس، بحيث يذهب إلى منى ويجس فيها ساعتين أو ثلاث، ثم ينزل إلى الحرم أو إلى بيته وفي نيِّته ألا يعود إلى منى وهذا كله خطأ ظاهر؛ فالمبيت بمنى يعني جلوسه أكثر الليل، إلا إن كان صاحب حاجة ضرورية أو كان معذورًا بمرضه، أو ذهب من منى للطواف، وفي نيِّته الرجوع، لكنه لم يستطع لأمر خارج عن إرادته أو غير ذلك من الأعذار الشرعية.


2- بعض الحجاج لا يتثبَّت من حدود منى، فتجدهم يجلسون خارجها في وادي محسر أو في العزيزية أو في مكة، وفي ظنِّهم أنهم بمنى، والذي ينبغي عليهم أن يتثبَّتوا ويسألوا هل هذا المكان من منى، أم لا قبل مبيتهم فيه؟


3- بعض الحجاج يأتي بسيارته ليلة الحادي عشر، ويسير في أحد شوارع منى، ويلتفت يمنة ويسرة، فلا يجد مكانًا، ثم يخرج ويبيت خارج منى بحجة أنه لم يجد مكانًا وهذا تساهل كبير؛ لأن الواجب على هؤلاء أن يبحثوا عن مكان، ويبذلوا الأسباب ومن لاحظ أحوال الناس في هذا المقام، رأى التساهل منهم في كثير من الأمور.


الحادي عشر: ملاحظات يقع فيها الحاج في طواف الوداع:
1- بعض الحجاج فَهِم التعجُّل بأنه السفر في يوم الحادي عشر، فأخذوا يوكّلون في الرمي عن اليوم الثاني عشر، ويطوفون للوداع في الحادي عشر، وهؤلاء أخلُّوا بواجبات ثلاثة: الرمي، والمبيت، والوداع.


2- بعض الحجاج يرجع القهقرى بعد طواف الوداع؛ لئلا يجعل ظهره للبيت وهذا من التنطع الذي لا سند له من الشرع.


3- بعض الحجاج في اليوم الثاني عشر يرحلون من منى، ويجلسون في الأبطح أو غيره، ثم يطوفون للوداع قبل الظهر، فإذا صلوا الظهر، رموا جمرة العقبة وسافروا إلى بلدانهم وهذا خطأ ظاهر؛ فهؤلاء لم يكن آخر عهدهم بالبيت، بل آخر عهدهم بالجمرة، فطواف الوداع باق عليهم، يأتون به أو يجبرونه بدمٍ.


4- بعض الحجاج يطوف للوداع ثم يجلس في مكة يومًا أو ليلة وهذا خطأ؛ فمن طاف طواف الوداع، فينبغي له أن يغادر مكة، وإن جلس مدة طويلة لغير حاجة ضرورية، كانتظار رفقة أو تحميل عفش، أو انتظار مريض وغير ذلك، لزمه إعادة الطواف.
5- بعض الحجاج يؤخر طواف الحج إلى وقت سفره وهذا جائز بحمد الله، لكن بعض الحجاج ينويه عن الحج والوداع، فإذا أراد الطواف، نواه عن الإفاضة والوداع وهذا غلط ظاهر؛ فالطواف للإفاضة ويكفيه عن الوداع؛ لأن الأصغر يدخل في الأكبر، وما دام أخر طواف الإفاضة إلى قبيل سفره، فقد صدق عليه أنه جعل آخر عهده بالبيت.


الثاني عشر: ملاحظات يقع فيها الحاج وغيره عند زيارة المسجد النبوي:
1- بعض الحجاج يظن أنه من تمام الحج زيارة المدينة النبوية وهذا خطأ ظاهر؛ فالحج ينتهي بانتهاء طواف الوداع، لكن يحسن بالمسلم إذا وصل هذه البقاع الطاهرة أن يعرج على مسجد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليدرك الفضل العظيم - إن شاء الله.


2- بعض الزائرين لقبر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسيئون الأدب برفع الصوت والمزاحمة، وأذية الآخرين بالأدعية غير المشروعة.


3- بعض الزائرين يستقبل الحجرة النبوية حال الدعاء وهذا خطأ ظاهر؛ إذ ينبغي على المسلم ألا يستقبل الحجرة إلا عند السلام على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أو صاحبيه، وأما حال الدعاء، فيستقبل القِبْلة.


4- بعض الزائرين يقصد الصلاة تجاه القبر، فتجده يأتي مبكرًا لحجز مكان مُعين، بحيث يجعل القبر أمامه وهذا خطأ فاحش.
5- بعض النساء رغبة منها في الخير تزور قبر الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصاحبيه وهذا غير مشروع، فالنساء منهيات عن زيارة المقابر عمومًا، ولا يختص قبره - صلَّى الله عليه وسلَّم - بجواز الزيارة.


6- بعض الزائرين لمدينة يحرص على زيارة أماكن لا تشرع زيارتها؛ فينبغي للمسلم أن يحرص على اتباع السنة والوقوف عندما شرعه الله ورسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأن هذا منهج السلف الصالح - رضي الله عنهم[1].