يهود الدونمة

أن الدولة العثمانية كانت قد آوت اليهود على أرضها، بعد أن تم طردهم من البلاد الأوروبية النصرانية، وأسكنتهم في مدينة سالونيك في اليونان التي كانت تابعة وقتها للدولة العثمانية..

سنة 1603م ولد (ساباتاي تازفي) وهو رجل من اليهود، عاش داخل الخلافة العثمانية بدون أي مشاكل إلى أن صار عمره 22 سنة.. فأعلن فجأه أنه المسيح المنتظر وبدأ يدعو لهذه الفكرة!

ومع أن هذه الفكرة عجيبة إلا أن الدولة العثمانية قد تركته ظنًا منها أنه يتكلم في معتقد من معتقداته..!
وبدأ (ساباتاي تازفي) يسافر إلى هنا وهناك.. بلاد أوروبية وعربية وإسلامية، حتى فلسطين يدعو لفكرته..
بل إنه دعا اليهود من أطراف العالم للاجتماع معه في تركيا عقر دار الدولة العثمانية ليقسموا العالم عليهم..

ماذا حث في هذا الاجتماع، وما رد فعل الدولة العثمانية؟

أن (سبتاي تازفي) اليهودي الذي كان يعيش في ظل الدولة العثمانية قد أعلن فجأة أنه المسيح المنتظر! ودعا اليهود من أطراف العالم للاجتماع معه في تركيا عقر دار الدولة العثمانية ليقسموا العالم عليهم..

قسم سبتاي تازفي العالم إلى 38 جزءًا وجعل لكل جزء ملكًا، وجعل نفسه فوق كل هؤلاء الملوك، وقال إنه سيسيطر على العالم باسم (المسيح المنتظر) ومع ذلك قد تركتهم الدولة العثمانية..!

لكن مع مرور الوقت حدث تطور هام جدًا.. حيث أن سبتاي تازفي وأتباعه بدأوا يجهرون بهذا الأمر في شوارع إسطنبول، وبدؤوا يتظاهرون ويطالبون بالانشقاق عن الدولة العثمانية -التي آوتهم بعد قدومهم من الاضطهاد في أوروبا-، ويطالبون بأن تكون عاصمة دولتهم (فلسطين).

فاضطرت الدولة العثمانية للقبض على هؤلاء وعلى زعيمهم سباتاي تازفي وحوكموا بتهمة الخيانة العظمى، وحكم عليهم بالإعدام، ولكي يخرجون من هذا المأزق أخذوا قرارًا مهمًا..
أن اليهودي سبتاي تازفي قد حكم عليه هو وأتباعه من قبل الدولة العثمانية بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى فلكي يخرجون من هذا المأزق أخذوا قرارًا مهمًا..

كان هذا القرار: أن يعلنون إسلامهم، -وكانت هذه نفس الطريقة التي فعلها اليهود عندما أمر ملك فرنسا قبل ذلك بطردهم، فقد تنصروا وانخرطوا في الكنيسة حتى وصلوا لأماكن مهمة فيها، وكان لهم دعم كبير لمذهب البروتستانت كما ذكرت قبل ذلك-.

ومع أن الدولة العثمانية كانت تعلم أنهم يريدون بذلك أن يتقوا حكم الإعدام إلا أنها قبلت منهم الإسلام، وعفت عنهم وأظهروا إسلامهم وكونوا مايعرف باسم (يهود الدونمة) يعني اليهود الذين ارتدوا عن اليهودية، وظلوا مسلمين ظاهرًا داخل الخلافة، لكنهم كانوا يبطنون اليهودية، وظلوا معروفين داخل الخلافة العثمانية، وتظهر بين لحظة وأخرى أفكارهم اليهودية {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد من الآية:30].

وعاشوا بعد ذلك كمسلمين عاديين فى الدولة العثمانية، ومنهم من هاجر لفلسطين كمسلمين عاديين.
ومع مرور الوقت -كما فعلوا سابقًا- انخرطوا داخل الحكومة العثمانية كمسلمين، وكان لهم بعض القرارات المهمة التي كان لها أثر كبير فيما بعد.

اليهود الذين أظهروا إسلامهم لينجوا من حكم الإعدام (يهود الدونمة).
فمع الوقت (يهود الدونمة) يتغلغلون داخل النظام العثماني -مع ضعف الدولة العثمانية- وبدأت الدولة العثمانية تعطي صلاحيات للممالك الأوروبية -ألد أعدائها في السابق- وأصبحت هناك قنصليات في كل مكان (مصر-الشام-إسطنبول)، ولم يكونوا مجرد سفراء، وإنما كانوا يملون آراءهم ويفرضونها على الدولة العثمانية، واعتبر هؤلاء القناصل أنهم أوصياء على النصارى داخل الدولة العثمانية، واعتبر الإنجليز أنهم أمناء على حقوق اليهود.

قفد أنشأت قنصلية لبريطانيا داخل القدس، وأول رسالة أرسلتها إنجلترا لهذه القنصلية هي: :أن ترعى حقوق الطوائف اليهودية داخل فلسطين"،أما فرنسا فقد كانوا كاثوليك يكرهون اليهود، إلى أن حدث حدثٌ مهم حدًا سنة 1789م..! وهو قيام الثورة الفرنسية على الملكية، وقد اعتنقت هذه الثورة مذهب البروتستانت كنوع من الثورة على النظام القديم، وصارت تدعم إقامة وطن قومي لليهود في أرض فلسطين، وكذلك اعتنقت فكرة القومية وصدرت هذه الأفكار إلى باقي دول العالم ومنها بلاد المسلمين.

كان هذا ما أريد أن أوصله لحضراتكم عن يهود الدونمة نشأتهم وآثارهم..
وبالتالي يكون أمامنا حاليًا أوراق ضغط كثيرة على الخلافة لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين..
هذه الأوراق هي الضغط الدولي من إنجلترا وأمريكا وفرنسا –البروتستانت-، بالإضافة إلى روسيا الشيوعية، والتي ذكرنا أن الذي نادى بالأفكار الشيوعية هم اليهود، وكذلك ورقة الضغط الأخرى هي (يهود الدونمة) المتغلغلين داخل الحكومة..

كان هناك رد فعل قوي وحاسم من السلطان (عبد الحميد الثاني) ختامًا: قد علمتم أمورًا لا يعلمها كثير من الناس، وهذا أمر عظيم جدًا، فالمعركة معركة وعي في المقام الأول، فلا تبخلوا على غيركم أو على أمتكم بإمدادها في معركتها.. انشروا هذا الكلام ليعلمه الجميع.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..