ما معنى قول عائشة للنبي إن الله يسارع في هواك ؟!

قالوا: إن ربَّ محمدٍ يسارعُ في هواه ومتعته، فينزل الوحي طبقًا لمزاجه، ورغباته الجنسية...
استدلوا على قولهم وفهمهم بما جاء في صحيح البخاري كِتَاب ( النِّكَاحِ ) بَاب ( هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِأَحَد)ٍ. برقم 4721 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنْ اللَّائِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ r فَقَالَتْ عَائِشَةُ : أَمَا تَسْتَحِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ فَلَمَّا نَزَلَتْ{ تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ }

الرد على الشبهة

أولًا: كان على المعترضين أن يقرؤوا كتبَ الشروحِ (شرح الأحاديث) حتى ينتهوا عما هم عليه من إلقاءِ الشبهات والافتراءات كالببغاوات العجماوات دون تفكرٍ، أو تأملٍ....جاء في كتبِ الشروح الآتي:
1- قال النوويُّ في شرحِ صحيحِ مسلم: قَوْلهَا: ( مَا أَرَى رَبّك إِلَّا يُسَارِع فِي هَوَاك ) َمَعْنَاهُ يُخَفِّف عَنْك وَيُوَسِّع عَلَيْك فِي الْأُمُور وَلِهَذَا خَيَّرَك. اهـ

1- قال ابنُ حجرٍ في الفتح - رحمه الله-: قَوْله :( مَا أَرَى رَبّك إِلَّا يُسَارِع فِي هَوَاك ) فِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن بِشْر " إِنِّي لِأَرَى رَبّك يُسَارِع لَك فِي هَوَاك " أَيْ: فِي رِضَاك ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ : هَذَا قَوْل أَبْرَزَهُ الدَّلَال وَالْغَيْرَة ، وَهُوَ مِنْ نَوْع قَوْلهَا مَا أَحْمَدكُمَا وَلَا أَحْمَد إِلَّا اللَّه ، وَإِلَّا فَإِضَافَة الْهَوَى إِلَى النَّبِيّ r لَا تُحْمَل عَلَى ظَاهِره ، لِأَنَّهُ لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى وَلَا يَفْعَل بِالْهَوَى ، وَلَوْ قَالَتْ إِلَى مَرْضَاتك لَكَانَ أَلْيَق ، وَلَكِنَّ الْغَيْرَة يُغْتَفَر لِأَجْلِهَا إِطْلَاق مِثْل ذَلِكَ. اهـ

3- قال الشعراويُّ- رحمه الله-: المعنى : أن اللهَ يسارع في هواي ، لأنني سارعت في هواه ، طلب مني فأديت ؛ لذلك يُلبي لي ما أريد من قبل أن أطلب منه. اهـ

قلتُ: إن المعنى الظاهر لي هو: لما سارع النبيُّ r في مرضاةِ ربِّه سارع اللهُ في رضائِه ومرضاتِه ليكون الجزاء من جنسِ العملِ؛ وأما ما قالته عائشةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كان من بابِ الغيرةِ لا أكثر؛ يدل على ذلك ما ثبت في صحيحِ مسلمٍ برقم 2658 عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ r ، وَأَقُولُ: وَتَهَبُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ U :{ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنْ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ } قَالَ:قُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ لَكَ فِي هَوَاكَ.

كما أنني قد أسلفتُ ونقلتُ كلامَ الْقُرْطُبِيِّ: هَذَا قَوْل أَبْرَزَهُ الدَّلَال وَالْغَيْرَة. وأما إضافة الهوى إلى النَّبِيِّ r غير مناسب منها كما قالت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فإنه r منزه عن الهوى؛ لقولِه I: ] وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى [ (النجم3 (. فهوr ممن ينهى النفسَ عن الهوى، ولو قالت في مرضاتك لكان أولى وأصوب.اهـ
ثانيًا: إن الكتابَ المقدس ذكر لأنبياءِ اللهِI زوجات ونساء كُثر....وأكتفي بذكر نبِيٍّ واحدٍ هو هوشع u حيث يقول سفر هوشع في الإصحاحِ الأول عدد2أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ، قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ». 3فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ، فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا.
ثم يقول الإصحاحُ الثالث عدد1وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «اذْهَبْ أَيْضًا أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَةً، كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمْ مُلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى وَمُحِبُّونَ لأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ». 2فَاشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلَ فِضَّةٍ وَبِحُومَرَ وَلَثَكِ شَعِيرٍ....

وعليه فأنني أتساءل: هل معنى ذلك أن اللهَ يسارع في هواهم ( الأنبياء ) فينزل الوحي طبقًا لمزاجهم ومتعهم ورغباتهم الجنسية...؟!

ثالثًا: سبق أن بنيّتُ أن قول عائشة: " مَا أَرَى رَبّك إِلَّا يُسَارِع فِي هَوَاك " سببه الغيرة التي ما سلمت منه زوجات النبِيِّr ؛ يحكى لنا الكتابُ المقدس هذه الغيرة لزوجاتِ بعضِ الأنبياء، فعلى سبيل المثال ذكر لنا ( الكتاب المقدس ) حقد سارة زوجة إبراهيم على هاجر (حرب الضرائر) حتى إن الغيرة وصلت بسارة زوجة إبراهيم أنها كانت تضرب هاجر، وتؤذيها حسدًا وغيرة....
وذلك في سفر التكوين إصحاح16 عدد4فَدَخَلَ عَلَى هَاجَرَ فَحَبِلَتْ. وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرَتْ مَوْلاَتُهَا فِي عَيْنَيْهَا. 5فَقَالَتْ سَارَايُ لأَبْرَامَ: «ظُلْمِي عَلَيْكَ! أَنَا دَفَعْتُ جَارِيَتِي إِلَى حِضْنِكَ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرْتُ فِي عَيْنَيْهَا. يَقْضِي الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». 6فَقَالَ أَبْرَامُ لِسَارَايَ: «هُوَذَا جَارِيَتُكِ فِي يَدِكِ. افْعَلِي بِهَا مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ». فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ، فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا.
نلاحظ: " فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ، فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا ".

ونقرأ في ذاتِ السفر في الاصحاح21 عدد9وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ، 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّ ابْنَ هذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ.12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ:«لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا، لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».
نلاحظ: أنها طلبت من إبراهيم ظلمًا بدافع الغيرةِ أن يطرد هاجر وابنها الرضيع، وادعت أنهما لا يحق لهما أن يرثا مع ابنِها إسحاق بعد أن ولدته!

والأعجب من ذلك أن الربَّ وافقها بما تقول إرضاءً لغيرتِها... ! لا تعليق!
كتبه/ أكرم حسن مرسي