[TR]
[TD="bgcolor: #eef8ed"] علم التفسير أحد العلوم الشرعية الأساسية المتعلقة بالقرآن الكريم من حيث أنه يهدف إلى تحصيل القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة من كلام الحق سبحانه إضافة إلى تذكير المخلوق بحق الخالق، وتنبيه العابد للاستعداد إلى يوم المعاد، وتحذير الإنسان من مكائد الهوى والشيطان وغير ذلك، مما يحصله المؤمن نتيجة معرفته بتفسير كلام الله وإطلاعه على أسراره وخفاياه.


علــم التفسيــر
علم التفسير أحد العلوم الشرعية الأساسية المتعلقة بالقرآن الكريم من حيث أنه يهدف إلى تحصيل القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة من كلام الحق سبحانه إضافة إلى تذكير المخلوق بحق الخالق، وتنبيه العابد للاستعداد إلى يوم المعاد، وتحذير الإنسان من مكائد الهوى والشيطان وغير ذلك، مما يحصله المؤمن نتيجة معرفته بتفسير كلام الله وإطلاعه على أسراره وخفاياه.

تعريف التفسير وموضوعه:

ولقد عّرف الإمام الزركشي في كتابه البرهان علم التفسير بقوله: علم يبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالتُه على مراد الله تعالى، بقدر الطاقة البشرية.
ويعرِّفه صديق بن حسين القنوّجي في كتابه أبجد العلوم بأنه علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية وبحسب ما تقتضيه اللغة العربية.
والتفسير في اللغة إنما هو الإيضاح والتبيين، وقد جاءت كلمة التفسير في هذا المعنى في الآية الكريمة:{ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً}(الفرقان/33) أي بياناً وتفصيلاً.

ومادام موضوع علم التفسير كلام الله سبحانه وتعالى الذي هو منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، فإن غايته التوصل إلى فهم معاني كلام الله سبحانه واستباط أحكامه ومعرفة مراده ليصار بذلك إلى السعادة الدنيوية والأخروية.

ولما لكلام الله من قدسية، ولما يتوقف على تفسيره من نتائج هامة وأحكام تتعلق بأحوال الخلق، لم يكن علم التفسير بالعلم الذي يقوم دون اعتماد على دعائم أو استناد إلى علوم ومبادئ .

ومن هنا بيّن العلماء أن التفسير يتوقف في معرفته على عدد من العلوم هي: علم اللغة والنحو والصرف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم، إضافة إلى علم الموهبة الذي يورثه الله تعالى لمن يعمل بما يعلم من إخلاص النية وصحة الاعتقاد ولزوم سنن الدين... وبدون تلك العلوم أو بعضها يخشى على من يتعرض للتفسير أن يَضل ويُضل.

فضل علم التفسير:
علم التفسير في نظر كافة المسلمين من أشرف العلوم وأرفعها.
قال الأصبهاني: شرفه من وجوه:
أحدها: من جهة الموضوع، فإن موضوعه كلام الله تعالى.
وثانيها: من جهة الغرض فإن الغرض، منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى
وثالثها: من جهة شدة الحاجة. قال: كل كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية، وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى.

منشأ علم التفسير:
وأول من أظهر تفسير القرآن وبين للناس معانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هو أعلم الناس بمعاني كتاب الله وإدراك أسراره ومعرفة مقاصده. بل هو الذي وجه إليه الله كلامه حيث قال: { لتبين للناس ما نزل إليهم }(النحل/44) .
يقول ابن خلدون في مقدمته: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ، ويعرفه أصحابه فعرفوه، وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولاً عنه، كما عُلم من قوله تعالى: { إذا جاء نصر الله والفتح } (النصر/1) أنها نعي النبي صلى الله وعليه وسلم وأمثال ذلك،(روا أبو يعلى والبيهقي وابن مردويه عن ابن عمر) ونقل ذلك عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وتداول ذلك التابعون من بعدهم، ونُقل ذلك عنهم.
ولم يزل ذلك متناقلاً بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوماً ودونت الكتب فَكُتب الكثير من ذلك، ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين، وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثالهم من المفسرين، فكتبوا ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار

أشهر المفسرين:
وأجمع العلماء على أن أبرز المفسرين للقرآن من الصحابة الخلفاء الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وأكثرهم تصدياً وتفسيراً هو علي كرم الله وجه الذي كان يقول: سلوني عن كتاب الله. فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم نهار. أم في سهل أم في جبل.
ومن مفسري الصحابة المشهورين: عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهم ـ الذي عرف بأنه ترجمان القرآن ورئيس المفسرين وحبر الأمة.
وأما التابعون فأبرز من روى التفسير منهم مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس وطاووس وعطاء بن أبي رباح، وهؤلاء أكثر ما رووه عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقد روي التفسير عن ابن مسعود رضي الله عنه علقمة والأسود بن يزيد النخعي وعبيدة بن عمرو السلماني وعمرو بن شرحبيل.
ثم جاءت الطبقة التالية من صغار التابعين ومن تابعي التابعين‘ فدونوا الروايات وميزوها عن علم الحديث، وظهرت في طبقتهم لأول مرة الكتب المتعلقة بالتفسير. يقال: إن عبد الملك بن جريج المتوفى عام 149هـ أول من جمع الأخبار المتعقلة بالتفسير في كتاب مستقل.
وقد تطور تصنيف علم التفسير بعد ذلك فحذفت الأسانيد من جهة وضمت الروايات المتعددة من جهة أخرى إلى بعضها البعض وبدأ العلماء المفسرون باتخاذ منهج النقد للروايات. والتمييز بينها لقبول الصحيح ورد الضعيف ويعتبر تفسير الإمام محمد بن جرير الطبري المتوفى عام 310 هـ . والمسمى (جامع البيان في تفسير القرآن) أعظم وأقدم تفسير وصل إلينا كاملاً. وهو بحسب شهادات العلماء المتخصصين من أعظم التفاسير وأجودها. ويقع في ثلاثين مجلداً من الحجم الكبير.

أنواع التفسير:
ولقد تنوعت وتعددت كثيراً كتب التفسير حتى إنها لتكاد لا تقع تحت حصر، وذلك دليل على اهتمام وانشغال الأمة الإسلامية بكتاب ربها وبذلها لجهود كثيرة وحثيثة لشرحه من جوانب عديدة.
ولقد حصر بعض العلماء كتب التفسير المعروفة في مجموعات بحسب تقسيمات علمية على النحو التالي:
1) التفسير بالمأثور: أي تفسير القرآن الكريم بالقرآن نفسه أو بالسنة النبوية أو بما نقل عن الصحابة الكرام، ثم بما نقل عن التابعين.
ومن هذا القبيل تفسير الطبري، وتفسير بحر العلوم للسمرقندي، ومعالم التنزيل للبغوي، والدر المنثور للسيوطي، وتفسير ابن كثير.
2) التفسير بالرأي: وهو تفسير القرآن باجتهاد المفسر معتمداً على أسباب النزول ودلالة كلمات الآيات والناسخ والمنسوخ وغير ذلك من أدوات التفسير.
ولا شك أن التفسير بالرأي إن لم يتقيد بشروط المفسر وضوابط التفسير كان مزلقاً خطراً وباباً مفتوحاً للتعصب، بل للخروج بكلام الله عن مراده.

ولكن من الكتب المشهورة بالتفسير بالرأي، والمعروفة باستقامة أهلها وبتقيدهم العلمي وعدم خروجهم عن مستحسن الأقوال وسديد النهج تفسير مفاتيح الغيب للرازي، وأنوار التنزيل للبيضاوي، وروح المعاني للألوسي، ولباب التأويل للخازن.
3) وهناك كتب اعتنت بتفسير ألفاظ القرآن الكريم وبيان معنى مفرداته، ككتاب مفردات القرآن للراغب الأصفهاني، وغريب القرآن للسجستاني.
4) وهناك كتب توجهت باهتمامها نحو الآيات المتعلقة بالأحكام الشرعية، مثل تفسير أحكام القرآن للشافعي، وأحكام القرآن لابن العربي، وأحكام القرآن للقرطبي.
5) وهناك تفاسير اعتنت بالاصطلاحات العلمية في عبارات القرآن، وهو ما يسمى بالتفسير العلمي الذي يربط بين القرآن وعلم الكون ، مثل تفسير طنطاوي جوهري المعاصر، ومثل ما كتبه في ذلك الغزالي أو السيوطي أو أبو الفضل المرسي في كتب شتى.
6) وهناك أخيراً التفاسير التي انصب اهتمامها على ما يتعلق بالعلوم العربية من نحو وبيان وبديع، أو ما في القرآن من إعجاز لغوي.
وقد أفرد بعض المصنفين ذلك بالتأليف، مثل الشيخ مكي بن أبي طالب والعكبري والصرخدي، ومثل مصنفات الباقلاني والرماني والرافعي.
أخرج ابن جرير رحمه الله عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أنزل في هذا القرآن كل علم، وميزّ لنا فيه كل شيء ولكنّ علمنا يقصْر عما بين لنا في القرآن.
وصدق الله سبحانه { ما فرطنا في الكتاب من شيء }(الأنعام/38).
[/TD]
[/TR]