أثناء تجولي في النت وجدت موضوعا بعنوان صور لمصر منذ أكثر من 150 سنة فوجدت فيها النساء يلبسون اللباس الشرعي ووجدت الحياة البسيطة والطيبة والنقاء الذي يتناقص كلما تقدم بنا الزمن ثم شاهدت الصورة التالية لتمثال أبي الهول فتذكرت رسالة جميلة كنت قد قرأتها للشيخ ناصر بن حمد الفهد ( حفظه الله ) وهى بعنوان إقامة البرهان على وجوب كسر الأوثان وهى رسالة ماتعة رد فيها الشيخ حفظه الله على جميع الشبهات التي تثار حول هذا الموضوع ومنها شبهة أن الصحابة تركوا التماثيل في البلاد التي فتحوها لذا أحببت أن أنقل لكم رده على هذه الشبهة



هذه الصورة منذ 110 سنة لأبي الهول لاحظوا أن نصف جسمه مختفي تحت الرمال لأنكم إذا شاهدتم صور حديثة له ستجدوا أرجله ظاهرة فوق الأرض تمت إزاحة الرمال عنه كي يظهر بشكله الطبيعي وتم كذلك ترميم أنفه وشفتيه
ملحوظة : هذه الرسالة تبين الحكم الشرعي في مسألة الأوثان ولا تحرض على هدم هذه الأوثان بغير إذن ولى الأمر لأن تغيير المنكر يجب أن لا يترتب عليه مفسدة أكبر من المنفعة المرجوة وبالطبع هدم التماثيل الأثرية بدون إذن ولى الأمر سيترتب عليه مفسدة عظيمة وفتن كثيرة مثل الفتن التي تسببت فيها جماعة التكفير والهجرة ومن على شاكلتهم وأنا أقول هذا الكلام لأن منهج السلفيين هو التصفية والتربية بدون الخروج على الحكام

وإليكم جزء من الرسالة والذي يرد فيه الشيخ ناصر بن حمد الفهد حفظه الله على هذه الشبهة
:

ذكر بعض علماء الضلالة في دفاعهم وتباكيهم على ( أصنام بوذا ) أن هذه الأصنام من آثارالجاهلية وقد تركهاالصحابة والتابعون – كما تركوا غيرها - فيجب أن تترك

والجواب على هذه الشبهة أن نقول :
اعلم أن التماثيل والتصاوير التي كانت في الجاهلية وأدركها المسلمون أثناء الفتوحات الإسلامية قد هدموها وأتلفوها قطعاً ، ولايشك في ذلك مسلم يعرف الصحابة وقدرهم وما هم عليه من التوحيد ومنابذة الشرك وأهله ، ودليلنا في ذلك أنهم على خطى المصطفى في كل شئ ، وقد بعثهم في حياته لهدم الأوثان ومحقها ، فلابد أن يفعلوا ذلك كما نشروا التوحيد ، فنقطع أنهم أتلفوا الآف الأصنام والمعبودات والآلهة في البلدان التي افتتحوها ، بل كانوا يتلفون الكتب كما ذكرقال ابن خلدون في (مقدمته) ص480 :( ولما فتحت أرض فارس ووجدوا فيها كتباً كثيرة كتب سعد أبن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب ليستأذنه في شأنها ونقلها للمسلمين ، فكتب إليه عمر : أن اطرحوها في الماء ؛ فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه ، وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله ، فطرحوها في الماء أو في النار وذهبت علوم الفرس فيها عن أن تصل إلينا ).
فإذا كان هذا عملهم في كتب أولئك فما بالك بأصنامهم ومعبوداتهم؟؟؟!!!.

واعلم أن هؤلاء الجهلة من علماء الضلالة جعلوا أمثال أصنام ( بوذا ) من التراث الإنساني الذي يجب المحافظة عليه ، وكذبوا – أخزاهم الله - ،فإن أصنام ( بوذا ) بالنسبة للأفغان ، وأصنام ومعبودات الفراعنة بالنسبة للمصريين ، هي تماماً كـ ( العزى ) و ( اللات ) و ( مناة ) بالنسبة للعرب ، فهذه معبودات العرب في الجاهلية قد هدمها المسلمون ، وتلك معبودات أولئك في جاهليتهم فيجب هدمها ، أفتراهم يتباكون على هدم ( العزى ) و ( اللات ) أيضاً؟؟!!

وأما ما تركه المسلمون من الأصنام والتماثيل والمعبودات في البلدان التي فتحوها فإنها على ثلاثة أقسام :

القسم الأول :
ما كان من هذه التماثيل داخلاً في كنائسهم ومعابدهم التي صولحوا عليها ، فتترك بشرط عدم إظهارها ، ففي الشروط العمرية المعروفة على أهل الذمة ( وألا نضرب بنواقيسنا إلا ضرباً خفياً في جوف كنائسنا ، ولا نظهرعليها صليباً…وألا نخرج صليباً ولاكتاباً في أسواق المسلمين )، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في شرح قوله ( ولا نظهرعليها صليباً ) ( أحكام أهل الذمة) 2/719 :(لما كان الصليب من شعائرالكفرالظاهرة كانوا ممنوعين من إظهاره ، قال أحمد بن حنبل في رواية : ولايرفعوا صليباً ، ولايظهروا خنزيراً ، ولا يرفعوا ناراً ، ولايظهروا خمراً ، وعلى الإمام منعهم من ذلك ) ،وقال عبد الرزاق حدثنا معمر عن عمرو بن ميمون بن مهران قال : كتب عمر بن عبد العزيز ( أن يمنع النصارى في الشام أن يضربوا ناقوساً ، ولا يرفعوا صليبهم فوق كنائسهم ، فإن قدر على من فعل من ذلك شيئاً بعد التقدم إليه فإن سلبه لمن وجده )، وإظهار الصليب بمنزلة إظهار الأصنام ؛ فإنه معبود النصارى كما أن الأصنام معبود أربابها ومن أجل هذا يسمون عباد الصليب ، ولايمكنون من التصليب على أبواب كنائسهم وظواهر حيطانها ولايتعرض لهم إذا نقشوا ذلك داخلها ).

القسم الثاني :
أن تكون التماثيل من القوة والإحكام بحيث يعجزون عن هدمها وإزالتها ، مثل تلك التماثيل الهائلة المنحوتة في الجبال والصخور بحيث لا يستطيعون إزالتها أو تغييرها ، وقد ذكر ابن خلدون في ( المقدمة ) ( ص 383 ) أن الهياكل العظيمة جداً لاتستقل ببنائها الدولة الواحدة ، بل تتم في أزمنة متعاقبة ، حتى تكتمل وتكون ماثلة للعيان ، قال ( لذلك نجد آثاراً كثيرة من المباني العظيمة تعجز الدول عن هدمها وتخريبها ، مع أن الهدم أيسر من البناء ) ثم مثل على ذلك بمثالين :
الأول : أن الرشيد عزم على هدم ( إيوان كسرى ) فشرع في ذلك وجمع الأيدي واتخذ الفؤوس وحماه بالنار وصب عليه الخل حتى أدركه العجز.
الثاني : أن المأمون أراد أن يهدم ( الأهرام ) في ( مصر ) فجمع الفعلة ولم يقدر.

القسم الثالث :
أن تكون التماثيل مطمورة تحت الأرض أو مغمورة بالرمال ولم تظهر إلا بعد انتهاء زمن الفتوحات ، وهذا مثل كثير من آثار الفراعنة في ( مصر ) ، فمعبد ( أبوسمبل ) مثلاً في (مصر) – وهو من أكبر معابد الفراعنة –كان مغموراً بالرمال مع تماثيله وأصنامه إلى ما قبل قرن ونصف القرن تقريباً ، وأكثر الأصنام الموجودة في المتاحف المصرية في هذا الوقت لم تكتشف إلا قريباً ، وقد ذكرالمقريزي ( ت845 ) في ( الخطط ) 1/122 أن أبا الهول مغمور تحت الرمال - في وقته – لم يظهر منه إلا الرأس والعنق فقط دون الباقي – بخلافه اليوم - ، وسئل الزركلي -(شبه جزيرة العرب) 4/1188 - عن الأهرام وأبي الهول ونحوها : هل رآها الصحابة الذين دخلوا مصر؟! فقال : كان أكثرها مغموراً بالرمال ولا سيما أبا الهول .

لهذا فلا يصح مطلقاً نسبة ترك هذه التماثيل إلى خيرالقرون رضي الله عنهم وأرضاهم ، فإنهم من أحرص الناس على إقامة التوحيد وشعائره ، وإزالة الشرك ومظاهره .


منقول من موقع الاسلام للجميع