نشرت صحيفة ليبراسيون مقالا حول انتشار نوع خاص من الحاخامات في المجتمع الإسرائيلي، كان قد بدأ في الظهور مطلع السبعينيات من القرن الماضي.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير إنه يُعتَقَد بامتلاك هذا النوع من الحاخامات لقوة "إلهية"، الأمر الذي مكنهم من حيازة ثروات هائلة، وكسب تأثير مثير للقلق.

وفي هذا السياق، أوردت الصحيفة مثالا لأحدهم، الحاخام يوسف بينتو، الذي عرف بطريقته العجيبة في التواصل مع المحيطين به أو بأتباعه، إذ يقوم بخفض عينيه، والغمغمة بصوت مرتفع مختنق، ممتنعا عن النظر لأي من مخاطبيه، وإن كانوا ممن ينتظرونه عند عتبة سيارته المرسيدس، آملين في مسك يده وتقبيلها.

حيث أفادت الصحيفة بأن هواة المعجزات يعتقدون بامتلاك يوسف بينتو المعروف باسم "يشعياهو" القبلاني" لقوى خارقة "من الأعلى" تجعل منه قادرا على توظيف قدراته، والاستعانة بالتوراة لتحقيق مختلف المعجزات، ما يجعل سكان أشدود من اليهود المتدينين يلجأون إليه عند الحاجة، علاوة على إطلاق اسمه على مؤسسة تلمودية خيرية.

غير أنه بالنسبة للمدعي العام الإسرائيلي، فإن هذا الحاخام لا يعدو أن يكون زعيم طائفة دينية لا يمتلك أي قوى خارقة، عدا عن القدرة على خداع من يتخير الاستسلام لـ"وسوساته".

فقد تمكن يوسف بينتو في بضع سنوات من إغواء عدد من الشخصيات النافذة، من سياسيين بارزين وممثلين ورجال أعمال ورياضيين، وحتى مسؤولين في الموساد وجنرالات في الجيش، ليصبح المستشار الروحي لدى هؤلاء، ويضمن لنفسه درجة من النفوذ والتأثير في القرارات.

وذكرت الصحيفة أن "امبراطورية بينتو" تمتد إلى حدود أوروبا الغربية، وتحديدا التشيك والسلوفاك، إضافة إلى مانهاتن في الولايات المتحدة، حيث سعى لدعم حضوره من خلال تمويل غير قانوني للحملة الانتخابية للمرشح جمهوري ميشال جريم، الأمر الذي اعتبره الحاخام مجرد طيش، في حين أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" أنها جريمة أطلقت على إثرها مذكرة اعتقال في حقه.

وقد بذل هذا الحاخام، بحسب الصحيفة، كل ما بوسعه لتفادي المتاعب القضائية، عارضا مبلغا ضخما على اثنين من "رعيته" يعملان في سلك الشرطة الإسرائيلية؛ قام الأول برفضها، في حين قبلها الثاني الذي تم ترقيته مؤخرا على رأس وحدة إسرائيلية تضم 433 شرطيا.

لكن ذلك سبب للحاخام والشرطي متاعب قضائية، حيث أشارت الصحيفة إلى مثولهما أمام القضاء، ما أثار حفيظة أتباع يوسف بينتو الذين قاموا بمهاجمة الصحفيين لدى خروجه من المحكمة.

وأضافت الصحيفة أن هذه القضية تكشف عن وجه خفي للواجهة المتطورة التي يبدو عليها المجتمع الإسرائيلي، يسوده التطير والتعصب والاعتقاد الأعمى بالمعجزات، حيث تنتشر هذه الظواهر في الجنوب بشكل خاص.

وتحدثت الصحيفة عن وجود العديد من أمثال يوسف بينتو، من قبيل إسرائيل إيفرجان الذي كان موظفا عاديا لدى مصلحة الشؤون الاجتماعية، قبل أن يعلن عن كونه حاخاما ويبني لنفسه صرحا مرموقا، عبر ادعائه بتمكنه من شفاء الأمراض المستعصية عن طريق قوته البصرية.

وكان وزراء حزب الليكود الذي يقود رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هرعوا لحضور حفل زواج ابنه، مخافة تأثيره على "رعيته"، الكفيل بحملهم على التصويت لحزب آخر.

وأشارت الصحيفة إلى تطور هذه الظاهرة وتحولها من مجرد طقوس سادت السبعينيات والثمانينيات على يدي القبلاني إسرائيل أبوهتسيرة المعروف بـ"بابا سالي"، إلى نظام مجتمعي يمكن هؤلاء الزعماء الدينيين من سطوة ونفوذ عميقين داخل مفاصل الدولة، لدرجة امتناع مصلحة الضرائب عن مراقبة مصادر ثرواتهم الضخمة.

هذا وقد كشفت دراسة أصدرتها "فوربس إسرائيل" سنة 2014 عن تصدر حفيد "أبو هتسيرة" لقائمة الحاخامات الأكثر ثراء "في إسرائيل"، بفضل "متاجرته الروحانية"، يليه كل من أخيه وابن عمه.

كما لفتت الصحيفة إلى انتماء معظم هؤلاء الحاخامات لليهود السفرديم، شأنهم شأن "رعاياهم" الذين يقطنون أساسا في الجنوب، ما عزز تنديدهم بما اعتبروه "حملة عنصرية جديدة يقودها اللائيكيون الأشكيناز" على خلفية انتقاد الوجه السنيمائي المعروف يائير قربوز من وصفهم بـ"أناس غير مثقفين يعشقون التمائم والتعويذات"، يشكلون غالبية القاعدة الانتخابية لحزب الليكود.

ويتمتع هؤلاء الحاخامات، حسب الصحيفة، بعدد من الحقوق التي منحتها لهم قوة تسعى لتفادي تداعيات قوة تأثيرهم، حيث تمتع 47 أدمورا حتى الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر بمعاملة خاصة في المطار الدولي بتل أبيب، أقرتها إدارة المطار بالتنسيق مع وزارة الداخلية، تقضي بتخصيص فضاء مزود بمعبد لا يرتاده عامة الناس.

وحتى لا يتم إلهاؤهم عن التخاطب مع "القوى العليا"، تم تكليف موظف خاص باستكمال المعاملات الإدارية المُبَسّطة لهؤلاء "السادة"، قبل أن يتم نقلهم عبر السيارات إلى مدخل الطائرة.

وأشارت الصحيفة إلى الاستغلال المجحف لهؤلاء الحاخامات للامتيازات التي منحت لهم، ما دفع عددا من المسافرين لرفع قضية ضد أحدهم بدعوى "التمييز بين المسافرين"، لتضطر الإدارة إلى إلغاء تعليماتها الآنف ذكرها. غير أن ذلك لم يمنع هذه المجموعة من المضي قدما في ممارساتها.

وفي الختام، ذكرت الصحيفة فرار الحاخام أليعازر بيرلند إلى هولندا، إثر ملاحقته من قبل القضاء بتهمة التحرش الجنسي.