بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين







مقتطفات من كتاب الإسلام فى مواجهة الماديين الملحدين
إنّ دعوة الإسلام ليست دعوة الى مراسم وطقوس أو صور من الرسوم و المشاهد و إنما قبل كل هذا تصحيح لإنسانية الأنسان و رد لاعتباره بإيقاظ عقله من رقاد أو تنبيهه من غفله أو رده من شرود أو تقويمه من زيغ و ذلك حتى يعود الى فطرته و ينقض عنها ما علق بها من آفات الضلال و الزيغ .. فإذا أقام الإسلام الإنسان
بهذا المقام يكون قد وصله بخالقه ووجهه وعقله و قلبه الى الله و بهذا يصبح الإنسان أهلاً لان يتلقى و صايا ربه و أن يخاطب على لسان رسله و أن يكلف بما يكلف به من عبادات و معاملات و أخلاقيات هى زاده العتيد ليظل محتفظاً بإنسانيته التى صفى الإسلام جوهرها و دفع عوائل السوء عنها
فالإسلام لا يتعامل إلآ مع الإنسان العاقل الرشيد الذى ليس لهواه سلطان على عقله و لا لإنسان تسلط على إرادته
إن الإسلام ما جاء ليخدع الناس عن أنفسهم و عن الأمراض التى تغتال عقولهم و تطمس معالم الإدراك منهم أو ليقيمهم على المستوى الهابط بإنسانيتهم الى مستوى الحيوان حيث يسلمون زمامهم لأى مخادع و يبذلون ولاءهم و أعمالهم و أموالهم لكل مستغل مخادع فذلك أبعد أن يكون فى دين سماوى الذى هو خير خالص للإنسان و رحمة منزله من ربه إليه تخصب مدركاته و تنمى عقله و تعلى قدره و تحرسه من آفات الحياة التى تتهدد و جوده

- الإسلام نظام حياة قبل أن يكون مجموعة من الأحكام و الوصايا و الأوامر و الزواجر فما غاية الإسلام من رسالته فى الناس الآ ليقيمهم على الطريق الحق و العدل و ليجمعهم على الرحمة و المودة و الإخاء و أن يصل بهم الى مواطن الأمن و السلامة و قد كان هذا فى أن بدأ بالإنسانية فى أفرادها إذ كان الأفراد هم البناء لكل مجتمع فربى الفرد هذه التربية التى تجعل منه عضوا سليما صالحا فى نفسه قابلا للإجتماع مع غيره و الأندماج بالجماعه دون أن يفقد شئ من وجوده
بل إن هذا الإجتماع يمنحه قوة تزيد من قوته و تضاعف من ثمرات جهده و تنمى من مداركه و معارفه
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ. [الحجرات:13]، )
فعنى الإسلام بالضمير و التمكين له فى حياة الإنسان حتى يكون فى يقظه دائمة و فى قدرة على حراسة الإنسان من أهواء نفسه ووساوس شيطانه و الضمير أشبه بحاسة من حواس الإنسان وو ظيفته الإحساس بما يقع فى محيط الإنسان و تمييز الخير و الشر و التأزى به و النفور منه و التجنب له
و لقد كشف الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه عن هذا فى الإنسان و عن قدرته على ضبط ميزان كل من الخير و الشر وذلك فى قوله صلى الله عليه و سلم
(( البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس )) .رواه مسلم
وعن وا بصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : (( جئت تسأل عن البر و الإثم ؟ )) قلت : نعم ؛ قال : (( استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ))
اخرجه الإمام أحمد في المسند (4/228) والدارمي (2/245-246) وأبو يعلى (1586،1857).
و لأن هذا الضميرلا يمكن أن يكون دائماً على الصحة و السلامة فى كل الناس و لا فى جميع أحوال الإنسان فكثير من الناس قد أصيبت ضمائرهم بآفة قاتله فلم يعد له مكان فى كيانهم أو أثر فى حياتهم كما أنه مع وجود هذا الضمير و مع صحته و سلامته فإن أحوالاًكثيرة تلم بالإنسان و توسوس له بالسوء و تدعوه الى الإثم ثم لا يقوى هذا الضمير على أن يحول بين الإنسان و بين إقتراف الإثم و الوقوع فى الشر ..
فظهرت أهمية وازع السلطان الذى يساعد وازع الضمير أو يقوم مقامه عند ضعفه أو فقدانه فالناس هم الناس إن إستقام الإنسان فى حال فإنه قد ينحرف فى حال أو فى كثير من الأحوال و لهذا كان لابد من قيام وازع عام خارجى يمسك بتلابيب من يفلت من رقابة الضمير و أخذه بالعقاب المناسب الرادع و بهذا تكمل الرقابه على الإنسان و تقفل الدائرة التى يمكن أن ينفذ منها الى البغى و العدوان و مقارفة الأثام
فقد جعل الإسلام عقوبتين عقوبة دنيوية هى حق الجماعة على من إعتدى عليها وهتك سترها و إستباح حيائها و خرق ناموسها و عقوبة أخروية يتولاها الله سبحانه و تعالى إن شاء عاقب منه عدلا و إن شاء عفى يكون منه فضلا
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - بعد أن رجم الأسلمي - : " اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها فمن ألَمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله ؛ فإنه مَن يُبدِ لنا صفحته : نقم عليه كتاب الله تعالى عز وجل " .
رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " ( 4 / 425 ) والبيهقي ( 8 / 330 ) .والحديث : صححه الحاكم وابن السكن وابن الملقن .