بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمداً كثيراً يليق بجلاله، والشكر له على عظيم امتنانه خلق العباد لطاعته جل شأنه والصلاة والسلام على نبي الأمة الذي أزاح عنهم الغمة ورفعهم من الذل إلى القمة.
أنا أخوكم في الله (نور) وكان اسمي قبل الإسلام (فرنا ندو) وأنا فلبيني الجنسية، ولدت في أسرة تحمل ديانتين مختلفتينº فأمي تعتنق النصرانية وتدعوني إليها، بينما جدتي تعتنق الإسلام وتدعوني إليه، وكل منهما يرى أنه على الطريق الصحيح، ولكني فضلت النصرانية على الإسلام لما وجدت فيها من الإباحية، والدعوة [ ] إلى التحرر، والانفتاحية، وعدم التمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق، وهناك العكس والنقيض في الإسلام حيث كان لكل معصية أو منكر حساب وعقاب كما أن الإسلام يدعو إلى التمسك بالأخلاق، وعدم الاعتداء على المحرمات.
من هذا المنطلق الذي كان تفكيري متشبعاً به بدأت رحلة الضياع في عالم ملئ بالمنكرات والمعاصي، وجميع أنواع الخطايا والآثام، ومما زاد الأمر سواءً وأبعدني عن الإسلام أن جدتي قامت بالارتداد عنه بعدما أمضت مدة وهي مسلمة وعادت إلى الديانة النصرانية، وعندما سألتها لم أجد جواباً واضحاً وصريحاً لتركها الدين الإسلامي، مما جعلني لا أفكر بالإسلام بشكل فعليºلأني أوهمت نفسي بأنه لو كان في الإسلام خير لما تركته جدتي إذ كنت أنظر إليها كامرأة كبيرة في السن، وتعرف ما هو نافع لها مما هو ضار.
بغض النظر عن ذلك كله فقد كنت أحترم الإسلام والمسلمين، ولا أصدق ما يقال عنهم في الجرائد والمجلات، أو يذاع في التلفاز والراديو بأنهم شعب إرهابي يبحث عن الدماء، وقتل الأبرياء، وأيضاً بسبب الخلفية البسيطة التي كانت لدي عن الإسلام عندما كانت جدتي تعتنقه، وما كانت تقوله عن الإسلام وأحكامه والصفات التي يجب أن يتصف بها المسلم من حسن المعاملة، والعدل، وعدم الظلم، وما شابه ذلك من الأمور الحميدة وبذلك فقد كنت أحمل الصورة الحسنة عن الإسلام.
لقد كنت أنا الشخص المسؤول عن عائلتي من ناحية تأمين المأكل والمشرب والمأوى وجميع متطلبات الحياة، فقررت البحث عن عمل، وبعد فترة وجيزة تحقق لي ما طلبت حيث حصلت على عقد عمل في إحدى الشركات بالمملكة العربية السعودية، وبالفعل حضرت إلى المملكة وقمت باستلام العمل، وفي بداية الأمر كنت سعيداً بهذا العملº ولكن مع تداول الأيام بدأت تظهر لي بعض المشاكل والمضايقات في مجال عملي حيث تم إعطائي أعمالاً فوق طاقتي يصعب على الفرد الواحد أداؤها كما كان مطلوباً مني، وكنت عندما أحاول الكلام مع المسؤولين في العمل أجد عدم المبالاة والاهتمام هما سيدا الموقف، مما جعل التذمر، وعدم الرضا [ ] يصبحان أمام ناظري، وأصبح الضغط النفسي يؤثر علي بشكل قوي وفعال فأحدثت مشكلة مع المسؤول عني في منطقة العمل، ووصل بي الأمر إلى محاولة ضربه وكان جزاء ذلك إيقافي عن العمل لفترة من الوقت.
بعد ذلك الموقف شعرت بالحياة صغيرة في عيني، وبدأ القلق [ ] يتسرب إلى نفسي خوفاً من فقدان وظيفتي التي هي مصدر المعيشة الأول لعائلتي، وأخذت أفكر لو حصل ذلك فمن أين لي الحصول على عمل آخر؟! هذا الضغط النفسي جعلني أفكر بالصلاة من أجل تبديل الحال الذي أنا فيه، والتخفيف من الهم [ ] الذي أحمله في نفسي، فخرجت من غرفتي، وذهبت إلى غرفة صغيرة في المنزل تستخدم لحفظ الأشياء، وذلك عن عمد مني للتخفي عن الأنظار، وضمان أن أكون في عزلة تامة عن العالم المحيط بي، وقمت بإطفاء الأنوار، وبدأت بالصلاة على المذهب الكاثوليكي، وحدث ما سوف أحدثكم به وستجدونه قريباً من الخيال أكثر منه إلى الواقع ولكن صدقوني هذا هو الذي حدث بدون زيادة أو نقص في الرواية، فبينما أنا أصلي توارد إلى ذهني سماع صوت يحدثني عن الإيمان [ ] بالله - سبحانه وتعالى- ويقول لي: إنه خير معين لي في محنتي تلك فقطعت صلاتي، وأخذت أنظر في أرجاء الغرفة ولكني لم أجد بداخلها سواي، فتعجبت من ذلك الصوت، وأحسست بالخوف منه في نفس الوقت، وسرت في جسدي قشعريرة، وأخذت أتساءل في نفسي وأنا أكاد أموت رعباً ما هذا الصوت؟! هل هو صوت جان أم صوت إنسان؟! أخذت أحاول التركيز حتى أصبحت أستطيع سماع صوت الهواء الساكن ولكني لم أسمع الصوت الذي قام بالحديث معي سابقاً، فقلت لنفسي: لعلي كنت واهماً جراء ما مر بي من أحداث، وعدت للصلاة الكاثوليكية مرة أخرى ولكن حدث لي نفس الذي حدث سابقاً، فقمت بقطع الصلاة والهروب من الغرفة وقد أصابني الهلع منها، وعدت إلى غرفتي محاولاً نسيان ذلك الموقفº ولكن هيهات فقد كان الموقف مسيطراً على تفكيري.
بينما أنا جالس في المنزل بعد الموقف السابق ذكره خطرت لي فكرة الذهاب إلى مركز الجاليات الإسلامية، وإحضار بعض الكتب التي تتحدث عن الإسلام. وبالفعل ذهبت وأحضرت بعض الكتب الدينية التي تتحدث عن الإسلام، وتدعو للدخول فيه، وقمت بالقراءة فيها، وعندما جاء اليوم التالي دخلت إلى الغرفة المذكورة وتكررت أحداث موقف الأمس، فذهبت وأحضرت مجموعة أخرى من الكتب الإسلامية، وفعلت مثلما فعلت في اليوم السابق واستمر بي الحال على هذا الوضع لمدة شهرين كاملين كلما دخلت إلى الغرفة يهتف بي ذلك الهاتف ويوجه لي نفس الرسالة ويدعوني إلى الإيمان [ ] ومع طول المدة بدأت أشعر ببعض الاختلاف في الأمر حيث تبدل الخوف من ذلك الصوت إلى طمأنينة وراحة لتلك الرسالة، وشعرت بأنها تريد توجيهي للطريق القويم الخالي من الآثام، فعدت بالذاكرة إلى الوراء وتذكرت ما كانت تقوله جدتي حينما كانت مسلمة بأن المسلمين لهم رب يساعدهم عند الضيق، فقلت في نفسي: لعل هذا الداعي الذي يهتف بي يدعوني إلى الإيمان [ ] برب المسلمين الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أراد أن ينقذني مما أنا فيه من ضلال وينقذ عائلتي من التشرد والضياع.
كانت تلك هي نقطة التحول، واتخاذ القرار بدخول الإسلام عن اقتناع كامل بأنه هو الدين الكامل، والدين الصحيح الذي يجب على جميع البشرية اتباعه للوصول إلى الحياة السعيدة الخالية من الخوف، ومن ثم ذهبت إلى مركز الجاليات وأعلنت إسلامي، وبعد أن نطقت الشهادتين جاءني شعور بأني قد ولدت من جديد، وسلكت الطريق الذي كان لا بد لي سلوكه منذ زمن بعيد، وشعرت نفسي بالطمأنينة التي كنت أفتقدها منذ زمن، وقد تغيرت حالي ولله الحمد إلى الأفضل، وأصبح الآن تفكيري منصباً حول كيفية إخبار عائلتي عن إسلامي، ومحاولة دعوتهم للدخول في الإسلام، وأطلب من الله التوفيق في ذلك.
هذه هي قصتي مع هذا الدين العظيم، ولا يفوتني في هذا المجال أن أقوم بتقديم دعوة خالصة من القلب [ ] لمن كان ما يزال على طريق الضلال بأن ينظر إلى الحياة من حوله ليعرف الحقيقة الغائبة عن ناظريه، ويهتدي لطريق الحق القويم، كما أنني أنصح إخواني المسلمين الجدد وأنا أولهم بالمحافظة على هذا الدين العظيم، وشكر الله - سبحانه وتعالى- على هذه النعمة التي أنعم بها علينا وهي نعمة الإسلام.