رد شبهة رسول الإسلام يدعو على أمته بالطاعون
---------------------------
(اللهم اجعَلْ فَناءَ أُمَّتي قتلًا في سبيلِكَ بالطعنِ والطاعونِ)
الراوي : أبو بردة بن قيس المحدث : البوصيري
المصدر : إتحاف الخيرة المهرة
الصفحة أو الرقم: 2/424
خلاصة حكم المحدث : سنده صحيح
--------------------------------------
على ان الحديث صحيح ولكن لقصور فهمهم يضعون شبهه
يعتقد صاحب الشبهة - لقصور فهمه - أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أمته
وليت شعري هل يجوز لنبي أن يدعو على أمته ؟
-------------------------------------------------------------


هذا هو محل إعتراض النصراني , فيقول أنتم يا مسلمين
تؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم كنبي من عند الله فكيف يدعو عليكم بالقتل بهذا المرض الفتّاك ؟
--------------------------------------------------

ولنستأصل شأفة هذه الشبهة أقول بعد الإستعانة على الحي القيوم
سنلخص الرد على هذه الشبهة على عدة محاور لنستكفيها حقها في الرد على كل الإعتراضات .


هل يجوز إعتبار هذا الحديث دعاء على الأمة ؟؟

هل الطاعون نقمة أم رحمة ؟؟

من هو الشهيد في الإسـلام ؟

فضل الشهداء عند الله .

ولنبدأ بالمحور الأول وهو :
------------------------------------------------------
1- هل يجوز إعتبار هذا الحديث دعاء على الأمة ؟؟


إن الرسول صلى الله عليه وسلم دائماً وأبداً يبحث عن ما فيه الخير لأمته لا في آخراهم فقط بل وفي دنياهم
وهذه عقيدة راسخة عند كل مسلم يشهد أن لا إله الله وإن محمداً عبده ورسوله
فلا يوجد مسلم يعتقد أن الرسول أمر بكذا أو نهى عن كذا او فعل كذا أو قال كذا
في أمر من الأمور تكون نتيجته ضرر المسلم وإلحاق الأذى به
وعلى هذا لا يُمكن إعتبار أن هذا الحديث دعاء على المسلمين بالموت مُعذبين بالطاعون
بل وأقول هو دعاء الحبيب صلى الله عليه وسلم لأمته بالخير الكثير
فهل قال الرسول صلى الله عليه وسلم [ اللهم أفن أمتي بالطاعون ]بالطبع لا
فمدار الحديث يوضح أنه إذا كان هناك فناء للأمة فيدعو الرسول صلى الله عليه وسلم الله
أن لا يكون إلا بالقتل في سبيلك أو الموت بالطاعون .
--------------------------------------------------------


فيعترض نصراني ويقول :
وأين دعاء المصلحة هذا والمسلمون سيموتون مُعذبين بهذا المرض الفتّاك ؟؟


إن الرسول صلى الله عليه وسلم عدَّ الموت بالطاعون شهادة في سبيل الله عز وجل
فالإستشهاد في سبيل الله ليس مقصوراً على حمل السلاح
والدخول في الحرب ضد الأعداء ثم القتل فتكون الشهادة
فهذه نظرة قاصرة للشهادة والشهيد .


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏ما تعدون الشهيد فيكم
قالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال إن شهداء أمتي إذا لقليل
قالوا فمن هم يا رسول الله قال من قتل في سبيل الله فهو شهيد
ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد ]


إذاً الموت في الطاعون يُعتبر شهادة للمسلم
فإن مات المسلم بوباء الطاعون وهو يعلم أنه قضاء الله وقدره
ومات صابراً مُحتسباً صار في عداد الشهداء وإن لم يحمل سلاحاً .


قال النبي صلى الله عليه وسلم [الطاعون شهادة لكل مسلم]
فيا لها من كرامة فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع لأمته الشهادة إن لم يتوفر القتال
ونعتبر هذا من معجزاته الغيبية , ففي طاعون عمواس مات الآلاف من المسلمين
وهذه كرامة لأمته صلى الله عليه وسلم بأن أصبحوا في عداد الشهداء والصالحين .
-------------------------------------------------------


فيعترض نصراني ويقول :
كيف والمسلم يتوجع ويتألم ويتعذب وفي النهاية يموت بدعوة نبيه ؟؟


أقول إن فهمك قاصر وجهلك بائن إذ أن كل أمر المسلم خير
فما من شوكة يُشاكها المسلم إلا حُطت عنه من خطاياه .


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ]
هذا فضل من الله تعالى ومنة
فهنيئاً لمن حُطت وكفرت خطاياه حتى يلقى الله نقياً يوم القيامة .
فهل نقول أن هذا دعاء على المسلمين أم رحمة إذ أصبحوا شُهداء في سبيل الله
وكل ألم ووجع هم فيه يُكفر به عن خطاياهم
--------------------------------------------------------------------
2- هل الطاعون نقمة أم رحمة ؟؟

كما بيّنت في النقطة السابقة أن الطاعون إذا أصاب المسلم ومات فهو يُعد شهيداً في سبيل الله
وكل ما يعانيه أثناء المرض هو تكفير عن خطاياه
وهذا في حد ذاته رحمة ولكن لنبين الأمر بمزيد من الأدلة .

قال الرسول صلى الله عليه وسلم
[‏الطاعون رجس أرسل على طائفة من ‏ ‏بني إسرائيل ‏ ‏أو على من كان قبلكم
فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض
وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال ‏ ‏أبو النضر ‏ ‏لا يخرجكم إلا فرارا منه ]

إذا نفهم من الحديث أنه كان عذاباً على طائفة من بني إسرائيل
وينصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم ألا نخرج من البلد
التي ينتشر فيها هذا الوباء
ونهانا عن الدخول إلى البلد التي إنتشر فيها .

عن عائشة رضي الله عنها أنها سألته عن الطاعون فقال صلى الله عليه وسلم
[ سألت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏عن الطاعون فأخبرني
‏ ‏أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء وأن الله جعله رحمة للمؤمنين
ليس من أحد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا
يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد ]

هذه إجابة صريحة وواضحة من الرسول صلى الله عليه وسلم
بأن الطاعون رحمة للمؤمنين
وبما أن الرسول دعا لأمته بالإستشهاد في سبيل الله بالطاعون
فهذا يعني انه يدعو لهم بالرحمة
أرأيتم كيف إنقلبت الآية من دعاء بالهلاك كما فهم النصراني إلى دعاء بالرحمة ؟


قال العلماء : [وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها]

وقالوا : [ المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله
أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء .
وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم ]
--------------------------------------------------------

ويسال نصراني متفاخراً بجهله فيقول , مادام الأمر رحمة للمسلم
لما نهى رسولكم عن الدخول في البلاد التي فيها الطاعون
أليس هذا رحمة لكم كما تتدعون فلتتدخلوها حتى تستشهدوا ؟

أقول هذا جهل زائد عن الحد ..لماذا ؟؟


يقول الله عز وجل { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ
إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } البقرة 195

فليس معنى أن الموت بالطاعون خير للمسلم ورحمة أن يذهب المسلم للموت برجليه
فهذا يُسمى إنتحاراً , فبما إن المبطون [ الذي مات بداء في بطنه ]
يُعد شهيداً فلم لا يأخذ كل مسلم سماً ويأكله حتى يكون شهيداً
وبما إن الغريق شهيداً , لم لا يُلقي المسلم نفسه في اليمْ فيموت شهيداً
هذا جهل , فكل ما سلف ذكره يُسمى إنتحاراً , لهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم
عن الدخول إلى الموت برجليك , فهو يحذرنا من الوقوع في معصية الإنتحـــار .
--------------------------------------------------------

فيسال نصراني آخر ويقول :
ولماذا إختار نبيكم هذا المرض ؟
لماذا إختار الطاعون ولم يختر مرضاً آخر ؟؟

أقول لك هذا الوباء فتَّاك فتكون المثوبة على قدر العزم
فكلما زاد الألم في سبيل الله زاد الأمل في الحصول على درجات أعلى
وقد كان هذا المرض , مرض العصر , ولم يُكتشف له علاجاً إلا مؤخراً
فكان من أصعب الأمراض وأشدها , ومع هذا فهو خير للمسلم كما بيّنا .
-------------------------------------------------------

ويقوم نصراني ويسأل :
هل المسلم ممنوع من العلاج ؟!

أقول إذا توفرت المصلحة لعلاجه فلا مانع
فزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُكتشف لهذا المرض علاجاً
أما إذا وجدت علاجاً وفي إمكانك أخذه ولم تأخذه فهذا فهم خاطئ للحديث
فالحديث واضح ولكن الفهم أعوج مغلوط
فالعلاج واجب لمن يجده
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله من داء, إلا أنزل معه دواء
أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
------------------------------------------------------------