بسم الله الرحمن الرحيم

نشرت الصحف البريطانية مؤخراً أخبار منظمة تبشيرية جديدة تنشط في بريطانيا لإطلاق حملة لتنصير اليهود، وتتركز الحملة في مدينتي لندن ومانشستر، ورصدت ميزانية ضخمة تقدر بسبعة ملايين جنيه إسترليني، وقالت صحيفة " صنداي تلغراف " البريطانية الصادرة في يوم الأحد 6 / 4 أن هذه الحملة جزء من حملة لا تقتصر على بريطانيا فقط بل تتجاوزها إلى أكثر من 60 مدينة حول العالم. وتقود الحملة منظمة تطلق على نفسها اسم " يهود من أجل المسيح " وهي منظمة أمريكية قالت الصحيفة أن أساليبها تعرضت للنقد بوصفها عدوانية، ولا تراعي المشاعر، وأشارت الصحيفة أن الحملة ستشمل ملصقات دعائية مكتوبة بالعبرية والإنكليزية مثل: "قبل أن تنبذ معتقداتي يجدر بك أن تستمع إلى روايتي "، وقد حاول اليهود [ ] في بريطانيا وقف الحملة وأدانوها بشكل كبير، وطالبوا الحكومة بسن قانون يمنع تنصير اليهود [ ] في بريطانيا، وفي الوقت [ ] نفسه قال متحدث باسم الكنيسة البرتوستانتية جورج كاري أن هذا الأخير يعارض التبشير العلني، فيما قال جوناثان برند مدير منظمة يهود من أجل المسيح " : إن التبشير في رأينا واجب يمليه علينا الإنجيل".
ويبدو أن التبشير لم يقتصر على اليهود [ ] في بريطانيا بل امتد ليشمل المسلمين في بقاع الأرض المختلفة، فقد ذكرت وكالات الأنباء أن مؤتمر الجمعية العمومية الدولية الـ11 لمنظمة "الزمالة التنصيرية الدولية" اختتم أعماله يوم الخميس 10/5/2001 في العاصمة الماليزية "كوالالمبور" والتي تُعَد أقدم من مجلس الكنائس العالمي بأكثر من 100 عام، وذلك بعد 7 أيام من المناقشات والجلسات والمداولات.
فقد استضاف المؤتمر الفرع الماليزي وهو "زمالة التبشير النصراني لماليزيا"، وقبل ذلك كانت الجلسات التحضيرية في المنظمة قد عقدت اجتماعاتها لمدة 6 أيام من 28/4 إلى 4/5/2001º لمناقشة أعمال المنظمة من قِبَل اللجان المتخصصة حول الحريات الدينية، والشباب، وقضايا المرأة، والإعلام الدولي المسيحي، والعضوية، والإرساليات، والمكاتب الإقليمية.
ويشارك في اجتماعات المنظمة ممثلون عن 150 مليوناً من أتباع الكنيسة البروتستانتية (الإنجيلية) في 110 دول، والتي انتخبت رئيساً جديداً لها ينسق عمل 3 تحالفات إنجيلية في أمريكا الشمالية، تجمع 300 منظمة كنسية فيها، والرابطة الإنجيلية لدول البحر الكاريبي التي تأسست في عام 1977، والتحالف الإنجيلي الأوروبي لـ28 فرعاً في القارة الأوروبية، والرابطة الإنجيلية في إفريقيا التي يشكل حالياً أتباعها خُمس أتباع الكنيسة الإنجيلية في العالم، ولها نشاط نسائي من خلال "التحالف المسيحي لنساء إفريقيا".
كما شاركت زمالة التنصير في آسيا - التي تأسست في عام 1983- في سيول الكورية، وتوسع عملها لاحقاًº لتفعيل مكانة البروتستانت الآسيويين التي تقول إحصائية المنظمة التنصيرية إنهم يشكلون 4.5% من مجموع سكان القارة، والتي عُقد في ماليزيا - إحدى بلدانها المسلمة - المؤتمر الأخير.
ولم يقتصر الأمر على ذلكº فلقد كانت هناك ورش عمل تجتمع يومياً بشكل متزامن في قاعات مختلفة تديرها سبعة لجان، وهي:
اللجنة اللاهوتيةº ومما بحثته أثر العولمة على عمل الكنائس المحلية، والاستجابة الكنسية من وجهة نظر الإنجيل.
لجنة اهتمامات المرأة [ ] عن تحديات تواجه عمل المرأة [ ] في الكنيسة.
لجنة الإعلام الدولي المسيحي التي ناقشت كيفية رسم إستراتيجية إعلامية لكل كنيسة بروتستانتية محلية، وتقوية التواصل الإعلامي بين الأتباع، ثم النظر في تحريك الإعلام في تمويل آمال الزمالة البروتستانتية في العالم.
الورشة اليومية الرابعة كانت حول التطوير والتدريب القيادي لرجال الكنيسة.
لجنة الشباب [ ] التي ناقشت أزمة الشباب [ ] المسيحي، وأثر العولمة على ثقافتهم، وتدريب قادة شباب.
كما ناقشوا قضية الحريات الدينية، ومنها قضية الحواجز السياسية والدينية التي تقف أمام تنصيرهم للسكان في بلاد عديدةº حيث قُدّمت تقارير عن تطور محاولات توصيل "بشارة المسيح" إلى أماكن تضع حكوماتها موانع أمام المنصرين حماية لسكانها منهم، وكيفية الالتفاف على ذلك لإدخال النصرانية في قلوب سكانها، ومناقشة الآثار الإيجابية للعولمة على نشر النصرانية في مثل هذه الدول.
الورشة الأخيرة كانت حول الإرساليات عن النماذج الكنسية التي يصدرها المنطوين تحت راية "الزمالة البروتستانتية الدولية" إلى دول العالم، والتشكيل الروحي للمنصّرين، ومرة أخرى آثار العولمة السلبية والإيجابية.
وفي السياق نفسه يتصاعد نشاط فرق «التبشير» بين الشعوب المغربية، وما يسمى بـ«حوار الأديان» حيث يؤكد مقربون من رئيس أساقفة الجزائر المونسينيور هنري تيسييه أن حوالي 170 «مبشراً» قدموا إلى مختلف المدن الجزائرية خلال الربع الأول من العام الجاري، ويحدد راصدون صحفيون ثلاثة وسائل لـ«المبشرين» في جذب مئات المسلمين:
الأولى: عرض وعود بتنظيم سفرات للمرتدين عن الإسلام نحو أوروبا، ويقول أحد المرتدين من منطقة الواد الصحراوية الجزائرية: إن ترك الإسلام يختصر جهوده للهجرة والإقامة في العالم الغربي.
الثانية: صرف مبالغ مالية مهمة لشرائح معينة من العاطلين عن العمل، وجمعيات اجتماعية موالية للثقافة الفرانكفونية.
الثالثة: افتتاح مكتبات جديدة، وإغراق سوق الكتب بالمراجع والمؤلفات «التبشيرية» باللغتين العربية والفرنسية.
ويكشف مشاهدون مغاربيون أن مدن تونس وبنزرت وسوسة والدار البيضاء وفاس ومكناس تشهد زيارات لافتة لـ«المبشرين» بنفس الأسلوب والتوقيت الذي يمارسه «مبشرون» في مدن تيزي أوزو وبجاية وشرشال والواد ووهران في الجزائر مستخدمين أدلاء من المغرب العربي ارتدوا عن الإسلام حديثاً، أو أنهم كانوا من المقيمين في بلدان أوروبية من أمد طويل.
وفي العاصمة التونسية فإن اللافت للنظر أن شركات السياحة الواسعة الانتشار أضحت تروج لتقارير إعلامية عن تنامي «التبشير» في البلاد، على اعتبار أن ذلك سيزيد من عدد السياح الأجانب، وسيرفع من عوائد سوق السياحة!
وينتقد إسلاميون جزائريون وزير الاتصال والثقافة محي الدين عميمور لأن وزارته تسمح بدخول آلاف المطبوعات «التبشيرية»، في وقت تطبق فيه سياسة متشددة في التعامل مع المؤلفات الإسلامية، وتسجيلات خطب الجمعة [ ] القادمة من مصر [ ] والسعودية!
عبد الله الشيباني «أحد قادة حركة العدل والإحسان الإسلامية المغربية» يربط بين تحرك «المبشرين» في مجتمعات المغرب العربي وبين تفاقم أعمال العنف سيما المجازر في الجزائر، وفي رأي الشيباني فإن فرق «التبشير» تستفيد من اجتواء الخوف، وارتباط المفاهيم، وإساءة الفهم التي صاغتها مواقف الصحافة الرسمية المغاربية من الحركات والأحزاب الأصولية في المنطقة.
ويثير مثقفون مغاربة تساؤلاً في ما إذا كان «المبشرون» لهم صلة بأجهزة مخابرات أجنبية، وإلى أي مدى يسهم ارتداد قلة قليلة من المغاربيين عن الإسلام في تسهيل مهمة هذه الأجهزة لتجنيد عملاء لها في المغرب العربي
وترمي بعض المعلومات في الجزائر إلى أن سفير بريطانيا فيها يأخذ على عاتقه الشخصي تأمين تأشيرات دخول لـ«مبشرين» بروتستانت في مواجهة ما ينفذه «مبشرون» قادمون من الكنيسة الكاثوليكية في روما، ومن جمعية ساند ايجيدو تحديداً.
واستناداً إلى مقربين من رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان عبد الرحمن بن عمرº ناقشت منظمته أكثر من أحد عشر ملفاً يتعلق بحرية الفرد في اختيار ديانته، وسط حوادث متكررة لمرتدين عن الإسلام.
ويتهم وطنيون في تونس والمغرب والجزائر تيارات البربر والفرانكفونية بتحولهم إلى جبهة خلفية لـ«المبشرين»، ويصرح بربريون متطرفون في مناطق القبائل الكبرى الجزائرية بفكرة أن التنصر هو عودة الشعب الأمازيغي إلى دينه الأول قبل أن تفتح الجيوش الإسلامية الوافدة من المشرق العربي هذه المناطق، وتنشر الإسلام فيها!!
ويشير استراتيجيون في المغرب العربي إلى أن جزءاً من أهداف اتحاد مغاربي موحد ومزدهر تسوده الاستثمارات المغربية واتفاقيات التعاون العسكري والأمني هو تقويض الهوية الإسلامية لشعوب المنطقة، وفي حسابات هذه المصدر فإن أوروبا ستكون في مأمن إذا ضعف أو انهار إسلام المغاربيين يحلول عام 2025، ويرى مغاربيون أن «إسرائيل» لها مصلحة جد هامة في تعزيز عمل فرق «المبشرين»، فهي غطاء لتغلغل سياسي وأمني وثقافي إسرائيلي في صميم مجتمعات المغرب العربي.