د\ شريف حمدي
هذه هى المقالات التى نشرت تحت عنوان (عصمة الكتاب المقدس) تفنيد الأكذوبه من المخطوطات
ودارت السلسلة كلها حول المخطوطات اليونانية و انواعها وتحليلها والعرض لأشهرها وبيان اوجه التحريف فيها موثقا هذا من المراجع التى كتبها كبار العلماء النصارى فى الغرب حول نقد النصوص فى المخطوطات ،وحسب علمى فان بحثى هذا هو الاول من نوعه فى اللغه العربية وستجد لذلك الغالبيةالعظمى من المراجع باللغات الاجنبية (الانجليزية والالمانية واليونانية واللاتينية)ولم يكن بعضها مترجما للانجيليزية مما زاد صعوبة البحث فيها
أرجوا لكم الفائدةوأرجوا ممن يرغب فى نسخ أى جزء منها او نسخها كلها حتى أن يشير الى المصدر الذى أخذمنه ليستعين به فى مقالاته حرصا على الأمانة العلمية


المخطوطات اليونانية

رغم ان المسيح لم ينطق بكلمة يونانية فى حياته أثناء رسالته والاناجيل نفسها تحفظ هذا وتشير لبعض الكلمات الارامية التى كان ينطق بها وتحتفظ بالقليل جدا من هذه الاشارات ، الا ان جميع كتب النصارى المقدسه عندهم مكتوبة ابتداء باليونانية والخلاف تقريبا يقتصر على متى الذىيذكر عنه بابياس انه كتب انجيله لليهود المتنصرين وكتبه بالعبرية ليناسبهم ، واختفت هذه النسخة العبرية وليس لدينا سوى كتاب يونانى اللغة يفترض انه هو نفسه انجيل متىالعبرى ولكن اثبات هذا او نفيه فى موضع اخر وحلقه اخرى
ولهذا فوجب علينا أننتحدث عن اللغة اليونانية ومخطوطاتها
فى الحقيقه لدينا فى العصر الحديث عدةأنواع من النصوص اليونانية للعهد الجديد وليس نصا واحدا وكل منها قام بتجميعها عالم من علماءهم عبر دراسته للمخطوطات التى توفرت له قدر استطاعته وهى تختلف عن بعضها فىالكثير جدا وسنبين كل شىء فى وقته ، واليك بيان باهم هذه التجميعات للنصوصاليونانية للكتاب المقدس عندهم
1) اولها نسخة ارازموس 1516م
2) استفانوسوالتى اعتمدت عليها كنيسة انجلترا فى نسخة الملك جيمس الشهيره
3) الزيفير وهىعرفت فيما بعد باسم النص المستلمTextus receptum اوReceived text
4) بعد هذابدأ علماء كبار بدراسة الجديد فى المخطوطات وبدأت الاختلافات تصل الى حد يصعب تصورهكما قلنا بالكشوف الجديده ومن أهم هؤلاء العلماء
أ ) جاريسباخJohann Griesbach 1745-1812 هذا الرجل قام بعمل عظيم فعلا فهو أول من قسم المخطوطات الى انواع حسبنوع الخطوط الى بيزنطى واسكندرى وغربى وسنتناولها بالتفصيل لأهميتها فى وقتها كماأنه من أوائل من درس المخطوطة الفاتكنيه والعجيب انه سمح له فقط بمطالعتها ومنع مننسخ اى شىء منها من قبل السلطات الكنسية لاسباب مفهومة طبعا ، فقام بصورة يوميةبالذهاب الى المكان الذى تحفظ فيه المخطوطة وكان يتظاهر بالقراءة بينما كان يحفظالمخطوطة ثم يكتب ما حفظه عند عودته ويعود فى اليوم التالى ليتأكد من صحة ما حفظهثم يحفظ من جديد ، الى ان نشر فى النهاية نسخته من العهد الجديد والذى كان يخالفالنصوص السابقة كثيرا اعتمادا على المخطوطة القديمة الفاتيكانية ، وهو أول مناستخدم لفظ الاناجيل المتوافقة على الاناجيل الثلاثة الاولى متى ولوقا ومرقس
ب)بنجل : اول من طالب بتقسيم المخطوطات
ث) ويستكوت وهورتBrooke Westcott 1825–1901 / Fenton Hort 1828-1892 : هذان العالمان الانجليزيان من أهم علماءالمخطوطات على الاطلاق وكانا من اساتذة الكتاب المقدس ، وكانا أيضا اسقفين ، وحاولا وضع صيغه لتقرب العلاقة بين الكتابات الجديده المعتمده على المخطوطات الجديده وبين النصوص القديمة ووضعا نسختهما والتى بناء عليها جاءت أهم واشهر النسخ العالميةالحديثه مثلRevised version حتى اخر اصداراتها
ج)جون برجونJohn Burgon 1813-1888 :رغم علمه الواسع بالمخطوطات وثراء كتبه الا ان صرامته ادت لكثرة اعداءهمما جعل الكثيرون يتجاهلونه
د)نستلEberhard Nestle 1851-1913 / Erwin Nestle 1883-1972 : لنستل نسخة فى منتهى الأهمية للعهد الجديد فى اليونانية وكان يعتمباختيار القراءة الاكثر شيوعا فى كل موضع فى أفضل المخطوطات واكثرها عددا وبهذا فأن القراءة الأكثر تواجدا فى أفضل المخطوطات تحتل مكانها فى نسخته فى محاولة للوصول لاكثر القراءات قربا من الأصل ،وقام ابنه اروين نستل بتطوير عمل والده بالتعاون مع كرت الاندkurt aland حتى أصبح الاسم النهائى لاصدارتهم من العهد الجديد هو العهدالجديد اليونانى لنيستل – الاندNestle-Aland Novum Testamentum Graece.


ه)متزجرBruce Metzger 1914- اميركى ووضع اسسا جديدة لنقدالنصوص القديمة لاختيار افضل القراءات واقربها للاصل

وغيرهم أمثال تشايندروف الذى اكتشف المخطوطة السينائية وكارل لاشمان …الخ
واذا لاحظت كل هذا فستجد أنه لا حديث عن تطابق او اى شىء من هذا الهذر الذى يردده النصارى العرب بل اعتراف كامل بالاختلافات والتحريف ومحاولات هائلة بالفعل للرجوع لأصل هذه القراءات قدرالاستطاعه رغم محاربة السلطات الكنسية لكثير من المحاولات بالفعل كما رأينا معجرايسباخ مثلا

وعذرا للاطالة ، واذا كان الموضوع مملا بعض الشىء الا ان له أهمية كمقدمة لما سيأتى فيما بعد لان معرفة هؤلاء العلماء وأعمالهم ضرورى قبل البدءفى النقد المباشر استعانة باعمالهم ونصوصهم والمخطوطات التى استخدموها فى دراسةالكتاب المقدس الحالى (العهد الجديد)



انواع المخطوطات اليونانية

تم تقسيم المخطوطات اليونانية الى أربع أقسام ، وفى الحقيقه يبدواالتقسيم ظاهريا كأنه تقسيم حسب نوع الخط . ولكن الحقيقه هى أن كل نوع يتميز بسماتخاصة جدا لا من حيث الخط فقط ، وانما يمتد الامر الى قراءات معينة للنصوص ، وتصوراتخاصة يتم تضمينها فى النص فعادة نجد كلمة معينة مستخدمة فى أحد هذه الانواع ونجدكلمة أخرى مستخدمة فى نوع اخر فى نفس الموضع ، بل ان هناك انواع منهم حاولت الجمع قدر المستطاع بين نوعين اخرين
ولابد فى البداية أن نفهم شيئا هاما وهو أن مراكزالمسيحية فى عصور ما قبل الاسلام كانت متركزه فى 3-4 أماكن رئيسيه
أولا أنطاكيه
ثانيا الاسكندريه
ثالثا روما وقرطاجه
رابعا القسطنطينية
وكل مكان منهذه الاماكن اتسم فى الاساس بنوع معين من المخطوطات والخطوط والقراءات
أماالتقسيم الخاص بالمخطوطات فيتم الى الاتى
أولا النوع البيزنطى
هذا النوع يشكل الغالبيه العظمى من المخطوطات التى لدينا عدديا اذ تبلغ أكثر من 90 % من المخطوطات التى لدينا وعادة تعد قرائاتها هى التى اعتمدت عليها النسخ القديمةاليونانية لارازموس واستفانوس والنص المستلم لتوفرها فى ذلك الوقت ، وفى الحقيقهفان هذا النوع نشأ فى بيزنطه (الامبراطورية البيزنطيه والتى كان عاصمتهاالقسطنطينيه) وبعد الفتح العثمانى للقسطنطينيه انتقل معظم الدارسين بمخطوطاتهم الىالغرب فتوفرت هذه المخطوطات للدارسين فى البلاد الغربيه من أمثال ويليام تندل (صاحب الترجمة الذائعة الصيت والقديمة ) ومارتن لوثر (مؤسس المذهب البروتستانتى) وتيودوربيزا العالم اللاهوتى ، وساعدتهم فى دراساتهم للتحلل من السيطرة الكاثوليكيةالصارمة على المخطوطات وحظر تداولها فأثرت تأثيرا بالغا فى رسم تاريخ الكتاب المقدسحتى عصرنا هذا فى بلاد بعيدة عن بلاد نشأتها نفسها واصبحت الغالبية العظمى منالترجمات الشائعة فى معظم اللغات مبنيه على هذا النص البيزنطى كمرجع أول (مثل الملك جيمس و فان ديك العربية المستخدمة حتى الان) بسبب تأثر لوثر بها وكلنا يعلم فضلا لبروتستانت فى نشر الترجمات بعد الحظر الكاثوليكى الذى دام أكثر ألف عام
واذاانتبهنا لشىء ما فسنلاحظ أن القسطنطينية بنيت فى عهد قسطنطين الشهير الذى عقد مجمع نيقيه 325 م أى فى القرن الرابع الميلادى ، ولا شك أن هذا الطراز من الخطوط لم يظهرالا بعد ان انقسمت الامبراطورية الرومانية الى بيزنطيه شرقيه واخرى رومانية(عاصمتها روما ) غربيه وذلك بعد الدمار الذى لحق بها من جراء غزوات الهمج فى نهايةالقرن التالى (الخامس) 476 م
http://en.wikipedia.org/wiki/Byzantine_Empire
فلابد أن هذاالخط والقراءة نشأ بعد هذا حتى ينسب لبيزنطه ، وهو وان كان أكثر الانواع عددا فىالمخطوطات الا انه ليس أقدمها كما نرى اذ يعود فى نشأته الى القرن السادس والسابع
ويكتب بروس متزجر فى تعليقاته وشروحاته حول العهد الجديد اليونانى
A Textual Commentary on the Greek New Testament, “The framers of this text sought to smooth away any harshness of language, to combine two or more divergent readings into one expanded reading, and to harmonize parallel passages
"هيكل هذا النصيهدف الى ازالة أى عوائق لغوية خشنة و مزج اثنين او اكثر من القراءات المتباينة فىقراءة واحدة طويلة مع اضافة الانسجام اللازم فى الفقرات المتقابله"
وبامكانكمالرجوع للكتاب اذا اردتم
Bruce Metzger, Introduction to: A Textual Commentary on the Greek New Testament, Stuttgart: Biblia-Druck GmbH (German Bible Society), 1975, p. xx.

هو يعنى ببساطة أن هذا النوع توفيقى فى المقام الاول ولا يبحثعن الأصل بقدر ما يبحث عن توفيق القراءات لجعلها واحده منسجمة بل إنه يهدف لما هوأبعد من هذا وهو أن يصل فى النهاية الى الانسجام والتوحد بين الفقرات المتوازيةوالمتقابله فى الكتاب المقدس وخصوصا الاناجيل حيث يتم توحيد وتقريب الجملفىالاناجيل ما دامت قيلت فى نفس الموضع بحيث أن من يقرأها يتصور فى النهاية انها تكادتكون واحده والاختلاف بينها لا يذكر
هذا هو شرح ما قاله متزجر الذى عرفنا به فىالمقاله السابقة
وطبعا نحن نرى ان النص البيزنطى ليس نسخا لمخطوطات سابقه بل هوعمل طويل الامد ومنظم للغاية من القيادات الكنسيه لتحقيق انسجام (لابد أنه كانمفقودا فى المخطوطات السابقة والا فلم يحاولون جعلها منسجمة)فى هذا النوع منالخطوطات الذى يعد حديث العهد نسبيا اذ يرجع تاريخه الى مابعد المسيح بأكثر من 6قرون
وفى الحقيقه فان الغالبية العظمى من الدارسين الان يرون وبصورة لا تدع مجالا للشك أن هذا النص توفيقى كما أنه وبوضوح هو الاطول بين جميعالانواع
ولمزيد من التوضيح سأعطى مثالا لهذا النوع من التوفيق :
يوحناالاصحاح العاشر آية 19
19. فحدث ايضا انشقاق بين اليهود بسبب هذا الكلام.(SVD)
وللمقارنة باليونانية سنحتاج الترجمة النجليزيةKJV لان اللغه الانجليزيةاقرب لليونانية
There was a division therefore again
وفى اليونانية
النص الغربى : سكيزما هون ويعنىa division therefore
النص السكندرى: سكيزمابالن ويعنىa division again
النص البيزنطى : سكيزما هون بالن ويعنىa division therefore again

ونرى هنا كيف قام النص البيزنطى بالجمع بين الاثنين وطبعافان الترجمة العربيه غير دقيقه حيث أن الدقة تعنى هنا
"فحدث لذلك انشقاق مرةأخرى بين اليهود بسبب هذا الكلام"
وليس
"فحدث ايضا انشقاق بين اليهود بسببهذا الكلام "
والذى يبدوا أقرب للقراءة السكندرية واستخدم أيضا بدلا من مرة أخرىأو بدل ثانية رغم ان المترجم فى ترجمةSVD كان يعتمد اساسا على النص البيزنطىوسنلاحظ أن النص السكندرى أقصر طبعا من النص البيزنطى
وليس المثال السابق شديدالاهمية ولكنه توضيح للاسلوب التوفيقى ، وتوضيح لماذا نقول أن النص البيزنطىأطول
ولا يعنى هذا أن العمل الذى قام به البيزنطيون هو جمع الكلمات فوق بعضهافقط ، وانما فى الحقيقه كان البحث عن المصادر التى تستخدم نفس الاسلوب التوفيقىوالتى تذكر أطول نص توفيقى ممكن ، وهو ما ذكره هارى ستيرز فى كتابه عن المخطوطاتالبيزنطيه حول نفس هذا المثال
in The Byzantine Text-Type: New Testament Textual Criticism: “In the John 10:19 passage, while P45 and P75 support the Alexandrian reading, P66, the earliest papyrus, reads SCHISMA OUV PALIN
وهذاهو المرجع لمن يريد
Harry Sturz, The Byzantine Text-Type & New Testament Textual Criticism, New York: Thomas Nelson Publishers, p. 84.