موقع البئر

يقع غرب مسجد قباء من الجهة الغربية. وسمي بـ (أريس) نسبة إلىرجل من اليهود، كما سمي بـ (الخاتم) لأن خاتم الخلافة سقط فيه من عثمان بن عفان رضي الله عنه فيالسنة السادسة من خلافته وبحثوا عنه ثلاثة أيام دون جدوى، وهو الخاتم الذي كانلرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حمله أبو بكر رضي الله عنه مدة خلافته، وكذلك عمر بن الخطابرضي الله عنه مدة خلافته، وانتقل بانتقال الخلافة إلى عثمان رضي الله عنه ، وقد عدَّ بعض المؤرخين ضياع الخاتمإرهاصاً بالفتنة والأحداث التي وقعت في السنوات التالية والتي انتهيت باستشهادعثمان رضي الله عنه. وتسمى كذلك ببئر النبي صلى الله عليه وسلم ، ويذكر بئر أريس في الأحاديث الصحيحة، فقد ورد أن رسول الله صلىالله عليه وسلم جلس على حافتها ودلى رجليه فيها، وتوضأ منها، وجلس عنده الصحابة أبوبكر وعمر وعثمان. وقد دخلت بئر أريس في التوسعة الأخيرة لمسجد قباء وغطتهاالساحة الخارجية من الجهةالغربية .
وورد في صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ خَاتَمُ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى يَدِهِ ، وَفِى يَدِ أَبِى بَكْرٍ بَعْدَهُ ، وَفِى يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبِى بَكْرٍ ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ جَلَسَ عَلَى بِئْرِ أَرِيسَ - قَالَ - فَأَخْرَجَ الْخَاتَمَ ، فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَطَ قَالَ فَاخْتَلَفْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مَعَ عُثْمَانَ فَنَنْزَحُ الْبِئْرَ فَلَمْ نَجِدْهُ . [ صحيح البخاري 19/406 حديث 5879 ]
وعن عبد الله بن عمر أنَّ رسولَ الله صلى اللهعليه وسلم : (( اتَّخَذَ خاتمًا مِنْ وَرِقٍ ، فَكَانَ في يَدِهِ ، ثُمَّ كَانَ فييَدِ أبي بَكْرٍ بَعْدَهُ ، ثُمَّ كَانَ بَعْدَهُ في يَدِ عُمَر ، ثُمَّ كانَ فييَدِ عُثْمَان ، حتى وَقَعَ في بئر أريس )) [ سنن أبو دواد 12/321 حديث 4220 ] .
ترميم بئر أريس :
قالبعض مشايخ المدينة : قد جدَّد الشيخُ صَفِيُّ الدين أبو بكر بن أحمد السَّلاَّميُّلها درجاً ينـزل إليها منه الزوار، وقاصدو الوضوء والشُّرب، وعلى الدرج قبوٌ،وعليها تجاه الداخل لوح مكتوب عليه تاريخ عمارة البئر.
وقال آخرون: إن الذي أنشأهذه الدرجة الموجودة اليوم نجم الدين يوسف الرومي وزير طفيل، وكان الجماعة الفقراءالصلحاء الخرازون قد ابتدءوا في عمارتها، فسألهم أن يتركوا ذلك له ليفوز بثوابِها،وكان الحامل لهم على ذلك أنَّهم كانوا إذا جاؤوا إلى مسجد قُباءَ لا يجدون ماءًللوضوء والشُّرب إلا من الحديقة الجعفرية، فكانوا يتحرجون من دخولها؛ لما كان قدبلغهم أنها مغصوبة من مُلاَّكِها. والظاهر أن نجم الدين المذكور أنشأ الدَّرجوتشعَّثَتْ، فأصلحها صفي الدين السلاميرحمه الله وجددها في سنة أربععشرة وسبعمائة والله أعلم .

وذكر ابن النجار أنه ذرع طولها فكان أربعة عشر ذراعاً وشبراً منها ذراعانونصف ماء، وعرضها خمسة أذرع، وطول قفها الذي جلس عليه النبي صلى الله عليه وسلموصاحباه ثلاثة أذرع يشف كفا وهي تحت أطم عال خراب من جهة القبلة، وقد بنى في أعلاهمسكن .


ومما يذكر في فضل بئر أريس عن زيد بن خارجة أنه عاش بعد الموت وذكرأموراً: منها ما يدل على فضل هذه البئر فيما رويناه عن النعمان بن بشير. قال: لماتوفي زيد بن خارجة انتظر به خروج عثمان فكشف الثوب عن وجهه وقال: السلام عليكم. السلام عليكم. قال: وأنا أصلي فقلت: سبحان الله فقال: أنصتوا أنصتوا محمد رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان ذلك الكتاب الأول صدق صدق أبو بكر الصديق ضعيف في جسده قويفي أمر الله: صدق صدق عمر بن الخطاب قوي في جسده قوي من أمر الله كان ذلك في الكتابالأول صدق صدق عثمان بن عفان مضت اثنتان وبقيت أربع وأبيحت إلا حمى بئر أريس، وماءبئر أريس اختلف الناس ارجعوا إلى خليفتكم فإنه مظلوم السلام عليك عبد الله بنرواحة هل أحسست إلى خارجة وسعد قال شريك: هما أبوه وأخوه وقد رويت هذه القصة منوجوه عن النعمان بن بشير وغيره ذكره الذهبي في التهذيب، وفي الإحياء للغزالي أنالنبي صلى الله عليه وسلم تفل في بئر أريس.

وقال العياشي رحمه الله في رحلته واصفاً هذه البئر :
وهذه البئر في حديقة غربي مسجد قباء قريباً منه وماؤها غزير يسنى منه إلى بركة في الحديقة. وفي هذه الحديقة أنواع الفواكهوالأشجار، وبها عنب كثير قلما يدخل أحد للزيارة في وقت العنب إلا ويشتريه ويأكلهفيها حتى ظن بعض العوام أن ذلك من القربات. وأهل المدينة يقصدون هذه الحديقةللقائلة والتفرج وقد جعل لمائها نفقاً من أسفلها على وجه الماء حتى يتصل ماؤهابالبئر التي يقال لها العين الزرقاء ، وهي في حديقة أخرى قريبة من بئر أريس وهيبئر كبيرة قد أمدت بمياه آبار متعددة منها بئر أريس، وصارت متبحرة يشخب فيهاميزابان عظيمان من مياه غيرها من الآبار، فاتخذت لها أسراب تحت الأرض إلى أن خرجتإلى بطحان، ثم إلى غربي المدينة. فقسمت جداويل، فأدخل منها إلى المدينة ما احتيجإليه، فأظهرت داخل المدينة في مناهل متعددة، وبني لها بناء متقن يهبط إليها في نحوثلاثين درجة محكمة البناء، متقنة الرصف، واسعة الممشى، منها يستقي أهل المدينة كلهملشربهم. والذي رأيت منها ثلاثة مواضع أحدها شرقي المسجد بينه وبين باب البقيع فيالمكان المسمى الآن بالحرة ، والآخر خارج باب السلام في الناحية الغربية عند سوقالمدينة بالبلاط، والآخر شامي المسجد بعيداً منه إلى ناحية باب الشامي .
وكانت مطوية بالحجارة المنحوتة المطابقة، وكانت تعلوها قبة عالية مجصصةداخلاً وخارجاً، وهذا الشكل يشهد بأنها عمارة عثمانية. وكان بجوارها إلى الجنوب قبةأخرى ذات محراب فوقه كتابة باللغة التركية ولهذه القبة فتحة تطل على البئر، ويستقىمنها أيضاً وبجانب البئر حمام وبشرقه بركة كبيرة.ويستخرج الماء من البئر بواسطةالسواني [ السواني: جهاز مؤلف من حيوان وحبال غلاظ ودلو كبير (غرب) وإنسان يسوق الحيوان الذي تربط بهالحبال التي يربط فيها الدلو ويسير الحيوان في مجرى خاص به، هابط بالنسبة لفتحةالبئر، فإذا عاد الحيوان مرتفعاً إلى رأس الفتحة سقط الغرب إلى البئر فامتلأبالماء، وإذا سار في المجرى منحدراً ارتفع الغرب إلى فم البئر وألقى ما فيه من ماءفي قناة مبنية خصيصاً للماء كي يصل إلى البركة ويسقى به البستان. وتسمي اللغةالعربية هذا الجهاز المتحرك باسم "السانية" وقلما استعمل أهل المدينة في لهجتهمالعامية المعاصرة، صيغة "سانية" المفردة. لقد أحلوا مكانها الجمع، فتراهم يقولوندائماً: (السواني) وهم يقصدون (السانية) االمفردة الموصوفة آنفاً وقد استعملنا فيمتن الكتاب بأعلى هذا الهامش صيغة (السواني) جرياً على العرف ]
ولابن زبالة عنه: سقط منعثمان دفعه إلى رجل من الأنصار وكان سقوطه بعد ست سنين من خلافته فكان مبدأالفتنة.
ولابن زبالة عن ابن كعب القرظي قال: يعني سقط الخاتم من عثمان رضي اللهعنه في بئر الخريف التي هي في بئر أريس فعلق عليها اثني عشر ناضحاً فلم يقدر عليهحتى الساعة.
ولذا نقل ابن شبة عن أبي غسان ما ملخصه: سقوط الخاتم في أريس وأنه قال: وسمعت من يقول: إنما سقط في بئر في صدقته يقال لها بئر خريف يعني من آبار المالالمسمى ببئر أريس وهو صدقته لقوله ابتاع عثمان بئر أريس فيها مال يقال له الدومة،وسهمه الذي أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير وفيها كيدمة،قال: كان لعبد الرحمن بن عوف وإن أريس الذي نسب إليه المال من يهود بني محم كان لهذلك المال وفيه بئر غاض فجمعها عثمان في حصار واحد وهي سبعة أموال فتصدق بها، وكانلصدقته ذكر في حجر منقوش على باب بئر أريس فطرحه بعض ولاة المدينة في بئر من تلكالآبار.
وقال ابن النجار والغزالي وتبعهما من بعدهما من أن بئر أريس هي المقابلةلمسجد قباء في غربيه. وقال العز بن جماعة في منسكه: قد صح أن النبي صلى الله عليهوسلم تفل فيها أي بئر أريس .
وقال ابن زبالة في صدقات النبي صلىالله عليه وسلم ما لفظه: وأما الدلال والصافية فإنهما يشربان من سرح عثمان بن عفانالذي يشق من مهزور في أمواله، يأتي على أريس وأسفل منه حتى يتبطن السورين، فصرفه ـأي عثمان رضي الله عنه فخافه على المسجد في بئر أريس ثم في عقد أريم في بلحارث ابنالخزرج، ثم صرفه إلى بطحان.

المصدر
http://www.qadeem.com/vb/showthread.php?t=22090