لم أكن أعلم قبل اليوم .. أن للمسلمين عيد ثالث غير عيدي الفطر بعد صيام شهر رمضان ، والأضحى عند حج الناس الى بيت الله الحرام ...!

لم أكن أعلم قبل اليوم .. أن عيد النار .. أو عيد الربيع ..أو عيد نوروز كما يسميه الفرس ، هو مناسبة إسلامية جليلة ومقدسة..!



لكي أشارك بهذه المناسبة كما يريد منا أحد الشيوخ من رجال الدين



المناسبة تحل في 21 آذار / مارس من كل عام .. وهو اليوم الذي يعتبر عيد رأس السنة حسب تقويم الجمهورية (الإسلامية) الإيرانية ..!



نبدأ من حيث تكلم وأفتى رجل الدين ..! وهو الشيخ ( حسين بور ) الفارسي المسلم ، حيث يقول معيبا علينا نحن العرب والمسلمين جهلنا . ومن أجل تصديقه يحيلنا الى كتاب ( بحر الأنوار ) للمجلسي ـ ليس الى القران أو الحديث ــ والذي أورد فيه مقولة عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه وأرضاه يقول فيها : (( أن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاق العباد ، وأول يوم طلعت فيه الشمس ، وهو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم العهد لعلي عليه السلام ، وهو اليوم الذي يظهر فيه الإمام الغائب )) ويضيف سماحته ( إنه من أيامنا ، حفظه الفرس وضيعتموه ...!!)

أولا لاأدري من يقصد بكلمة " ضيعتموه " ، لاشك ومن مضمون الحديث ، أن المقصود بها العرب المسلمون من شيعة وسنة ، وذلك لأنه قال قبلها " حفظه الفرس " ولم يقل مثلا " حفظه مسلمي إيران أو الشيعة



أولا أعتذر لسماحة الشيخ بور عن قصورنا الثقافي والديني وعدم فهمنا للغة العربية جيدا .! وأقول لابد أن أستخلص من درر علم سماحته حقائق نستفيد منها . ولابد قبل ذلك أن أستميح عذرا من سيدي الإمام الصادق الذي يعد من أعلم آل البيت ألأطهار بعد الإمام علي عليه السلام بعلوم القران الكريم ، لأن ينسب اليه مالم يقل ، وأقول اللهم اغفر لهم فإنهم لايعلمون مايفعلون ..!



ــ يبدو أن الله سبحانه وتعالى ، وحسب قوله ، قد أخذ العهد من البشر في يوم تقويم شمسي أو التقويم الميلادي كما عرف لاحقا ، وليس بالتقويم القمري وبحسب دين الله الإسلام . وهو يوم 21 آذار / مارس . أود أن أضيف لمعلومات سماحته الغزيرة معلومة جديدة وهي أن التاريخ الميلادي او التقويم الشمسي قد ابتدأ العمل به في سنة 433 ميلادية ، عندما أمر بابا الفاتيكان أحد مساعديه وهو الكاردينال فيرتساشي الذي عرف بولعه بالرياضيات أن يضع تقويما يستند الى ميلاد السيد المسيح والسنة الشمسية وليست القمرية والتي كان معمول بها زمن الرومان وما قبلهم . لقد أخطا فيرتساشي بالحساب إذ نسي حقيقة الفرق بين السنتين الشمسية والقمرية هو أحد عشر يوما ، ولذلك إعتبر بعض العلماء أننا ربما نعيش الآن في سنة 2016 ميلادية بدل 2007 .

ولكن يبدو أن الفرس كانوا يعبدون الشمس كما كانوا يعبدون النار في العصور القديمة قد أبقوا على سنتهم الشمسية المقدسة ، وما كان لإمام كالصادق أن يؤرخ إلأحداث إلا بسنة إسلامية .



ــ ويبدو أن أول يوم طلعت فيه الشمس قد سجل أيضا بالطريقة الفارسية ، علما أن أول يوم طلعت فيه الشمس علميا كان قبل مئات المليارات من السنين ...! ولكنهم يقولون أنه كان في 21 مارس ... لابأس ...!



ــ وإذا كان هو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم العهد للإمام علي عليه السلام ، فلماذا ياترى نحتفل بعيد الغدير ، او يوم غدير ( خم ) ..؟؟



ــ أما أنه اليوم الذي يظهر فيه الإمام الغائب ، فأرى سماحته يتكلم هنا عن مجهول مقبل في علم الغيب ، لاعن ماض مجهول لايقبله العقل ..!



ــ ( حفظه الفرس .. وضيعتموه ..) ، تلك إذن قسمة ضيزى .... ولا تعليق ..!



لاأدري رأي المراجع حفظهم الله فيما تفضل علينا به الشيخ بور .. هل هم يؤيدون ذلك فياليتهم يقولون لنا ويصححون معلوماتنا بالحجة ، ويجيبون على تساؤلاتنا .. أم هم لايتفقون معه فيما قال فليتهم يردون عليه ويعيدوه الى جادة الصواب ، ولهم الأجر إن شاء الله .



ولكي نكون في الصورة الحقيقة تاريخيا لهذا اليوم ( المقدس ) وهو عيد نوروز . أرجع الى بعض المعلومات التي نشرتها الكاتبة فاطمة صمادي من طهران ، وكذلك مصادر تاريخية أخرى لكي نعلم ونتعلم بعيدا عن التخريفات ...!



تقول الباحثة الإيرانية المتخصصة بالتاريخ الإيراني القديم ( فروغ فرخ بي ) ، أن نوروز في الثقافة الإيرانية يرجع الى الوصف القديم المسمى ( عيد باستاني ) والذي يرجع لآلاف السنين . وهو العيد الذي يعكس العلاقة بين الإنسان والطبيعة . ولم يكن للإسلام أن يلغي مااستقر في الثقافة الشعبية الجماعية للإيرانيين .



في النوروز يبدأ العام الشمسي الجديد وفق تقويم الفيلسوف عمر الخيام .. أما الأساطير فتروي أن الآلهة المختبئة شتاءاً تخرج في الربيع للنور ( يبدو أن آلهة الفرس القديمة هي من الزواحف ذات الدم البارد التي تسبت شتاءاً وتخرج صيفاً ...!)

كما ورد نوروز في " شاهنامه " للشاعر الفردوسي التي نظمها باللغة الفارسية.. كما يقول (البيروني) : نوروز تعني إعادة الرونق .



كان يشترك في الطقوس الفارسية الملك والعامة .. ويقدون النار ليلا تعبيرا عن الفرح ...!

كما تروي القصص أن الملك ( جمشيد ) جاء بعد موت الملك ( طهمورس ) فحكم بالعدل فسمي اليوم الذي حكم فيه ( يوم نوروز ) أي ( اليوم الجديد ) واليوم الجديد لايعني رأس السنة كما يتصور الإيرانيون ، ومع الأسف حتى وهم مسلمون .. أو كما أفتى العلامة بور ...!

أما الباحث علي نياكانبي ، فيرى أن الإيرانيين إستمروا بالإحتفال به بعد الإسلام ، ولعب الحكام المحليون من الفرس في الفترة العباسية دورا مهما في ذلك . أما في العهد الصفوي فقد مزجت الطقوس الفارسية بالآداب الإسلامية ...!



يقول الرحالة ( دوبوكس ) في كتابه ( إيران ) : " أن الإيرانيين بعد الإسلام بحثوا عن ذريعة تمكنهم من إدامة الإحتفال بهذا العيد الذي هو من صلب معتقدهم القومي الفارسي ، واستطاع فقهاءهم الوصول الى غايتهم بربطه بوصول الإمام علي الى الخلافة .."



لاأدري كيف غابت هذه الإضافة عن معلومات الشيخ بور .. هل لأنه لايعرف الفرنسية التي كتب بها دوبوكس كتابه ( ايران ) . أم أن ربطه والمجلسي ، كل شيء يختص بهذا العيد بالدين الإسلامي وعلى لسان الصادق ـ حاشاه من قول ذلك ـ هو من باب ماذكر في البحث عن ذريعة توصل الى الغاية للإبقاء على الطقوس الفارسية ...؟



مائدة عيد نوروز في ايران ، تتضمن سبع أغذية تبدأ بحرف السين ومصدرها الأرض :

ـ سبزي ، أي الخضرة

ـ سيب ، أي التفاح

ـ سمنو ، نوع من الحلوى

ـ سير ، أي الثوم

ـ سنجد ، شجر ثمره يشبه العناب

ـ سكه ، أي النقود

ـ سماق ، وهو حب حامض الطعم



وترمز السينات السبع الى : الحظ الجيد ، السعادة ، السيادة ، السلامة ، الأيام البيضاء ، الفخر ، السخاء .

كما تضم المائدة البيض الملون رمزا للأمومة والطفولة . والبيض الملون هو من عادات المسيحيين ايضا في عيد الفصح أو عيد القيامة والذي يحل الشهر القادم ...



أسألك بربك ياشيخ حسين بور ، ويامجلسي .. هل كل هذا من الإسلام في شيء ..؟ هل ورد في القران .. هل ورد في الحديث .. هل أتى ذكره في نهج البلاغة مثلا ..؟

إذا كان الجواب بكلا .. فقولوا لنا هداكم الله وهدانا : كيف مزجتم عادات الوثنية بالإسلام ..؟ وكيف ربطتم الصفوية بشيعة أهل البيت ..؟ وكيف جمعتم بين الفارسية وقول إمام مطهر ..؟



لانملك إلا أن نقول اللهم أرجعهم الى الإسلام ، وأخرج من رؤوسهم خرافات عبدة النيران سبحانك .

وأرجع للعمائم البيضاء بياضها .. وللسوداء نقاء سوادها .. وبالله المستعان