اختط هذه المدينة القائد حسان بن النعمان الغساني عام 82هـ،


لتكون قاعدة عسكرية بحرية، ولتحول دون تكرار البيزنطيين

الهجوم على قرطاجة عام 78هـ، بنى حسان بن النعمان مدينة

تونس على أنقاض قرية قديمة عرفت باسم ترشيش القديمة،




وإنما سميت تونس في أيام الإسلام لوجود صومعة الراهب،

وكانت سرايا المسلمين تنزل بإزاء صومعته، وتأنس لصوت

الراهب، فيقولون هذه الصومعة تؤنس، فلزمها هذا الإسم فسميت

باسم تونس، واختط حسان تونس غربي البحر المتوسط بنحو

عشرة أميال، فقام بحفر قناة تصل المدينة بالبحر لتكون ميناء

بحرياً ومركزاً للأسطول الإسلامي بعد أن أنشأ فيها صناعة

المراكب، بخبراء في هذه الصناعة زوده بها والي مصر عبد




العزيز بن مروان بناء على توجيه الخليفة عبد الملك، وقد بنيت

مدينة تونس طبقاً لأهداف سياسية استراتيجية، وأهداف

اقتصادية إجتماعية تبناها الخليفة عبد الملك، أما الأهداف

السياسية البعيدة المدى، فيتضح ذلك بوضع حد لاعتداءات الروم

والمتمثلة بإغارتهم على الساحل الإفريقي، والسبيل الأمثل هو

إيجاد قاعدة بحرية، وصناعة بحرية قادرة على إنشاء أسطوله

مهمته صد العدوان الرومي بادي الأمر، ثم الانتقال من مرحلة

التصدي إلى الغزو والفتح فيما بعد، وقد تمثل تطبيق هذه المرحلة

من قبل الخليفة عبد الملك فقام بالإيعاز لشقيقه والي مصر: عبد

العزيز بن مروان، لإرسال ألفي قبطي من مهرة الصناع لإقامة

صناعة مراكب بحرية وقام هؤلاء بالمهمة الموكلة إليهم خير

قيام، وأما الهدف الثاني: فيتمثل بإيجاد حياة إجتماعية بايجاد

المؤسسات القادرة على خدمة


الأفراد، فأقام في المدينة المسجد الجامع ودار الإمارة وثكنات

للجند للمرابطة وأخذ يقوم بتدوين الدواوين، تنظيم الخراج

والعناية بالدعوة الإسلامية بين البربر، فقام بإرسال الفقهاء

ليعلموهم اللغة العربية والدين الإسلامي، وسارت المدينة لتكون

معسكراً حربياً في البداية، ومركز استيطان وإدارة لدعم الفتوحات

وأخيراً مركزاً حضارياً ومركز إشعاع فكري وعلمي وثقافي.

وهكذا رسخ الخليفة عبد الملك بن مروان إقدام الدولة الأموية

بتأسيس مدينة تونس، وقطع دابر الغارات اليبزنطية بإيجاد

مدينة إسلامية مرتبطة بالأهداف العليا للدولة