بقلم: عامر شماخ
سمعت بأذنىّ أحد الشيوعيين المعممين بعمامة الأزهر الضائع، ناصحًا المسلمين يقول: يجب أن يتخلص المسلمون من أحاديث (الخرافة!!) الحاضة على الإرهاب فى (كتابى) البخارى ومسلم، بالحرق، فإن لم يقدروا على حرقها (فيزيائيًا) فليكن التخلص منها بنزعها من صدور الناس، باعتبارها أمرًا مخالفًا لما عليه الإنسانية.
وإذا كان هذا المجرم يسوِّق للإلحاد، وقد قبض ثمن ذلك، وإذا كان قد أتيحت له (حرية التعبير!!) بعد الانقلاب الدموى الذى من بين أهدافه تجفيف منابع الدين وتشويه شريعته.. فأين الدعاة؟!، وأين الأزهر وشيخه؟!، وأين نجوم الفضائيات و(أعلم أهل الأرض) الذين صدعوا أدمغتنا بعلمهم الذى فاض، وبفقههم الذى استوعب فقه الأولين والآخرين؟!.. أين هؤلاء الذين يضعهم تلامذتهم فى مصاف كبار المحدّثين الثقات الذين استوعبوا السنة وحفظوها حفظ الشافعى وأحمد، وفهموها فهم أعلام السلف ومن تبعهم من خيار الأئمة ورءوس العلم؟!
والحقيقة أن فلانًا أو علانًا؛ تلك الأسماء التى ترددت على مسامعنا قبل الثورة باعتبارهم كذا وكذا فى الحديث والسنة، إن هم إلا كعلماء يهود الذين حُمِّلوا التوراة فلم يحملوها، كمثل الحمار يحمل أسفارًا، بئس مثل القوم.
لقد أعجبنى قول لأمير البيان شكيب أرسلان، قال: «إنما الإسلام اسم وفعل»، وهكذا لا يكون العالم فى الإسلام عالمًا والفقيه فقيهًا إلا إذا أنزل هذا العلم الذى يحمله والذى ملأ خزائن عقله - على الواقع، وكان قدوة، وكان رائدًا فى أهله، وإلا فهو يكذبهم.. وتاريخ الإسلام ملىء بأمثلة ونماذج من علماء صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا، وفى المقابل هناك علماء سوء وفقهاء (فتة!!) ودعاة مصلحة، يحلون -عياذًا بالله- الحرام ويحرمون الحلال، ويشعلون الفتن ويشقون الصف ويحرفون الكلم عن مواضعه، منهم من يأوى إلى قصور السلاطين وبيوت الأمراء، وهؤلاء هم أسوأ أصناف العلماء، لا فرق بينهم وبين أحبار اليهود ورهبان والنصارى الذين ضلوا وأضلوا؛ ذلك أنهم يجترءون على شرع الله، ويرفعون عقيرتهم باسم الله، وهم أبعد ما يكونون عن الله، أما الصنف الآخر فهم (علماء القطاع الخاص)؛ أبو فلان، أعلم أهل الأرض، والشيخ فلان، زينة العلماء، والذين كونوا ثروات هائلة من التجارة بالدعوة، وشيدوا مصالح لا حصر لها على حساب (الأتباع والمريدين)!!
وهؤلاء العلماء والفقهاء والمحدثون -إن جاز أن نطلق عليهم هذه الأوصاف- لا حرج إذا تحدثوا بالساعات، وانتقلوا من فضائية لأخرى، وقطعوا المسافات (لاستفراغ) ما فى أجوافهم من (علم).. أما أن تطلب من أحدهم أن يعلن رأيه بصراحة فى قتلى رابعة أو النهضة، أو فى اغتصاب البنات ومصادرة الأموال، أو فى حبس رئيس مسلم منتخب من شعبه.. فهذا يحبس الكلام فى حلوقهم، ويجعلهم كالمغشى عليه من الموت، ولسان حاله يقول: ما كنت لأتعلم كل هذا العلم وأحفظ كل هذا الحفظ من أجل أن يقال لى قل لى رأيك فى الانقلاب، أو ما رأى الدين فيمن قتل المسلمين الساجدين، وكأنه يؤكد: ما على هذا كانت نيتى، وإنما كانت على أن أحفظ ما حفظت، ثم أنقله لغيرى بأجر، فإن طلبتم منى غير ذلك فلا أنا منكم ولا أنتم منى.
أين المشايخ من منكرى السنة؟!، أين أصحاب اللحى التى غطت صدورهم ممن ينكر ما جاء فى كتابين إسلاميين تاريخيين هما أصح كتابين بعد كتاب الله تعالى؟!.. أين الأخ (بتاع على خطى الحبيب)؟!.. لا بارك الله فيكم إن لم تنصفوا دين محمد، ولا جزاكم الله خيرًا إن لم تنهضوا بأداء الأمانة التى كلفكم بها رب العالمين، وشاهت الوجوه إن لم تردوا غيبة نبيكم الذى تدعون حبه وتخالفون أمره..
كنت أنتظر أن يقوم (عالم ملاكى) من الذين يتحدثون طول الوقت فى أمور الطهارة والجماع، وينتفض أحدهم لو مُسّ فى شخصه (الكريم!!).. أن يهبّ للدفاع عن الوحى الثانى، الذين إن قبل العامة الطعن فيه اليوم، فقد قبلوا الطعن فى الوحى الأول غدًا.. كنت أنتظر أن يخرج المريدون (المغرر بهم) ممن يزعمون الحفاظ على السنة للاعتراض -مجرد الاعتراض- على هذا الملحد وأشباهه، كما خرجوا وراء (أعلم أهل الأرض) بالآلاف لمجرد مثوله أمام محكمة ابتدائية فى إحدى محافظات الدلتا، أليس محمد أعلى وأحب إليكم -كما تزعمون- من هذا الرجل؟!، أليست السنة أعز عليكم ممن يحفظها؟!..
إننى على ثقة أن (أعلم أهل الأرض) وإخوانه (بتوع الفضائيات) لن ينصفوا السنة، ولن يعترضوا ولو ببيان، كما أن مريديهم لن يخرجوا إلا إذا نقل أحد هؤلاء (العلماء!!) إلى المستشفى مصابًا بنزلة برد أو (دور كحة).. لكنى على ثقة أن الله رافع هذا الدين، وناصر هذه السنة، فهذا الدين منصور بهؤلاء أو بغيرهم {وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [سورة محمد: 38].