هل أبو إبراهيم آزر أم تارح؟!

قالوا: هل أخطأ القرآن خطًأ تاريخيًا لما قال: إن والد إبراهيم هو آزر ، وليس تارح كما تذكر التوراة.......تعلقوا على ذلك بما جاء في قوله : " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) " .(الأنعام).

الرد على الشبهة


أولًا: إن المسلمين عندهم قواعد ثابتة في التفسير لا تتغير بتغير حال ولا مكان...
هذه القواعد هي:


1- القرآن يفسر بالقرآن.
2- القرآن يفسر بسنة النبي العدنانr .
3- القرآن يفسر بأقوال الصحابة الكرام.
4- القرآن يفسر بأقوال السلف التابعين.
5- القرآن يفسر من قواعد اللغة العربية.
وإني لما دققتُ في الآية والآيات الأخرى ذهب عقلي إلى أن أبا إبراهيم كان اسمه تارح ؛ وكان المراد من اسم آزر هو عمه وليس أبوه على الحقيقة...
وهذا ما ذكره بعض المفسرين مدعومًا باستنتاجات مقبولة .... وقالوا أيضًا : قد يكون له اسمان، أو اسم ولقب.... وكل هذا مقنعٌ عقلاً ومتفق مع ما جاء في التوارة ...
لكن لما ظهرت لي دليل من قواعد التفاسير؛ القاعدة الثانية:(تفسير القرآن من كلام النبي العدنان). راجعت النظرَ عما سبق ... ودققت في حديث النبي r الصحيح الثابت في صحيح البخاري برقم 3101 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: " يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي فَيَقُولُ أَبُوهُ فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ .فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّار"ِ.


إذًا: بعد أن ذكر النبي اسم والد إبراهيم بأنه آزر ؛ توقفت عن كل تؤيل ، وما كنتُ عليه أميل....



ثانيًا : عن القرآن كلام الله لا ريب فيه ، وهو الكتاب المهيمن على الكتب السابقة؛ التي تلاعبت بها أيدي الكتبة والكهنة ؛ وذلك من كتبهم عينها...
فالقرآنُ هو الذي يفصل القول؛ وهو الذي يقصُ الحقَ؛ فهو ليس كتابًا مكونًا من مؤلفين مجهولين كاذبين......

قال : "إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) " (الأنعام).

وقال : " إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) " (النمل).


وأما بشأن ما جاء في التوراة بأن والد إبراهيم اسمه تارح وهذا يختلف مع القرآن...فبيانه العلمي هو: أن الأنساب مختلفة بين التوراة السامرية والعبرانية واليونانية. وإن عدد السنين لكل أب من آدم إلى إبراهيم مختلف فيه بين نسخ التوراة الثلاثة , ولوقا كاتب الإنجيل أزاد على الأسماء قينان. نقلاً عن اليونانية. ومعنى هذا أنه كان يجب على المؤلف تصحيح كتبه قبل أن يوجه نقده. ولذلك جاء في القرآن الكريم: (إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون )اهـ نقلًا عن كتاب (حقائق الإسلام في مواجهة المشككين).


قلتُ : والمرجح نقلًا وعقلًا أن والد إبراهيم كان له اسمان أو اسم ولقب ...وناده إبراهيم في هذا الخطاب بأحب اسم لأبيه كي يلين قلبه له في دعوته لله... والله أعلم وأحكم .


كتبه / أكرم حسن مرسي