رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    2,494
    آخر نشاط
    23-11-2015
    على الساعة
    05:28 PM

    افتراضي رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

    الشريف محمد بن حسين الصمداني

    تقـــديم:*
    الحمد لله الذي أمر وأوجب جدال الكفار ومحاورتهم بقوله:( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [سورة النحل 16/125] والقائل: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [سورة العنكبوت 29/46] والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة الذي امتثل لأمر الله وجادلهم في مكة والمدينة وفي حال القوة والضعف وفي السلم والحرب وأمر بذلك وسماه جهاداً فقال عليه الصلاة والسلام: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) رواه أحمد وغيره. قال ابن حزم -رحمه الله- ((وهذا حديث غاية في الصحة وفيه الأمر بالمناظرة وإيجابها كإيجاب الجهاد والنفقة في سبيل الله))، وهذا الواجب قد فرَّط فيه كثيرٌ من الدعاة والمصلحين، ففي الوقت الذي نجد فيه دعاة التقريب بين الأديان ودعاة العصرانية ينشطون لذلك ويعقدون الندوات والمؤتمرات تارة باسم التعاون وأخرى باسم التسامح والتعايش وثالثة لتحاشي النزاعات وصدام الحضارات -زعموا- وغير ذلك من التُرَّهات؛ في الوقت نفسه نجد تقاعساً كبيراً وعزوفاً من دعاة الحق عن هذا النوع من الجهاد وأحسنهم حالاً من اهتم بدعوة أهل الكتاب -وفي هذا خيرٌ كبير- مع أن دعوة أهل الكتاب والمشركين ليست هي جدالهم ومحاورتهم وما يُدرأ من المفاسد والشرور بالجدال لا يمكن درؤه بمجرد الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة التي أُمرنا بها، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- ((أما الجدلُ فلا يدعى به، بل هو من باب دفع الصائل؛ فإذا عارض الحق معارض جودل بالتي هي أحسن)) والله عز وجل قد يدفع بالحجة واللسان ما لا يدفعه بالسنان قال العلامة ابن حزم -رحمه الله-: ((ولا غيظ أغيظ على الكفار والمبطلين من هتك أقوالهم بالحجة الصادعة وقد تهزم العساكر الكبار والحجة الصحيحة لا تغلب أبداً فهي أدعى إلى الحق وأنصر للدين من السلاح الشاكي والأعداد الجمة)).
    وما أحوج من أراد أن يتصدى لهذا النوع من الجهاد أن تكون له رؤية شرعية يتسلح بها في جهاده لأعداء الله، هذا وقد تكفل أخونا الفاضل الشريف محمد بن حسين الصمداني بإيضاح هذه الرؤية من خلال كتابة هذا البحث الموسوم بـ ((رؤية شرعية في الجدال والحوار مع أهل الكتاب)) وقد قرأته و وجدته بحثاً قيماً يجدر بمن تصدى للحوار مع أهل الكتاب أن يستفيد منه وقد ذكر فيه مؤلفه -جزاه الله خيراً- مباحث مهمة استوقفني منها الشرط الأول من شروط المحاور المسلم ولوازمه وهو الأهلية وإعطاء الإسلام حقه من النصرة والبيان ومن لوازم هذا الشرط -كما ذكر-:
    1- العلم والعدل.
    2- معرفة ما ينكي وينجع في رد صيال الخصم وجداله.
    3- الصدع بالحق والجهر به.
    وقد علمت أنه أطلعه على عددٍ من المشايخ الفضلاء وطلاب العلم فاستحسنوه.
    أسأل الله عز وجل أن يجزي الباحث خير الجزاء، وأن يرزقنا وإياه الإخلاص في أقوالنا وأعمالنا وأن ينصر جنده ويعلي كلمته إنه ولي ذلك والقادر عليه.**
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    المقـدمـة
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أمَّا بعد:
    فإنَّ المواجهة مع أهل الكتاب قديمةٌ قِدمَ الإسلام بدءاً بمظاهرة أهل الكتاب للمشركين بمكة على المؤمنين وقولهم:(هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) [سورة النساء 4/51] ومروراً بالمعاهدات والمواثيق بعد الهجرة الشريفة وجدالهم بالمدينة النبوية وإقامة الحجة عليهم ودعوتهم للإسلام والتحاكم إلى القرآن ثم إجلاء بني النضير، ثم قتل أهل الغدر منهم كما في قصة بني قريظة بعد الأحزاب، ثم كانت خيبر، ثم إرسال الرسل وكتابة الكتب لملوكهم ودعوتهم للإسلام ثم كانت مؤتة ثم النفير لبني الأصفر في الشام فكانت تبوك حتى ((أنزل الله تعالى في ذلك أكثر سورة براءة وذمَّ الذين تخلفوا عن جهاد النصارى ذماً عظيماً. والذين لم يروا جهادهم طاعة جعلهم منافقين كافرين وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) [سورة المنافقون 63/6] وقال تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ) [سورة التوبة 9/84] الآية. فإذا كان هذا حكم الله ورسوله فيمن تخلف عن جهادهم إذْ لم يره طاعة ولا رآه واجباً فكيف حكمه فيهم أنفسهم...))(1)واستقبل بعد ذلك وفد نجران وطلب مباهلتهم فنكلوا ثم ختم جهاده صلى الله عليه وسلم مع أهل الكتاب قبل موته بعملين جليلين هما:
    1- الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب.
    2- إعداد العدة لجهاد النصارى.
    وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكان أول عمل يعمله إمضاء غزو الروم وجهاد أهل الكتاب وتابعته الأمة على هذا العمل الجليل فكان الفاروق عمر وعثمان رضي الله عنهما فقامت سوق الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً واستمر الأمر على ذلك مدة خلافة بني أمية وصدراً من خلافة بني العباس ثم خلفت خلوف تسلطت في زمنهم البدع على الرقاب وقامت سوق دولها.
    بنوبويه بدار الخلافة ببغداد والعبيدية القداحية اليهود ببلاد مصر وما حولها فتراجع حال أمة الإسلام في مواجهة أهل الكتاب واستمر الأمر في تراخٍ وإدبار حاشا ما كان من الطائفة المنصورة القائمة بحجة الله في أرضه. وقد صوَّرَ ابن السبكي حال العلماء في عصره - القرن الثامن - بقوله: ((... فقل لهؤلاء المتعصبين في الفروع: ويحكم ذروا التعصب ودعوا عنكم هذه الأهوية ودافعوا عن دين الإسلام وشمروا عن ساق الاجتهاد في حسم مادة من يسب الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ويقذف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التي نزل القرآن ببراءتها وغضب الرب تعالى لها حتى كادت السماء تقع على الأرض ومن يطعن في القرآن وصفات الرحمن فالجهاد في هؤلاء واجب فهلا شغلتم أنفسكم به!)).
    ثم قال: ((… ويا أيها الناس بينكم اليهود والنصارى قد ملأوا بقاع البلاد فمن الذي انتصب منكم للبحث معهم والاعتناء بإرشادهم بل هؤلاء أهل الذمة في البلاد الإسلامية تتركونهم هملاً تستخدمونهم وتستطبونهم ولا نرى منكم فقيهاً يجلس مع ذمي ساعة واحدة يبحث معه في أصول الدين لعل الله تعالى يهديه على يديه.
    وكان من فروض الكفايات ومهمات الدين أن تصرفوا بعض هممكم إلى هذا النوع فمن القبائح أن بلادنا ملأى من علماء الإسلام ولا نرى فيها ذمياً دعاه إلى الإسلام مناظرة عالم من علمائنا بل إنما يسلم من يسلم إما لأمر من الله تعالى لا مدخل لأحد فيه أولغرض دنيوي … ثم ليت من يسلم من هؤلاء يرى فقيهاً يمسكه ويحدثه ويعرفه دين الإسلام لينشرح صدره لما دخل فيه بل والله يتركونه هملاً لا يدرى ما باطنه: هل هو كما يظهر من الإسلام أو كما كان عليه من الكفر لأنهم لم يُرووه من الآيات والبراهين ما يشرح صدره فيا أيها العلماء في مثل هذا فاجتهدوا وتعصبوا …))(2).
    وبهذا ومثله تكالب الأعداء وتسلط أهل الكتاب على رقاب المسلمين في ديارهم فكانوا هم الجباة والصيارفة وهم الوزراء والصيادلة وهم المتصرفون في الأموال والأبدان بالحساب والطب وهذا كثير في كتب التاريخ والسير(3).
    وازداد المرض في أمة الإسلام واتسع الخرق على الراقع إلا بقايا من أهل العلم والذكر سجل التاريخ لنا ردودهم على أهل الكتاب. ولما كان المرض موجوداً في بعض طبقات العلماء فإنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لم يعدم أن يقال في ردوده على الرافضة في "منهاج السنة النبوية" وعلى النصارى في "الجواب الصحيح" أنها من قبيل تضييع الزمان!! … هذا خليل بن أيبك الصفدي يقول في شيخ الإسلام ابن تيمية: ((… وضيع الزمان في رده على النصارى والرافضة ومن عاند الدين وناقضه ولو تصدى لشرح البخاري أو لتفسير القرآن العظيم لقلد أعناق أهل العلوم بدر كلامه النظيم))(4).
    ولما كان الحال كذلك منذ مدد متطاولة واستيقظ الناس على انحلال أمر الخلافة بسقوط دولة بني عثمان وتفرق الأمة وتنازعها ورأوا استيلاء النصارى على الديار والعباد تباين الناس في كيفية التعامل مع هذا الواقع المؤلم فمنهم من ساير خطاب ما يسمى بتيار الإصلاح الذي ظهر في أواخر عهد الدولة العثمانية كجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومدرستهما ومنهم من اجتر الطريقة المغروسة في جسد الأمة والتي لا تحتاج إلى مزيد تعريف ولا كثير بيان وهي مواصلة الانغلاق على النفس وترك العدو والاشتغال به لا دعوة وإرشادا ولا رداً على شبهاته وجهادا (5)… ولهذا صحَّ أن يقال (… كثير من علماء أهل السنة وطلبة العلم من محبي شيخ الإسلام لا يكادون يتجاوزون كلامه في الفقه والتفسير والحديث إلى ما كتبه في الرد على الفلاسفة والمناطقة وأهل الكتاب والمتكلمين وإنما ظهر الاهتمام بهذه المخالفات منذ زمن قريب على يد طلاب الدراسات العليا في الجامعات …))(6).وقال الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى مصوراً لشيء من ذلك الحال:(… وكنا قبل هذا الوقت نقول: لا حاجة لقراءة ((الجهاد))؛ لأنه لا يوجد جهاد ولا لقراءة أحكام أهل الذمة؛ لأنهم غير موجودين عندنا. أما الآن فلابد لطلبة العلم من أن يقرؤوا ويحققوا أحكام الجهاد وأحكام أهل الذمة وسائر الكفار لأنه في هذا الوقت انفتحت جبهات للجهاد - ولله الحمد - في سبيل الله وأما الكفار فقد ابتلينا بهم وكثروا بيننا لا كثَّرهم الله فالواجب أن نعرف كيف نعامل هؤلاء الكفار …)(7). أهـ.
    وبقيت أمة من الناس تهدي بالحق وبه تعدل لا يضرها من خالفها ولا من خذلها وهم الذين سكبوا في أقلامهم مداد الوحي فنشروا حجج الله وبيناته في الخلق. وقد أثنى ابن القيم رحمه الله تعالى على ((قلمهم)) وسماه بـ((القلم الجامع)) وقال فيه: ((القلم الثاني عشر: القلم الجامع وهو قلم الرد على المبطلين ورفع سنة المحقين وكشف أباطيل المبطلين على اختلاف أنواعها وأجناسها وبيان تناقضهم وتهافتهم وخروجهم عن الحق ودخولهم في الباطل. وهذا القلم في الأقلام نظير الملوك في الأنام وأصحابه أهل الحجة الناصرون لما جاءت به الرسل المحاربون لأعدائهم وهم الداعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة المجادلون لمن خرج عن سبيله بأنواع الجدال. وأصحاب هذا القلم حربٌ لكل مبطلٍ وعدو مخالف للرسل فهم في شأن وغيرهم من أصحاب الأقلام في شأن))أهـ(8).
    ولما كانت الحاجة ماسة لبحث هذا الموضوع خاصة في مثل هذه الأزمان التي للكفر فيها جولة بالسنان وصولة بالحجج الباطلة والأدلة الفاسدة كان من المتعين التنبيه على ما يتعلق بأحكام ((الجدال والحوار مع أهل الكتاب)) وما يتعلق به من ألفاظ ومصطلحات حادثة وذلك بتقرير حكم الجدال مع أهل الكتاب في الشرع وما يتعلق به على وجه الاختصار.
    وهو أمر سهل التحرير لوضوحه في الكتاب والسنة ومنهج الأئمة الأعلام لكنَّ البيئة التي ينشأ فيها المرء ربما جعلته يظن أن هذا ليس من دين الإسلام خاصة إذا غُذيَ ذلك بما يرى ويرى عن الدعوات المشبوهة لإقامة الحوارات الحضارية ودعوات التعايش والسلم المدني ونحو ذلك.
    وقد اشتمل البحث - في اختصار - على: مقدمة وتمهيد وفصلين ثم خاتمة. وذلك على النحو الآتي:
    المقدمة: اشتملت على عرض مختصر للموضوع والسبب الداعي للكتابة فيه.
    أما التمهيد فتضمن أربعة مباحث:
    المبحث الأول: تعريف الحوار والجدل في اللغة والاصطلاح.
    المبحث الثاني: أنواع المنكرين لمجادلة أهل الكتاب.
    المبحث الثالث: أنواع المجادِلين لأهل الكتاب.
    المبحث الرابع: أنواع المجادَلين من أهل الكتاب.
    وأما الفصل الأول فكان في: مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن والسنة وفيه:

    المبحث الأول: الأدلة من القرآن.
    المبحث الثاني: الأدلة من السنة.
    المبحث الثالث: حكم جدال وحوار أهل الكتاب.

    ثم يأتي الفصل الثاني وجعلته في: شروط الحوار والجدال مع أهل الكتاب وتضمن ثلاثة مباحث هي: المبحث الأول: الشروط الواجب توفرها في المحاور المسلم.
    المبحث الثاني: شروط المحاور الكتابي.
    المبحث الثالث:موضوعات الحوار والجدال مع أهل الكتاب.
    ثم كانت الخاتمة.
    ونسأل الله أن يلهمنا الرشد ويرزقنا حسن القصد وأن يجعلنا من القائلين بعلم وعدل وأن يعصمنا بالورع وهو حسبنا ونعم الوكيل.
    التمهـيد
    المبحث الأول: الحوار والجدل في اللغة والاصطلاح:
    أولاً: الحوار والجدل في اللغة:
    الحوار في اللغة ((تراجع الكلام))(9).وفي ((لسان العرب)): ((وهم يتحاورون أي: يتراجعون الكلام. والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة))(10).
    أما الجدل: فقال ابن فارس: ((الجيم والدال واللام أصل واحد وهو من باب استحكام الشيء في استرسال يكون فيه وامتداد الخصومة ومراجعة الكلام))(11).
    ثانياً: الحوار والجدل في الاصطلاح:
    الحوار في الاصطلاح: هو بنفس المعنى اللغوي السابق فهو إذاً: مراجعة للكلام بين طرفين أو أكثر دون وجود خصومة بينهم بالضرورة(12).
    أما الجدل: فكما يعرفه الجويني هو: ((إظهار المتنازعين مقتضى نظرتهما على التدافع والتنافي بالعبارة أو ما يقوم مقامهما من الإشارة والدلالة))أهـ(13).
    وتوجد ألفاظ قريبة من الحوار والجدال منها: المحاجة والمناظرة والمناقشة والمباحثة.
    وبحثنا سيدور حول الجدال مع أهل الكتاب لا مع عموم الكفار والمشركين.
    المبحث الثاني: أنواع المنكرين للجدال مع أهل الكتاب:
    رأينا في المقدمة أن هناك إعراضاً من بعض المنتسبين للعلم عن دعوة ومواجهة أهل الكتاب. ودعا إلى ذلك جملة أسباب منها:
    1-الركون إلى انتشار الإسلام.
    2-أن الأصل في ذلك أنه من باب فروض الكفاية.
    3-الاشتغال بالفروع الفقهية والتعصبات المذهبية وحصر جانب الجدال في باب المذاهب الفقهية الأربعة أوبين المعتزلة والأشاعرة أوأهل الكلام والفلاسفة.
    وقد مرت فترات بالأمة ظهر فيها اشتغال مجرد بالعلم من قبل الطلبة وأهل العلم وهو اشتغال على مستوى الكتب والدراسة دون معرفة الواقع الذي يحتاج في كثير من مسائله إلى تفصيل وقول بعلم وعدل.
    ولئن كانت تلك جملة من الأسباب التي منعت طوائف من أمة الإسلام عن الاشتغال بالرد على أهل الكتاب أوالحوار معهم فإنَّ هناك طوائف رأتْ أنَّ الباب يجب أنْ يغلق والنافذة يجب أن تسد فأنكرت الاشتغال بالرد عليهم من باب الشرع الذي دعاهم للقيام بالجدال والدعوة للإسلام!
    فما هي أهم شبه هؤلاء وما هي أهم مرتكزاتهم؟
    الشبهة الأولى: منع الجدال مع أهل الكتاب بناءً على ظهور دلائل النبوة.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((… ومما يعجب منه أن بعض المنكرين لمجادلة الكفار بناءً على ظهور دلائل النبوة نجده هو ومن يعظمه من شيوخه الذين يعتمد في أصول النظر على نظرهم ومناظرتهم ويزعمون أنهم قرروا دلائل النبوة قد أوردوا من الشبهات والشكوك والمطاعن على دلائل النبوة ما يبلغ نحو ثمانين سؤالاً وأجابوا عنه بأجوبة لا تصلح أن تكون جواباً في المسائل الظنية بل هي إلى تقرير شبه الطاعنين أقرب منها إلى تقرير أصول الدين …))(14).
    الشبهة الثانية:منع الجدال مع أهل الكتاب بناءً على نسخ آيات الجدال معهم بآيات السيف وفرضية الجهاد.
    ردَّ شيخ الإسلام على أصحاب هذا الاتجاه من تسعة أوجه حررها في كتابه العظيم ((الجواب الصحيح)). يقول رحمه الله تعالى: ((فإنَّ من الناس من يقول: آيات المجادلة والمحاجة للكفار منسوخات بآية السيف لاعتقاده أن الأمر بالقتال المشروع ينافي المجادلة المشروعة وهذا غلط فإنَّ النسخ إنما يكون إذا كان الحكم الناسخ مناقضاً للحكم المنسوخ كمناقضة الأمر باستقبال المسجد الحرام في الصلاة للأمر باستقبال بيت المقدس بالشام …))
    ثم قال رحمه الله تعالى: ((… وقوله: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) [سورة العنكبوت 29/46] فهذا لا يناقض الأمر بجهاد من أمر بجهاده منهم ولكن الأمر بالقتال يناقض النهي عنه والاقتصار على المجادلة. فأما مع إمكان الجمع بين الجدال المأمور به والقتال المأمور به فلا منافاة بينهما وإذا لم يتنافيا بل أمكن الجمع لم يجز الحكم بالنسخ ومعلومٌ أن كلاً منهما ينفع حيث لا ينفع الآخر وأن استعمالهما جميعاً أبلغ في إظهار الهدى ودين الحق ومما يبين ذلك وجوه: …))(15).
    ثم عدَّدَ رحمه الله تعالى تسعة أوجه للقول بذلك وكلامه نفيس للغاية (16).
    المبحث الثالث: أنواع الداعين للحوار والجدال مع أهل الكتاب:
    هناك عدة اتجاهات وتيارات تدعو للحوار والجدال مع أهل الكتاب. وكل اتجاه يحمل في طياته أفكاراً واجتهادات متنوعة تتنوع وتختلف بحسب اختلاف أفراده وبحسب ما يغلب عليهم من مواد(17).ومن هذه التيارات:
    التيار الأول: دعاة التقريب بين الأديان: كروجيه جارودي(18) وأحمد كفتارو(19) وغيرهما. ويستند هؤلاء في الغالب على عقائد الباطنية وكلام ابن عربي وغيره من ملاحدة الصوفية الذين ينادون بصحة كل الأديان. يقول جارودي:((إنني عندما أعلنت إسلامي لم أكن أعتقد بأني أتخلى عن مسيحيتي ولا عن ماركسيتي ولا أهتم بأن يبدو هذا متناقضاً أو مبتدعاً)). ويقول: ((هذا النضال هو نضال كل أصحاب العقيدة أو المؤمنين بعقيدة مهما يكن نوع إيمانهم ولا يهمني ما يقوله الإنسان عن عقيدته: أنا مسلم أو: أنا مسيحي أو: أنا يهودي أو: أنا هندوسي))(20).
    ولما انتشرت بعض آراءه الكفرية الإلحادية قيل: ((إنه ارتد عن الإسلام))! قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى: ((لا يحكم عليه بأنه مرتد عن دين الإسلام كما توهمه بعضهم وإنما هو كافر أصلي لم يدخل في الإسلام))(21). ولهذا قال العلاَّمة بكر أبو زيد فيه: (النصراني المتلصص إلى الإسلام)(22).
    التيار الثاني: دعاة العصرانية: يجمع هذا التيار في طياته: ((الفقيه الذي أثقلت كاهله المتغيرات الحديثة..والصحفي الذي يفتقر إلى علوم الشريعة.. والعقلاني المغرق في عقلانيته))(23)..والمثقف الباحث عن موقع ثقافته الحضارية.. والقومي الذي يتخبط في خبال الجاهلية… وهم درجات بحسب ما يغلب عليهم من مواد. ومن أبرزهم: الدكتور حسن الترابي والدكتور يوسف الحسن والدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري والدكتور محمد عمارة وعبده سلاَّم وغيرهم.
    ومن أهم الصيغ التي تحدد مباديء ((التعايش)) و ((الحوار)) بين ((المسلم)) و ((غير المسلم)) عند هؤلاء ما يلي:
    أولاً: الاتفاق على استبعاد كل كلمة تخدش عظمة الله.
    ثانياً: الاتفاق على أن الله يختار رسله من أهل الصدق والأمانة.
    ثالثاً: ما وجدناه متوافقاً في تراثنا نرد إليه ما اختلف فيه وبذلك يمكن وضع قاعدة مشتركة بين الأديان (24).
    ويقرر بعض هؤلاء أنهم لا يستطيعون التقريب بين الأديان أوتذويب أحدها في الآخر وأنَّ أيَّ محاولة لذلك إنما هي من قبيل الغش الثقافي والخداع الفكري وهي أشد خطراً من الغش الاقتصادي والتجاري.
    كما يدرك بعضهم أن النصارى لا يؤمنون بالتعايش ولا بالحوار ولا بالتعاون؛ وهم - أي النصارى - إذا نادوا بالتعايش أودعوا إلى الحوار قصدوا بذلك استغلالهما لفرض الهيمنة الدينية التي لا تكاد تختلف في شيء عن الهيمنة السياسية والاقتصادية(25).
    ويرون أن المسلمين لا يمنعهم مانع من أن يستجيبوا لدعوة ((التعايش)) مع غيرهم حتى وإنْ كان مفهوم ((التعايش)) عند غير المسلمين منافياً - جزئياً أوكلياً - للمفهوم الإنساني المتحضر الذي يؤمن به المسلمون(26).
    ويتذرع هذا التيار في دعوته لإقامة الحوار مع أهل الكتاب بشبهات شتى منها: ((مواجهة الإلحاد المادي)) و((التعاون والتسامح)) و((التعارف)) و((الدعوة إلى الله وإفهام الغرب تعاليم الإسلام)) و((أنه ضرورة يفرضها النظام العالمي الجديد)) و((أنَّ الحوار وسيلة لتحاشي النزاعات والحروب وصدام الحضارات)) وأن ((الإسلام يدعو العالم لأن يكون منتدى حضارات))(27) و((هو وسيلة لتحقيق الوحدة الوطنية بين مختلف طوائف الأمة)) و((أنه وسيلة للمحافظة على الأقليات المسلمة في الغرب)).
    ولا ريب أنَّ هذه قضايا متفاوتة في نفسها ومتباينة في قائليها ولا يمكنُ رؤيتها من منظار واحد بل إن بعضها ربما دعا إليها تيار آخر كتيار دعاة التقريب بين الأديان وربما شاركهم فيها بعض الدعاة والمفكرين والقول في جميع تلك القضايا يحتاج إلى تفصيل في كل مسألة منها وليس هذا محل بسطها أونقدها(28).
    التيار الثالث: بعض المتصدين للواقع من الدعاة والمفكرين.
    ويمكن تصنيف هؤلاء على وجه الإجمال إلى فريقين:
    الفريق الأول: من يلمس منه ضعف في التأصيل أوتذبذب في الموقف الشرعي. وربما اقترب هؤلاء من دعاة العصرانية في بعض المسائل والقضايا حتى لا يمكن التفريق بين أقوالهم.
    والفريق الثاني: من يلمس منه وضوح في التأصيل الشرعي.
    و من أبرز من تصدى لبيان بطلان أديان النصارى والرد عليهم في العصور المتأخرة: الشيخ رحمة الله الدهلوي الهندي والداعية أحمد ديدات(29).
    المبحث الرابع: أنواع المجادَلين والمحاوَرين من أهل الكتاب:
    من استقرأ القرآن والسنة وكلام الأئمة يجد أنه لا يُستثنى أحد من أهل الكتاب من أصل الجدال فهناك الجدال مع كل من: أهل الذمة وأهل الهدنة والأمان وأهل الحرب لرد صيالهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((والمجادلة قد تكون مع أهل الذمة؛ والهدنة؛ والأمان؛ ومن لا يجوز قتاله بالسيف؛ وقد تكون في ابتداء الدعوة؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجاهد الكفار بالقرآن؛ وقد تكون لبيان الحق وشفاء القلوب من الشبه مع من يطلب الاستهداء والبيان...))(30).

    الفصل الأول: مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن والسنة:
    أنزل الله القرآن لهداية الناس أجمعين فخاطب فيه عقول الناس حين تستبد بها الأهواء وحين تكتنفها الشبهات وحين تتنازعها الشهوات وما ترك حالة من حالات النفس العارضة إلا و وقف معها يجادلها ويعظها ويذكرها وهو في كل ذلك يرشدها إلى الهداية لعبادته وحده لا شريك له والى الاستقامة على أمره. ولأهل الكتاب من هذا الخطاب والجدال حظ كبير في القرآن والسنة ذلك أنَّ المسافة الفاصلة بينهم وبين الهدى:تركُ الهوى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ولهذا تجد اليهود يصممون ويصرون على باطلهم لما في نفوسهم من الكبر والحسد والقسوة وغير ذلك من الأهواء. وأما النَّصارى فأعظم ضلالاً منهم وإنْ كانوا في العادة والأخلاق أقل منهم شراً فليسوا جازمين بغالب ضلالهم بل عند الاعتبار تجد من ترك الهوى من الطائفتين ونَظَرَ نوعَ نظرٍ تَبيَّنَ له الإسلام حقاً...))(31).
    المبحث الأول: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من القرآن:
    1-قال تعالى:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). قال ابن كثير في تفسيرها:((وقوله: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ُ) [سورة النحل 16/125] أي: من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب..))(32) اهـ. وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: ((... فإنْ كان المدعويرى أنَّ ما هو عليه الحق أوكان داعية إلى الباطل فيجادل بالتي هي أحسن وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلاً ونقلاً. ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها فإنَّه أقرب إلى حصول المقصود وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أومشاتمة تذهب بمقصودها ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها)). أهـ(33).
    2-وقال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[سورة العنكبوت 29/46]. قال الشوكاني رحمه الله: (((وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي: إلا بالخصلة التي هي أحسن وذلك على سبيل الدعاء لهم إلى الله عز وجل والتنبيه لهم على حججه وبراهينه رجاء إجابتهم إلى الإسلام لا على طريق الإغلاظ والمخاشنة. (إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) بأن أفرطوا في المجادلة ولم يتأدبوا مع المسلمين فلا بأس بالإغلاظ عليهم والتخشين في مجادلتهم))(34).
    والمتأمل في القرآن يجد أنَّ معظم القضايا التي جادل القرآن فيها أهل الكتاب تدور على محورين:
    1-توحيد الله وعبادته.
    2-إثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به(35).
    والأمر بمجادلة أهل الكتاب في القرآن جاء مقروناً بالإحسان ومن الإحسان:
    1- اتباع طريقة القرآن في جداله لأهل الكتاب ((والأصل في باب مجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن هو آية آل عمران: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران 3/64](36). ولهذا أمتثلها النبي صلى الله عليه وسلم فكتبها في رسالته إلى هرقل عظيم الروم يدعوه إلى الإسلام ونبذ الشرك. وقد حرَّفَ العصرانيون معنى ((الكلمة السواء)) إلى معانٍ فاسدة(37).
    2- عدم تكذيب ما عندهم تكذيباً عاماً لمجرد كونه من كتبهم بل ينبغي السكوت عن ذلك فلا يصدقون ولا يكذبون (38).
    3- ومنه: عدم تفضيل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام على وجه الحمية والعصبية لحديث أبي هريرة عند البخاري: قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تخيروني على موسى …))(39).
    وفي رواية عند البخاري أيضاً:((لا تفضلوا بين أولياء الله))(40).
    4- ومنه: أن تكون المجادلة: :((بحسن خلق ولطف ولين كلام ودعوة إلى الحق وتحسينه ورد الباطل وتهجينه بأقرب طريق موصل لذلك وأن لا يكون القصد منها مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو بل يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق))(41).
    5- ومنه: أن ينزل خطاب كل طائفة منهم على ما يقتضيه فقه الواقع ومعرفة المجادل أو المحاور بأحوالهم إذْ إنهم: (ليسوا سوآء ً). وقد قال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) [سورة الأنعام 6/55] فيفوت من الإحسان في جدالهم على قدر تفريط المجادل في:
    1-العلم بالحق ومعرفة تفصيل الآيات.
    2-ضعف استبانة سبيل المجرمين وما هم عليه من الضلال المبين.
    المبحث الثاني: أدلة مشروعية مجادلة أهل الكتاب من السنة:
    وردت عدة أحاديث تدل على مشروعية جدال أهل الكتاب منها:
    1-حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي …)) الحديث وفيه: ((.. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن..)) رواه مسلم (42).
    2-وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم))(43). قال ابن حزم:((وهذا حديث غاية في الصحة وفيه الأمر بالمناظرة وإيجابها كإيجاب الجهاد والنفقة في سبيل الله)). أهـ(44).
    والنبي صلى الله عليه وسلم مبين للقران فجداله مع أهل الكتاب هو التطبيق العملي للجدال القرآني مع أهل الكتاب وهو في هذا ماضٍ على سنة الأنبياء من قبله في جدالهم لأقوامهم وبيان الحق لهم كما قال تعالى في جدال نوح لقومه: ((قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا..)) وكذا الآيات الكريمات التي فيها جدال إبراهيم لأبيه ولقومه وللملك ومحاجة موسى لفرعون ولقومه ولهذا كان الجدال عن الحق: ((حِرْفةُ الأنبياء)) كما يقول الفخر الرازي(45).
    وهو صلى الله عليه وسلم على سنة الأنبياء من قبله يدعو إلى الله على بصيرة فكان يواجه الناس على اختلاف عقائدهم منهم: المسترشد الذي يطلب الحق ليلتزم به ومنهم الجاهل الذي يبتغي العلم فيستنير به ومنهم الجاحد الذي يسلك سبيل المدافعة والمنازعة بغية تثبيت ما عنده وتزهيق ما عند غيره لكنه قد يستسلم لما تنتج عنه المدافعة والمنازعة وظهور الحجة وبيان المحجة ومنهم المعاند المتلدد الذي لا يلوي على شيء غير الوقوف أمام كل جديد بالصد والإنكار بدعوى التزام ما كان عليه الأولون من الآباء والأجداد … ومن هؤلاء وهؤلاء من ينتسب إلى كتاب منزل أصابه من التحريف والتبديل ما جعله يخلط حقاً بباطل ورشاداً بِغَي وصدقاً بكذب وهم اليهود والنصارى…فواجههم عليه الصلاة والسلام وقد وعى طريقة القرآن في بيان الحق
    وتثبيته ودفع الباطل وتزهيقه فكانت العلاقة وثيقة بين جدل القرآن مع أهل الكتاب والجدل معهم في السنة
    لمطهرة ولا عجب فالنبي صلى الله عليه وسلم هو المفسر والمبين لوحي القرآن (46).
    ومواجهة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكتاب اتخذت عدة صور منها: دعوتهم للإسلام ومجادلتهم ومناظرتهم وأخذ المواثيق ثم جهادهم وقتالهم وسبي ذراريهم وإجلائهم من الديار.
    ومن الوسائل التي اتبعها عليه الصلاة والسلام في دعوة أهل الكتاب(47) ما يلي:
    أولاً: غشيانهم في محافلهم ومجتمعاتهم لدعوتهم إلى الإسلام.
    من هذا حديث أنس رضي الله عنه قال: ((كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له: أسلم؛ فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطِعْ أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فأسلَمَ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار)). رواه البخاري(48).
    ثانياً: الكتابة إلى ملوكهم ورؤسائهم.
    روى ابن عباس - كما في حديث أبي سفيان الطويل مع هرقل - أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل: ((بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلامٌ على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام. أسلم تسلم يؤتِكَ اللهُ أجرَك مرتين. فإنْ توليتَ فإنَّ عليك إثمَ الأريسيين. و(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [سورة آل عمران 3/64]. رواه البخاري(49).
    ثالثاً: استقبال وفودهم.
    من ذلك استقبال وفد نجران النصارى. قال حذيفة رضي الله عنه: جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدان أن يلاعناه. قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل فوالله لئن كان نبياً فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا. قالا: إنا نعطيك ما سألتنا وابعث معنا رجلاً أميناً ولا تبعث معنا إلا أميناً. فقال: لأبعثن معكم رجلاً أميناً حقَّ أمين فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قُمْ يا أبا عبيدة ابن الجراح فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أمين هذه الأمة)) رواه البخاري(50).
    المبحث الثالث: حكم مجادلة وحوار أهل الكتاب:
    ينقسم حكم الجدل معهم إلى قسمين:
    الأول: الجدل الممدوح:
    وهو الجدل الذي يقصد به تأييد الحق أوإبطال الباطل أوأفضى إلى ذلك بطريق صحيح. ومن هذا الجدل ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض على الكفاية. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ((… والدعاء إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ونحو ذلك مما أوجبه الله على المؤمنين فهذا واجب على الكفاية منهم. وأما ما وجب على أعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قدرهم وحاجتهم ومعرفتهم …))(51). وقال رحمه الله أيضاً:((… فأما المجادلة الشرعية كالتي ذكرها الله تعالى عن الأنبياء عليهم السلام وأمر بها في مثل قوله تعالى: (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا) وقوله (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) وقوله: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) وقوله: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [سورة النحل 16/125] وأمثال ذلك فقد يكون واجباً أومستحباً وما كان كذلك لم يكن مذموماً في الشرع))(52).
    وذكر ابن القيم رحمه الله في ((الهدي)) ضمن فقه قصة وفد نجران: ((ومنها: جواز مجادلة أهل الكتاب ومناظرتهم بل استحباب ذلك بل وجوبه إذا ظهرت مصلحته من إسلام من يرجى إسلامه منهم وإقامة الحجة عليهم ولا يهرب من مجادلتهم إلا عاجز عن إقامة الحجة …)). أهـ (53). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله - في فوائد قصة أهل نجران -:((وفيها جواز مجادلة أهل الكتاب وقد تجب إذا تعينت مصلحته))(54).
    الثاني: الجدل المذموم:
    وهو الجدل الذي يقصد به الباطل أو تأييده أو يفضي إليه أو كان القصد منه مجرد التعالي على الخصم والغلبة عليه فهذا ممنوع شرعاً ويتأكد تحريمه إذا قلب الحق باطلاً أو الباطل حقاً. قال ابن تيمية رحمه الله:
    ((والمذموم شرعاً ما ذمه الله ورسوله كالجدل بالباطل والجدل بغير علم والجدل في الحق بعدما تبين …)) (55)ويدخل في هذا النوع دعوات التقارب ونظريات الخلط بين الأديان فإنَّها من الباطل الصرف؛ كما يدخل فيه كثير من الحوارات الحضارية المعقودة مع أهل الكتاب لما تفضي إليه من الباطل.
    ومما يحسن مراعاته في هذا المقام التفريق بين مقام الدعوة ومقام دفع الصائل وهل هما على حد سواء أم لا؟ من استبان عنده الفرق بين المقامين لُمِسَ من كلامه نصرة الإسلام وعزته ولهذا فإنَّ الفرق جليٌ بين من يرد وينافح على سبيل الدعوة وبين من يرد على هيئة دفع الصائل!
    إنَّ الرد على جاحد الحق الذي يقيم الحجج والشبه على باطلة لا ينبغي أن يكون من باب الدعوة بالحكمة أوالموعظة الحسنة بل يجب أن يكون من باب دفع ضرره عن المسلمين وصياله عليهم فإذا صال عسكر الكفر على المسلمين بالسلاح المادي وجب أن يرد ذلك بالسلاح المادي إنْ كان في المسلمين طاقة وقدرة والقدرة بالسيف ليست دائمة للمسلمين بخلاف ما إذا صال عسكر الكفر بالحجج الباطلة فإنه يجب على أهل العلم والإيمان الدفاع عن الإسلام بإقامة حججه الصحيحة ودلائله الصريحة وذلك أن الإسلام منصور أبداً في مقام الحجة والبرهان هذا هو الأصل.
    ولا يغيظ الكفار شيء كما يغيظهم إقامة حجة الإسلام وبيان براهينه والتدليل على أباطيل الكفر وأحابيله. يقول أبو محمد ابن حزم -وهو كلام نفيس-: ((وقال تعالى: (ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح). ولا غيظ أغيظ على الكفار والمبطلين من هتك أقوالهم بالحجة الصادعة وقد تهزم العساكر الكبار والحجة الصحيحة لا تغلب أبداً فهي أدعى إلى الحق وأنصر للدين من السلاح الشاكي والأعداد الجمة وأفاضل الصحابة الذين لا نظير لهم إنما أسلموا بقيام البراهين على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم فكانوا أفضل ممن أسلم بالغلبة بلا خلاف من أحد المسلمين. وأول ما أمر الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يدعو له الناس بالحجة البالغة بلا قتال فلما قامت الحجة وعاندوا الحق أطلق الله تعالى عليهم السيف حينئذ؛ وقال تعالى: (قل فلله الحجة البالغة). وقال تعالى:(بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق). ولا شك في أن هذا إنما هو بالحجة لأن السيف مرة لنا ومرة علينا وليس كذلك البرهان بل هو لنا أبداً ودامغ لقول مخالفينا ومزهق له أبداً. ورب قوة باليد قد دمغت بالباطل حقاً كثيراً فأزهقته منها يوم الحرة ويوم قتل عثمان رضي الله عنه ويوم قتل الحسين وابن الزبير رضي الله عنهم … وقد قتل أنبياء كثير وما غلبت حجتهم قط …)). أهـ(56).
    وإذا تقرر ذلك فإنَّ المجادل عن الإسلام عليه أن يدرك أحوال من يجادل ويحاور في قبوله أورده للحق فإنْ أنزلهم منزلة واحدة فهناك يفقد الكلام معناه ويصبح الأمر مضطرباً محيراً لمن قلَّتْ بصيرته في هذا الباب ويكون ذلك داعياً لفتنة بعض المسلمين ببعض. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:((الإنسان له ثلاثة أحوال:
    إما أن يعرف الحق ويعمل به.
    وإما أن يعرفه ولا يعمل به.
    وإما أن يجحده.
    فأفضلها أن يعرف الحق ويعمل به.
    والثاني: أن يعرفه لكن نفسه تخالفه فلا توافقه على العمل به.
    والثالث: من لا يعرفه بل يعارضه.
    فصاحب الحال الأول هو الذي يدعى بالحكمة فإنَّ الحكمة هي العلم بالحق والعمل به فالنوع الأكمل من الناس من يعرف الحق ويعمل به فيُدْعون بالحكمة.
    والثاني: من يعرف الحق لكن تخالفه نفسه فهذا يوعظ بالموعظة الحسنة
    فهاتان هما الطريقان: الحكمة والموعظة. وعامة الناس يحتاجون إلى هذا وهذا فإنَّ النفس لها هوى تدعوها إلى خلاف الحق وإنْ عرفته؛ فالناسُ يحتاجون إلى الموعظة الحسنة والى الحكمة فلابد من الدعوة بهذا وهذا.
    وأما الجدلُ فلا يدعى به بل هو من باب دفع الصائل؛ فإذا عارض الحق معارض جودل بالتي هي أحسن. ولهذا قال: (وجادلهم) فجعله فعلاً مأموراً به مع قوله: (ادعهم) فأمر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وأمره أن يجادل بالتي هي أحسن وقال في الجدال: (بالتي هي أحسن) ولم يقل بـ (الحسنة) كما قال في الموعظة؛ لأن الجدال فيه مدافعة ومغاضبة فيحتاج أن يكون بالتي هي أحسن حتى يصلح ما فيه من الممانعة والمدافعة والموعظة لا تدافع كما يدافع المجادل فما دام الرجل قابلاً للحكمة أوالموعظة الحسنة أولهما جميعاً لم يحتج إلى المجادلة فإذا مانعَ جودل بالتي هي أحسن)).انتهى(57).

    * راجعه وقدم له: الشيخ /علوي بن عبد القادر السقاف.
    **أقوال ابن تيمية وابن حزم منقولة من أصل البحث فليرجع إليها
    (1)- الجواب الصحيح (1 / 301-302). وانظر : الفتاوى (4 / 203-205) .
    (2)-معيد النعم ومبيد النقم (ص 75- 76).
    (3)-انظر على سبيل المثال : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري لآدم ميتز (1 / 75-118) ، ومن روائع حضارتنا للسباعي (86 -91 ) ، والحوادث الجامعة المنسوب لابن الطوفي (38- 40) . وهذا الدردير الفقيه المالكي يقول عن ملوك مصر وتمكينهم للنصارى من إحداث ما يريدون :"..وملوك مصر لضعف إيمانهم قد مكنوهم من ذلك ، ولم يقدر عالم على الإنكار إلا بقلبه أوبلسانه لا بيده ، وزاد أمراء الزمان أن أعزوهم ، وعلى المسلمين رفعوهم ، ويا ليت المسلمين عندهم كمعشار أهل الذمة ، وترى المسلمين كثيراً ما يقولون : ليت الأمراء يضربون علينا الجزية كالنصارى واليهود ويتركونا بعد ذلك كما تركوهم ، و" سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ".." أهـ .(الشرح الصغير على مختصر خليل مطبوع بحاشية بلغة السالك للصاوي:1
    يـهودُ هذا الزمــــان قد بَلَغــــوا [ غايةَ آمالـــــهم وقــــــد ملكـوا العِــــــــزُّ فيهم والمـالُ عـندهم [ [ ومنـهم المستشــــــــارُ والملكُ % يا أهلَ مصر إني نصحتُ لكم TD]
    [TD="width: 10%"][/TD]
    [TD="width: 45%"]
    تـهـــــودوا قد تهــــودَ الفلــــكُ
    [/TD]
    [/ (4)-الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية (ص 287).
    (5)-لا يدعى إلى اشتغال سائر أهل العلم بذلك ، فإنَّ هذا من المتعذر ، و {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} ، ولكن لابد من تقرر ذلك وأنَّه من دين الإسلام .
    (6)من مقدمة الشيخ سفر الحوالي لكتاب (قدم العالم وتسلسل الحوادث لكاملة- الكواري) (ص 19) حاشية رقم (2) .
    (7)-الشرح الممتع (8 / 91-92).
    (8)- التبيان في أقسام القرآن (131-132).
    (9)- انظر : تاج العروس (3 / 162) ، ومعجم مقاييس اللغة (2 / 117)
    (10)-لسان العرب (4 /218).
    (11)معجم مقاييس اللغة (1 / 433) ، وصحَّحَ ابن فارس في "حلية الفقهاء " أنه مأخوذ من " جدلت- الحبل " . (ص 12) .
    (12)- أصول الحوار ، نشر الندوة العالمية (ص 9) .
    (13) -الكافية في الجدل للجويني (ص 21) ، ولهم فيه تعاريف كثيرة ، أدقها وأضبطها كما يقول الدكتور عثمان بن علي حسن تعريف الجويني . انظر : "منهج الجدل والمناظرة" (1 / 27) .
    (14)- الجواب الصحيح (1 / 243) .
    (15)- (1 / 218- 219) .
    (16)- (1 / 219-246) .
    (17)-لا يعني ذكرنا لبعض الأسماء في تيار واحد أن جميع أفراد التيار يتبنون نفس الفكر والاجتهادات في كل المسائل أوأنهم على مستوى واحد من العلم . كما أن بعض هذه الاتجاهات ربما يلتقي بعض أفرادها مع تيار آخر في المفاهيم والأصول ، فتكون مادتهم واحدة ، وهذا الالتقاء ليس كافياً لأن ننسبهم إلى هذا الاتجاه أوذاك ، لعدم استقرار أصولهم ، والتقسيم أملته ضرورة البحث.
    (18)- هوروجيه جان شارل جارودي ، ولد عام 1913 م ، في مرسيليا ، واعتنق البروتستانتية ، ثم انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي ، وتحصل على عدة شهادات في الفلسفة ، له مؤلفات كثيرة ، أشيع نبأ إسلامه عام 1402 ، وهو من أكبر دعاة التقريب بين الأديان اليوم . انظر سيرته الذاتية مفصلة في : دعوة التقريب بين الأديان ، للقاضي (2 / 841-857) .
    (19)- هو الشيخ أحمد بن الشيخ محمد أمين ابن الشيخ موسى الشهير بـ" كفتارو" ، ولد سنة 1915 بدمشق ، صوفي ، نقشبندي ، أصله من الأكراد ، يعمل مفتياً لسوريا ، من دعاة التقريب بين الأديان . انظر : دعوة التقريب بين الأديان (3/ 1036-1069) .
    (20)- دعوة التقريب بين الأديان (2/ 935-937) ، والحوار مع أهل الكتاب ، للقاسم(ص 128-132).
    (21)-انظر : مجلة الدعوة : عدد 1583 ، عام 1416 ، الخميس 1 ذي الحجة ، (ص 14 - 15) .
    (22)-انظر : الإبطال لنظرية الخلط بين الإسلام وغيره من الأديان ، لبكر أبو زيد (32) .
    (23)-انظر : دعوة التقريب (2/632- 634).
    (24)-الحوار من أجل التعايش ، لعبد العزيز بن عثمان التويجري (ص 91) ، وفي البناء الحضاري للعالم الإسلامي (3 / 209-210 ).
    (25)- انظر : الحوار من أجل التعايش (ص 90).
    (26)- انظر : الحوار من أجل التعايش (ص 90) .
    (27)- في البناء الحضاري للعالم الإسلامي ، للتويجري (3 / 201-202) ، وهل الإسلام هو الحل ، لعمارة (ص 189) .
    (28)- انظر في مناقشتها والرد عليها : دعوة التقريب بين الأديان (4 / 1513 - 1542).
    (29)- هو رحمة الله بن خليل الرحمن الدهلوي ، فقيه حنفي ، عالم بمناظرة النصارى ، جاور بمكة وتوفي بها سنة 1306 ، وقيل : سنة 1308 ، من أهم كتبه : " إظهار الحق " ، طبع عدة طبعات ، أفضلها بتحقيق د . أحمد محمد ملكاوي. انظر: الأعلام للزركلي (3 / 18) ، وهدية العارفين (1/ 366).
    (30)-النبوات (2 / 621- 622).
    (31)- نقض المنطق (ص 27) . وانظر: الفتاوى (4 / 108 ، 203) ، والجواب الصحيح (6 / 44) .
    (32)- تفسير ابن كثير (4 / 532).
    (33)- تفسير ابن سعدي (3 / 93) .
    (34)- فتح القدير (4 / 205) .
    (35)- منهج الجدل والمناظرة (1/ 486)، وسيأتي في الفصل الثاني (المبحث الثالث:موضوعات الجدال مع أهل الكتاب) مزيد بيان لهذا الأمر.
    (36)- دعوة التقريب بين الأديان (2 / 725) ، وانظر:الإبطال لبكر أبوزيد (101).
    (37)- دعوة التقريب بين الأديان (2 / 725-737 ).
    (38)- هذا والذي يليه من " منهج الجدل والمناظرة " (1/ 326-327) .
    (39)- رواه البخاري رقم 3408 . الفتح (6/441) . .
    (40)- رقم 3414 . الفتح (6 /450).
    (41)- تفسير ابن سعدي (4 / 64).
    (42)-صحيح مسلم : كتاب الإيمان : (1/ 384).
    (43)-الحديث رواه أبو داود وأحمد والنسائي والحاكم ، وصححه ابن حزم ، والنووي في "رياض الصالحين" ، والسيوطي في "الجامع الصغير". انظر: فيض القدير (3 / 344). وصححه الألباني في تخريج المشكاة (2 / 1124) : رقم (3821) ، و"صحيح الجامع الصغير" (رقم 3090).
    (44)- الإحكام في أصول الأحكام (1/29).
    (45)- التفسير الكبير ، للفخر الرازي (27/29).
    (46)- بتصرف من: مناهج الجدل في القرآن الكريم للألمعي (440-441) ، ومنهج الجدل والمناظرة (1/ 599-600).
    (47)- انظر: دعوة التقريب بين الأديان (4/1577-1596) ، و منهج الجدل والمناظرة (1/652 -676).
    (48)- رقم (1356) انظر : الفتح (3 / 219) . وفي معناه : حديث أبي هريرة في ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المدراس، ودعوتهم للإسلام. صحيح البخاري : رقم (3167).
    (49)- صحيح البخاري مع فتح الباري (1 / 31-33) رقم : 7.
    (50)-صحيح البخاري مع الفتح (8 / 93-94) رقم 4380 .
    (51)-درء تعارض العقل والنقل (1 / 51-52).
    (52)- درء تعارض العقل والنقل (7 / 156).
    (53)- زاد المعاد (3 / 639).
    (54)-فتح الباري (8 / 95) : كتاب المغازي ، باب قصة أهل نجران.
    (55)-درء التعارض (7/156).
    (56)-الإحكام في أصول الأحكام (1 / 28).
    (57)-الرد على المنطقيين (467-468).

    [/TD]
    [/TR]
    [/TABLE]
    التعديل الأخير تم بواسطة ابوغسان ; 14-01-2015 الساعة 06:31 PM

رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. إعلانُ الخِلافةِ الإسلاميَّةِ - رؤيةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 23-08-2014, 01:08 AM
  2. لا يمكن الجدال فى هذا النوع من الاعجاز !!
    بواسطة ابن النعمان في المنتدى منتدى نصرانيات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 01-04-2011, 11:37 AM
  3. هذا هو الاسلام فى الخلاف والحوار
    بواسطة عاشق المسجد الحرام في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-06-2010, 12:59 PM
  4. الجدال والمراء
    بواسطة محمد هزاوي في المنتدى المنتدى الإسلامي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-10-2009, 11:58 AM
  5. دعوة للرحمة ..والحب .. والحوار
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى منتدى الأسرة والمجتمع
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 05-04-2009, 01:31 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب

رؤيةٌ شرعيةٌ في الجدال والحوار مع أهل الكتاب