يعتقد النصارى أن المسيح صلب ليكفر الخطيئة الأزليةPECHE ORIGINAEL وهي التي ارتكبها آدم تحت تأثير زوجته بإغواء من الحية حينما أكل من الشجرة ، وانتقلت بطريق الوراثة إلى جميع نسله ، وكانت ستظل عالقة بهم إلى يوم القيامة ، لولا أن افتداهم المسيح بدمه كفارةعن خطاياهم . وأساس هذا الموضوع عند المسيحيين أن من صفات الله العدل والرحمة ،وبمقتضى صفة العدل كان على الله أن يعاقب ذرية آدم بسبب الخطيئة التي إرتكبها أبوهموطرد بها من الجنة واستحق هو وأبناؤه البعد عن الله بسببها ، وبمقتضى صفة الرحمةكان على الله أن يغفر سيئات البشر ، ولم يكن هناك من طريق للجمع بين العدل والرحمةإلا بتوسط ابن الله الوحيد ليموت على الصليب كفارة ونيابة عنهم ، وبهذا العمل يكون الله قد جمع بين عدله ورحمته مع الانسان وأخذ العدل حقه، وظهرت رحمة الله !! .

لا شك ان ما يدعيه المسيحيون ليس مخالفاً للحق والعدل فحسب ، بل ولنصوص كتابهم المقدس أيضاً وقبل ان نذكر هذه النصوص نقول :

1) من الواضح والمعلوم أن المخطأ هو آدم وزوجته ، وليس الأولاد ، ومن العجيب أن المسيحيون يصفون الله بالعدل، ثم يدعون : إن خطيئة آدم تتعداه إلى نسله ، لأنهم ورثة لطبيعته الساقطة ‍‍!! فأي عدل في هذا ؟!

2) أي عدل وأي رحمة في تعذيب وصلب إنسان غير مذنب ؟انم عاقبةوتعذيب شخص بريىءلم يقترف آثاماًمن أجل خطايا الآخرين إنما هو ذروة الظلم .

3) من الذي قيد الله وجعل عليه أن يلزم العدل وأن يلزم الرحمة وأن يسعى للتوفيق بينهما ؟

4) أين كان عدل الله ورحمته منذ خطيئة آدم وحتى قصة الصلب ؟

5) إذا كان الله سبحانه عادل وفي نفس الوقت محب ورحيم فأين كانت رحمته وابنه الوحيد يلاقي دون ذنب ألوان التعذيب والسخرية ثم الصلب مع دق المسامير في يديه ؟

أين عدل الله ورحمته في انسان(( قَدَّمَ ِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِتَ قْوَاه)) [ عبرانيين 5 : 7 ]

6) إذا كان الله عادل وفي كلالشرائع أن العقوبة تناسب الذنب ، فهل تم التوازن بين صلب المسيح على هذا النحو ،وبين الخطية التي ارتكها آدم ؟

7) لماذا ترك إله العدل والمحبة الانسانية تتوالد تحت ناموس اللعنة والخطية وان يعم الفساد وينتشر ؟!!

8) أين عدل الله في رجل يحمل خطايا اناس ظلمه قتله فجره وهو قد تعذب وقتل ، واخرين يسكرون ويرقصون مستمتعين بحياتهم .. اين العدل ؟!

هذا ويحاول المسيحيون أن يدافعوا عن هذا المبدأ قائلين أن يسوع المسيح قدم نفسه طوعاً،وبإختياره قاسى عذاب الموت على الصليب ليدفع الثمن من أجل خطاياالناس .

ونحن نجيب على هذا بالآتي :

أولا : إن الأمر ليس صحيح تاريخياً أن نقول أن يسوع المسيح قد جاءليموت طوعاً واختياراً عن قصد من أجل خطايا الناس . فنحن نقرأ في الأناجيل أنه لم تكن إرادته أن يموت على الصليب : (( ثُمَّ ذَهَبَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى بُسْتَانٍ يُدْعَى جَثْسَيْمَانِي، وَقَالَ لَهُمْ : اجْلِسُوا هُنَا رَيْثَمَا أَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَأُصَلِّي. وَقَدْأَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبَدِي وَبَدَأَ يَشْعُرُ بِالْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ. فَقَالَ لَهُمْ: نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ! ابْقَوْا هُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي!وَابْتَعَدَ عَنْهُمْ قَلِيلاً وَارْتَمَى عَلَى وَجْهِهِ يُصَلِّي،قَائِلاً: ياأبي ، إِنْ كَانَ مُمْكِناً، فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ، لاَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ! )) متى 26 : 39

وعندما أيقن أن أعداءه قد تآمروا على قتله وإزهاق حياته قالم يسوع في يوحنا 8 : 40 : (( لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَإِبْرَاهِيمَ لَعَمِلْتُمْ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ. وَلكِنَّكُمْ تَسْعَوْنَ إِلَىقَتْلِي وَأَنَا إِنْسَانٌ كَلَّمْتُكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنَ اللهِ. ))

وقد أعلن يسوع لتلاميذه قائلاً : (( نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. اِبْقَوْا هُنَا وَاسْهَرُوا. ثُمَّ ابْتَعَدَ قَلِيلاً، وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ كَانَ مُمْكِناً. وَقَالَ أَبَّا، يَاأَبِي، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَدَيْكَ. فَأَبْعِدْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ، وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ! )) مرقس 14 : 34

إنه يطلب من تلاميذه أن يسهروا على سلامته وحمايته من أعدائه مع جسارته هذه وإيمانه الوطيد بالله حافظه ومنجيه مع هذا احتاط لنفسه لمواجهة سافرة مع أعدائه فقال لتلاميذه : (( من له كيس فليأخذه ومزود كذلك . ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفا . ))[ لوقا 22 : 36– 38 ]

ثم تقدم قليلا وخر على الأرض وكان يصلي قائلا: (( يَاأَبِي ، كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَدَيْكَ. فَأَبْعِدْعَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ، وَلكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَاتُرِيدُ أَنْتَ! )) لقد وكل المسيح أمره إلي الله بقوله : (( لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُأَنْتَ! )) [ مرقس 14 : 36 ] . فأي عاقل بعد هذا يدعي ان المسيح جاء ليقدم نفسه ويقاسي العذاب طوعاً واختياراً ؟

وتحت عنوان : ويستجيب الله لدعاء يسوع ، يقول السيد أحمد ديدات :

يؤكد القديس بولس ، أن دعاء المسيح وتضرعاته لم تقع على آذان صماء ،فهو يقول في رسالته إلي العبرانيين [ 5 : 7 ] : (( الذي في أيام جسده ، إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلب اتوتضرعات للقادرأن يخلصه من الموت،وسمع له من أجل تقواه))

ماذا يعني قول بولس : (( وسمع له)) ? أليس المعنى أن الله قد قبل دعاءه ؟

أيمكن بعدذلك أن نقول ان المسيح جاء ليصلب باختياره ؟!!

ومن جهةأخرى فإن النص السابق يذكر بأن المسيح قدم صراخ شديد ودموع للقادر !!

فمن هوالقادر ومن هو المقدور له وإذا كان المسيح ليست له القدره ويطلبها من اللهالقادرفلماذا يعبده النصارى ؟!

ان ما يعتقده المسيحيين من أن المسيح مات مصلوباً فداءاً للبشريةوكفارة للخطيئة الموروثــة هو اعتقاد مخالف للقواعد والنصوص الأساسية التي اشتمل عليها كتابهم المقدس والتي تثبت أن كل إنسان يتحمل نتيجة فعله وإليك بعض من هذه النصوص :

ففي سفر التثنية [ 24 : 16 ] : (( لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ))

وفي حزقيال [ 18 : 20 ] : ((الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّعَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ.))

وقد قال موسى وهارون للرب : ((اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِا لبَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟)) [ العدد 16 : 22]

إن إدعاء النصارى بأن عدالة الله تقتضي دفع الثمن لكل خطيئة هي دعوى باطلة بلا شك :

ألم يقل الرب في إشعيا [ 55 : 7 ] : (( لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَالأَثِيمُ أَفْكَارَهُ، وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ، وَلْيَرْجِعْ إِلَىإِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.))

ألم يقل الرب في حزقيال [ 33 : 11 ] : (( حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَبْتَهِجُ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ بَلْ بِأَنْ يَرْتَدِعَ عَنْ غِيِّهِ وَيَحْيَا.))

ألم يقل الرب في حزقيال [ 18 : 21 ] : (( وَلَكِنْ إِنْ رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي ارْتَكَبَهَا، وَمَارَسَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَصَنَعَ مَا هُوَ عَدْلٌ وَحَقٌّفَإِنَّهُ حَتْماً يَحْيَا، لاَ يَمُوتُ. 22وَلاَ تُذْكَرُ لَهُ جَمِيعُ آثَامِهِ الَّتِي ارْتَكَبَهَا. إِنَّمَا يَحْيَا بِبِرِّهِ الَّذِي عَمِلَهُ.))

ألم يذكر كاتب سفر الخروج 40 : 12 أن الرب غفر لهارون خطأه ، وأمربجعله وذريته كهنة على بني اسرائيل وقد جاء في سفر اخبار الايام الثاني [ 7 : 14 ] : (( فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُخَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.))

أليس يسوع هو الذي علمكم أن تصلوا إلى الله قائلين : (( وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا، كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا ! )) [ متى 6 : 12 ]

ويقول أيضاً : (( فإن غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ ،يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوالِلنَّاسِ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ زَلاَّتِكُمْ.)) [ متى 6 : 14 ، 15 ] .

وقد قال داود في صلواته : ((إنْ كُنْتَ يَارَبُّ تَتَرَصَّدُ الآثَامَ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ فِي مَحْضَرِك َ؟ وَلأَنَّكَ مَصْدَرُ الْغُفْرَانِ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَهَابُونَكَ)) [ مزمور 130 : 3 ] .

إن الغفران الذي يتم للخاطىء بالقصاص من إنسان نيابة عنه ليسبالغفران على الإطلاق . إن الله يقدر ويقضي بالمغفرة لأولئك الذين يبدو صلاحهم حقاًوأولئك الذين تنحوا كليةً عن خطاياهم وأصلحوا أنفسهم دون قصاص منهم أو من إنساننيابة عنهم إن الله يقدر ويقضي بغفران جميع سقطاتهم وذنوبهم . وهذا القضاء وتلكالقدرة ليس ضد العدالة . وفي الواقع هذا هو الغفران الحقيقي وحده .

ومن ثم نقرأ في القرآن الكريم قوله سبحانه :

(( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ )) (الزمر آيتي 53 ، 54 .)

وقوله سبحانه :

(( وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً وَمَن يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً)) ( النساء آيتي 110 ، 111 ) .

عزيزي المتصفح :

إن فكرة الاستعاضة أو التضحية النيابية فكرة غير منطقية ولا معنىلها وهي أشبه ما تكون بطبيب يحطم رأسه ليشفي صداع المرضى لديه .

إن مبدأ الكفارة أو التضحية تجعل الأقنوم الأول في الثالوث المقدسالمكذوب متعطشاً لسفك الدم من أجل إظهار التضحية بالذات محبةً للأقنوم الثاني . وللنقد النزيه فإن تضحية الأقنوم الثاني تظهر في غير موضعها وبلا معنى كطلب الأقنوم الأول الظالم والمتلذذ بالقسوة .



آرثر ويجالArthur Weigall يضع هذا التعقيب ذا المغزى على مبدأالكفارة فيقول :

نحن لا نقدر أن نقبل المبدأ اللاهوتي الذي من أجل بعض البواعث الغامضة أوجب تضحية استرضائية . إن هذا انتهاك إما لتصوراتنا عن الله بأنه الكليال قدرة وإلا ما نتصوره عنه ككلي المحبة . إن الدكتور كرودن الشهير يعتقد أنه من أجل مآرب لهذه التضحية فإن يسوع المسيح قاسى أشد العذاب أوقعها الله قصاصاً عليه . وهذابالطبع وجهة نظر يتقزز منها العقل العصري والتي قد تكون شرط لعقيدة بشعة ليستمنفصلة عن ميول التلذذ بالقسوة للطبيعة البشرية البدائية . وفي الواقع أن هذهالعقيدة دخيلة من مصدر وثني وهي حقا من آثار الوثنية . في الإيمان .

إن المنهج المسيحي للخلاص ليس فقط لا أخلاقياً ولا منطقياً ومعتلًا . بل أيضا لا سند له في كلمات يسوع المسيح . ربما قال يسوع أنه يتعذب من أجل خطاياالناس ، بمعنى أنه من أجل أن يخرجهم من الظلمات إلى النور تجشم النقمة الإلهية علىفاعلي الشر وكانوا سبب تعذيبه ولكن لا يعني هذا أن موته كان تضحية من أجل خطاياالآخرين ، وأن أولئك الذين يؤمنون فقط بدمه المسفوك عنهم ينالون غفران الخطايا .

لقد جاء يسوع المسيح لينقذ الناس من خطاياهم بتعاليمه وحياتهالمثالية في تقوى الله وليس بالموت عمداً من أجلهم على الصليب ومنحهم دمه كفارةلخطاياهم . وعندما جاء شاب إليه يسأله :

(( أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ وَلكِنَّ يَسُوعَ قَالَ لَهُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ . أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَقْتُلْ؛ لاَ تَزْنِ؛ لاَ تَسْرِقْ؛ لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ؛ لاَ تَظْلِمْ؛ أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ! )) [ مرقس 10 : 17 ]

إن المسيح لم يذكر للسائل شيئاً عن تضحيته كفارة وقوة فداءه بسفك دمه ، وكان جواب يسوع هو نفس جواب كل نبي قبله :

(( قَالَ لَهُ : لِمَاذَا تَدْعُونِي الصَّالِحَ؟ لَيْسَ أَحَدٌصَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ، وَهُوَ اللهُ)) [ مرقس 10 : 18 ] .

( فاحفظ الوصايا ) إنها وفقا لكلام يسوع المسيح هي الطريق إلىالحياة الأبدية . إن الخلاص يمكن الحصول عليه بالإيمان بالله ، والتنحي عن الشروفعل الخير وليس بقبول يسوع المسيح ملعوناً على الخشبة والإيمان بدمه المسفوك كفارةلخطايا الجنس البشري .

إن عقيدة الكفارة مختلة للأسباب كثيرة :

1. أن الإنسان لم يولد بالخطيئة .

2. إن الله لم يطلب ثمناً ليغفر للخطاة .

3. إن فكرة الاستعاضة أو الذبيحة العوضية ظالمة وقاسية .

4. وإن خطيئة الإنسان لا تؤذي الله بل تؤذي الإنسان ذاته وفي الحديثالقدسي يقول الرب تبارك وتعالى :

(( يا عبادي : إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي : إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني .يا عبادي : لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئا .))

إن وصمة الخطيئة في أنفسنا يمكن محوها ليس بعذاب أو بموت أي إنسان آخر سواء كان الأخير راضيا أو غير راض ، ولكن بتوبتنا الشخصية والابتعاد كلية عن فعل الشر ، والمثابرة على فعل الخير .

وهكذا ، عندما عصى آدم ربه ، ندم وتاب وأذعن ذاته كلية لله ، فإن خطيئته قد غفرت ، فلا توريث لخطيئة آدم لأولاده ، ولا تتطلب عذاب الموت ليسوع المسيح للمغفرة ، والحقيقة أن يسوع المسيح لم يمت على الصليب علىالإطلاق إن عقيدةالكفارةالفداءإنماهي انتهاك لعدالة الله ورحمته .

إن الإسلام يرفض هذه العقيدة ويدحضها . فهو يعلن أن مغفرة الخطايالا يمكن الحصول عليها بعذاب وتضحية لأي إنسان آخر . بشرياً كان أم إلهياً ، ولكن المغفرة تتم بنعمة الله وإخلاصنا نحن ومثابرتنا ومساعينا لمقاومة الشر ولعمل الخيروالإحسان . وفي هذا يقول الله سبحانه :

(( ألا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الأَوْفَى )) ( النجم 38-41 )

يقول سبحانه :

(( مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)) ( الإسراء آية 15 ) .

إن الإسلام وعد بالخلاص لجميع الذين يؤمنون بالله ويعملون أعمالاصالحة .

يقول الله سبحانه وتعالى :

(( بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)) ( البقرة آية 112)