السؤال :
أنا امرأة أعيش في فرنسا وأريد ارتداء الجلباب ، وتوجد بجانبي جمعية لتعليم العلم الشرعي و يقصدها السلفيون ، رجال ونساء ، وعلمت أن الشرطة تراقبهم ، وتسجل كل من دخل إليها ، فترددت في لبس الجلباب خوفا ، وترددت كذلك في الدخول إلى الجمعية لطلب العلم ؛ فما هي نصيحتكم لي ؟


الجواب :
الحمد لله
الحجاب فريضة محكمة من الله تعالى على المسلمة ، ثبتت فرضيتها بمحكم القرآن ، وصحيح السنة ، وإجماع الأمة بمختلف مذاهبها ومدارسها ، لم يشذّ عن ذلك مذهب ، ولم يخالف فيه فقيه ، واستقر عليه العمل فيما مضى من قرون الأمة ، قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور/31 .
والواجب المتحتم على كل مسلم : أن يلتـزم بفرائض دينه ، ويعمل على إرضاء ربه وامتثال أمره
وليس من حق أحد أن يجبر المسلم ، تحت أي ضغط مادي أو معنوي ، على التخلِّي عن ذلك ، وترك طاعة ربه .
وقد سبق بيان صفات الحجاب الشرعي في الفتوى رقم : (6991) .
ولا يجوز لمسلمة أن تخالف في هذه الصفات , ولا يجوز لها أن تبقى في مكان لا تتمكن فيه من الالتزام بهذا اللباس الشرعي , بل عليها إن حدث لها تضييق في مكان ما ، وخافت أن تلتزم فيه بالحجاب أو غيره من شعائر دينها : أن تهاجر منه , فإن الهجرة من مثل هذه الأماكن واجبة ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (13363) .
وأيضا فإن من العلم الشرعي ما هو واجب على كل مسلم تعلمه ، فلا يجوز له أن يتهاون فيه ولا يعذر فيه بالجهالة , وذلك مثل العلم بوحدانية الله سبحانه وربوبيته وإلوهيته , والعلم بالواجبات العينية على كل مسلم ومسلمة , ومثل هذا العلم : يجب على كل مسلم أن يتعلمه , كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم : (161081).

فعلى المسلم أن يبذل كل وسيلة ، ويسلك كل طريق لتعلم هذا النوع من العلم , فإن أخذ بالأسباب ووجد تضييقا عليه في مكان ما ، بحيث حيل بينه وبين التعلم : وجب عليه أيضا أن يهاجر من هذا المكان إلى مكان آخر , تماما كما قلنا: إذا وجدت المسلمة تضييقا عليها في لبس الحجاب الشرعي ، وجب عليها أن تهاجر إلى بلد آخر تتمكن فيه من طاعة ربها ، وستر بدنها على ما أراده الله وفرضه .
وحاصل ما ننصحك به الآن : ألا تفرطي في حجابك ، ولا تتهاوني فيه ، ونحن نرى أنه لا ضرر عليك في ذلك ، إن شاء الله ، وإذا قدر أن الشرطة في مكان ما ، قد قامت بمراقبة أهل الدين ، أو بعضهم ، فمثل هذه المراقبة ، ليس من المتحتم أنه يحصل من جرائها ضرر مباشر ، بل هذا أمر حاصل في أكثر البلدان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولتجتهدي في تحصيل ما تحتاجينه من العلم الشرعي ، سواء في المسجد ، أو من خلال متابعة المواقع العلمية النافعة ، وسماع الأشرطة العلمية من خلال شبكة الإنترنت .
فإذا خفت على نفسك من شيء ، وكان خوفا حقيقيا مبررا ، وليس مجرد هاجس ، أو ظنون أو قيل وقال ، أو عجزت عن إظهار شيء من واجبات دينك : فانتقلي من ذلك المكان ، وعودي إلى بلدك ، أو هاجري إلى أفضل بلد يمكنك فيه أن تقيمي شعائر دينك ، وتأمنين فيه على نفسك .

والله أعلم.

الاسلام سؤال وجواب