يا أيها الآخر . . . .
إن كنت لا تدري ، فإن رسالته استغرقت ثلاثة وعشرين عاما مباركا ، تنزل عليه فيها وحي السماء بقرآن الخالق جل جلاله ، معجزة باقية خالدة إلى يوم الدين .

ويوم أن انتقل إلى جوار ربه تعالى ، لم يترك دينارا ولا درهما ،، بل لم يترك شيئا يورث ، مثله فى ذلك مثل غيره من الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين ،،،
ولكنه ترك حصيلة هذه السنوات المباركات ،،،
كتاب الله سبحانه وتعالى ، وسنة عنه صلى الله عليه وسلم فيما يطلق على أقواله وأفعاله وإقراراته ، فكانت منهجا وتشريعا محكما ، فيه سعادة الخلق فى الدارين .

وعن معجزة الكتاب المنزل عليه منذ مئات السنين ، الذي لم يترك شيئا بقوله تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } الأنعام 38 .
تجد العجب العجاب ،،،
لعل من أهم ما يذكر فى هذا الصدد أنه الكتاب الوحيد على وجه الأرض الآن الذي لا يزال هو هو ،،،
بنفس نص قائله وهو الله تعالى ،،،
أما غيره من الكتب فلا .

تجد أنه لمس أشياء كثيرة ، اكتشف بعضها منذ سنوات قليلة ، عشر أو عشرين أو مائة على أكثر تقدير ،،،
ما كان لنبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون له علم بها من تلقاء نفسه ، لأنها – بالفعل – من لدن الخالق العليم الخبير .

فأكبر علماء الغرب في علم الأجنة وزملاؤه بدقيق تخصصهم فوجئوا بأن القرآن الكريم تكلم عن تطورات خلق الجنين حتى يولد ، تماما تماما مثلما وصلت إليه أحدث الأبحاث في أواخر القرن الميلادى العشرين .

ومع أن نبينا محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن من البحارة أو الملاحين أو كثير الأسفار بحرا ، أو من ساكني الشواطئ الساحلية ،،،
مع كل هذا فإن أحد كبارعلماء البحار ، ممن جاب البحار ملاحا ودارسا ومجربا ، حين عرضت عليه الآية المقدسة { أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها } النور40 ، أعلن أن هذه الظاهرة ، على ندرة حدوثها المنتظم ، لا يمكن بحال أن تكون من عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي لم يركب البحر ،،،
بل هي من دلائل صدقه في البلاغ عن قائل هذا الكلام ، ألا وهو رب العالمين .

ومثل هذا وذاك ، في علم الفلك وعلم الطب وعلم الجيولوجيا وعلم الاجتماع ،،، وعلم وعلم . . . . الخ .

نعم هو المعجزة العظمى ، التى تلمس بإجمال أو بتفصيل ، وتمر القرون الطويلة ، وتستمر إن شاء الله تعالى ، فتكتشف بعض أسراره تتري ، مصداقا لقوله تعالى :
{ سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } فصلت 53 ، لتكون برهانا ودليلا لا ريب فيه على صدق بلاغ نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى ، بنفس اللغة والألفاظ والحروف .

يا أيها الآخر ،،،،
هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،
اقرأ سيرته بعين مجردة وقلب سليم ،،،
واقرأ ما جاء به من عند الله تعالى ..
ثم احكم .

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، الرسول الخاتم الذي أوصى بلاغا عن ربه تعالى بالتبجيل والتقديس لكل الأنبياء والرسل من قبله سلام الله عليهم أجمعين ،، لأنهم صفوة خلق الله ، والهادين إلى صراطه المستقيم .

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي لم يجد معاصروه من الشانئين والمعاندين والكافرين برسالته سقطة واحدة أو نقيصة واحدة يقدحون بها في سيرته أو شمائله ، وهم أقرب الناس له عشرة ، وأعرفهم به عن قرب ، وأحرص الناس حينئذ على تصيد ما يمكن أن يقدح فيه ، فيبرر ــ ولو زعما وتخرصا ــ معاداته ومعاندته ، والكفر بما جاء به .

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي شهد له عدوه قبل صديقه ، كما كان من محاورة قيصر لأبي سفيان بن حرب رضى الله عنه قبل أن يسلم ( أى فى أيام الهدنة ) .

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أوصى بالمثالية في أتم وأنقى معانيها حين التعامل مع الآخر ، في كل صوره وأشكاله ، بنص القرآن الكريم المنزل عليه { أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } النحل 125 .

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أبلغنا المنهج الرباني ، بما فيه من كل السعادة للبشر أجمعين ،،،
وكان هو بنفسه أول من طبقه قولا وعملا وسلوكا وخلقا وسجية ، واحتقر في سبيله ملك قريش ، بل والسموات والأراضين .

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي تفرد بالمثالية العظمى في كل خلق كريم ،،،

هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه الشاعر ،، وقد صدق وبر :
وأجمل منك لم تر قط عيني *** وأكمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرءا من كل عيب *** فكأنك قد خلقت كما تشاء

وقال الآخر :
ومبلـغ العلم فيه أنه بشر *** وأنه خير خلق الله كلهم

هذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يتوجب حبه واتباع شريعته وهديه وسنته ،،،
فهو الهادي بالحق والصدق إلى صراط الله المستقيم .
صلوات الله وسلامه عليه .
والحمد لله رب العالمين .