وصادق نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وجالس وصافي من اشتهروا بالشيم النبيلة ، والأخلاق الحسنة ، والسمعة الطيبة .
وكأن الأمر لا يخرج عن مصداق القول المأثور ( الطيور علي أشكالها تقع ) ،،،
إذ لاشك في تأثير الصديق في صديقه ، وتأثره به ، حتي ليصير كلاهما وجها للآخر ،،،
وإنما يعرف الخل من خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل .

لما ذاعت شهرته بلقب الصادق الأمين ، طمحت إليه عيون أصحاب الأموال والتجارات ،،،،
ومن المعلوم أن رأس المال جبان ، يبحث دوما عن الأمن والأمان ، من قبل تحقيق المكاسب والأرباح والمنافع ،
وهل هناك أعظم من الصدق والأمانة ملاذا وسياجا مباركا للأموال في نظر التجار ؟

لذلك أوكلت إليه السيدة خديجة بنت خويلد الأسدية القرشية رضى الله عنها وأرضاها ــ إحدي صواحب الأموال والتجارة في قريش آنذاك ـ مهمة التجارة بمالها ، في رحلة صيفية إلي الشمال ، حيث سوق بصري ، فكانت رحلة موفقة مباركة ، دونتها كتب السيرة النبوية الموثقة ، وسجلت فيها وقائع كريمة ، كانت بمثابة مقدمة ميمونة مباركة لزواج ميمون مبارك ،،،،
الزوج هو نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ، والزوجة هي السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها .

أثمر هذا الزواج الميمون المبارك ولدين وأربع بنات ،،،
لم يتطلع نبينا محمد صلي الله عليه وسلم في خلال هذه الفترة كلها ( حوالي ربع قرن من الزمان ) ــ والتي حازت مدة شبابه وكهولته ــ إلي الزواج من غيرها ،، علي غير عادة معاصريه آنئذ ،،،
إذ كان غيره يجمع بين الإثنتين والثلاث ، بل وصل أمر بعضهم إلي الجمع بين عشر زوجات ،
وهو أمر لاينبغي لنا مطلقا إلا التوقف عنده ، واللبث خلاله ، والنظر فيه ،

فقد تزوج نبينا محمد صلي الله عليه وسلم من السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها ، وهو ابن خمس وعشرين سنة ، ومكثت زوجة له بمفردها إلي أن انتقلت إلي جوار ربها ، وقد تجاوز الخمسين من عمره الشريف ،
لم يتزوج عليها ، ولم يفكر في ذلك البتة ، بل كان هو نعم الزوج لها ، كما كانت هي نعم الزوج له ،،،

لقد فرغ نبينا محمد صلي الله عليه وسلم خلال زواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها من كل شبه آثارالشبيبة الجنسية ،،،
تلك التي يزعم بعض الفجرة تخرصا وضلالا وإضلالا تأثيرها عليه حين تعددت زيجاته من بعد هجرته إلي المدينة المنورة ، مع أنه قد تخطي الخمسين من عمره الشريف !!!!

لقد تجاوز نبينا محمد صلي الله عليه وسلم بموت السيدة خديجة فترة الشباب ، التي هي مظنة الباه ، وظرف الأوار الجنسي في عمر الرجال ،،،

ومع ذلك لم يسلم نبينا محمد صلي الله عليه وسلم من هذا الإفتراء الجهول المغرض الخبيث ، علي غير ما يقتضيه المنطق الصحيح غير المعوج ، أويقبله اللب السليم العاقل غير الغافل ، فضلا عن مخالفته الصريحة لتاريخه المثالي المعتدل من قبل ، مما يؤكد فيهم علي محض الكراهية ، وتغلغل الحقد ، وعمق الضلال ، والبعد عن الصدق والواقعية ، وعدم البحث بأعين بصيرة ، وأفهام واعية في الأسباب والظروف التي اتفقت لذلك ،،،،،،،،،،،،،،،، ألا ساء ما يفترون ،،

يا أيها الآخر . . . .
اقرأ في سيرته بعضا من صور رحمته .

حين رجع من الطائف ــ إذ رفضوا دعوته وأساءوا استقباله ــ وجاءه الملك ينتظر منه الأمر أن يطبق الجبال على من آذوه هناك ،،،،
أتدري ماذا قال في هذه اللحظة ؟
قال : " لعل الله أن يخلق من أصلابهم من يعبد الله الواحد " .

وحين فتح مكة ، ووقف ينادي أهلها ، وهو في قمة الانتصار ، وهم وقوف ينتظرون الحكم ، وهاماتهم لن تستغرق دقائق لقطافها ،، لو أومأ .
لكنه لم يفعل ذلك ، ولا ينبغي أن يفعل .
أتدري ماذا قال لهم :
قال : " ماذا تظنون أني فاعل بكم ؟ "
استعطفوه واسترحموه واستكرموه واستغفروه قائلين : أخ كريم وابن أخ كريم ،
أتدري ماذا قال لهم ؟
قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء "

لم يقل اذهبوا فأنتم الأحرار ،،،
فالحر إنما يكون بعد استعباد ، أما الطليق فغير هذا ،،
وهذه من إحدى فصاحاته وبلاغته صلى الله عليه وسلم ،،،
حتى في أوج انتصاراته ، رحمهم ، وأبقى عليهم وأكرمهم ، فأبقى لهم كرامتهم ، فأصبحوا الطلقاء .

أتدري لماذا هذه الرحمة ، وهذا الكرم ، وهذا العفو ؟
لأنها الرسالة . . . رسالة الإسلام