التمهيد ، ، ،

تقوم حقيقة أمرنا علي ثوابت من الحقائق ، سجلها لنا التاريخ الموثق المحقق ،
وفي هذا الصدد ، ابتكر علماؤنا المسلمون من السلف الصالح علما هاما نافعا ، ألا وهو علم ( الجرح والتعديل ) ،
ولن نقع في دائرة المبالغة ، إذا قررنا أن هذا العلم يتفرد به الإسلام ،
وهو علم معروف للقاصي والداني ، لاينكره إلا جاحد ، أو جاهل ، أو معاند ،

ذهبوا فيه إلي البحث عن المصداقية في أتم معانيها ، وبخاصة في السنة النبوية ، والتي تسجل أقوال نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وأفعاله وإقراراته ، الصحيحة ، من حيث السند ، ومن حيث المتن ، ،
ووضعوا لذلك الشروط المحددة ، والمعايير الدقيقة ،
وقاسوا عليها ، ووازنوا ، وتحققوا ، وتثبتوا ،
فما وجدوه صحيحا ، ( تحققت فيه سندا ومتنا كل الشروط ) ، صنفوه تحت اسم الصحيح ،
وما وجدوه مفتقرا إلي هذه الشروط أو بعضها ، أدرجوه تحت مسمي آخر ،

وعليه ،،،، فقد وجدت مصنفات في الإسلام استند أصحابها ، إلي هذا العلم ، فطبقوا معاييره بكل دقة وإحكام ، ومن ثم أخرجوا لنا هذا الطرح العظيم ،
ومثال ذلك الإمام البخاري ( ت 256 هـ ) رحمه الله تعالي ،
ونتيجة لعبقرية هذا الرجل ، ولحذقه المدهش ، ودقته الصادقة المخلصة في عمله ، أخرج لنا كتابه الخالد :
( الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وسننه وأيامه ) ،
لذا ،، فنحن حين نتمثل ببعض ما ورد في صحيح البخاري ، إنما نتمثل بشواهد ، لا يتطرق إليها ثمة شك أو إرتياب في صحتها أوفي مصداقيتها ،
فقد كفانا هذا الرجل العظيم مؤنة البحث عن المصداقية ، ومشقة التمييز بين كل من الصحيح وغير الصحيح .
ولم يكن الإمام البخاري رضى الله عنه وحده في ذلك ، بل جاء من بعده من قلده في هذا السبيل ، وسلك مسلكه ، ومن ثم أخرج لنا تراثا عظيما ،
ثم إننا من بعد ذلك معشر المسلمين ، علي وجه العموم ، حين ننظر في أي جانب من جوانب السيرة النبوية ، وبناء علي معايير علم ( الجرح والتعديل ) فضلا عن تخريج كتب الصحاح لهذا الجانب ، نتبين بكل يسر وسهولة ما في هذا الأمر من صواب أو خطأ ، ومن صح أو غلط ،

إن الثوابت والرواسخ التي سجلها لنا التاريخ المحقق الموثق ، وحفظها لنا السلف الصالح ، كلها صحيحة ، ومحققة ، وموثقة ، لاشبهة فيها ، ولاريب في مصداقيتها ،،

وهذا الأمر ليس من قبيل التشدق بمصفوف الكلام ، أونافلة القول ، وترصيع البيان ،

هذا الأمر ، يمثل حقيقة أساسية ، صادقة ، مثل مصداقية الأرقام ، تماما بتمام ،

وعليه ، ، ،
فما سنطرحه من قول أو دليل أو برهان ، علي سبيل الإستشهاد به ، لن يتعدي الصدق قيد أنملة ،،،
لآننا نأخذه من تاريخ موثق محقق ،

هذه واحدة ،،،

أما الثانية ،،
فيجدر بنا أن نقدم لك ، يا أيها الآخر ، قبل كل شيء ، الأدلة الدامغة والبراهين الساطعة علي صدق نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ،

فإذا تحقق لك صدقه ، ومصداقيته ، قبلت قوله الصادق ، وبحثت في أمره من باب قبوله ، و الأخذ عنه ، والتأسي به ، لا من باب رفضه ، أو إنكاره ، أو الرد عليه ،،

وإذن ،،،،،
فأنت في سبيل خطوات متوالية علي طريق واضحة ،
تتحقق من صحة السيرة النبوية ، علميا ،
ثم تتحقق من وقوع الحدث في السيرة النبوية ، تاريخيا ،
ثم تنظر بتفكر وتدبر في قول هذا النبي الصادق صلي الله عليه وسلم ، أو فى فعله ، أو فى إقراره ،
وهنا ، ، ،
عليك أن تقارن ، بين ما عرفته حديثا ، وبين ما تراكم عندك من قديم ،


والآن ،،، وقد انتهينا من التمهيد ،
يمكننا أن ندخل في صلب موضوعنا الذي اخترنا له عنوان :
( هذا هو نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ،، يا أيها الآخر )

نقول هدانا الله وإياك :
السلام عليكم ،
وهو كما تري تحية القدوم ، نطرحها عليك ،
وهي ، إن كنت لاتعلم ، دعوة الإسلام وتحية المسلمين ،

ثم نقول :
بسم الله الرحمن الرحيم ،
وهو استفتاح خطابنا إليك ، بل وكل عمل وقول ،،
وهي ، إن كنت لاتعلم ، لها دلالات كثيرة لاحصر لها ، و قد يخرجنا البحث فيها عن صلب موضوعنا ،
علي أنها بداية هامة ، حثنا نبينا محمد صلي الله عليه وسلم علي الإستفتاح بها في كل أمورنا ،

ثم نقول :
الحمد لله رب العالمين ،
وهي كما تري جملة من القول ، تحقق أمرين اثنين ،
الأول :
الإعتراف بربوبية الله تعالي لكل العالمين ، كل المخلوقات ، ما علمنا منها ، وما لم نعلم ، وماهو بها أعلم .
الثاني :
تقديم الحمد الذي يشتمل علي معني الشكر لله تعالي ، علي كل النعم التي خلقها لنا لننعم بها في كل أحوالنا علي وجه العموم ،
وهو فضلا عن ذلك استجلاب المزيد من هذه النعم ،
فكلما شكرت المنعم ، تفضل عليك بالمزيد منها .

ثم نقول :
اللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ،
وهو قول ، وإن لم يكن الآن ذا محل أو دلالة عندك ،
إلا أنه أمر ذو بال ، وأهمية بالغة ، ودلالات جليلة عندنا نحن المسلمين ، بما ستعرفه لاحقا إن شاء الله تعالي .

ثم نقول :
وبعد ،
وهي كلمة نفصل بها بين الإستهلال ، وبين الدخول في موضوع الخطاب ،
وهي كلمة عربية الأصل والاستعمال ، يندر أن توجد في لغة أخري من لغات البشر في دنيا الناس أجمعين .

ثم نقول :
هذا هو الخطاب الأول إليك ، ستتبعه خطابات أخري بمشيئة الله تعالي ،
وفيه ،،
نبدأ بالبحث في سيرة نبينا محمد صلي الله عليه وسلم ،
ونبحث في التاريخ الموثق المحقق عن أصله و نشأته وحياته ، قبل أن يخبرنا أنه نبي مرسل من عند الله رب العالمين ،
وهذه النقطة ، وإن كانت ليست محل شك من أحد ، إلا أنها هامة ولازمة للتعريف بنبينا محمد صلي الله عليه وسلم ،
ولذلك ، وبناء علي ثوابت التاريخ الصحيح ، فهي تحتاج إلي بسط وسرد لكثير من الوقائع والأحداث .
فهو عربي قرشي هاشمي ،
وإن شئت ،، فقل هو هاشمي قرشي عربي ،
عربي :
ينتهي نسبه إلي عدنان من ذرية اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام ،
وقرشي :
من قبيلة قريش من نسل عدنان ، التي سكنت مكة المكرمة ، تلك التى يتوسط موقعها بين اليمن في الجنوب ، والشام في الشمال .
[ وقد ثبت حديثا أن مكة المكرمة مركز الكرة الأرضية ] .

وقريش هي القبيلة التي حازت سدانة الكعبة المشرفة فى مكة ، وهى تراث أبي الأنبياء ابراهيم عليه السلام ، قبلة كل القبائل العربية جميعا ،
إذ لما رد الله أصحاب الفيل ( جيش أبى يكسوم أبرهة الأشرم ) عن مكة ، وأصابهم بما أصابهم به من النقمة ، أعظمت كل العرب قبيلة قريش ،،،، وقالوا : هم أهل الله ،، قاتل الله عنهم وكفاهم مئونة عدوهم ،،،
وقالوا في ذلك أشعارا يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة ، وما رد عن قريش من كيدهم .