عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات


مـواقـع شـقــيـقـة
شبكة الفرقان الإسلامية شبكة سبيل الإسلام شبكة كلمة سواء الدعوية منتديات حراس العقيدة
البشارة الإسلامية منتديات طريق الإيمان منتدى التوحيد مكتبة المهتدون
موقع الشيخ احمد ديدات تليفزيون الحقيقة شبكة برسوميات شبكة المسيح كلمة الله
غرفة الحوار الإسلامي المسيحي مكافح الشبهات شبكة الحقيقة الإسلامية موقع بشارة المسيح
شبكة البهائية فى الميزان شبكة الأحمدية فى الميزان مركز براهين شبكة ضد الإلحاد

يرجى عدم تناول موضوعات سياسية حتى لا تتعرض العضوية للحظر

 

       

         

 

    

 

 

    

 

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    2,494
    آخر نشاط
    23-11-2015
    على الساعة
    05:28 PM

    افتراضي عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

    الإلزام الأول :- الكفار بالسنة هم دُعـاة الإسلام الليبرالي الذي يتمناه كل أوربي في بلادنا ...!!!

    فالهجوم على السُّنة النبوية يأتي في إطار الهجوم على كل ثوابت الإسلام؛ هجوم على الشريعة بالدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، وهجوم على أهل السُّنة والجماعة بمسمى محاربة الوهابية والتطرف ودعم الصوفية، وهجوم على عقيدة الولاء والبراء بدعوتي (التسامح والتقارب بين الأديان)، وهجوم على كل شيء له علاقة بالإسلام الحقيقي، وفي المقابل طرح إسلام بديل بلا قواعد ولا ضوابط يسمى الإسلام الليبرالي؛ يتوافق مع المضمون العَلماني الغربي ولا يحمل من الإسلام نفسِه سوى الشعار، ومن ثَمَّ يتخلص الغرب الأمريكي من صراعه الحضاري مع الإسلام بحسب تصور قادة الفكر لديه من أمثال ليونارد لويس وفوكوياما وهينتنغتون.
    بناءً على ما سبق والكلام للأستاذ محمد إبراهيم مبروك فإن الهجوم على السُّنة النبوية لا يقف عند حدود السُّنة النبوية فقط؛ وإنما يستهدف القضاء على الإسلام بالكامل؛ لأنه يستهدف الهجوم على القرآن أيضاً بشكل مباشر؛ لأن إسقاط السُّنة يعطي الفرصة لكل مغرض وحاقد على الإسلام أن يفسر القرآن تبعاً لما يمليه عليه هواه .

    في الأربعاء تشرين الأول من عام 2004م عقد مركز ابن خلدون مؤتمراً سياسياً ودينياً يدعو إلى إصلاح الدين الإسلامي بحضور سفارَتَي (أمريكا وإسرائيل) وهيئة المعونة الأمريكية. ولعل من المهم أن نذكر بعض الأسماء التي حضرت هذا المؤتمر هذه الأسماء هي: سيد القمني، وجمال البنا، ومحمود المراغي (قيادي في الحزب الناصري)، والصادق المهدي (رئيس حزب الأمة السوداني)، ومحمد شحرور (كاتب سوري)، وصلاح الدين جورشي (كاتب تونسي)، وإبراهيم عيسى. ومما هو لافت للنظر أن سعد الدين إبراهيم وجه الدعوة لأكثر من أربعين شخصية عامة لكنها قابلت الدعوة بالتجاهل.
    ويعلق الأستاذ سيد ياسين (الرئيس السابق لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام) على المؤتمر فيقول: غير أن أخطر توصية تبناها المؤتمر هي دعوته إلى تنقية التراث الديني من الحديث النبوي الشريف، والاعتماد فقط على نصوص القرآن مرجعية وحيدة، والتصدي لأفكار المؤسسات التي تحتكر الحديث باسم الدين، وخلق مدرسة اجتهاد جديدة في القرن الحالي.
    وهكذا يتضح أن منكري السنة في بلادنا يلتزمون تماما بتوصيات مؤسسة راند ويُنَّفذون ما يُطلب منهم تماما بمنتهى الهدوء والطاعة ليُكونوا بذرة الإسلام الليبرالي الذي يتمنى أن يراه الغرب يوما ما في الشرق الأوسط ويؤسس على أكتافه شرق أوسط جديد لا يؤرق اسرائيل ولا يخيف أي استعمار مستقبلي أو إلحاد شاذ فالجميع يسمع ويطيع ..!!




    الإلزام الثاني :- إتباع النبي صلى الله عليه وسلم أحد ركائز دين الإسلام ..!!
    اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد ركائز دين الإسلام وأساسياته، ومن مُسلمات الشريعة والأمور المعلومة منها بالضرورة، وقد استفاضت النصوص الشرعية الصحيحة في بيان ذلك والتأكيد عليه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقوله -عز وجل-: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ) [النساء: 80]
    فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يكون بالإقتداء به وطاعة أوامره وتصديق كلامه
    والسنة النبوية هي أقول الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأوامره ونواهيه وتبليغ ما أمره الله عز وجل أن يبلغه
    وشرح كتاب الله العظيم جائنا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم .
    ولقد مدح الله عز وجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم لأنهم أطاعوا الله وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 18]فالبيعة التي بايع الصحابة عليها وردت لنا عن طريق السنة الشريفة , وقد مدح الله عز وجل أهل هذه البيعة ..أتدرون لماذا ؟ لأن السنة الشريفة هي والقرآن الكريم مصدران للتشريع , قال صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم ماإن تمسكتم به لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي "

    فالسنة النبوية ضرورةٌ دينية وحجتها ثابتة لكل من عقل ومن لم يعقل ، وما أسخفَ من يدعي على نفسهِ الإسلام فيأتِ منكراً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ويقولُ عن نفسه بأنهُ من المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم :- ( حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنبا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانُ ، أنبا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَوْفٍ ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ .)
    وروى أبو داود (4605) والترمذي (2663)وابن ماجة (13) عن أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ فَيَقُولُ : لَا نَدْرِي ، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ، وإلا فَلاَ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره
    وروى الترمذي (2664) وابن ماجة (12) عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يكَرِبَ الْكِنْدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ : بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ . أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ )
    وقد اشتدت عناية القرآن الكريم بتلك المسألة فوَّجه إليها آيات كثيرة تنوعت بين آيات تأمر فى وضوح بوجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، وبين آيات أخرى تأمر بوجوب طاعته، طاعة مطلقة، فيما يأمر به، وينهى عنه، وبين آيات أخرى تنهى عن مخالفته وتحذِّر من ذلك وتبين جزاء المنافقين المرجفين في دين الله العاملين على هدم كيان السنة النبوية، والذين حصروا معنى الآيات الواردة فى طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، في طاعته فى القرآن الكريم فقط
    من هذه الآيات قوله تعالى
    1- { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} فمقتضى ذلك أن نؤمن بالله وبرسوله، والإيمان معناه هنا التصديق والإذعان برسالته وبجميع ما جاء به من عند الله من كتاب وسنة، بمقتضى عصمته التى توجب التصديق بكل ما يخبر به عن رب العزة كقوله فى حق القرآن:"هذا كلام الله ، وقوله فى الأحاديث القدسية:"قال رب العزة كذا"أو نحو هذه العبارة وقوله عليه الصلاة والسلام:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" فالإيمان بالرسول جزء من الإيمان بالله تعالى، والشك والارتياب فى ذلك الإيمان، شك وارتياب فى الإيمان بالله ورسوله معاً، وحينئذ لا يكون هناك إيمان أبداً ...
    يقول الإمام الشافعي في رسالته : "فجعل كمال ابتداء الإيمان، الذى ما سواه تبع له الإيمان بالله ثم برسوله، فلو آمن عبد به، ولم يؤمن برسوله : لم يقع عليه اسم كمال الإيمان أبداً، حتى يؤمن برسوله معه، ومن هنا وجبت طاعة الرسول - بمقتضى هذا الإيمان - فى كل ما يبلِّغه عن ربه، سواء ورد ذكره فى القرآن أم لا.
    يقول الإمام الشافعي أيضا : "وما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم : فبحكم الله سنَّه، وكذلك أخبرنا الله في قوله تعالى : {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل فى اتباعه طاعته، وفى العدول عن اتباعها معصيته التى لم يعذر بها خلقاً، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجاً"
    2- وقوله تعالى { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فهنا أقسم سبحانه بنفسه، وأكده بالنفي قبله على نفي الإيمان عن العباد، حتى يحكِّموا رسوله فى كل ما شجر بينهم، من الدقيق والجليل، ولم يكتف فى إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده، حتى ينتفى عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه، ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلموا تسليما، وينقادوا انقيادا.
    ويقول صاحب مختصر الصواعق المرسلة : "فقد أقسم الله سبحانه بنفسه على نفى الإيمان عن هؤلاء الذين يقدمون العقل على ما جاء به الرسول ، وقد شهدوا هم على أنفسهم بأنهم غير مؤمنين بمعناه، وإن آمنوا بلفظه"
    ويقول فى موضع آخر : "وفرض تحكيمه، لم يسقط بموته، بل ثابت بعد موته، كما كان ثابتاً فى حياته، وليس تحكيمه مختصاً بالعمليات دون العلميات كما يقوله أهل الزيغ والإلحاد.
    3- وقوله تعالى { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ودلالة الآية على حجية السنة من عدة وجوه :
    أولاً : النداء بوصف الإيمان فى مستهل الآية : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا " ومعنى ذلك أن المؤمنين لا يستحقون أن ينادوا بصفة الإيمان إلا إذا نفذوا ما بعد النداء وهو طاعة الله تعالى، وطاعة رسول الله ، وأولي الأمر.
    ثانياً : تكرار الفعل "أَطِيعُوا " مع الله عز وجل، ومع رسوله ، وتكرار ذلك فى آيات كثيرة {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا } وقوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَءَاتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}
    يقول الإمام الشاطبى : "تكراره الفعل "وَأَطِيعُوا" يدل على عموم الطاعة بما أتى به مما فى الكتاب، ومما ليس فيه مما هو من سنته"
    وقال العلامة الألوسي: "… وأعاد الفعل : "وَأَطِيعُوا" وإن كان طاعة الرسول مقرونة بطاعة الله عز وجل، اعتناءً بشأنه وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس فى القرآن، وإيذاناً بأن له استقلالاً بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثم لم يعد فى قوله : "وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ " إيذاناً بأنهم لا استقلال لهم فيها استقلال الرسول ، بل طاعتنا لهم مرتبطة بطاعتهم هم لله ورسوله، فإن هم أطاعوا الله ورسوله فلهم علينا حق السمع والطاعة وإلا فلا، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "
    ومما هو جدير بالذكر هنا أن فرض الله طاعة رسوله ليست له وحده بل هى حق الأنبياء جميعاً قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} فرب العزة جل جلاله يقرر هنا قاعدة:"أن كل رسول جاء من عنده جل جلاله يجب أن يطاع"
    ولماذا لا يطاع هذا الرسول الذي جاء بالمنهج الحق الذى يصلح الخلل فى تلك البيئة التى أرسل إليها؟ إن عدم الطاعة حينئذ – هو نوع من العناد والجحود والتكبر كما أن فى عدم الطاعة اتهاماً للرسالة بالقصور، واتهاماً للرسول فى عصمته من الكذب فى كل ما يبلغ به عن ربه من كتاب أخبرنا عنه بقوله "هذا كتاب الله"، ومن سنة مطهرة أخبرنا عنها بقوله : "أوتيت القرآن ومثله معه" وقوله : "وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله".
    وثالث الوجوه دلالةً على حجية السنة من آية النساء قوله تعالى : { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}؛ فالرد إلى الله عز وجل هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسه فى حياته، وإلى سنته بعد وفاته وعلى هذا المعنى إجماع الناس كما قال ابن قيم الجوزية.
    وتعليق الرد إلى الكتاب والسنة على الإيمان كما فى قوله تعالى : {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يعني أن الذين يردون التـنازع فى مسائل دينهم وحياتهم، دقها وجلها، جليها وخفيها – إلى كتاب الله، وإلى سنة رسول الله ، هم فقط المؤمنون حقاً كما وصفتهم بذلك الآية الكريمة، أما غيرهم فلا ينطبق هذا الوصف عليهم. ( وافهم يا لبيب)
    ثم يحدثنا الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة، عن أناس يزعمون أنهم يؤمنون بالله ورسوله ومقتضى هذا الإيمان أن يحكموا كتاب الله وسنة رسوله فى كل شؤون حياتهم - ولكنهم - لا يفعلون ذلك وإنما يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت مع أنهم قد أمروا أن يكفرو به قال تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} ففى نهاية الأمر حكم الله تعالى على من يعرض عن حكم الله تعالى ورسوله ويتحاكم إلى الطواغيت بأنهم منافقون، وصدق رب العزة : {وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ*وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ*وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ*أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ*إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}
    ويتأكد هذا المعنى جلياً فى قول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار يعد قضائه جل جلاله وقضاء ورسوله عليه السلام، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالاً مبيناً
    4- أما الآيات الدالة على وجوب طاعة الرسول عليه السلام طاعة مطلقة فيما يأمر به، وينهى عنه، بقوله تعالى : {وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} وهناك آيات كثيرة لم نتعرض لذكرها خشية الإطالة فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الآيات التى تحذر من معصية الرسول صلى الله عليه وسلم وتنهى عن مخالفته نجدها كثيرة ونشير أيضاً إلى بعضها قال تعالى : {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}وقال تعالى : {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا*يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا{
    5- وفى سورة التوبة قال تعالى { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ} وفي سورة النور قال تعالى : {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{
    أين أمر رسول الله عليه السلام فى القرآن، لمن زعموا أن آيات طاعة الرسول فى القرآن مراد بها طاعته فى القرآن فقط؟
    6- وفى سورة الأحزاب : {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا*خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا*يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا{
    7- وفى سورة محمد قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ{
    فالآيات السابقة تصرح بأن مخالفة منهج الله ورسوله، يدخل النار، ويورث الذل، والخزي، والفتنة، والكبت، ويحبط العمل ... فما قولك يا منكر السنة في هذا المختصر الوجيز ؟؟؟




    الإلزام الثالث:- السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع بالاجماع
    عقد الخطيب البغدادي في كتابه المشهور الكفاية في علم الرواية بابا استهل به كتابه فقال: (( باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب العمل ولزوم التكليف )) ثم ساق نصوصا كثيرة من السنة لدعم هذا العنوان نجتزئ منها ما يلي:
    ساق الخطيب بأسانيد متعددة عن المقدام بن معديكرب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّم أشياء يوم خيبر ثم قال: "يوشك رجل متكئ على أريكته يحدّث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه وإن ما حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرّم الله عز وجل"، وأخرج هذا الحديث بألفاظ متقاربة أبو داود والترمذي والدارمي والإمام أحمد، وزاد أبو داود "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه"
    وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أطلعه الله على ما سيكون في المستقبل يوجه قوله هذا إلى ما يدّعون أنهم أهل القرآن أو القرآنيون الذين لا يأخذون إلا بالقرآن الكريم، ولا يحتجون بالسنة ولا يعملون بالأحاديث، وقد ظهر منهم الآن ناس في بعض أصقاع من الهند، وردد أفكارهم بعض الزائفين في مصر، لكن كانوا جميعا موضع سخرية واستخفاف من جمهور المسلمين وعلمائهم ولله الحمد والمنة.
    وأما الإجماع فقد أجمع العلماء من عصر الصحابة إلى يومنا هذا بأن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، وأنها حجة في إثبات الأحكام تبعا للقرآن، واستقلالا في بعض الأحكام.
    وأما المعقول فمن المعلوم لدينا أن الله سبحانه وتعالى قال مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
    إذن فالرسول صلى الله عليه وسلم مكلف ببيان المراد من الآيات المنزلة، وبيان كيفية تطبيقها على الحوادث، ولأجل هذا كان الصحابة يرجعون إليه في فهم كل ما أشكل عليهم فهمه، ويستفتونه فيما يقع لهم من الحوادث، فيبين لهم النبي عليه السلام ما أشكل عليهم.
    فعلى سبيل المثال نزلت آية الصيام ولم يذكر فيها حكم الأكل والشرب بطريق النسيان، فاستشكل بعض الصحابة الذين وقعوا في هذا، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كلفه ربه بالبيان، فقال يا رسول الله أكلت ناسيا وأنا صائم، فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بأن صومه صحيح، وقال له: "تمّ على صومك فإنما أطعمك ربك وأسقاك".
    على أن الأحكام المستمدة من السنة مأخوذة في الحقيقة من القرآن الكريم وتوجيهه العام، ومستقاة من أصوله، ومستوحاة من أهدافه، إذ إنها إما تخصيص لعمومه، أو مفسرة لمجمله، أو مقيدة لمطلقه، أو شارحة لكيفية تطبيق بعض أحكامه، وهذا ما فهمه الصحابة وعلموه وهو أن السنة وأحكامها تعتبر مأخوذة من القرآن الكريم، لأن الله تعالى قد أحال المسلمين في بعض نصوصه إلى السنة، وقصة المرأة الأسدية مع عبد الله بن مسعود في لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة حينما قالت: لقد قرأت ما بين دفتي المصحف فلم أجد اللعن فيه، قال: أما إنك لو قرأت لوجدتيه، ألم تقرأي قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، فالأخذ بالسنة في الواقع أخذ بالقرآن، لأن القرآن أحالنا عليها في بعض الأحكام، كما أن السنة هي التاريخ التطبيقي للقرآن، فالجهل بها جهل لكيفية تطبيق القرآن، كما أنها المصدر الوحيد لمعرفة سبب النزول، ومعرفة ناسخ القرآن ومنسوخه، وهذه أمور ضرورية جدا لتحديد معنى النص القرآني في كثير من الآيات.
    ولنضرب أمثلة حية من أحكام السنة المخصصة لعموم محمكم القرآن أو المفسرة لمجمله:
    1- قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ{.
    فإن ظاهر هذه الآية يدل على أن كل والد يرث ولده وكل مولود يرث والده، لكن جاءت السنة فبينت أن المراد بذلك مع اتفاق الدين بين الوالدين والمولودين، وأما إذا اختلف الدينان فإنه مانع من التوارث، واستقر العمل على ما وردت به السنة في ذلك فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أسامة بن زيد أنه قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ".
    2- قال تعالى في المرأة التي يطلقها زوجها ثلاثا: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فاحتمل أن يكون المراد به عقد النكاح وحده واحتمل أن يكون المراد به العقد والإصابة معا، فجاءت السنة فبينت أن المراد به الإصابة بعد العقد، فعن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبتّ طلاقها فنكحت بعده عبد الرحمن بن الزَّبِير فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فتزوجت بعبد الرحمن بن الزّبير وإنه والله ما معه إلا مثل هذه الهدبة وأخذت بهدبة من جلبابها قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا وقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته"، قالت وأبو بكر جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بن العاص جالس باب الحجرة لم يؤذن له، فطفق خالد ينادي أبا بكر ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    3- قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، لكن ليس في الآية الكريمة بيان قيمة المسروق ولا الحرز الذي هو شرط القطع ولم تبين الآية الكريمة من أين تقطع يد السارق أمن الكف، أم من المرفق، أم من المنكب؟ فجاءت السنة فبينت مقدار المسروق وهو ربع دينار كما بينت الحرز وهو يختلف لأنه يكون في كل شيء بما يناسبه، كما بينت السنة أن القطع يكون من مفصل الكف.
    والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، فمنها الصلوات الخمس فإن الله تعالى قال في القرآن الكريم {وَأَقِيمُوا الصَّلاة} وليس في القرآن بيان عدد الصلوات ولا تحديد أوقاتها، ولا عدد الركعات في كل صلاة، ولا كيفياتها، فجاءت السنة فبينت كل ذلك تفصيلا، وهكذا الزكاة والحج وكثير من العبادات والمعاملات والأحكام الأخرى.
    وإني لأتوجه إلى منكري حجية السنة فأقول لهم: إذا كنتم لا تعتبرون السنة حجة عليكم، ولا تعملون بها فكيف تقيمون الصلاة أخذا من القرآن، وكيف تؤدون الزكاة وكيف تقطعون يد السارق وتقيمون الحدود، وتوزعون المواريث والتركات؟ فماذا يكون جوابهم يا ترى؟ سبحانك ربنا هذا ضلال مبين.
    وأما حُجة مُنكري تاسنة فيمكن حصرها بأن القرآن جاء تبيانا لكل شيء، فإن جاءت الأحاديث بأحكام جديدة لم ترد في القرآن، كان ذلك معارضة من ظني الثبوت وهو الحديث القطعي الثبوت وهو القرآن، والظني لا يقوى على معارضة القطعي، وإن جاءت مؤكدة لحكم القرآن كان الاتباع للقرآن لا للسنة، وإن جاءت لبيان ما أجمله القرآن كان ذلك تبيانا للقطعي الذي يكفر من أنكر ثبوته بالظني الذي لا يكفر من أنكر ثبوته.
    وهذه التقسيمات في الحقيقة فلسفة فارغة تعارض ما كان عليه الصحابة والتابعون ومن تبعهم بإحسان من العمل بالحديث بمجرد ثبوته ولو من طريق شخص واحد إذا توفرت فيه شروط الراوي المعروفة من العدالة والضبط وغير ذلك.
    ويتخلص جواب الشافعي عن حجة هؤلاء بما يلي:
    1- إن الله تعالى أوجب علينا اتباع رسوله، وهذا عام بمن كان في زمنه وكل من يأتي بعده، ولا سبيل إلى ذلك لمن لم يشاهد الرسول إلا عن طريق رواية الأحاديث، فيكون الله قد أمرنا باتباعها وقبولها، لأن ما لا يتم الواجب إلا به كان واجبا.
    وحتى أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتيسر لمجموعهم -مع أنهم في زمنه- أن يسمعوا جميع ما قاله الرسول منه مباشرة، فكثيرا ما كان يسمعها البعض ويبلغونها غيرهم فيعملون بها جميعا، السامع والمبلّغ.
    2- إنه لابد من قبول الأحاديث لمعرفة أحكام القرآن نفسه، فإن الناسخ والمنسوخ لا يعرفان إلا بالرجوع إلى السنة.
    3- إن هنالك أحكاما متفقا عليها بين جميع أهل العلم وطوائف المسلمين قاطبة حتى الذين ينكرون حجية السنة، كعدد الصلوات المفروضة، وعدد الركعات، وأنصبة الزكاة وغيرها، ولم يكن من سبيل لمعرفتها وثبوتها إلا السنة.
    4- إن الشرع قد جاء بتخصيص القطعي بظني، كما جاء في الشهادة على القتل والمال، فإن حرمة النفس والمال مقطوع بهما، وقد قبلت فيهما شهادة الاثنين، وهي ظنية بلا جدال.
    5- إن الأخبار وإن كانت تحتمل الخطأ والوهم والكذب، ولكن الاحتمال بعد التأكد والتثبت من عدالة الراوي ومقابلة الرواية بروايات أقرانه من المحدّثين يصبح أقلّ من الاحتمال الوارد في الشهادات، خصوصا إذا عضد الرواية نص من كتاب أو سنة فإن الاحتمال يكاد يكون معدوما.
    ولعمري هذه إجابات موفقة مخرسة ألهمها الله تعالى للإمام الشافعي حفظا لدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فالحمد لله على توفيقه.
    وأما قولهم إن الله أنزل الكتاب تبيانا لكل شيء فإن من المعلوم أن الله لم ينص على كل جزئية من جزئيات الشريعة وإنما بين أصول الشريعة ومصادرها وقواعدها ومبادئها العامة.. ومن الأصول التي بينها وجوب العمل بسنة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كما في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} …




    الإلزام الرابع أهمية علم الحديث وأنه شرف الأمة ..!!
    قال سفيان الثوري:"لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"
    لو يقف المتأمل على هذه الجملة لأدرك ان الحديث يعتبر من لوازم التاريخ وان التاريخ يعتبر من أدوات علم الحديث. يجمع في قلبي حب التاريخ وحب الحديث وهما شيءٌ واحد.
    فالمحدث له اعلى مرتبة فالمحدث يستطيع ان يتقن الفقه والتفسير والعلوم المختلفة.
    فيستطيع ان يكون المحدث فقيهاً ولكن لا يستطيع ان يكون الفقيه محدثاً.
    ويستطيع ان يكون المحدث مفسراً ولكن لا يستطيع المفسر ان يكون محدثاً.
    ومن الاهمية توضيح اهمية الحديث في دحر الملاحدة واي زنديق عربيد لا يعرف حق نفسه ولا حق ربه.
    وانقل ما قاله حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما: - ( كنا إذا قال الرجل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرأبت إليه أعناقنا,وأصغينا إليه بآذاننا، وابتدرته أبصارنا، أما وقد ركب الناس الصعب والذلول, فلم نأخذ من الحديث إلا ما نعرف)
    وكان الإمام الشافعي -رحمه الله وطيب ثراه - يقول: -(لولا أهل المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر) يشير إلى فضل أهل الحديث
    وإضاف ناقلة بأن أهل الجرح والتعديل والعلل كانوا بمثابة الحصن الحصين للتعرف على الرواة والحفاظ على المرويات حتى أنه قيل ليحيى القطان ألا تخاف أن يكون من تتكلم فيهم – أي بالجرح – خصمائك أمام الله ، فقال: -(لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلى من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمي ويقول لي لما لم تذب الكذب عن سنتي.)
    قال الخطيب البغدادي :- ( ليس أحد من أهل الحديث يحابي في الحديث أباه ، ولا أخاه ، ولا ولده . وهذا علي بن عبد الله المديني ، وهو إمام الحديث في عصره ، لا يروى عنه حرف في تقوية أبيه بل يروى عنه ضد ذلك).
    وقال الذهبي: -(الكلام في الرواة يحتاج إلى ورع تام ، وبراءة من الهوى والميل ، وخبرة كاملة بالحديث وعلله ورجاله.)
    وقال الشيخ المعلمي اليماني: -(أئمة الحديث عارفون متيقظون يتحرزون من الخطأ جهدهم ، لكنهم متفاوتون في ذلك)
    وقال أبو حاتم الرازي:-(لم يكن في أمة من الأمم منذ خلق الله آدم أمناء يحفظون آثار الرسل إلا في هذه الأمة) فقال له رجل : يا أبا حاتم ربما رووا حديثا لا أصل له ولا يصح ؟ فقال:-(علماؤهم يعرفون الصحيح من السقيم ، فروايتهم ذلك للمعرفة ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الآثار وحفظوها ، ثم قال أبوحاتم رحم الله أبا زرعة ، كان والله مجتهدا في حفظ آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم)
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلماً إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأئمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنّة أهل الإسلام والسنة يفرقون به بين الصحيح والسقيم والمعوج والمقيم. وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم نقولات يأثرونها بغير إسناد وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل ولا الحالي من العاطل. وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من المين كما يظهر الصبح لذي عينين (مجموع الفتاوى: 1/9)
    عن محمد بن حاتم بن المظفر قال: إن الله أكرم هذه الأمة وشرفها بالإسناد وليس لأحد من الأمم قديمها وحديثها إسناد موصول، إنما هي صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز ما نزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي اتخذوها عن غير الثقات
    وقال الحافظ ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة حتى يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم شيء خص به المسلمون دون جميع الملل والنحل، أما مع الإرسال والإعضال فيوجد في اليهود لكن لا يقربون به من موسى قربنا من نبينا، بل يقفون حيث يكون بينهم وبينه أكثر من ثلاثين نفسا، وإنما يبلغون إلى نوح وشمعون، وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق، وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفا بنبيها إنما تنقل الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تتناهى أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأطول فالأطول مجالسة لمن فوقه، فمن كان أقصر مجالسة، ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها وأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا
    وقد قال صلى الله عليه وسلم :- ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ) رواه أبو داود 3660
    قال الرامهرمزي ت 360هـ رحمه الله : " ففرَّق النبي صلى الله عليه وسلم بين ناقل السنة وواعيها ، ودل على فضل الواعي بقوله : ( فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه غير فقيه ) وبوجوب الفضل لأحدهما يثبت الفضل للآخر ، مثال ذلك أن تمثل بين مالك بن أنس وعبيد الله العمري ، وبين الشافعي وعبد الرحمن بن مهدي ، وبين أبي ثور وابن أبي شيبة ، فإن الحق يقودك إلى أن تقضي لكل واحد منهم بالفضل ، وهذا طريق الإنصاف لمن سلكه ، وعلم الحق لمن أمه ولم يتعده " انتهى . "المحدث الفاصل 1/169-170
    وأما من جمع بين الحسنيين ، فوعى مقالة النبي صلى الله عليه وسلم ، وحفظ ما جاء به من العلم ، وتفقه في معانيه ، فانتفع به في نفسه ، ونفع به الناس ، فهؤلاء خير أصناف الناس قاطبة




    الإلزام الخامس :- حجية خبر الآحاد
    تتابع أئمة الهدى وسلف الأمة الصالح من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم على الاحتجاج بالسنة وتوقيرها والرجوع إليها في كل صغيرٍ وكبيرٍ والحذر من مخالفتها أو تركها ، أو التقدم عليها ، من غير تفريق بين متواترها وآحادها
    فمن أدلة القرآن على حجية خبر الآحاد: قوله تعالى :{فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ( التوبة 122( فقد حث الله عز وجل المؤمنين - في هذه الآية على أن تنفر من كل فرقة طائفة تقوم بمهمة التفقه والبلاغ ، ولفظ الطائفة يتناول الواحد فما فوقه ، مما يدل على قيام الحجة بخبرها .
    ومنها قوله سبحانه : { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } (الحجرات 6) ، فهذه الآية دلت على أن الخبر إذا جاءنا عن الثقة العدل فإن الحجة تقوم بخبره ، ولا يلزمنا التثبت فيه ، وأما الفاسق فهو الذي يجب أن لا نقبل خبره إلا بعد التثبت والتبين .
    ومنها قوله سبحانه : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (النحل 43) فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم ، وهو يشمل سؤال الواحد والمتعدد ، ولولا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لما كان لسؤالهم فائدة .
    وقوله سبحانه : {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته } (المائدة67) ، فأمر - صلى الله عليه وسلم – بتبليغ الدين للناس كافة وقام بذلك خير قيام ، ولو كان خبر الواحد لا تقوم به الحجة لتعذر وصول الشريعة إلى كافة الناس ولما حصل البلاغ ، ومعلوم أن التبليغ باق إلى يوم القيامة والحجة قائمة على العباد .
    كما حكى الله عن بعض أنبيائه ورسله السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد ، والعمل بمضمونه ، فموسى عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء من أقصا المدينة يسعى قائلاً له إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ، فجزم بخبره وخرج هارباً ، وقبل خبر بنت صاحب مدين لما قالت له : {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } ( القصص 25) ، وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما ابنتاه ، فتزوج إحداهما بناء على خبره .
    وقبل يوسف عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له : {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن } (يوسف50) ، وثبت في صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي )
    وأما أدلة السنة فأكثر من أن تحصر ومنها حديث أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه .) رواه ابن ماجه وغيره ، وفيه ندب - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها حتى ولو كان المؤدي واحداً ، مما يدل على قيام الحجة بخبره ، فلو كان خبر الواحد لا يفيد العلم لم يكن لهذا الندب فائدة تذكر .
    وحديث مالك بن الحويرث حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال : ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ، وليؤمكم أكبركم ) متفق عليه ، وحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن بليل ، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ) رواه البخاري وغيره وفي رواية لابن عمر : ( إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) متفق عليه ، ففي هذه الأحاديث الأمر بتصديق المؤذن ، والعمل بخبره في دخول وقت الصلاة ، والإفطار والإمساك مع أنه واحد ، ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين ، ويعملون بأذانهم في هذه العبادات ، وهو من أوضح الأدلة على وجوب العمل بخبر الواحد .
    واشتهر بعثه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد من صحابته ، واعتماده على أخبارهم وعمله بموجبها ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة و زيد بن خالد في قصة العسيف ، وفيه قال - صلى الله عليه وسلم- : ( واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها ) ، فاعترفت فرجمها ، فاعتمد - صلى الله عليه وسلم- خبره في اعترافها ، مع ما فيه من إقامة حد ، وقتل نفس مسلمة ، وفي يوم الأحزاب اكتفى النبي - صلى الله عليه وسلم – بخبر الزبير وهو واحد حين قال : ( من يأتيني بخبر القوم؟ .)
    وتواتر عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ وتعليم الناس أحكام الإسلام وشرائعه ، والنيابة عنه في الفتوى والقضاء والفصل في الخصومات ، فمن ذلك ما رواه الشافعي بإسناد صحيح عنعمرو بن سليم الزرقي عن أمه قالت : " بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول : " إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد " ، وحديث يزيد بن شيبان قال : كنا في موقف لنا بعرفة ، بعيداً عن موقف الإمام ، فأتاناابن مربع الأنصاري قال : " أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم " رواه الترمذي وغيره ، وقال لأهل نجران – كما في الصحيحين : ( لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين ) ، فبعث أبا عبيدة رضي الله عنه ، وبعث - صلى الله عليه وسلم- أبا بكر سنة تسع على الحج ، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه - صلى الله عليه وسلم- ، وبعث علياً تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم ، وبلغ عنه أول سورة براءة ، وبعث قيس بن عاصم ، و الزبرقان بن بدر ، و مالك بن نويرة إلى عشائرهم ، لتعليمهم الأحكام ، وقبض الزكاة ، وبعث معاذاً و أبا موسى وعماراً وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن .
    واشتهر أيضاً بعثه الأمراء في السرايا والبعوث ، وأمره بطاعتهم فيما يخبرون عنه ، وكذلك كتبه التي بعثها إلى الملوك في زمانه ، كان يتولى كتابتها واحد ، ويحملها شخص واحد غالباً ، كما بعث دحية الكلبي بكتابه إلى هرقل عظيم الروم ، و عبدالله بن حذافة إلى كسرى.
    ومثلها كتبه التي كان يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته ، يكتبها واحد ، ويحملها واحد ، ولو لا أن أخبارهم تقوم بها الحجة لكان بعثهم عبثاً ، ولحصل التوقف من المدعوين ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين ، أو طلب منه جزية ، أو زكاة أو نحوها : إن خبرك لا يفيد العلم ، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت .
    وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد والاحتجاج به ، ولم ينقل أن أحداً منهم قال : " إن هذا خبر واحد يمكن عليه الخطأ فلا تقوم به الحجة حتى يتواتر ، ولو قال أحد منهم ذلك لنقل إلينا ، وقد نقلت عنهم في هذا الباب آثار لا تحصى منها :
    ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها ، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة " ، ولولا حصول العلم لهم بخبر الواحد ، لما تركوا المعلوم المقطوع به عندهم لخبر لا يفيد العلم ولا تقوم به الحجة .
    وحديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين قال : " كنت أسقي أبا طلحة و أبا عبيدة ، و أبي بن كعب شراباً من فضيخ ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : قم ياأنس إلى هذه الجرار فاكسرها " ، حيث قطعوا بتحريم الخمر ، وأقدموا على إتلاف ما بأيديهم من مال تصديقاً لذلك المخبر ، ولم يقولوا : نبقى على حلها حتى يتواتر الخبر ، أو نلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مع قربهم منه ، ولم ينقل أنه أنكر عليهم عدم التثبت .
    وكذلك قضاء عمر رضي الله عنه في الجنين حين قال لأصحابه : " أَذْكَرَ الله امرأً سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين شيئاً ، فقام حمل بن مالك فقال : " كنت بين جارتين لي ، فضربت إحداهما الأخرى بمسطح ، فألقت جنيناً ميتاً ، فقضى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بغرة ، فقال عمر :" لو لم نسمع به لقضينا بغيره " ورجوعه بالناس حين خرج إلى الشام فبلغه أن الوباء قد وقع بها ، لما أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ( إذا سمعتم به ببلدة فلا تقدموا عليه ) متفق عليه ، وقبل خبرعبد الرحمن أيضاً في أخذ الجزية من مجوس هجر ، بعد أن قال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ، وغيرها كثير .
    ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والاحتجاج به ، حتى جاء المتكلمون فخالفوا ذلك ، قال الإمام الشافعي رحمه الله ( الرسالة 1/451) : " وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها ، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل ، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان ......ومحدِّثي الناس وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله ، والانتهاء إليه ، والإفتاء به ، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه ، ويقبله عنه من تحته ، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه - بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي " أهـ .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله ابن القيم مختصر الصواعق 2/372: " وأما القسم الثاني من الأخبار فهو ما لا يرويه إلا الواحد العدل ونحوه ، ولم يتواتر لفظه ولا معناه ، لكن تلقته الأمة بالقبول عملا به �
    التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 05-12-2014 الساعة 08:40 PM

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    2,494
    آخر نشاط
    23-11-2015
    على الساعة
    05:28 PM

    افتراضي عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية .. الجزء الثاني

    الإلزام الحادي عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الخامس ..!!
    1- في النزول الأول لجبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم أي قبل نزول القرآن..كيف عرف النبي :
    أ- أن هذا الذي أتاه هو ملك مرسل من الله ؟
    ب- أنه صلى الله عليه وسلم قد اصطفاه ربه للرسالة ؟
    هذه المعلومات الأولية هي ضرورية ولا مفر منها..فعند نزول الوحي لا بد للرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرف أن هذا الذي أتاه هو ملك من الله وأن الله اصطفاه رسولا وهذه المعلومات هي في حد ذاتها رسالة من الله .
    الإحتمالات المتوفرة أمام منكر السنة هي :
    أ- أن الله قد أوحى مباشرة لنبيه بتلكم المعلومات..فيكون النبي قد تلقى وحيا غير القرآن !
    ب- أن يخبر جبريل عليه السلام النبي أنه ملك من عند الله وأنه اصفاه رسولا..فيكون جبريل قد أخبر النبي بأخبار ومعلومات من الله ليست قرآنا !
    ج- وإما أن النبي التجأ إلى أصحاب الكتب الذين لديهم العلم ولديهم الآثار عن الأنبياء أي علم الرجال !..
    سؤالي لمنكري السنة هو: هل يوجد رابعا ؟..لأن الإحتمالات الثلاث المذكورة..أحلاها مر..فجميعها تهدم مذهب الأباطيل..!
    2- لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى اشد النهي عن الكذب عليه إذا لم يكن ثمة فائدة من سنته معاذ الله ؟
    3- لو كنت في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبرك بأن هذا الشيء حرام و أن فاعله سيدخل النار خالدا مخلدا ، هل ستأتي ذلك الشيء أم لا ؟؟
    4- كم عدد ركعات صلاة الظهر ، وما دليلك ؟
    5- هل الظهر مذكور يالقرآن كي تصليه هذا إذا كنت تصلي ؟
    6- هل محمد بن عبدالله رسول الله مع ذكر الدليل ؟
    ان كان اجابتك على ما سبق بالايجاب فنقول :
    أ- هل كونه رسولا وصفٌ دائمٌ لازمٌ لهُ ام لا مع ذكر الدليل ؟
    ب- ان كانت اجابتك بالسلب فنرجوا التفصيل بالآتي :
    ج- متى يكون رسولا ومتى يكون غير ذلك مع ذكر الدليل ؟
    د- وان كان غير ذلك فهل يُؤخذ قوله على انه حجة ام لا مع ذكر الدليل؟
    ه- هل كان الصحابة الذين شهدوا الوحي والنبوة يعلمون بهذا الأمر , ام انك علمتَ ما جهلوا واهتديتَ الى ما هم عنهُ ضلّوا مع ذكر الدليل ؟؟
    6- في حجية خبر الاحاد
    سؤالي مقصورٌ على عددٍ من الكلمات :
    أ- أكان النبي صلى الله عليه وسلم ( رجلاً واحداً ) أم كانَ ( عددا من الرجال ) ؟؟ .
    ب- إذا أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسولاً لدعوةِ الكفار إلي الدين (العقيدة) أكانَ يرسلُ ( واحداً ) أم ( مجموعة ) ؟؟ .




    الإلزام الثاني عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء السادس ..!!
    هناك بعض الآيات التي تقرؤها في كتاب الله من مثل: "والنازعات غرقا..والناشطات نشطا".
    طبعا لو سألت منكر السنة عن معاني هذه الآيات سيبدأ لك بسرد أقوال أئمة التفسير والنقولات عن مجاهد وعطاء وعكرمة وابن عباس وابن مسعود وبعض الصحابة...الخ.
    السؤال: نعرف أسانيد وصول آيات القرآن لدينا وكلانا متفق على صحتها....فكيف عرفت بأن النقولات عن هؤلاء المفسرين صحيحة يا منكر السنة!!!!
    2- يحتجون بالقرآن فقط فمن أين يأتون بسباب النزول؟
    3- هل لك في النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة أم لا؟ قلت من قبل أن القرآن يكفي ولا تحتاج إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم, وهذا يخرجك من الطائفة التي ترجوا الله واليوم الآخر.وهذا ليس كلامي بل آية صريحة يأمرك الله فيها أن تتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم وتتبعه, لكنك تخالف كلام الله و تقول القرآن يكفي.
    إن عدت عن عنادك وأطعت أمر الله المذكور في الآية .. يواجهك سؤال آخر:
    4- كيف تتأسى بالنبي دون أن تتبع سنته؟ قال تعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب : 21]ويبقى السؤال كيف تتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟
    5- هل فرض على المؤمن إتباع السنة التي لم ترد تفاصيلها في القرآن أم لا؟ هذا سؤال يشمل أيضاً من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. أنت تتفادى السؤال لأنك لن تجرؤ على الإدعاء أن الصحابة لم يكونوا يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة .. ولذلك أدعيت أن السنة خاصة بـ(اصحاب النبي وأزواجه ومن حوله) حتى لا تلزم نفسك بشيء ! وهكذا أخرجت نفسك ممن قال الله فيهم وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]وأنت يا منكر السنة لا تتبع الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ في أي شيء ولا حتى في موقفهم من سنة نبيهم. هذه الآية دليل آخر على حجية السنة ولن تستطيع تأويلها حسب هواك.. لأنك إن إدعيت إتباعك للمهاجرين و الأنصار في بعض سيرتهم لن يصدقك احد لأنك أصلاً لا ترى نفسك ملزماً شرعاً بسيرة معلمهم صلى الله عليه وسلم.
    5- فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً [النساء : 65] بما أن الآية تنفي الإيمان عن من لا يحتكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم بحكمه.. وبما أن القضاء هو حكم تلفظ به النبي صلى الله عليه وسلم. . وبما أن المحتكم لا يرى نفسه ملزما بالسنة القولية.. وأكثر من ذلك يحرم إتخاذها مصدراً للتشريع!إذاً لا وربك لا يؤمن منكر السنة حتى يسلّم بكل ما قاله النبي.
    6- أطلب منك ان تتخيل نفسك في مدينة النبي بين الصحابة .. ثم أنظر هل ستكون من المنافقين أم لا..
    فإن صلى النبي لن تصلي مثله لأنك ترى أن القرآن يغنيك عن السنة.
    وإن علمك دعاء سترفضه بحجة عدم وجوده في القرآن.
    وإذا نهاك لن تنتهي وإذا أمرك لن تطيع
    إلا إذا ورد النهي أو الأمر في القرآن .. ألخ
    ولن تفرق عن أي منافق في عهد النبوة يرفض دعاء علمه النبي للصحابة, وحجته أنه لم يجد نص الدعاء في القران.
    ويرفض أية تفاصيل للصلاة لم ترد في القرآن.. ولن يؤذن مثل ما أمره النبي أن يؤذن بحجة عدم وجود نص الآذان في القرآن ..
    وسيرفض أي فعل قام به النبي في الحج لأنه لم يجده في القرآن, وقس على ذلك كل فعل أو قول فعله النبي و لم تجده في القران.
    ------ ما الفرق بين منكر السنة و بين المنافق الذي يرفض إتباع أي أمر سمعه من النبي بحجة عدم وروده في القران؟ -----




    الإلزام الثالث عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء السابع ..!!
    لو تأملنا قصة أبا لهب في القرآن سنجد أن الله عز وجل قد ذكر العقاب دون ذكر الذنب..قال تعالى :تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
    الآية توعدت أبو لهب بعذاب نار جهنم دون أن يُذكر السبب لأن التفاصيل وكما هو معلوم مذكورة في السنة..إذن فبالضرورة منكرها قد نسب الظلم لله..تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا....
    حين يقال لمنكري السنة كيف عرفتم إن الصلاة صفتها كيت وكيت(وهذا دليل قاصم كاف) ,يقولون: هذا بالتواتر , ونقول لهم :وبتواتر أعظم نقل الأئمة خلفا عن سلف أن مصادر التشريع كتاب وسنة , وأي جاهل ينظر في التراث الإسلامي لا يجد عالما قط إلا وهو ينص على الكتاب والسنة وكذلك أمة الإسلام في كل العصور من لدن الصحابة وإلى يومنا فلماذا تقبلون تواترا وتعرضون عن تواتر؟

    هل:- أبو بكر الصديق ,عمر بن الخطاب ,عثمان بن عفان,علي بن أبي طالب, سعد بن أبي وقاص ,عبد الله بن مسعود ,أبي بن كعب ,أبو ذر الغفاري ,معاذ بن جبل ,أبو موسى الأشعري ,أبو الدرداء ,عبد الله بن سلام ,عائشة أم المؤمنين ,عمران بن حصين ,زيد بن ثابت ,أبو هريرة الحافظ ,عبد الله بن عمر,عبد الله بن عباس ,عبد الله بن عمرو بن العاص ,عقبة بن عامر ,جابر بن عبد الله ,أبو سعيد الخدري ,أنس بن مالك..إلخ ( انظر بقية أسماء الصحابة في الإصابة للحافظ ابن حجر وهم بالآلاف )
    وعامر بن عبد الله التميمي، عطاء بن أبي رباح، عروة بن الزبير، الربيع بن خثيم، إياس بن معاوية، الحسن البصري، شريح القاضي، رجاء بن حيوة، محمد بن سيرين، ربيعة الرأي، عامر الشعبي، سلمة بن دينار، سعيد بن المسيب، سعيد بن جبير، محمد الأزدي، صلة بن أشيم، محمد بن الحنفية، طاوس بن كيسان،، أيوب السختياني، عمر بن عبد العزيز، زين العابدين علي بن الحسين ،همام بن منبه,مجاهد بن جبر المكي, أبو بكر بن حزم,محمد بن شهاب الزهري , أبو مسلم الخولاني، سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب،نافع مولى ابن عمر , رفيع بن مهران الرياحي، النعمان أبو حنيفة، ، القاسم بن محمد بن أبي بكر سفيان الثوري ,سفيان بن عيينة ,حماد بن سلمة ,حماد بن زيد ،مالك بن أنس ,الليث بن سعد,الشافعي ,أحمد بن حنبل ,أبو حاتم الرازي ,أبو زرعة الرازي ,أبو عيسى الترمذي ,أبو داود السجستاني ,عبد الرزاق الصنعاني ,يعقوب بن سفيان الفسوي , محمد بن إسماعيل البخاري، مسلم بن الحجاج,أبو عبد الرحمن النسائي, الدارقطني,ابن خزيمة ..إلخ
    ( وانظر بقية أسماء التابعين وتابعيهم وتابعي تابعيهم في تذكرة الحفاظ مثلا للحافظ الذهبي وهم بالآلاف .)
    هل كل هذه الأسما أسماء وهمية فإن كانت حقيقية- وهو إجماع العقلاء( حتى المستشرقون الكفار لا يكذبون بوجود هؤلاء )- فقد تتابع هؤلاء على نقل السنة جيلا بعد جيل وتواصوا به كما نقلوا القران ..الصحابة فالتابعون فتابعوهم ..وهذه قرون مزكاة من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ..فهل كل هؤلاء تواطؤوا على الباطل ؟ وبقيت الأمة ضالة حتى انبعث أشقياء معاصرون ليقولوا لا تأخذوا بالسنة..؟! كيف تطعنون في هؤلاء وهم نقلة القران..؟ ألا تعلمون أن الطعن في الناقل طعن في المنقول؟
    يقول الله جل ثناؤه إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ [المائدة : 44]
    يتطاول منكرو السنة على صاحبها صلى الله عليه وسلم فيزعمون رد حديث رسول الله بحجة واهية :وهي أنكم جعلتم الدين موكولا لحكم الرجال ,ونسي هؤلاء الأغرار أن حاصل كلامهم - لو فطنوا له- يعود بالطعن على الكتاب العزيز نفسه, ولكن من اخترع لهم هذه الأفكار إنما أراد الطعن في الدين جملة ..والآن مع السؤال :استحفظ الله الأحبار كتاب الله تعالى أي أوكل إليهم حفظه , ومعلوم أن الله جل وعز لا يأمر بما تكون مشقته شديدة فضلا عن أن يأمر بمستحيل
    1- فكيف ساغ أن يأمر الله جل ذكره بحفظ كتابه مُحِيلًا على أقوال الرجال ؟
    2- لماذا ذكر لنا في كتابه أن أحبار أهل الكتاب لم يحفظوا كتبهم ,ولم يذكر لنا أن أحبار الأمة المحمدية لم تحفظ السنة أيضا؟ بل على العكس أثنى على سلف هذه الأمة من الصحابة وأمر باتباعهم وجعل الهدى محصورا في سبيلهم ,ومما يشمله اتباعهم الرواية عن رسول الله كما رووا !؟




    الإلزام الرابع عشر :- أسئلة هامة لكل كافر بالسنة الجزء الثامن ..!!
    1- ما هو منهجكم أيها الكفار بالسنة النبوية؟
    ستردون " القرآن "
    فبأى فهم وبأى لغة وبأى قواعد تتعلمون ؟
    2- ماذا تقولون فى الأحكام التى ثبتت فى السنة ولم تثبت فى القرآن ؟
    3- كيف تضربون الأحايث التى ظاهرها التعارض ببعض ولا تطبقوا هذه القاعدة الباطلة مع كتاب الله ؟
    4- ماهى ردودكم على الآيات التى أوجبت علينا اتباع الرسول ؟
    5- هل كان رسول الله لا ينطق إلا بما فى القرآن ؟
    6- ما هى الضوابط و القواعد التى قعدوها لتفسير القرآن و استخراج الأحكام الشرعية؟
    7- منكرو السنة عادةً يميلوا لأفكار المعتزلة لأنهم أقرب الفرق اليهم، لكن طبعاً مع الفارق الكبير. فالمعتزلة كان لهم على الأقل مبدأ و منهج و قواعد قعدوها. فما هى قواعد منكرى السنة
    8- كيف نقيم الدلائل على خصائص هذا النبي العظيم وسيرته وهديه ومعجزاته , وأنتم تنكرون سنته ؟ وكيف يكون رسول الله آيات عند اهل الكتاب بما عندهم من نصوص , وسندهم إليها منقطع ,ثم لا يكون بالنسبة إلينا آيات وسندنا إليه متصل عليه الصلاة والسلام؟

    و أختم بكلام الشيخ أبواسحاق الحويني حفظه الله :
    نحن لنا مع أهل البدع جولات نردهم فيها إلى الحق الذي حادوا عنه بالحجج النيرات وواضح الدلالات ، فإن أبوا إلا المهارشة والمناقشة، والمواحشة والمفاحشة ، فليصبروا على حد الغلاصم وقطع الحلاقم، ونكز الأراقم، ونهش الضراغم ،والبلاء المتراكم المتلاطم ، ومتون الصوارم. فوالله ما بارز أهل الحق ِقًًََرنٌ إلا كسروا قرنه فقرع من ندمٍ سنه، ولا ناجزهم خصمٌ إلابشروه بسوء منقلبه، وسدوا عليه طريق مذهبه لمهربه، ولا فاصحهم أحد ولوكان مثل خطباء إياس إلا صفحوه وفضحوه، ولا كافحهم مقاتل ولو كان من بقية قوم عاد إلا كبوه على وجهه وبطحوه .
    هذا فعلهم مع الكماة الذين وردوا المنايا تبرعا، وشربوا كئوسها تطوعا ، والكفاة الذين استحقروا الأقران فلم يَهُلهُم أمر َمُخُوف ، وأنا أعلم أن الحق مرٌ تحملاً وأداءً ولكن الله -عز وجل- أوجب على أهل العلم لتبيننه للناس ولا تكتمونه ، وأمرهم كما قلت أن يصرحوا به ولا يجمجموا ، وجعل عاقبة ذلك رضاه فاللهم ارض عنا وأيدنا بنصرك الذى وعدت به من استقام على أمرك والله تعالى أسأل أن يهدى من ضل من أبناء المسلمين



    الإلزام الخامس عشر :- التدوين حجة لنا لا علينا
    هل التدوينُ هو العامل الأساسي لحفظ النصوص؟
    نعم!! هكذا يجيبنا بعض القوم من غير تفكرٍ دقيقٍ ونظرٍ عميقٍ في كتابِ الله وتاريخ الرسالات.
    ألم ينزل الله على إبراهيم صحفاً وأنزل على موسى الواحاً فيها كتابه، فأين صحف إبراهيم وأين توراة موسى صلوات الله وسلامه عليهم؟!!
    إنّ نزول التوراة في ألواح لا في صحف من أعظم أسباب الحفظ على منطقكم ولكن لمّا كان اليهود أهل تحريف وخيانة حرّفوها، فأرسل الله لهم رسله تترى تجدد لهم التوراة وأحكامها ما لم يرسله الى أمةٍ قطُّ ومع ذلك فأين هي التوراة؟!!
    ألا ترى يا أيها القارئ الكريم أنًّ الأمر يتعلق بحملة النصوص أكثر من تعلقه بالتدوين نفسه؟!!
    وهل ضلت يهود بسبب وجود نصٍ مدونٍ أم بسبب خيانتهم لهذا النصِّ وكفرهم به؟!!
    ثم ألم ينزل الله القرآن على صدر نبيه ولم ينزله في صحف؟!!
    ألم يحمله الرعيل الأول في صدروهم "بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ "(49) العنكبوت
    فكان حبُّ الصحابة لدينهم وحماستهم الشديدة لحفظه كما نزل هو الفارق الأعظم عن حال غيرهم من الأمم ، وهذا كله من قدر الله فهو الذي اختارهم لصحبة خاتم المرسلين وهو الذي استعملهم لحفظ دينه" إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ". ولعل البعض يظنون أنَّ تحفيظ القرآن وتدريسه كان في الأجيال الأولى عن طريق المصحف المكتوب وهذا جهلٌ بواقع الصحابة والتابعين، فلم تكن هناك ثمة مطابع بل لمّا يخترع الورق بعد، فكان الاعتماد على الحافظة وومضت السنة على حفظه حتى بعد انتشار المصاحف بكثرة وهكذا وصلنا متواتراً عنهم ولله الحمد.
    ما أريد أن أصل إليه أن الجيل الأول وتلاميذهم في الجيل الثاني كانوا أشد الناس حرصاً على دين الله ، ولم يكن حرصهم هذا مخصوص بالقرآن فقط بل كانوا يحفظون الحديث كما يحفظون السورة من القرآن ، لذا خشي النبي من اختلاط القرآن بحديثه فأمر بكتابة القرآن دون الحديث ثم أجاز كتابة الحديث بعد ذلك كما هو معلوم. وكانوا رضي الله عنهم يراجعون مروياتهم ويدرسونها في حلق التحديث ، فمن زعم أن عدم التدوين في الجيل الأول هو سبب للظن بتحريف السنة فقد أبعد النجعة، فالقوم الذين حفظوا كتاب الله وأشار الله الى أمانة صدورهم" بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" هم الذين رووا السنة وحفظوها، وما زال هذا الحبُّ والحماس في نفوس البعض وقد رأيت من يحفظ أحاديث البخاري عن ظهر قلب وسمعت عن حفظة الكتب الستة ، وهذا في عصرنا الذي لا يخفى على أحدٍ حال الأمة فيه!
    ومن العجيب أن بعض الأئمة أصحاب الحافظة العجيبة كانوا يأنفون من الكتابة ويأمرون طلبتهم بالحفظ المباشر عنهم ويروى ذلك عن الإمام الجليل محمد بن شهاب الزّهري رضي الله عنه. بل ذهب بعض الأئمة الى أنّ الرواية غير معتبرةٍ إذا كان المحدِّث يحدث من كتاب مرويّاته ولم يكن حافظاً لها!!(انظر مقدمة ابن الصلاح:119)
    ولا يعني كلامي النقصان من أهمية التدوين ولكن مرادي أن التدوين ليس العامل الرئيسي في حفظ النصوص وإنما العامل الأهم هو إخلاص حملة النصوص وتعلقهم بها وحماستهم في نشرها وتطبيقها كما أنزلت وقبل ذلك وبعده حفظ الله جل وعلا.

    ثم هل تأخر التدوين فعلاً؟
    المسألة فيها تفصيل:
    فأما تدوين الرواة لما يسمعون ممن يأخذون منه فهو متقدم جداً بل قد دون الصحابة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم بعد إذنه لهم فكتب عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفته الصادقة وكتب غيره وقد تقدم لك أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أذن بذلك وكانت للتابعين صحف بمروياتهم يرجعون اليها وربما حدثوا منها وناولوها تلاميذهم وقد تعرض لهذا الموضوع أخونا أبو جهاد في سلسلته في الرد على صبحي منصور ، كما قد بين ذلك الدكتور عجاج الخطيب في كتابه الحافل " السنة قبل التدوين" فليراجع، ومع ذلك فإن ذلك الجيل فضل عموماً التحديث من حفظه وقد ذكرت لنا كتب التاريخ أعاجيب عن حافظتهم واختبار الناس لهم ولا زلنا الى اليوم نسمع الأعاجيب عن الحفاظ في موريتانيا الذين يحفظون متون الكتب العلمية الشرعية واللغوية سواءا كانت قرضاً أو نثراً.
    أمّا تدوين الكتب الكبيرة المشتهرة فليس بمتأخرٍ كثيراً كما توحي عبارت المدلِّسين المعاصرين بل بدأ منذ عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهذا هو جيل تابع التابعين ولا يعني ذلك أنّ كل التابعين أنقرضوا قبل هذا الجيل بل إنّ عمر بن عبد العزيز نفسه تابعيٌ رأى صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منهم.
    فبدأت عملية التصنيف المنظمة منذ ذلك العهد خوفاً على السنة بسبب تغير الناس وضعف همتهم نسبةً الى من قبلهم، فصنف الزهري (تاريخ دمشق:334\55) و زيد بن زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهم والشعبي رحمه الله وغيرهم ثم تتابع الناس وصنفت الكتب الجوامع ككتب أبن جَريج وأبن أبي ذئب والأوزاعي ومالك وسعيد بن أبي عروبة.




    الإلزام السادس عشر :- نُشهد الله أنَّا نُحب أبا هريرة في الله
    كان أبو هريرة رضي الله عنه كما يروي أبو اسحاق أنه كان وسيطا في دوس ... أي سيدا عظيما
    الصحابى الجليل أبو هريرة رضى الله عنه ... أمير المؤمنين في الحديث .. سيد الحُفاظ .. إمام الدنيـا .. مُفتي المدينة .. العَلم الثَبت الإمام
    أما عن جودة حفظه واتقانه: عن الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يقول: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والله المَوْعِد. كنت رجلا مسكينا أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطنى (أقنع بقوتى ولا أجمع مالا لذخيرة ولا غيرها). وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق (كناية عن التبايع) وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "من يبسط ثوبه لم ينسى شيئا سمعه منى" فبسطت ثوبى حتى قضى حديثه ثم ضممته إلىَّ فما نسيت شيئا سمعته منه [مسلم.. فضائل الصحابة 2492].
    ولذلك قال ابن عمرو له: يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظنا لحديثه قال أبو عيسى هذا حديث حسن [تحفة الأحوذى 3845].
    أخرج بن أبى خيثمة من طريق سعيد بن أبى الحسن قال: لم يكن أحد من الصحابة أكثر حديثا من أبى هريرة.
    وفى كثرة علمه:عن أبى هريرة قال: ليس أحد أكثر حديثا عن رسول الله منى إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب قال أبو عيسى (حديث حسن صحيح) [تحفة الأحوذى 3850].
    قال الربيع: قال الشافعى: أبو هريرة أحفظ مَن روى الحديث فى دهره.
    وكانت له الفتوى فى المدينة: عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم يَفتُون بالمدينة ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لَدُن تُوفى عثمان إلى أن توفوا. قال: وهؤلاء الخمسة إليهم الفتوى [سير أعلام النبلاء (2/607)].
    قيل لابن عمر: هل تنكر مما يحدث به أبو هريرة شيئا؟ فقال: لا ولكنه اجترأ وجَبُنَّا.
    فقهه فى إظهار بعض العلم وكتمان بعضه:أخرج البخارى من طريق سعيد المقبرى عن أبى هريرة قال: حفظت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم.
    عند أحمد من طريق يزيد بن الأصم عن أبى هريرة: وقيل له أكثرت فقال: لو حدثتكم بما سمعت لرميتمونى بالقَشع أى الجلود.
    وهذا الوعاء الذى كان لا يتظاهر به هو الفتن والملاحم وما وقع بين الناس من الحروب والقتال وما يقع التى لو أخبر بها قبل كونها لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه ورَدُّوا ما أخبر به من الحق كما قال: لو أخبرتكم أنكم تقتلون إمامكم وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف لما صدقتمونى [البداية والنهاية (م4 ج8 ص284)].
    وحمل العلماء الوعاء الذى لم يبثه على الأحاديث التى فيها تبيين أساس أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يكن عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم ... ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتومة لو كانت من الأحكام الشرعية ما وسعه كتمانها لما ذكره فى الحديث الأول من الآية الدالة على ذم كتم العلم (يقصد حديث: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة ، ولولا آيتان فى كتاب الله ما حدَّثت حديثاً ثم يتلو "إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" [البقرة : 159، 160] [البخارى 118].
    وقال غيره يحتمل أن يكون أراد مع المصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم فى آخر الزمان ، فينكر من لم يألفه ويعترض عليه من لا شعور له به [فتح البارى (1/261)].

    وفي عبادته وورعه:عن عباس والجُزَيرى سمعت أبا عثمان النَّهدى قال: تضيفت أبا هريرة سبعاً فكان هو و امرأته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثا: يصلى هذا ثم يوقظ هذا ويصلى هذا ثم يوقظ هذا. قلت: يا أبا هريرة كيف تصوم؟ قال: أصوم من أول الشهر ثلاثاً.
    وعن شرحبيل أن أبا هريرة كان يصوم الاثنين والخميس [سير أعلام النبلاء]
    عن كرمة قال: قال أبو هريرة إنى لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثنتى عشر ألف مرة وذلك على قدر دينى أو قدر دينه [حلية الأولياء (1/468)]
    عن سالم بن بشير أن أبا هريرة بكى فى سرضه فقيل ما يبكيك؟ قال ما أبكى على دنياكم هذه ولكن على بُعد سفرى وقلة زادى وأنى أمسيت فى صعود ومَهْبِطُه على جنة أو نار فلا أدرى أيهما يُؤخذ بى [سير (1/625)].
    حب أبى هريرة علامة إيمان:قال أبو هريرة: قلت يا رسول الله ادعُ الله أن تحببنى أنا وأمى إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "اللهم حبب عُبَيْدك هذا – يعنى أبا هريرة – وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خُلق مؤمن يسمع بى ولا يرانى إلا أحبنى". [مسلم 2491]
    دعاء النبى (صلى الله عليه وسلم) له بالبركة فى طعامه:عن أبى هريرة قال: أتيت النبى (صلى الله عليه وسلم) بتمرات فقلت يا رسول الله ادعُ الله فيهن بالبركة فضمهن ثم دعا لى فيهن بالبركة فقال: خذهن واجعلهن فى مزوَدك (ما يجعل فيه الزاد من الجراب وغيره) هذا أوفى المزود كلما أردت أن تأخذ منه شيئا فأدخل فيه يدك فخذه ولا تنثره نثرا.
    فقد حملت من ذلك التمر كذا وكذا من وَسْق (ستون صاعا) فى سبيل الله فكنا نأكل منه ونُطْعِم وكان لا يفارق حِقْوى (قال الطيبى: الحقو: معقد الإزار وسمى الإزار به للمجاورة) حتى كان يوم قتل عثمان فإنه انقطع قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه [تحفة الأحوذى 3848].
    قالت له ابنته: يا أبت إن البنات يعيرننى يقلن: لم لا يحليك أبوك بالذهب؟ فقال: يا بنية قولى لهن: إن أبى يخشى على حرَّ اللهب [البداية والنهاية م4 ج8 ص284].
    قال أبو سليمان بن زَبْر فى تاريخه: عاش أبو هريرة ثمانية وسبعين سنة [الإصابة (6/282)].
    مسنده:(5374) حديثا. المتفق فى البخارى ومسلم منها (326) وانفرد البخارى (93) ومسلم (98) قال البخارى: روى عنه نحو الثمانمائة من أهل العلم وكان أحفظ من روى الحديث فى عصره.
    المصدر
    موقع الدكتور أحمد النقيب





    الإلزام السابع عشر :- أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في تحفيظ الصحابة للأحاديث
    أولا:أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكرر الحديث ولايسرده سردا مما يساعد على الحفظ والضبط
    والدليل على ذلك ما أخرجه الامام البخارى فى صحيحه حديث رقم 3303 حيث قال رحمه الله حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ صَبَّاحٍ الْبَّزَّارُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ
    وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو فُلَانٍ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ
    ولو ذهبنا نسوق الامثلة من كلام سيد الخلق صلى الله عليه وسلم على تكراره الحديث اكثر من مرة أو اثنين أو ثلاث لما اتسع المقام والوقت ونذكر على سبيل المثال الحديث المتفق عليه من حديث ابى بكرة رضى الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ.
    وأيضا مثال على ذلك الحديث المتفق عليه ايضا من حديث عبد الله بن عمرو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
    ويلاحظ ان المقصود من تكرار الحديث هو التفهيم لاصحابه الكرام رضوان الله عليهم اجمعين وإعانتهم على حفظ الحديث و تعقله فإذا تحقق هذا المقصود من غير تكرار فلا بأس بعدم التكرار قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله فى كتابه الماتع جامع بيان العلم وفضله الجزء الاول صفحة 557 :- ( وذلك عندهم كان ليفهم عنه كل من جالسه من قريب او بعيد وهكذا يجب ان يكرر المحدث الحديث حتى يفقهم عنه واما اذا فهم عنه فلا وجه للتكرار.)
    وربما دعت الحاجة إلى تحفيظهم بعض النصوص المهمة فيكررها أكثر من ثلاث مرات حتى يطمئن الى حفظهم إياها كنصوص بعض الادعية والتشهد وصلاة الاستخارة ونحو ذلك ففى صحيح البخارى عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يَقُولُ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ...الخ
    وفى صحيح البخارى ايضا عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ
    وأحب ان انوه هنا بمناسبة هذا الحديث عن اقتداء الصحابة رضوان الله عليهم بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم فى كل شئ حتى فى طريقة التعليم فهذا سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه وارضاه كان يفعل نفس الشئ مع بنيه ففى صحيح البخارى عن عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيَّ قَالَ كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ وَيَقُولُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْهُنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ
    وهذا المنهج التربوى الكريم الذي طبقه النبى الأمين ووعاه أصحابه المكرمين يبعث على الاطمئنان الى دقة ما نقلو عنه وتمام ضبطهم له ان شاء الله تعالى ولله الحمد والمنة .
    ثانيا :أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتخول الصحابة بالموعظة وكان معتدلا معهم فى الحديث وكان يراعى عدم الاملال عليهم وكذلك اختيار الوقت المناسب للحديث فكان صلى الله عليه وسلم يختار اوقات النشاط الذهنى والاستعداد النفسي لدى اصحابه ومباعدته بين الموعظة واختها حتى تشتاق النفس وينشرح الصدر للتلقى مما كان لهذا كله الاثر البالغ فى حفظ الصحابة وتمام ضبطهم رضوان الله عليهم اجمعين
    والادلة على ذلك كثيرة ففى صحيح البخارى عن عبد الله بن مسعود قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة فى الايام كراهة السامة علينا .
    ولاريب ان أن مثل هذا الاسلوب يراعى طاقات المتعلمين ويطارد الملل الذي قد يصيب بعضهم وتبقى النفوس فى حالة من الشوف والترقب والاذهان فى حالة من النشاط والتحفز فتجتهد فى الحفظ والضبط والوعى قال الجاحظ :- ( قليل الموعظة مع نشاط الموعوظ خير من كثير وافق من الاسماع نبوة ,ومن القلوب ملالة.)
    ثالثا ..ضرب الامثال ...فللمثل الأثر البالغ فى ايصال المعنى إلى العقل والقلب ,ذلك أنه يقدم المعنوى فى صورة حسية فيربطه بالواقع ويقربه الى الذهن في بلاغة تأخذ بمجامع القلوب وتستهوى العقول وبخاصة عقول البلغاء ولذلك استكثر القران من ضرب الامثال وذكر حكمة ذلك فى ايات كثيرة فقال تعالى((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ))والنبى صلى الله عليه وسلم اكثر جدا من ضرب الامثال حتى قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه ((حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الف مثل ))اخرجه الرامهرمزى فى الامثال وسنده ضعيف
    وقد أُلفت كتب كثيرة فى الأمثال النبوية منها على سبيل المثال:امثال الحديث للقاضى ابى محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي المتوفى سنة 360
    والاحاديث التى فيها ضرب الامثال من النبى صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا مثل حديث البخارى مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ....
    وما رواه البخارى من حديث ابى موسى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث...
    وهناك نوع اخر من ضرب الامثال ويسمى المثل السائر يتداوله الحكماء فى كلامهم مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لايلدغ المؤمن من جحر مرتين.




    الإلزام الثامن عشر :- اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بتبليغ سنته إلى من بعده
    ومن ذلك مثلا
    أولا : طرح المسائل فمن المعلوم أن توجيه السؤال يفتح ذهن المسؤل ويركز على اهتمامه فى الإجابة ويحدث حالة من النشاط الذهنى الكامل ,ويحدث لونا من التواصل القوى بين السائل والمسؤل وقد استخدم النبى صلى الله عليه وسلم السؤال فى صور متعددة لتعليم الصحابة رضى الله عنهم مما كان له اكبر الاثر فى حسن فهمهم وتمام حفظهم
    أ_فاحيانا يوجه النبى صلى الله عليه وسلم السؤال لمجرد الاثارة والتشويق ولفت الانتباه من ذلك ما اخرجه الامام مسلم فى صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ
    ب- وأحيانا يسألهم النبى صلى الله عليه وسلم عما يعلم أنهم لاعلم لهم بهوانهم سيكلون علمه الى الله ورسوله وإنما يقصد إثارة انتباههم للموضوع ولفت انظارهم إليه من ذلك الحديث المتفق عليه من حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
    بَيْنَمَا أَنَا رَدِيفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا آخِرَةُ الرَّحْلِ فَقَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ قُلْتُ لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ قَالَ هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوهُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ
    ج-وأحيانا يسالهم النبى صلى الله عليه وسلم عن شئ معلوم لديهم فيجيبون بما يعلمون فيلفت النبى صلى الله عليه وسلم أنظارهم إلى معنى غريب لم ينتبهو إليه
    من ذلك ما اخرجه مسلم فى صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ
    د-وأحيانا يسأل فيحسن أحد الصحابة الاجابة فيثنى عليه ,ويمدحه تشجيعا له وتحفيزا لغيره كما فعل مع ابى بن كعب حين استحسن إجابته وذلك فى الحديث الذي اخرجه مسلم عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ قُلْتُ { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } قَالَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ
    ثانيا: القاء المعاني الغريبة المثيرة للاهتمام والداعية الى الاستفسار والسؤال
    وهذا لون رائع من ألوان التعليم يثيرفى النفس الرغبة القوية فى السؤال ويدفعها بقوة إلى التطلع للمعرفة واستشراف الجواب ومن ثم استيعابه وحفظه لما فيه من طرافة وغرابة من ذلك الحديث المتفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ
    ومن ذلك وهو مثال لطيف ما اخرجه مسلم فى صحيحه من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِالسُّوقِ دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ فَقَالُوا مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ وَمَا نَصْنَعُ بِهِ قَالَ أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ قَالُوا وَاللَّهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا فِيهِ لِأَنَّهُ أَسَكُّ فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ فَقَالَ فَوَاللَّهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ
    ثالثا : استخدام الوسائل التوضيحية فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يستخدم الوسائل التوضيحية لتقرير وتاكيد المعنى فى نفوس وعقول السامعين وشغل كل حواسهم بالموضوع وتركيز انتباههم فيه مما يساعد على تمام وعيه وحسن حفظه بكل ملابساته وهذه الوسائل كثيرة منها
    أ-التعبير بحركة اليد:كتشبيكه بين اصابعه الشريفة وذلك للتعبير عن الاخوة بين المؤمنين وكانهم مثثل الاصابع التى شبكت مع بعضها البعض فى الحديث الذي اخرجه البخارى من حديث أَبِي مُوسَى
    عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ
    ومن ذلك تمثيله للقرب بين بعثته وبين قيام الساعة بالقرب بين اصعيه السبابة والوسطى وذلك فى الحديث المتفق عليه من حديث سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ
    ب_التعبيربالرسم فكان النبى صلى الله عليه وسلم يخط خطوطا على الارض توضيحية تلفت نظر الصحابة ثم يأخذ فى شرح مفردات ذلك التخطيط وبيان المقصود منه
    فمن ذلك ماأخرجه البخارى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الْوَسَطِ وَقَالَ هَذَا الْإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الْخُطَطُ الصِّغَارُ الْأَعْرَاضُ فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا
    ومن ذلك رسمه صلى الله عليه وسلم صورة توضيحية للاسلام صراط الله المستقيم بالنسبة للسبل الاخرى وذلك فى الحديث الذي اخرجه البخارى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ هَذِهِ سُبُلٌ قَالَ يَزِيدُ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ { إِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }
    ج-التعبير برفع الشئ وإظهاره موضع الحديث كما فعل صلى الله عليه وسلم عند الحديث عن لبس الحرير والذهب فعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي أخرجه ابو داوود وهو حديث صحيح
    د-التعليم العملى بفعل الشئ امام الناس حتى يتعلمو من مشاهدتهم له فى فعله صلى الله عليه وسلم كما فعل عند تعليمهم طريقة الصلاة وذلك فى الحديث الذي اخرجه البخارى ومسلم وفيه عن سهل بن سعد قال ثُمَّ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَيْهَا وَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَكَعَ وَهُوَ عَلَيْهَا ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ ثُمَّ عَادَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتى
    رابعا: استعمال لطيف الخطاب ورقيق العبارات فان ذلك مما يؤلف القلوب ويستميلها الى الحق ويدفع المستمعين الى الوعى والحفظ ,كما فعل مع ربيبه عمر بن أبى سلمة حين أخذ فى تعليمه لآداب الاكل فعن عمر بن أبى سلمة رضى الله عنه قال :دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم فقال اجلس يابنى وسمى الله وكل بيمينك وكل مما يليك
    كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يمهد لكلامه وتوجيهه بعبارة لطيفة رقيقة وبخاصة اذا كان يعلمهم امر قد يستحيا من ذكره كما فعل مع الصحابة عند تعليمهم آداب الجلوس لقضاء الحاجةإذ قدم لذلك بانه مثل الوالدين للمؤمنين يعلمهم شفقة بهم
    ففى الحديث الذي اخرجه الامام ابو داود من حديث ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنا لكم بمنزلة الوالد اعلمكم فإذا اتى احدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطيب بيمينه
    وعن ابن عمر رضى الله عنهما ان عمر استاذن النبى صلى الله عليه وسلم فى العمرة فأذن له وقال لاتنسنا من دعائك يا اخي
    ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ يامعاذ والله انى لاحبك
    خامسا:التحذير من الكذب عليه صلى الله عليه وسلم وبيان العقوبة الشديدة فى ذلك مما دعا الصحابة الكرام الى الدقة فى سماع الاخبار عن سيد الاخيار بل ان هناك من الصحابة البررة من أحجم عن الحديث كلية خشية ان يقع فى وعيد الاحاديث الاتية
    عن رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجْ النَّارَ ))متفق عليه
    عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ*متفق عليه
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ))متفق عليه

    ومما يلفت النظر ان اكثر الاحاديث طرقا هو حديث من كذب على متعمدا فالعلماء يمثلون له دائما بالحديث المتواتر لفظا وهذا يدفعك الى التأمل واستنتاج حفظ هذه السنة المطهرة اذ أن العشرات من الصحابة الافاضل رووا هذا الحديث




    التعديل الأخير تم بواسطة الشهاب الثاقب. ; 05-12-2014 الساعة 08:54 PM سبب آخر: إضافة رابط ذو صلة

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. كتابة السنة النبوية في عهد النبي والصحابة وأثرها في حفظ السنة النبوية
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 22-07-2013, 12:55 AM
  2. أهمية النية في السنة النبوية
    بواسطة فداء الرسول في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-10-2012, 12:16 PM
  3. *(*) منابع السنة النبوية ...هاااااااام جدا جدا (*)*
    بواسطة نضال 3 في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 16-02-2010, 08:56 PM
  4. إصلاح ذات البين في السنة النبوية
    بواسطة الحاجه في المنتدى من السيرة العطرة لخير البرية صلى الله عليه وسلم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-11-2009, 01:00 AM
  5. صحيح السنة النبوية
    بواسطة قابضة على الجمر في المنتدى منتدى الكتب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-05-2008, 09:56 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية

عشرون إلزاما لمنكري السنة النبوية