يقول الله عز وجل {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (16) سورة الجاثية .. ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب } التوراة { والحكم } به بين الناس { والنبوة } لموسى وهارون منهم { ورزقناهم من الطيبات } الحلالات كالمن والسلوى { وفضلناهم على العالمين } عالمي زمانهم العقلاء .....

إن إختيار الله لهم وتفضيلهم على من سواهم قديما كان على علمٍ مِنه سبحانه وإحاطةٍ بدليل قوله تعالى {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (32) سورة الدخان فقد اختارهم الله على عِلم منه سبحانه وفضَّلهم على عالمي زمانهم ..
إنهم كانوا خير الأمم والشعوب قديما .. لقد مُحِّصوا وصبروا .. لقد جمعهم موسى من مصر وكان أكبر تجمع لهم في الفيوم كما تذكر أكبر مراجع التجمعات اليهودية * .. وكانت عاصمة مصر حيث الفرعون في أقصى الصعيد بين الأقصر وأسوان حيث مئات المئات من الأميال جنوب العاصمة الحالية .. كان اليهود وقتها في عصر فترة ( بُعد ) ليس من الرُسل وإنما من الوعظ .. لقد قست قلوبهم وتعلموا الصَغَار للمصريين لكن كانت المعجزات المتتالية باب إلانة للقلوب وكانت فترة التيه في صحراء سيناء فترة مناسبة لغسل أدران الجاهلية وموت الصاغرين ونشأة جيل جديد طاهر على يديه سيُكتب فتح المدينة المقدسة التي كَنب الله لهم فصَفَت أنفسهم وصلحوا وفي هذا يقول موسى نفسه في التوراة .. سفر العدد [ 11 : 29 ] : (( يا ليت كل شعب الرب كانوا أنبياء إذا جعل الرب روحه عليهم . )) فهم بحق كانوا أشرف الناس وأفضل الأمم قديما بل ويقول الكتاب المقدس عن بني إسرائيل في سفر صفنيا [ 3 : 13 ] : (( بقية إسرائيل لا يفعلون إثماً ، ولا يتكلمون بالكذب ، ولا يوجد في أفواههم لسان غش )) فهم كانوا يستحقون الإمامة مقارنَةً بغيرهم من الأمم .....

ولكن ………
في تلك الفترة وفي ذلك الزمن أخبرهم الله سبحانه أنهم أفضل الأمم لوقت محدود وهناك امة اخرى ستأتي وتكون أفضل منهم .. اخبرهم الله بذلك حتى قبل ان يدخلوا المدينة المقدسة وقال لهم ذلك قبل أن يتطهروا من بقية أدرانهم قال لهم ذلك بعد أن صنعوا العجل وعبدوه في سفر التثنية الاصحاح 32 ( 21 هم اغاروني بما ليس الها اغاظوني باباطيلهم.فانا اغيرهم بما ليس شعبا.بامّة غبية اغيظهم ) ….إن بنو إسرائيل أغاظوا الله بعبادتهم للعجل وسيكونون خير الأمم لكن ليعلموا أن خيريتهم ستنتقل إلى أمة أخرى .. بأن يجعل عليهم أمة مُحتقرة في نظرهم، ونبي ليس منهم يملك عليهم فهناك أُمة ليست بشعب بل مجموعة من القبائل ليسوا شعب الله أصلا سيكونون خير الأمم .. أمة غبية والغباء في الكتاب المقدس معناه عدم مجيء وحي لهم فالغباء هو عدم سبق النِذارة .. ولقد حقَّق الله وعده وبعث من العرب النبي صلى الله عليه وسلم {لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (6) سورة يــس

قال الشيخ رحمة الله الهندي " المراد بالشعب الجاهل هم العرب لأنّهم كانوا غاية الجهل والظلم ولم يكن عندهم علم من العلوم وما كانوا يعرفون إلا عبادة الأوثان وكانوا محتقرين في نظر اليهود لكونهم من أولاد هاجر فالمقصود من الآية أن بنى إسرائيل أغاروني بعبادة المعبودات الباطلة فلذلك أغيرهم باصطفائي لقوم محتقرين وجاهلين عندهم ولقد أوفي الله بما وعد وبعث من العرب النبي صلى الله عليه وسلم فهداهم ويقول د. السقا " لا يوجد في الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام أية إشارة إلى أمة غبية محددة البلاد والأوصاف يمكن أن يعرف أنها المراد بهذه النبوّة ولا يمكن أن يشتبه إلا في أمة إسماعيل ...... أما القس عبد المسيح بسيط أبو الخير فله رأي آخر فهو يقول أن الأمة الغبية المشار إليها هنا هي أمة اليونان . ولكن أمة اليونان لم تكن غبية بل كانت أهل علم وصناعة والقس عبد المسيح بسيط حاول بشتى الطُرق الإبتعاد عن توجيه النص التوجيه الصحيح فقال أن المقصود بالأمة التي ليست شعبا أي أنهم ليسوا شعب الله المختار .... ولكن هذا ينطبق أيضا على أُمة العرب فهم ليسوا شعبا بالمفهوم البسيط فهم كانوا مجموعة قبائل متناثرة وأيضا ليسوا شعبا بمفهوم القس عبد المسيح بسيط ....... ثم يقول القس عبد المسيح بسيط أن المقصود بالغباء هو أنهم لم يسبق مجيء وحي إليهم وهذا أيضا ينطبق تماما على أُمة العرب ولذلك يقول الله تعالى على لسان نبيه{لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} (6) سورة يــس .....

وتعلمون جيدا حجم الحقد اليهودي على أُمة العرب وفي هذا يقول بولس في رسالته إلى غلاطية 4 ( 31 اذا ايها الاخوة لسنا اولاد جارية بل اولاد الحرة ) ويقصد بأبناء الجارية أي أبناء إسماعيل ...

ويقول القس عبد المسيح بسيط أن دعوة المسيح في جوهرها هي للعالم أجمع والخليقة كلها. ولكن من خلال اليهود" لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ " (يوحنا4/22).ونحن نقول للقس إذن فأين إغاظة اليهود إذا كانت المسيحية امتداد لليهودية إن الأُمة التي ستكون لها الإمامة لا علاقة لها باليهود ...

وها قد انتقلت الرسالة إلى أمة العرب وصاروا هم خير الأمم { كنتم خير أمة أخرجت للناس } [ آل عمران : 110 ] وكما قال العلماء { كنتم خير أمة } أي بعد بني إسرائيل ......... واستبقى الله العرب على الإمامة قرونا مديدة واشترط عليهم لبقاء الإمامة والتمكين في الأرض أن يتمسكوا بالهدي ويقيموا الصلاة {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (41) سورة الحـج ...... فلا طريق لنا إلا العودة لدين الله فهذا وعد الله لنا والله لا يخلف الميعاد ........

نريد عودة صحيحة للإسلام وساعتها ثقوا أننا سنحوز الدنيا والدين ....فماذا جنينا من الإسلام إلا أطيب الثمر

إن العلاج الذي قدمه العقل ( بعيدا عن الشرع ) للشقاء الإنساني هو علاج أُحادي يتكىء فقط على البُعد الإقتصادي ويُهمش كافة الجوانب الأُخرى وهذا ما أعلنه ماركس علنـا عِندما أعلن أن الحاجات الإنسانية المأكل والمسكن والجنس .. إنها رؤية كادت تُودي بحياة الأرض لقد تحوَّل أتبـاع ماركس إلى مصاصي دماء أُبيدت تحت عجلاتهم الحربية مئات الملايين من البشر ....إنه لابد من مَعين آخر بجوار العقل يسانده ولا يُضاده ... إنه مَعين الدين الحق.... دين الفطرة {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (9) سورة الحديد ...وبهذا التوفيق بين العقل والفطرة ..... بين الحِس والضمير يرتقي الإنسان الرُقي الحقيقي الطاهر وتسعد دنياه وآخرته ونعود لحالنا الشريف والعظيم ونكون خير أمة .......

نسـأل الله سبحانه أن يُصلح أحوالنا جميعا لما فيه رضاه .....