قصة آدم – عليه السلام-
في البدء كان اللهُ I ولا شيء قبله فهو إله أزلي سبحانه، وكان عرشه على الماء ، ولا ندري صفته وكيفيته...بل نكتفي بقوله I :"وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ"(هود 7).
أراد اللهI أن يخلق الخلقَ ويبدر الأمر ، فخلق السماوات والأرض في ستة أيام وما مسه من تعب وهذا من قولهI : وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (38)(ق).
وهذا بخلاف ما ذكر العهد القديم أن الله لما خلق السموات في ستة أيام ارتاح في اليوم السابع وذلك في سفر التكوين إصحاح 2 عدد2 " وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل.فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل".

أراد الله خلق السماوات والأرض بكلمة كن فحدث انفجار عظيم في الكون فنشأت المجموعة الشمسية، وحدث ما هو صالح للإنسان بعد ذلك على كوكب الأرض ؛قال I:"أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)"( الأنبياء).
وبعد مدة من الزمان أراد اللهI أن يخلق الإنسان لعبادته وتوحيده ولحكمة رآها I...
فخلق آدم من خلال كلمة كن جمع طين من مختلف الأرض ....وهذا ما جاء من قولهI : وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)(الروم).
وجاء في سنن الترمذي برقم عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ فَجَاءَ مِنْهُمْ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ".
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
فصار بعد ذلك في أحسن تقويم ...
وكان قبل خلق آدم خلق غيره مثل الجن والملائكة...
وكان من الجن عزا زيل( إبليس) الذي كان عابدا وطائعا لله ممتثلا لأوامره ومجتنبا نواهيه وذلك بخلاف بقية الجن الآخرين آنذاك ، وكان يطلق عليه طاووس الملائكة بسبب حسن عبادته فصار كواحد من الملائكة ولم يكن منهم؛قال I : إِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50)( الكهف).
وفي الحديث الصحيح بين نبينا r أن الله خلق الملائكة من نور والجن من نار....
ولكن سرعان ما يتغير إبليس من المطيع للعاصي كما سيتقد معنا.
في يوم من الأيام أرد I أن يخلق بشرًا من طين فبدأ الخلق بنبي الله آدم u، وليس كما يعتقد البعض أن آدم له أم وأب جد وجدة ... بل كان فريدًا من نوعه....وأرفض نظرية داروين التي تقول بتطور مراحل حياة الإنسان، فهي تتنافى مع دين الإسلام والكتب المقدسة أيضًا.
خلق الله آدمu في أبهى صورة بكلمة كن ، فجاء ملكٌ بطينة من أطيان الأرض لله فشكله الله بيده وصوره في أحسن تقويم كما تقدم معنا في الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ فَجَاءَ مِنْهُمْ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ".

ترك الله I آدم مدة من الزمان قبل أن ينفخ فيه الروح ، فإذا بعزازيل يطوف حول جسده ويتأمل في فتوحاته ويقول في داخله لو تركني الله على هذا الإنسان لدمرته...
جاء ذلك في صحيح مسلم برقم 4727 عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rقَالَ:" لَمَّا صَوَّرَ اللَّهُ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ يَنْظُرُ مَا هُوَ فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ".
ولما نفخ اللهI الروح في آدمu وصار بشرًا من طين متحرك ، أمر الله الملائكة بالسجود له تكريما وتشريفا للمخلوق الجديد- آدم- فقد خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه، ولعل سبب
الأمر بالسجود له هو الامتثال لأمر الله ليتبين المطيع من العاصي، ويقيم الحجة على العاصي
ومن هنا ظهرت المفاجأة؛ سجد الجميع سجود تكريم وتشريف إلا إبليس فقد فسق عن أمر ربه.
وكان قبل هذا الموقف أن الله I قد أعلم الملائكة أن من هذا الإنسان سيسفك الدماء ويفسد في الأرض وبين لهم طبيعيته... فسألت الملائكة الله عن الحكمة من خلق آدم وهم يسبحون ليلًا ونهارًا ومرارًا ولا يفطرون عن عبادته...
تساءلوا ما هي الحكمة من أن تخلق إنسان سيسفك ذريته الدماء...
وقد ظنوا أنهم قصروا في عبادة الله!
فكان الجواب من الله : إني اعلم مالا تعلمون.
ثم علم اللهI آدمu الأسماء كلها ؛ أسماء الحيوانات والأسماك والأشجار... وكل ما يقابله في حياته...
بعد أن سجدت الملائكة لآدم إلا إبليس فهو أول من استخدم القياس ظنًا منه أن النار أفضل من الطين!
أمر اللهI آدم أن يسكن الجنة فظل آدم في هذا النعيم المقيم وبعد فترة من الزمان شعر بالوحدة والوحشة فلا يوجد أنيس أو جليس...
وفي أحدى الأيام خلق الله له حواء من ضلعه وهو نائم، فلما استيقظ ورائها استحسنها وباتت أنيسته وجليسته في الجنة ... هذه الجنة كانت في السماء، ولم تكن على الأرض كما يعتقد البعض من العلماء ؛ وذلك لأدلة كثيرة أكتفي منها ما يلي:
1-صحيح مسلم برقم 288 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَرِيفِ بْنِ خَلِيفَةَ الْبَجَلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَا :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r يَجْمَعُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى النَّاسَ فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمْ الْجَنَّةُ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ فَيَقُولُ وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ

سنن أبي داود برقم 4080 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إِنَّ مُوسَى قَالَ يَا رَبِّ أَرِنَا آدَمَ الَّذِي أَخْرَجَنَا وَنَفْسَهُ مِنْ الْجَنَّةِ فَأَرَاهُ اللَّهُ آدَمَ فَقَالَ أَنْتَ أَبُونَا آدَمُ فَقَالَ لَهُ آدَمُ نَعَمْ قَالَ أَنْتَ الَّذِي نَفَخَ اللَّهُ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَعَلَّمَكَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنْ الْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ آدَمُ وَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ أَنْتَ نَبِيُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَلَّمَكَ اللَّهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَمْ يَجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ رَسُولًا مِنْ خَلْقِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَفَمَا وَجَدْتَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فِيمَ تَلُومُنِي فِي شَيْءٍ سَبَقَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ الْقَضَاءُ قَبْلِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.

أسكن اللهُ آدم وحواء الجنة السماوية بشرط أن لا يأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها (شجرة معرفة الخير والشر)...
و جاء دور إبليس وهو الوسوسة لينزع عنهما النعيم المقيم...كما قالI : "فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)"(الأعراف).

ثم أقسم لهما بالله أنهما سيكونان من الخالدين إن أكلوا من الشجرة ؛ قال I:"وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)" (الأعراف).
لم يكن آدمُ يصدق أن هناك خلقًا من خلق الله يحلف بالله كذبًا؛ فلم يزل بهما حتى أكلا من شجرة معرفة الخير والشر ومن هنا كُشفت عورتهما ، وإذا بهم يتسترون بأوراق الشجر ، وقد حاول آدم الاختباء من الله خوفا وحياءًا من فعلته، -وللأسف – يخبرنا العهد القديم أن آدم لما أكل من الشجرة هرب من الله في الجنة فنادى الله أين أنت يا آدم ، وهنا يمثل لنا الكتاب المقدس أن الله جاهل لا يعلم مكان آدم.
جاء ذلك في سفر التكوين إصحاح3 عدد 8 " وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا في الجنّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الجنّة. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ في الجنّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِن الشجرةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِن الشجرةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟" فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ".

وهنا سؤال يتبادر إلى الذهن كيف دخل إبليس الجنة مع آدم وحواء فكان من المفترض ألا يدخلها ...
ويجيب عن ذلك إنجيل برنابا في الفصل الأربعين [40:1] [فلما علم الشيطان بذلك تميز غيظا ، فاقترب إلى باب الجنة حيث كان الحارس حية مخوفة لها قوائم كجمل وأظافر أقدامها محددة من كل جانب كموسى]
[40:2] [، فقال لهـا العدو : ( اسمحي لي بأن ادخـل الجنة ) أجابت الحية : ( وكيف أسمح لك بالدخول وقد أمرني الله بأن أطردك ؟ )]
[40:3] [) أجاب الشيطان : ( ألا ترين كم يحبك الله إذ أقامك خارج الجنة لتحرسي كتلة من الطين وهي الإنسان ؟]
[40:4] [فإذا أدخلتني الجنة أجعلك رهيبة حتى أن كل أحد يهرب منك ، فتذهبين وتقيمين حسب إرادتك ) فقالت الحية ( وكيف أدخلك )]
[40:5] [أجاب الشيطان : ( إنك كبيرة فافتحي فاك فأدخل بطنك ، فمتى دخلت الجنة ضعيني بجانب هاتين الكتلتين من الطين اللتين تمشيان حديثا على الأرض )]
[40:6] [ففعلت عندئذ الحية ذلك ، ووضعت الشيطان بجانب حواء لأن آدم زوجها كان نائما]
[40:7] [فتمثل الشيطان للمرأة ملاكا جميلا وقال لها : ( لماذا لا تأكلان من هذا التفاح وهذه الحنطة ؟ ) أجابت حواء : ( قال لنا إلهنا إنا إذا أكلنا منها صرنا نجسين ولذلك يطردنا من الجنة )]
[40:8] [فأجاب الشيطان : ( إنه لم يقل الصدق ، فيجب أن تعرفي أن الله شرير وحسود ، ولذلك لا يحتمل أندادا ، ولكنه يستعبد كل أحد]
[40:9] [وهو إنما قال لكما ذلك لكيلا تصيرا ندين له ، ولكن إذا كنت وعشيرك تعملان بنصيحتي فإنكما تأكلان من هذه الأثمار كما تأكلان من غيرها]
[40:10] [ولا تلبثا خاضعين لآخرين ، بل تعرفان الخير والشر كالله وتفعلان ما تريدان ، لأنكما تصيران ندين لله )]
[40:11] [فأخذت حينئذ حواء وأكلت من هذه الأثمار ، ولما استيقظ زوجها أخبرته بكل ما قال الشيطان ، فتناول منها ما قدمته له وأكل]
[40:12] [وبينما كان الطعام نازلا ذكر كلام الله ، فلذلك أراد أن يوقف الطعام فوضع يده في حلقه حيث كل إنسان له علامة .]
وبعد ذلك أمر الله بضرب أرجل الحية حتى صارت تمشي على بطنها...وذلك في الفصل الحادي والأربعين [40:1] [فلما علم الشيطان بذلك تميز غيظا ، فاقترب إلى باب الجنة حيث كان الحارس حية مخوفة لها قوائم كجمل وأظافر أقدامها محددة من كل جانب كموسى]
[40:2] [، فقال لهـا العدو : ( اسمحي لي بأن ادخـل الجنة ) أجابت الحية : ( وكيف أسمح لك بالدخول وقد أمرني الله بأن أطردك ؟ )]
[40:3] [) أجاب الشيطان : ( ألا ترين كم يحبك الله إذ أقامك خارج الجنة لتحرسي كتلة من الطين وهي الإنسان ؟]
[40:4] [فإذا أدخلتني الجنة أجعلك رهيبة حتى أن كل أحد يهرب منك ، فتذهبين وتقيمين حسب إرادتك ) فقالت الحية ( وكيف أدخلك )]
[40:5] [أجاب الشيطان : ( إنك كبيرة فافتحي فاك فأدخل بطنك ، فمتى دخلت الجنة ضعيني بجانب هاتين الكتلتين من الطين اللتين تمشيان حديثا على الأرض )]
[40:6] [ففعلت عندئذ الحية ذلك ، ووضعت الشيطان بجانب حواء لأن آدم زوجها كان نائما]
[40:7] [فتمثل الشيطان للمرأة ملاكا جميلا وقال لها : ( لماذا لا تأكلان من هذا التفاح وهذه الحنطة ؟ ) أجابت حواء : ( قال لنا إلهنا إنا إذا أكلنا منها صرنا نجسين ولذلك يطردنا من الجنة )]
[40:8] [فأجاب الشيطان : ( إنه لم يقل الصدق ، فيجب أن تعرفي أن الله شرير وحسود ، ولذلك لا يحتمل أندادا ، ولكنه يستعبد كل أحد]
[40:9] [وهو إنما قال لكما ذلك لكيلا تصيرا ندين له ، ولكن إذا كنت وعشيرك تعملان بنصيحتي فإنكما تأكلان من هذه الأثمار كما تأكلان من غيرها]
[40:10] [ولا تلبثا خاضعين لآخرين ، بل تعرفان الخير والشر كالله وتفعلان ما تريدان ، لأنكما تصيران ندين لله )]
[40:11] [فأخذت حينئذ حواء وأكلت من هذه الأثمار ، ولما استيقظ زوجها أخبرته بكل ما قال الشيطان ، فتناول منها ما قدمته له وأكل]
[40:12] [وبينما كان الطعام نازلا ذكر كلام الله ، فلذلك أراد أن يوقف الطعام فوضع يده في حلقه حيث كل إنسان له علامة .]

وبعد العصيان ندم آدم وزوجته لسماع إبليس ونسيانه لوصية اللهI فألهمهم اللهُ كلمات كي يتوب عليهما وهي:" قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)"(الأعراف).

أنزل الله آدم وحواء وإبليس من الجنة إلى الأرض لبدء الصراع بين الإنسان والشيطان ...ومن هنا نادنا ربنا ألا ننساق للشيطان وأن نتعظ من موقف آدم ...
قال تعالى : يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)(الأعراف).

ونجد أن العهد القديم وغيره جعل المرأة هي التي أغوت آدم، وآدم ليس له ذنب لذلك عاقبها الله بأنها تحبل بالألم ويكون الرجل سيدًا عليها ......جاء ذلك في سفر التكوين إصحاح 4 عدد 16 "وقال للمرأة تكثيرا أكثر إتعاب حبلك.بالوجع تلدين أولادا.والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك".

وبهذا الصق ربُّ العهد القديم التهمة إلى المرأة التي نفها القرآن الكريم،فأن كليهما أكلا من الشجرة واستمعوا للشيطان...

نزل آدم وحواء إلى الأرض؛ يقال إن آدم نزل إلى الهند وحواء نزلت إلى مكة ، وتقابلا وتعرفا عند جبل عرفات لذلك سمي الجبل بجبل عرفات -والله أعلم-.

تاب الله على آدم كما تقدم معنا وانتهى الأمر ، ولكن عقيدة النصارى هي الخطيئة الأصلية التي توارثها الأحفاد من آدم وكفر المسيح عن البشرية بدمه على الصليب ، وفي الحقيقة هذه العقيدة لا يعرفها الكتابُ المقدس ، ولم يذكر المسيح في الأناجيل اسم آدم قط...

ثم لجئوا إلى حديث النبي r والذي في ظاهره بالنسبة لهم فيه توارث الخطيئة الأصلية ..وهو ما جاء في سننِ الترمذي كتاب ( تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r ) باب ( وَمِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ). برقم 3002عن أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r :" لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ. فَقَالَ: رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ ؟ قَالَ : سِتِّينَ سَنَةً .قَالَ : أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا قُضِيَ عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ ؟ قَالَ : " فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ ، وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ r .

وهذا بيان وفهم الحديث وموقفنا من قضية الخطيئة الأصلية كما يلي :

أولًا: إنّ اللهَ Iلم يكتبْ على الإنسانِ أنْ يحمِلَ خطيئةَ أخيه أو أبيه... بل كلُّ إنسانٍ يُحاسبُ على عملِه؛ هذا مِن رحمتِه وعدلِه I أنّه لا يُعذّبُنا بذنوبِ غيرِنا... تُدلّلُ على ذلك أدلّةٌ منها:

1- قولُه I: ]أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى(38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى(39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى(40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى(41) [(النجم).

2- قولُه: I ]فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8) [(الزلزلة).

3- قولُه I:] وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا(13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا(14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عليْها وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا(15) [(الإسراء).

4- قولُه I ]:لاتُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ(232) [ البقرة).

5- قولُه I: ]وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا(111) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)112)) [ النساء).

6- قولُه I:] وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ(48) [(البقرة).

7- قولُه I: ]يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ(30) [(آل عمران).

8- قولُه I:] قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عليْها وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(164) [(الأنعام).

وبيّنَ نبيُّنا rأنّ كلَّ الناسِ يُخطئون لأنّهم بشرٌ، ولكنْ خَيرَهم مَن يتوبُ إلى اللهِ I، وأنّ اللهَ يُحاسبُ على الأعمالِ التي يعملُها الإنسانُ في حياتِه الدنيا...
ثبت ذلك في الآتي:

1- سننُ الترمذيِّ برقمِ 2423 عَنْ أَنَسٍ أنّ النبيَّ قالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " كُلُّ
ابْنِ أدمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ " صحّحَه الألبانيُّ في السلسةِ الصحيحةِ برقمِ 2984

2- صحيحُ البخاريّ برقمِ 3264 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ t أنّ النبيَّr قَالَ: " يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ، يَا أُمَّ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، اشْتَرِيَا أَنْفُسَكُمَا مِنَ اللَّهِ، لاَ أَمْلِكُ لَكُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، سَلاَنِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمَا ".
الحديثُ السابقُ بيانٌ لقولِهI: ]لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(3) [(الممتحنة).
وعليه: فقد سقطَ ادِّعاؤُهم بأنّ الإسلامَ فيه توارثُ الخطيئةِ...

ثانيًا: إنّ الحديثَ الذي تعلّقوا به حديثٌ حسنٌ؛ حسّنَه الألبانيُّ في السلسةِ الصحيحةِ برقمِ 118 ولكنْ معنى الحديثِ هو الذي أشْكَلَ على المعترضين...
نلحظُ شُبْهَتَهم مِن قولِه r: " فَجَحَدَ أدمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَنَسِىَ أدمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ أدمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ ".
في ظنِّهم أنّ هذا الحديثَ يُفيدُ توارثَ الخطيئةِ؛ وهذا باطلٌ لأنّ الحديثَ يتحدّثُ عن توارثِ الطباعِ، والصفاتِ التي جُبِلَ عليْها الإنسانُ؛ فكلُّ الناسِ ينسَون، ويجحدون، ويُخطئون... لأنّهم خُلقوا ضِعافًا لا عزْمَ عندَهم...
تُدلّلُ على ذلك أدلّةٌ منها:
1- قولُه I: ] يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا(28) [(النساء).
2- قولُه I: ]وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى أدمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا(115) [(طه).

3- قولُهI : ]وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أنّه نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ(42) [(يوسف).
4- قولُه I: ]قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا(73) [(الكهف).
5- قولُه I لنبيِّه محمّدٍ r: ]وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا(23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا(24) [(الكهف).
6- قولُه I عن الصالحين: ] رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [(البقرة).
7- قولُه rكما في سننِ ابنِ ماجةَ برقمِ 2033 عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " إنّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ".
تحقيقُ الألبانيِّ: صحيحُ، المشكاة(6284)، الإرواء(82).
إذًا: الإنسانُ ما سُمِّيَ إنسانًا إلا لأنّه كثيرَ النسيانِ المتوارثِ عن طباعِ أدمَ: ]وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى أدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا(115) [(طه).
يدعمُ ما سبقَ بيانُه ما جاءَ في شرحِ الحديثِ الذي معنا كما جاءَ في تحفةِ الأحوذي قال صاحبُها:

(فَجَحَدَ أَدَمَ) أَيْ: ذَلِكَ لأنَّهُ كَانَ فِي عَالَمِ الذَّرِّ فَلَمْ يَسْتَحْضِرْهُ حَالَةَ مَجِيءِ مَلَكِ الْمَوْتِ لَهُ(فَجَحَدَ أَدَمَ) أَيْ: أَنْكَرَ أَدَمُ
(فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ): لأنَّ الْوَلَدَ سِرُّ أَبِيهِ.
(فَنَسِيَ أَدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ): لأنَّ الْوَلَدَ مِنْ طِينَةِ أَبِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُ أنَّ أَدَمَ نَسِيَ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فَجَحَدَ فَيَكُونُ اِعْتِذَارًا لَهُ إِذْ يَبْعُدُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُنْكِرَ مَعَ التَّذَكُّرِ. اهـ

ثالثًا: إنّ الناظرَ في الكتابِ المقدّسِ يجدُ فيه أنّه ليس لأحدٍ أنْ يحملَ ذنبَ أحدٍ؛ ليس فيه توارثُ الخطيئةِ، بل إنّ المسيحَ u لم يذكرْ اسمَ أَدَمَ قطّ بحسبِ ما جاءَ في الأناجيلِ، وهذا يُفيدُ بأنّ المسيحَ ما تكلّمَ عن خطيئةِ أَدَمَ قطّ(الخطيئةِ الأصليّةِ)...
بل مؤسّسُ هذه العقيدةِ هو بولسُ الذي يقولُ في رسالتِه إلى العبرانيين إصحاح 9 عدد 22 " وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ! ".
وفي رسالتِه إلى غلاطيةَ إصحاح 3 عدد 13 " اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ".
بل إنّ المدقّقَ يجدُ المسيحَ u كان يتضرّعُ بالصلاةِ والصراخِ للهِ كي يُبْعِدَ عنه كأسَ الموتِ...
وذلك في رسالةِ العبرانيين إصحاح 5 عدد 7 " إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طَلِبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاه".
ويبقى السؤلُ:
1- هلِ المسيحُ u معلونٌ (مطرودٌ من رحمةِ اللهِ I) بحسبِ كلامِ بولسَ الرسولِ؟!
2- هل هناك إلهٌ ملعونٌ؟
3- كيف لإلهٍ ملعونٌ أنْ يُعْبَدُ؟!
جاءَ في سفرِ التثنيةِ إصحاح 21 عدد 22 " وَإِذَا كَانَ عَلَى إِنْسَانٍ خَطِيَّةٌ حَقُّهَا الْمَوْتُ، فَقُتِلَ وَعَلَّقْتَهُ عَلَى خَشَبَةٍ، 23فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأنّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ.. ".

يبقى السؤالُ يطرحُ نفسَه: إنّ الذي يُعَلَّقُ على خشبةٍ معلومٌ أنّه مُجرمٌ ملعونٌ... بحسبِ الكتابِ المقدّسِ: فما هو الذنبُ الذي اقترفَه المسيحُ؟
قلتُ: نحن - المسلمين - بَرَّأْنا المسيحَ من الصلبِ، ولم نجعلْه ملعونًا بل كرّمْنا هذا النبيَّ المكرّمَ...
وأقولُ للقارئِ: إنّ هناك نصوصًا كثيرةً تنفي تمامًا توارثَ الخطيئةَ مِنَ الكتابِ المقدّسِ نفسِه... وأتركُ المجالَ للنصوصِ تتحدّثُ عن نفسِها مع تساؤلاتٍ، واللهُ الموفّقُ والهادي إلى سواءِ السبيلِ...
1- سفرُ التثنيةِ إصحاح 24 عدد 16 " لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ".
1- سفرُ الأمثالِ إصحاح 18 عدد 20 " إِنَّ الأَشْرَارَ يَكُونُوا كَفَّارَةً لِلْأَبْرَارِ, اَلشِّرِّيرُ فِدْيَةُ الصِّدِّيقِ".

اتسآءلُ: هل كان المسيحُ مِنَ الأشرارِ والبشرِ العصاةِ مِنَ الأبرارِ؟!
3- سفرُ أخبارِ الأيامِ الثاني إصحاح 7 عدد 14 " فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإنّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ ".
اتسآءلُ: أليس هذا هو قانونُ اللهِ الذي يقبلُه العقلُ، ويدلُّ على عدلِ اللهِ I؟ فلماذا الصلبُ والفداءُ؟

4- سفرُ التكوينِ إصحاح 3 عدد 21 " وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِأدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا."
اتسآءلُ: الربُّ صنعَ لهما بنفسِه هذه الأقمصةِ ! أليس ذلك دليلًا على غُفرانِ اللهِ لذنبِهما؟
ثم إنّ المفاجئةَ الكُبرى للمعترضين هي أنّ المسيحَ بيّنَ للجميعِ أنّ العملَ الصالحَ يُنجي مِنَ المهالكِ، ويُدخلُ العبدَ ملكوتَ اللهِ... نجدُ ذلك في الآتي:
1- إنجيلُ لوقا إصحاح 18 عدد 18 " وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلًا:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟" 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 21فَقَالَ:«هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ:«يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا. 24فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ، قَالَ:«مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!... ".

2- إنجيلُ مَتَّى إصحاح 19 عدد 16 " وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟" 17فَقَالَ لَهُ:«لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. وَلكِنْ إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ فَاحْفَظِ الْوَصَايَا». 18قَالَ لَهُ:«أَيَّةَ الْوَصَايَا؟» فَقَالَ يَسُوعُ:«لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَزْنِ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. 19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ». 20قَالَ لَهُ الشَّابُّ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي. فَمَاذَا يُعْوِزُني بَعْدُ؟" 21قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبِعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 22فَلَمَّا سَمِعَ الشَّابُّ الْكَلِمَةَ مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَال كَثِيرَةٍ... ".
نُلاحظُ مِنْ خلالِ ما سبقَ: أنّ المسيحَ لم يقلْ للسائلِ: هل تُؤمنُ بعقيدةِ الفداءِ والصلبِ؟ لا؛ بل قال له: تشهدُ أنّ اللهَ Iوحدَه هو الإلهُ الصالحُ(أيْ: توحِّدُ اللهَ)، ثم تأتى بوصايا موسى، وبالأعمالِ الصالحةِ.

وأخيرًا أُذكّر القارئَ بقولِه I: ]بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(39) [(يونس).
وأما عن وصف آدم فقد جاء في ثبت في صحيح البخاري كِتَاب ( أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ) بَاب ( خَلْقِ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَذُرِّيَّتِهِ) برقم3079 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : " خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ : اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا : السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ ".
ونجد أن المُنصّرين يسخرون وصف آدم الذي هو مذكور في الحديث بيد أن كتابهم المقدس لم يذكر وصفًا لآدم، فدحض هذه الشبهة هو كما يلي:
أولاً : إن اعترض المعترضين على صفةِ طولِ آدم u لا قيمةَ له لماذا ؟ لأن الكتابَ المقدس لا ينفي هذه الصفة عن آدم u ولا يثبتها ، كغيرِه من كتبِ التاريخِ ، ومن المعلوم لدى العقلاء أن المثبت مقدم على المنفي فهو من علم الغيب الذي نؤمن به نحن - المسلمين -....

ثانيًا : إن قولهم بأن جثة فرعون التي يقرب عمرها إلى أربعة آلاف سنة أو سبعة آلاف سنة حجمها كحجم بقية البشر اليوم ... لا قيمة له أيضا لوجهين :


الأول : أن جثةَ فرعونَ هذه مشكوكٌ في صحتِها ؛ أعني : قد يكون هذا فرعون آخر غير المشار إليه .... .

الثاني : أن عمرَ البشرية عشرات الألف السنين ؛ فأربعة آلاف سنه ليست شيئا بالنسبةِ لعمرِ دنيا الناس....

فإن قيل : إن هناك حفريات قديمة تثبت أن جثةَ الإنسانِ القديم تشبه جثة الإنسان اليوم في الحجم !

قلتُ : إن هذا باطل أيضًا ؛ لم تثبت الحفريات القديمة شيء عن هذا ؛ بل ثبت ما يقوي ما جاء في الحديث من ناحية أخري ، وهو وجود الديناصورات التي فاقت حجمها الحدود ...! أين هي الآن... فالعجب كل العجب أن المعترضين يعترضون على حديث النبيِّ r بغيرِ علمٍ ، ولا يعترضون على أن في زمن معين كانت هناك ديناصورات بأحجامٍ كبيرةٍ جدًا ...!


ثالثًا : إن صورة آدمَ u فِي الْجَنَّة هِيَ صُورَته فِي الْأَرْض لَمْ تَتَغَير ، بل سيكون أهلُ الجنةِ على صورةِ آدمَ لعظم حجمِها وطبيعتِها .... ثبت في الآتي :

1- صحيح البخاري برقم 3080 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفِلُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ الْأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ وَأَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ ".

2- مسند أحمدَ برقم 7592 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَt عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ : " يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا بِيضًا جِعَادًا مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ سَبْعِ أَذْرُعٍ ".
صحيح الترغيب والترهيب للألباني برقم 3700 ( حسن لغيره ).


رابعًا : إن الكتاب المقدس أخبرنا أن هناك ناسًا بعد آدم أطوالهم فاقت الحدود المعهودة اليوم ... وذلك في الأتي :

1- سفر التثنية إصحاح 2 عدد10الإِيمِيُّونَ سَكَنُوا فِيهَا قَبْلاً. شَعْبٌ كَبِيرٌ وَكَثِيرٌ وَطَوِيلٌ كَالْعَنَاقِيِّينَ.

2- سفر العدد إصحاح 13 عدد31وَأَمَّا الرِّجَالُ الَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُ فَقَالُوا: «لاَ نَقْدِرْ أَنْ نَصْعَدَ إِلَى الشَّعْبِ، لأَنَّهُمْ أَشَدُّ مِنَّا». 32فَأَشَاعُوا مَذَمَّةَ الأَرْضِ الَّتِي تَجَسَّسُوهَا، فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلِينَ: «الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا، وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِي رَأَيْنَا فِيهَا أُنَاسٌ طِوَالُ الْقَامَةِ. 33وَقَدْ رَأَيْنَا هُنَاكَ الْجَبَابِرَةَ، بَنِي عَنَاق مِنَ الْجَبَابِرَةِ. فَكُنَّا فِي أَعْيُنِنَا كَالْجَرَادِ، وَهكَذَا كُنَّا فِي أَعْيُنِهِمْ».

نلاحظ : أن بني إسرائيل جبنوا ، ولم يدخلوا الأرضَ المقدسة ؛ لأن فيها أُنَاسًا طِوَال الْقَامَةِ هم بنو عناق فكانوا بالنسبة لطولهم وضخامتهم..... ولا ننسى أن هناك فارقًا زمنيًا طويلاً جدًا بين آدم u وموسيu ... فقلت الأعمار وقلت الأحجام .... فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ في الطول والعمر ....


وأخيرًا يموت آدم u كما تقدم معنا في الحديث الذي تقدم معنا وهو قوله r:" لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ. فَقَالَ: رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ ؟ قَالَ : سِتِّينَ سَنَةً .قَالَ : أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا قُضِيَ عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ ؟ قَالَ : " فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ ، وَنُسِّيَ آدَمُ فَنُسِّيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ ".
فينتهي أمره بتوبته ، وكل إنسان إنسان يجازى على عمله من بعده إلى قيام الساعة فلا تزر وازرة وزر أخرى -والله أعلم-.

كتبه / أكرم حسن مرسي
باحث في مقارنة الاديان