إن الشيء الذي تراه العين فإنه موصوف الذات محدد الإمكانات وهكذا تكون رؤية العين … ولذلك سؤال الملاحدة مردود عليهم لا محالة فنحن لو رأينا الله فعلا لألحدنا لأننا ساعتها سنحدده بأبعاد معينة وسيكون موصوف الذات لا محالة وهذا محال على الله سبحانه الذي لا يحده زمان ولا مكان .. فمجرد رؤية الله في الدنيا تقود للإلحاد فالعين تصف المرئي وتحدده وتحدد أبعاده وهذا محال على الله سبحانه الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار .. وفي الآخرة سنُنشأ نشأة أخرى وستكون أبصارنا حادة وسندرك ما لا يمكننا إدراكه الآن بإمكاناتنا المحدودة تلك {لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } (22) سورة ق ..
وبالتالي فسؤال الملاحدة أصلا سؤال مغلوط وإنما كان مقصدهم هو لماذا لم يرزقنا الله اليقين بوجوده هذا هو السؤال الصائب ولكن هذا السؤال يرد عليه وجودنا في الدنيا وانه وجود إختباري نُختبر فيه ونُمحص ولذلك خلقنا الله …!!!!
فقد وهبنا الله عقلا محايدا وأودع في ذلك العقل غريزة معينة ألا وهي الإقرار بإن العدم لا يصنع شيئا ( وبالتالي فلا بد للكون من صانع ) ..ثم إن الله لم يكتف بذلك لإفامة الحجة علينا بل أرسل رسله وأنبيائه مؤيدين بالمعجزات والبشارات ولم يكتف سبحانه بذلك بل أخبرنا بالفرق بين النبي الصادق والنبي الكاذب وعلامة النبي الصادق ثم أمرنا باتباع أنبيائه والرضا بقضائه والإيمان بلقائه ….
ولذلك الإيمان بالله على الرغم من سهولة الوصول إليه والثقة بوجوده لكن لا بد للناس من تمحيص واختبار ووعد الله أن الإيمان به هو النجاة والخلاص والفلاح في الدنيا والآخرة وهل لو رزقنا الله اليقين التام بوجوده دون إعمال للعقل هل نحن نعتبر ساعتها مؤمنين ؟؟؟
كلا وألف كلا فهل يوجد إنسان يقول أنا أؤمن بوجود الشمس ؟؟؟؟ كلا طبعا فالإنسان مجبر على الإقرار بوجودها لأنه يراها أمامه ولا يستطيع الإنكار … فشرط الإيمان هوالإعمال البسيط للعقل وإجهاد الفكر قليلا ولذلك كان الله دائما ينعي على الملحد أنه لا يعقل {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } (171) سورة البقرة
فهو لو أجهد عقله قليلا لاعترف بوجود الله ومن بعدها فورا اعترف برسله وكتبه فهذا تابع لذلك .....