1 ــ [[ طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع ]]
يتغنى كثيرمن المسلمين سنويا بمناسبة الهجرة النبوية المباركة بالنشيد الخالد ( طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ) ، ويتوهمون أنه كان إبان دخوله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة ، قادما من مكة المكرمة ( مهاجرا ) ،
وبالتحقيق والتوثيق يتبين خطأ هذا الفهم ، إذ أن هذا النشيد كان يوم رجوعه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فى عام 9 هـ ( وهى آخر غزواته صلى الله عليه وسلم (
وحيث أن تبوك تقع فى شمال المدينة وليست فى جنوبها ، وان ثنيات الوداع هى أول ما يقابله حين دخوله المدينة من الشمال ، ثم إنه يوم دخل المدينة قادما من مكة ( مهاجرا ) ، كان كثير من الأنصار لايعرفونه شخصيا ،، حتى إن بعضهم نظر فوجد الصديق رضى الله عنه يظلله ، فعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولم يذكر أحد من المؤرخين الثقات نشيدا أنشد يوم قدومه صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا ، وإن شئت فقل : إن قدومه عليهم كان أجل وأسر من أن ينشدوا نشيدا ،،،
وفى هذا الصدد روى الطبراني بسند صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قفل من تبوك - يعني وهو عائد من تبوك - قال له عمه العباس : يارسول الله أأذن لى أن امتدحك ،
فقال له رسول الله : " قل لا يفضض الله فاك ياعم " ،، فلم تسقط أسنانه حتى مات
وكان مما أنشد رضى الله عنه وأرضاه :
من قبلها طبت في الظـــلال *** وفي مستودع حيث يأفك الورق
وأنت لمـــا ولدت أشرقــــت *** الأرض وضاءت بنــورك الأفــق

وبالإضافة إلى ما سبق ، فإن هذه البلدة المقدسة كانت تسمى آنذاك باسم يثرب ، وما سميت باسم المدينة المنورة إلا من بعد الهجرة النبوية الميمونة المباركة .



2ــ تاريخ المولد الشريف :
لايزال المسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها حتى يومنا هذا يحتفلون بالمولد النبوي الشريف فى يوم 12 من شهر ربيع الأول سنويا ،،،

وبالتحقيق الموثق عن أولى العلم الثقات كان مولده صلى الله عليه وسلم فى فجريوم الإثنين ،، 9 من هذا الشهر المبارك الأغر الميمون ، الموافق ليوم 20 ابريل سنة 571 م .
وفى هذا كتب العلامة المصرى المحقق الموثق الكبير محمود باشا الفلكى ( 1815م ــ 1885 م ) رحمة الله عليه كتابا قيما ، فصل وبسط فيه القول محققا وباحثا ، بتدقيق لا نقص فيه ، ولا مزيد عليه ، ومثبتا بالأدلة والبراهين والقرائن النقلية والفلكية أن المولد الشريف كان فى يوم الإثنين 9 من شهر ربيع الأول وليس 12 منه ،
هذا الكتاب القيم ــ لمن يشاء الإطلاع عليه ــ عنوانه ( التقويم العربي قبل الإسلام وتاريخ ميلاد الرسول وهجرته صلى الله عليه وسلم )
ولهذا فقد طبعته ونشرته الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر ضمن إصداراتها ( الكتاب الثالث في جمادي الأول سـنة 1389هـ الموافق يوليو سـنة 1969 م ) ، وقد كان آنذاك الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله تعالى هو الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية ، فقدم لهذا الكتاب تقديما بليغا استوعب أربع صفحات ، واصفا إياه بأنه بحث رائع ، واسلامي مبتكر ، فيه عمق وأصالة .

وأما عن تقريره المحقق الموثق بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ولد يوم الاثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سـنة 571 م ،، والذي هو بيت قصيدنا ، فقد استعرض محمود باشا الفلكى في سبيل تحقيقه وتوثيقه العدد الكبير المتنوع من الروايات والأقوال والتفسيرات المتعلقة بذلك ،
وغني عن الذكر أن منها كتب السيرة والحديث فضلا عن غيرها ، من مثل السيرة الحلبية ، والجفر الكبير للإمام الخلال ، ومروج الذهب ، ومجمل التواريخ للمسعودي ، ومختصر التواريخ لإبن أبي إلياس المعروف باسم العميد ، وكتاب القرانات لأحمد بن عبد الجليل ، وأسرار الكواكب ، وما كتبه المؤرخون الثقاة ، فضلا عن المخطوطات العربية المتعددة ، بالإضافة إلى ما كتبه الفلكيون الغربيون ، مما جاءت الإشارات إليها في الكتاب .
ثم استعرض الجداول الفلكية ، فبحث فيها ، وقارن بينها ، حتى انتهى إلى إثبات وتسجيل حساباته ونتائجها بالضبط ، واختتم بحثه القيم ، مسجلا بكل ثبات ويقين ، التحديد الدقيق المحقق الموثق ليوم ميلاده صلى الله عليه وسلم ،،
ونص بيانه كما يأتى :
( إن الاجتماع الحقيقي للقمر قد حدث طبقا لجداول لارجتو المختصرة في العاشر من ابريل سنة 571 م السـاعة 9 والدقيقة 41 تقريبا بعد منتصف الليل بحساب الزمن الوسط لمكة ،، وما كان يمكن رؤية الهلال بالعين المجردة إلا يوم 11 مساءاً . . .
وإذن فإن الشهر القمري العربي الموافق لابد أنه ابتدأ يوم الأحد 12 أبريل ، وقد ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم طبقا للآراء الجديرة بالثقة يوم ( 8 أو 10 أو 12 ) من الشهر القمري ، وكان يوم ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين كما هو المتفق عليه باجماع الآراء ،
ولما لم يكن بين يوم 8 ويوم 12 من هذا الشهر القمري يوم اثنين إلا يوم 9 منه ، ، فإننا لا يمكننا أن نعتمد غير هذا اليوم يوما لميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ،
وإذن فإني أختم هذا البحث مقررا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد ولد يوم الاثنين 9 ربيع الأول الموافق 20 أبريل سنة 571 م ) .آهـ


لطيفة :
لى مصنف محقق موثق بعنوان ( مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ) يفند قول المانعين ، سجلت فيه أقوال كثير من سادتنا العلماء والفقهاء والأئمة والأعلام الذين قالوا وأقروا بمشروعيته :
الإمام محمد ماضي أبو العزائم ( ت 1356هـ ) ، و الشيخ الإمام عبدالحليم محمود ( ت 1397هـ ) ، و الشيخ حسنين محمد مخلوف ( ت 1410 هـ ) و الإمام الشعراوي (المجدد الرابع عشر) ، ومن قبلهم الأئمة الحسن البصري ( ت 110 هـ ) ، والحافظَ سبط ابن الجوزي (597 هـ ) ، و شيخ الإسلام الإمام تقي الدين السبكي رئيس علماء الشافعية بمصر ( ت 664 هـ) ، و شيخ النووي الحافظ أبو شامة شهاب الدين عبد الرحمن الشافعي ( ت 665 هـ ) ، و الإمام النووي ( ت 676 هـ ) ، والعلامة الإمام ابن الحاج العبدري الفاسي ( ت 737 هـ ) ، و الحافظ ابن كثير( ت 774هـ ) ، والإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي ( ت 805هـ ) ، وشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني (ت 805 هـ) ، والحافظ العراقي ( ت 808 هـ ) ، و شيخ ابن حجر العسقلاني الحافظ العراقي (ت 808 هـ ) ، وإمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري ( ت 833هـ ) ، و الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي ( ت 842 هـ) ، وشيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) ، و الحافظ شمس الدين السخاوي ( ت 902 هـ) ، والإمام المجدد الجلال السيوطي ( ت 911 هـ ) ، والإمام القسطلاني ( ت 922 هـ ) ، والحافظ وجيه الدين عبدالرحمن ابن الديبع ( ت 944هـ ) ، والحافظ ابن حجر الهيتمى (ت 975 هـ ) ، والإمام أبو القاسم الجنيد ( ت 297 هـ ) ، والإمام عفيف الدين اليافعي ( ت 768 هـ ) ، و الإمام الخطيب الشربيني ( ت 1014 هـ ) ، والحافظ المجتهد الإمام ملا علي قاري ( ت 1014هـ ) ، والشيخ نور الدين الحلبي ( ت 1014 هـ ) ، و الشيخ أحمد زين دحلان مفتي الشافعية فى مكة ( ت 1066 هـ ) ، والحافظ ابن رجب الحنبلي ( ت 795 هـ ) ، والشيخ رشيد رضا ( ت 1255 هـ ) ، والدكتور أحمد الشرباصي ( ت 1400 هـ ) ، والعلامة الجليل نور الدين دكتور / علي جمعة مفتي مصر حفظه الله ،،، وغيرهم كثير وكثير،،
كما أدرجت فتوى بمشروعية الإحتفال بالمولد النبوى الشريف صدرت عن دار افتاء المصرية في الفتوى رقم 1267 لسنة 2005م . والفتوى رقم 5534 بتاريخ31 / 7 / 2007 م