وقوله الله تعالى : " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " .

وقوله : " فصل لربك وانحر "

عن علي رضي الله عنه قال : " حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : لعن الله من ذبح لغير الله . لعن الله من لعن والديه . لعن الله من آوى محدثاً . لعن الله من غير منار الأرض " رواه مسلم .

وعن طريق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "دخل الجنة رجل في ذباب . ودخل النار رجل في ذباب . قالوا وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : مر رجلان على قوم لهم صنم ، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً ، فقالوا لأحدهما : قرب . قال ليس عندي شئ أقرب . قالوا له ولو ذباباً . فقرب ذباباً فخلوا سبيله ، فدخل النار . وقالوا للآخر : قرب ، فقال : ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل . فضربوا عنقه فدخل الجنة " رواه أحمد .

فيه مسائل :

الأولى : تفسير إن صلاتي ونسكي .

الثانية : تفسير فصل لربك وانحر .

الثالثة : البداءة بلعنة من ذبح لغير الله .

الرابعة : لعن من لعن والديه ، ومنه أن تلعن والدى الرجل فيلعن والديك .

الخامسة : لعن من آوى محدثاً ، وهو الرجل يحدث شيئاً يجب فيه حق الله ، فيلتجيء إلى من يجيره من ذلك .

السادسة : لعن من غير منار الأرض ، وهي المراسيم التي تفرق بين حقك وحق جارك ، فتغيرها بتقديم أو تأخير .

السابعة : الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم .

الثامنة : هذه القصة العظيمة ، وهي قصة الذباب .

التاسعة : كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب لم يقصده ، بل فعله تخلصاً من شرهم

العاشرة : معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين كيف صبر ذلك على القتل ولم يوافقهم على طلبتهم ، مع كونهم لم يطلبوا إلا العمل الظاهر .

الحادية عشرة : أن الذي دخل النار مسلم ، لأنه لو كان كافراً لم يقل دخل النار في ذباب .

الثانية عشرة : فيه شاهد للحديث الصحيح "الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك" .

الثالثة عشرة : معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم ، حتى عند عبدة الأوثان .



( لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله )

وقوله تعالى : " لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " .

عن "ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال : نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة . فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا . قال : فهل فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله . ولا فيما لا يملك ابن آدم " رواه أبو داود وإسناده على شرطهما .

فيه مسائل :

الأولى : تفسير قوله " لا تقم فيه أبداً " .

الثانية : أن المعصية قد تؤثر في الأرض . وكذلك الطاعة .

الثالثة : رد المشكلة إلى المسألة البينة ليزول الإشكال .

الرابعة : استفصال المفتى إذا احتاج إلى ذلك .

الخامسة : أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع .

السادسة : المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ، ولو بعد زواله .

السابعة : المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ولو بعد زواله .

الثامنة : أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة ، لأنه نذر معصية .

التاسعة : الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده .

العاشرة : لا نذر في معصية .

الحادية عشرة : لا نذر لابن آدم فيما لا يملك .