(من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما ، لرفع البلاء أو دفعه)

وقوله تعالى : " قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون " .

عن "عمران بن حصين رضى الله عنه : أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً فى يده حلقة من صفر ، فقال : ما هذا ؟ قال : من الواهنة . فقال : انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً ، فإنك لو مت وهى عليك ما أفلحت أبداً " رواه أحمد بسند لا بأس به .

وله عن عقبة بن عامر مرفوعاً : من تعلق تميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وفي رواية : من تعلق تميمة فقد أشرك

ولابن أبي حاتم عن حذيفة : أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله : " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون "

فيه مسائل :

الأولى : التغليظ فى لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك .

الثانية : أن الصحابى لو مات وهى عليه ما أفلح فيه شاهد لكلام الصحابة : إن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر .

الثالثة : أنه لم يعذر بالجهالة .

الرابعة : أنها لا تنفع فى العاجلة ، بل تضر لقوله : لا تزيدك إلا وهناً .

الخامسة : الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك .

السادسة : التصريح بأن من تعلق شيئاً وكل إليه .

السابعة : التصريح بأن من تعلق تميمة فقد أشرك .

الثامنة : أن تعليق الخيط من الحمى من ذلك .

التاسعة : تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التى فى الشرك الأكبر على الأصغر ، كما ذكر ابن عباس فى آية البقرة .

العاشرة : أن تعليق الودع عن العين من ذلك .

الحادية عشرة : الدعاء على من تعلق تميمة أن الله لا يتم له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له . أي ترك الله له .



(ما جاء فى الرقى والتمائم)

فى الصحيح عن أبي بشير الأنصارى رض الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فأرسل رسولاً أن لا يبقين فى رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت .

وعن "ابن مسعود رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتولة شرك" رواه أحمد وأبو داود .

التمائم شئ يعلق على الأولاد عن العين ، لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف ، وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهى عنه ، منهم ابن مسعود رضى الله عنه .

و الرقى هى التى تسمى عزائم ، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك ، رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمة .

و التولة شئ يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها ، والرجل إلى امرأته .

وعن "عبد الله بن عكيم مرفوعاً : من تعلق شيئاً وكل إليه" رواه أحمد والترمذى .

وروى أحمد عن رويفع : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا رويفع ، لعل الحياة ستطول بك ، فأخبر أن من عقد لحيته أو تقلد وتراً أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً برىء منه " .

وعن سعيد بن جبير قال : " من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة " رواه وكيع .

وله عن إبراهيم : قال " كانوا يكرهون التمائم كلها ، من القرآن وغير القرآن "

فيه مسائل :

الأولى : تفسير الرقى والتمائم .

الثانية : تفسير التولة .

الثالثة : أن هذه الثلاث كلها من الشرك من غير استثناء .

الرابعة : أن الرقية بالكلام الحق من العين والحمة وليس من ذلك .

الخامسة : أن التميمة إذا كان من القرآن فقد اختلف العلماء هل هي من ذلك أم لا ؟

السادسة : أن تعليق الأوتار على الداوب عن العين من ذلك .

السابعة : الوعيد الشديد على من تعلق وتراً .

الثامنة : فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان .

التاسعة : أن كلام إبراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف ، لأن مراده أصحاب عبد الله .



( من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما )

وقوله الله تعالى : " أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى "

عن أبي واقد الليثى قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر ، وللمشركين سدرة يعكفون عندها . وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط ، فمررنا بسدرة ، فقلنا : يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر ، إنها السنن . قلتم ، والذي نفسي بيده ، كما قالت بنو إسرائيل لموسى ' 7 :138 ' " اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون " . لتركبن سنن من قبلكم "رواه الترمذي وصححه .

فيه مسائل :

الأولى : تفسير آية النجم .

الثانية : معرفة صورة الأمر الذي طلبوا .

الثالثة : كونهم لم يفعلوا .

الرابعة : كونهم قصدوا التقرب إلى الله بذلك ، لظنهم أنه يحبه .

الخامسة : أنهم إذا جهلوا هذا فغيرهم أولى بالجهل .

السادسة : أن لهم من الحسنات والوعد بالمغفرة ما ليس لغيرهم .

السابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعذرهم في الأمر بل رد عليهم بقوله : " الله أكبر ، إنها السنن ، لتتبعن سنن من كان قبلكم " فغلظ الأمر بهذه الثلاث .

الثامنة : الأمر الكبير ، وهو المقصود : أنه أخبر أن طلبتهم كطلبة بنى إسرائيل لما قال لموسى " اجعل لنا إلهاً "

التاسعة : أن نفى هذا معنى لا إله إلا الله مع دقته وخفائه على أولئك .

العاشرة : أنه حلف على الفتيا ، وهو لا يحلف إلا لمصلحة .

الحادية عشرة : أن الشرك فيه أكبر وأصغر ، لأنهم لم يرتدوا بهذا .

الثانية عشرة : قولهم ونحن حدثاء عهد بكفر فيه أن غيرهم لا يجهل ذلك .

الثالثة عشرة : التكبير عند التعجب ، خلافاً لمن كرهه .

الرابعة عشرة : سد الذرائع .

الخامسة عشرة : النهى عن التشبة بأهل الجاهلية .

السادسة عشرة : الغضب عند التعليم .

السابعة عشرة : القاعدة الكلية لقوله إنها السنن .

الثامنة عشرة : أن هذا علم من أعلام النبوة ، لكونه وقع كما أخبر .

التاسعة عشرة : أن ما ذم الله به اليهود والنصارى في القرآن أنه لنا .

العشرون : أنه متقرر عندهم أن العبادات مبناها على الأمر ، فصار فيه التنبيه على مسائل القبر . إما من ربك ؟ فواضح . وأما من نبيك ؟ فمن إخباره بأنباء الغيب . وأما ما دينك ؟ فمن قولهم : اجعل لنا إلى آخره .

الحادية والعشرون : أن سنة أهل الكتاب مذمومة كسنة المشركين .

الثانية والعشرون : أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه لا يؤمن أن يكون في قلبه بقية من تلك العادة ، لقولهم : ونحن حدثاء عهد كفر .