نحن نرى من خلال دراسة الإنجيل على أن مُصطلح الرب كان قد أُستخدم في الإشارة على المسيح على أنه المُعلم وهذه الصفة تتناقض مع تعاليمهم وما يتداول بينهم حيث يعتبر أتباع المسيحية بأن المسيح هو رب يُعبد ولكن إن أردنا لأن نُقيم الحجة عليهم ونثبت زيف إدعائهم الباطل هذا فعلينا بإحضار الدليل ومن عندهم وبالتالي نتعرف على ما هو المقصود بالرب في كتابهم المقدس والذي سنتناوله في بحثنا وذلك حتى لا نعمل على تشتيت الأفكار أو التسبب في الحيرة لدى القُرّاء …………
فلنرى ماذا يُخبرنا الإنجيل بما هو مقصود فعلاً بالرب …
انجيل يوحنا 20: 11أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ وَاقِفَةً عِنْدَ الْقَبْرِ خَارِجًا تَبْكِي. وَفِيمَا هِيَ تَبْكِي انْحَنَتْ إِلَى الْقَبْرِ، 12فَنَظَرَتْ مَلاَكَيْنِ بِثِيَابٍ بِيضٍ جَالِسَيْنِ وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، حَيْثُ كَانَ جَسَدُ يَسُوعَ مَوْضُوعًا. 13فَقَالاَ لَهَا:«يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟» قَالَتْ لَهُمَا:«إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!». 14وَلَمَّا قَالَتْ هذَا الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ، فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا، وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ. 15قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟ مَنْ تَطْلُبِينَ؟» فَظَنَّتْ تِلْكَ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، فَقَالَتْ لَهُ:«يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ حَمَلْتَهُ فَقُلْ لِي أَيْنَ وَضَعْتَهُ، وَأَنَا آخُذُهُ». 16قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ.
فالمقصود بالرب هنا كما هو واضح بأنه رب بني إسرائيل، وقولهم ربوني أي الرب ومعناه المرب أي المعلم وهم فسَّروه على ذلك كما هو منقول عنهم، وهم لا زالوا حتى اليوم يدعون رجال الدين عندهم بالربايز أي رابايى أو رابي أو ربي Rabbie. إن لقب رب القوم يعني سيدهم ومُعلمهم. وعلى سبيل المثال فنحن نقول بأن رب الأسرة يُشير على راعيها وسيد البيت ورب العمل هو مالكه وسيده، فربهم عيسى هو لا يتعدى كونه سيدهم ومُعلمهم ومُثقفهم وأكثرهم حكمة وفطنة وعلم ودين وهو ليس برب يعبد وهل يعبد رب العمل ورب الأسرة طبعاً لا وإنما تخضع له متقيداً بخطة العمل التي يرسمها لك أو أحكام التربية المطلوبة والمردود المتوقع الأسري فالفرق واضح بين رب السماوات والأرض أي سيد الخلق وسيد الكون ومدبره ومالكه أي الله رب السماوات والأرض .. وبين الإنسان الضعيف المشرف على رعاية غيره من الناس ومعلمهم.
إنجيل يوحنا 20:
17قَالَ لَهَا يَسُوعُ:«لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ:إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ». 18فَجَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَأَخْبَرَتِ التَّلاَمِيذَ أَنَّهَا رَأَتِ الرَّبَّ، وَأَنَّهُ قَالَ لَهَا هذَا.
فحين القول بأن المسيح هو ربهم فهذا لا يعني أبدا بأنه رب معبود بل معلم كما تم الإشارة عليه بغاية الوضوح … والأصل وهو كل إله هو بالمعبود ولكن لا ينطبق هذا على الرب لأن ليس كل رب بالمعبود وهنا في هذه الآية الإنجيلية نرى بأن المسيح يقول: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلهِي وَإِلهِكُمْ، فإذن المسيح له إله يعبده وهو يُشير عليه بالآب فهو أبيه كما وهو أيضاً أب لسائر المؤمنين برسالة المسيح، فلقب الآب هو مجازي إذن والمعبود هو الإله ورب المسيح وأتباعه، والله هو الرب المعبود وحده وهو رب وإله المسيح والذي هو عبد لله، وبالتالي فهم لا يعبدون ربهم المسيح أي مُعلمهم بل يُشاركونه عبادته لربه وإلهه.
وفي الإشارة على معنى الرب عند أهل الكتاب كان قوله تعالى،
“مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَـٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ” سورة آل عمران 79 .
وقوله تعالى “إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا والرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ” سورة المائدة 44 .
وقوله تعالى “لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ” سورة المائدة 63 .