رسالة الإسلام - مي عباس
لم يتوقف التربص التنصيري بالصومال فقد مثل منع المنظمات الخيرية الإسلامية فيه، وحالة الفوضى وعدم الاستقرار - التي تسوده في الوقت الراهن - فرصة للمنظمات التنصيرية لمد نفوذها في هذا البلد المسلم، والعبث بعقائد الصوماليين.
وعلى الرغم من أن هذه المحاولات التنصيرية واجهت ردودا حاسمة من قبل الصوماليين: علماء وأفراد وشيوخ قبائل، إلا أنها - بحسب مراقبين للشأن الصومالي - لا تزال مستمرة، ومتسترة بالجهود الإغاثية تارة، وبالمساعدة التعليمية أخرى، فضلا عن اختراع أقلية مسيحية وهمية لتكون مبررا لوجود كنائس ورعاة.
إنشاء مدارس مسيحية
وفي هذا السياق اتهم المتحدث باسم حركة الشباب المجاهدين في الصومال علي محمود راجي الحكومة الصومالية بالتخطيط لافتتاح عدة مدارس مسيحية في مناطق متفرقة في البلاد.
وقال - في تصريحات صحفية أدلى بها مؤخرا خلال مؤتمر بالعاصمة الصومالية مقديشو - إن الحكومة وافقت على برنامج يسمح للإرساليات التنصيرية بإنشاء مدارس في أنحاء كثيرة، داعيا قادة هذه المناطق إلى وقف خطط التنصير.
وأضاف راجي - بحسب ما ذكره راديو "جاروي" الصومالي - أن العديد من القساوسة والمنصرين وصلوا بالفعل إلى أرض الصومال وبدءوا نشاطهم بالطعن في الإسلام.
الاستهداف من كينيا وأثيوبيا
ويقول مراقبون للشأن الصومالي إن دولتي كينيا وأثيوبيا، الحدوديتين مع الصومال، تعدان من الدول التي ينشط فيها العمل التنصيري على اختلاف مرجعياته وأهدافه؛ لذا فإن المتربصين بالصومال لا يمكنهم التغافل عن اعتبار هذين البلدين قاعدتين للنشاط التنصيري.
وهذا ما أفصحت عنه منظمة "جلوبال أدفانس" - إحدى المنظمات الراعية لمشروع تنصير شرق أفريقيا – في تصريحات على موقعها الإلكتروني مؤخرا حيث قالت إن العديد من القساوسة والمنصرين في شمال كينيا يتم إعدادهم للوصول إلى الصوماليين.
ويقول المراقبون إن اللاجئين الصوماليين في كينيا يتعرضون إلى إلحاح المنظمات الغربية التنصيرية بسبب أوضاعهم المتردية، حيث تقوم بدفع مبالغ مالية لهم ومنحهم دورات في الخياطة، وقيادة السيارات، والتعامل مع الحاسب الآلي بجوار الدروس الدينية والعظات مقابل جذبهم صوماليين آخرين إلى هذه المنظمات.
أما أثيوبيا فبدافع مصالحها الشخصية من جهة وبدعم غربي من جهة أخرى فإنها تمارس جهودا كبيرة لإضعاف الإسلام في الصومال، ليس فقط بالتنصير وإنما بنشر الانحرافات الأخلاقية، والتشكيك في عقائد المسلمين.
قوة الإسلام
لكن هل نجح النشاط التنصيري في الصومال؟
اعتاد المنصرون أن يعلقوا فشلهم على "التضييقات الحكومية" أو ما يسمونهم بـ"الأصوليين الإسلاميين"، متغافلين عن قوة الإسلام لدى الصوماليين، وبقائهم على دينهم رغم مساومات ( العقيدة مقابل الخبز).
وأسفر اجتماع الهيئة الإسلامية الصومالية في مقديشو عام 2002م عن إصدار مذكرة لمكافحة التنصير وقع عليها 14 من شيوخ القبائل الذين يمثلون العشائر الصومالية الرئيسية.
أما النشاط المكثف في مخيمات اللاجئين الصوماليين في كينيا حيث يعيش قرابة نصف مليون صومالي شمال شرقي كينيا في أوضاع معيشية صعبة، فلم يسفر عن شيء يذكر.
واعترف موقع "بيثاني وورلد براير سنتر" – وهي مؤسسة تنصيرية أمريكية- بأن جهود المنصرين في الصومال لم تسفر عن نجاح يذكر، مما دفع تسع وكالات إلى السعي وراء اللاجئين في كينيا، لكن أعداد المتجاوبين معها لا تزيد عن 100 شخص.
ونقل موقع "الجزيرة. نت" في تقرير له مؤخرا مشاهد لبعض اللاجئين الصوماليين، تكشف حقيقة تحولهم عن الإسلام، ومنهم "ميمونة" التي اضطرت لإظهار اعتناقها المسيحية مقابل مبلغا من المال قدره 500 دولار تلقته من هيئة (المؤمنون المسيحيون الصوماليون)، وكانت تقوم بعدد من الأنشطة لاستمرار الدعم مثل ربط بعض الأسر بالهيئة، وقراءة "الكتاب المقدس" المترجم إلى الصومالية داخل إحدى الكنائس بنيروبي، لكن الهيئة قطعت عنها المساعدات المالية بعد اكتشاف ارتباطها بالإسلام ارتباطا وثيقا.
أما أنيسة النونو - 63 عاما - فقد اضطرت لإعلان المسيحية تحت ضغط العوز الشديد، لكنها تحمل مصحفا صغيرا في حقيبتها، وتحرص على تلاوة سورة الإخلاص والمعوذتين بعيدا عن الأعين، حتى لا تُقطع عنها المساعدة.