قال تعالى في سورة النور :

أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40)

مقدمة لابد منها :
سبق وتناولنا هذه الآية الكريمة من حيث اخبارها عن وجود موجات عميقة و تحت بحرية ، والآن نتناول بالمناقشة موضوع ظلمات البحر وكائناته .
يقسم العلماء اعماق البحر الى مناطق من حيث نسبة ضوء الشمس التي تخترقها كما هو مبين في الشكل التالي :






المنطقة الاولى و تسمى المنطقة السطحية الأوقيانوسية
Epipelagic Zone
وتمتد من سطح البحر حتى 200 متر لأسفل حيث يمكن لضوء الشمس اختراق هذه المنطقة حتى ان النباتات البحرية يمكنها الاستفادة منه .
وتكون شكل هذه البيئة كما في الشكل التالي :





المنطقة الثانية و تسمى المنطقة الوسطية الأوقيانوسية
Mesopelagic Zone
حيث تكون نفاذية الضوء ضعيفة لآن هذه المنطقة تمتد الى الف متر تحت سطح البحرفتكون الرؤية صعبة .
المنطقة الثالثة وتسمى المنطقة الأقيانوسية العميقة





Bathypelagic Zone
وهي تمتد الى 6000 متر تحت السطح وتكون مظلمة تماما و الضوء الوحيد هو ما يسمى بالتوهج الحيوي ، اي الضوء الذي تنتجه الكائنات الحية في هذه الاعماق المظلمة . وتنتج هذه الكائنات ما يعرف بالضوء البارد نتيجة لتفاعلات كيميائية بخلاياها المتخصصة . ومن امثلة هذه الكائنات :






بعد هذا العمق توجد بعض المناطق بها اخاديد و خنادق تحت مستوى قعر المحيط ولكنها نادرة الوجود ويمكن ان تمتد الى احدى عشر الف متر .


وجه الاعجاز :

بعدما اشار القرآن الكريم الى وجود ظلمات شديدة في اعماق البحار حتى في ساعات النهار حيث لا يصل ضوء النهار لأكثر من مائتي متر بصورة جيدة ، بعد ذلك تكون الرؤية صعبة حتى نصل الى اعماق مظلمة تماما وهي التي تكلم عنها القرآن الكريم . والمدهش هنا ان الآية تعقب بقوله تعالى ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) . مما يعطي اشارة الى مخلوقات لها نورها الذاتي جعلها الله تعالى لها في مثل هذه الظروف القاسية .
طبعا العرب لم يكونوا من اهل البحار ولا التعامل معها في العصر الجاهلي . واقصى نشاط يمكنهم فعله هو صيد اللؤلؤ وهو على اعماق قريبة يدركها الصياد المحترف بسهوله . ولآنه لا يمكن لبشر ان يغوص اكثر من اربعين مترا بدون ادوات غطس حديثة ، فلم يكن احد يعرف شيئا عن ظلمات البحر التي تكلم عنها القرآن ، ولم تكتشف إلا حديثا ، فضلا عن الكائنات المضيئة التي تعيش فيها .
فمن غير الله تعالى اخبر النبي عن وجود هذه الظلمات فضلا عن الاشارة لما يمكن ان تحتويها من مخلوقات جعل لها الله نورها الخاص ؟

والحمد لله على نعمة الاسلام