رداً على القمص صليب حكيم: نعم كتابكم المقدس محرف يا قمص

[قاصف]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:
((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ))

وقعت عيني منذ ايام على اسئلة واجابات للقُمص صليب حكيم على موقع تكلا هيمانوت بشأن موضوع "هل الكتاب المقدس محرف؟" ورغم لمتلاكه عشرات الأدلة كما قال لكنه اكتفى بإدراج خمسة دلائل كافية تثبت (حسب زعمه) ان الكتاب المقدس خالي من التحريف وللأسف رغم اعتقادي اني سأجد ردود علمية تزيل شك المسيحي وتقنع غير المسيحي وتبطل قوله في نفس الوقت وجدت ان كلامه موجه فقط لشعب الكنيسة في محاولة بائسة ومثيرة للشفقة لتثبيت الإيمان والدليل على ذلك هشاشة الرد وأخطاء شنيعة تسمو لتكون اكاذيب وفقدان للمنهجية والمنطق والأمانة العلمية.

فأحببت ان استعرض كلام القٌمص والرد على ما يستحق الرد بشكل علمي يعود بالنفع على كل من المؤمن والكافر بالمسيحية وكتابها المقدس، بالإضافة انه لو تم ايجاد دليل واحد فقط على حدوث التحريف لبطلت كل دلائل القمص حول اثبات صحة كتابه.

الدليل الأول: الذين قاموا بكتابة الكتاب المقدس أكثر من ثلاثين نبيًا وحواريًا، وكلهم مجمعون على حقائق الإيمان المسيحي. ومن أولوياتها حاجة العالم إلى الخلاص، وألوهية السيد المسيح، وجوهر الله الواحد الثالوث، وحقيقة صلب المسيح وقيامته. وذلك بالرغم من تنوع ثقافاتهم واختلاف عصورهم وطول مدة الزمن الذي كتبوا فيه وهو أكثر من ألف وخمسمائة سنة بدءًا من موسى النبي كاتب التوراة إلى القديس يوحنا الرسول كاتب سفر الرؤيا.

برغم ان اول دليل لديه هو عبارة عن مجرد ادعاءات وكلام انشائي غير مدعوم بأي دليل لكن هناك ما يتوجب الرد عليه وابطاله وهو قوله

"الذين قاموا بكتابة الكتاب المقدس أكثر من ثلاثين نبيًا وحواريًا "

و

" بدءًا من موسى النبي كاتب التوراة الى القديس يوحنا الرسول كاتب سفر الرؤيا "

واحب ان ابدأ من التوراة حيث قال ان موسى هو كاتب التوراة وهذه اكذوبة كبرى لا دليل عليها ولا يمكن اثباتها ليس لعدم موافقة المسلمين لها بل لوقوف التوراة نفسها ضد هذا الإدعاء بالإضافة لعلماء النقد النصي المسيحيين.

أولاً: اسلوب التوراة نفسه ينفي ان يكون موسى هو كاتبه.

(فَخَافَ مُوسَى وَقَالَ: حَقًّا قَدْ عُرِفَ الأَمْرُ)) خروج 14:2

(وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ) خروج 11:2

(فَهَرَبَ مُوسَى مِنْ وَجْهِ فِرْعَوْنَ) خروج 15:2

كيف يكون موسى هو كاتب التوراة ويذكر نفسه بهذه الصيغة بدلاً من ان يقول:

(فخفت وقلت) أو (لما كبرت خرجت الى اخوتي) او (فهربت من وجه فرعون) إلخ... ؟


ثانياً: علماء المسيحية انفسهم ينفون ان موسى هو كاتب سفر التكوين التوراتي ويرون ان الكاتب مجهول كاذ نقل لنا الأب صموئيل يوسف.





ويرى اخرون أن محتوى سفر التكوين التوراتي تم تناقله من جيل الى جيل بشكل شفهي حتى وصلنا اليوم بهذا الشكل وبهذا لم يبقى لدينا سوى احداث تاريخيه كتبها مجهول في كتاب.




اما عن سفر الخروج (التوراتي) فيرى النقاد المسيحيين المتخصصين في النقد ان النصي ان هذا السفر بالإضافة لباقي الأسفار الخمسة تم تجميعهم بواسطة كهنة مجهولين بعد موت موسى والسبي بقرون بالإضافة ان هناك عوامل مجهولة في نقل مادة السفر عبر مئات السنين.





بالإضافة لإقرار الأب اسطفان شربنتييه ان سفر التثنية (التوراتي) تم تنقيحه والإضافة اليه اي تحريف بالإضافة ونسبوا ما اضافوه من تشريعات وعادات بشرية وضعية إلى لسان موسى وكأنها اصبحت وحي الهي.
















فكيف بعد كل هذا يجلس سيادة القمص ويقول بكل اريحية ان كاتب التوراة هو موسى؟ بل نحن من يجب ان يسأل الأن من الذي كتب التوراة يا حضرة القمص المحترم؟

هذا بالنسبة للتوراة، اما بالنسبة للعهد الجديد الذين يطلقون عليه الإنجيل فحال كتبته ليس بأفضل من حال كتبة التوراة. يقول ويليام والكر جونيور صاحب كتاب "الإستيفاء في رسائل بولس" بشأن كتبة العهد الجديد:

"في كل الأناجيل الأربعة واعمال الرسل والعبرانيين والرسائل اليوحناوية التسعة تظهر اسماء متى، مرقص، لوقا و يوحنا فقط في عناوين هذه الأعمال وهذه العناوين تم اضافتها لاحقاً ربما في القرن الثاني الميلادي. معظم العلماء يوافقون على فكرة ان كاتب سفر اعمال الرسل هو نفس كاتب انجيل لوقا لكن كما اوضحنا سابقاً فإن هوية الكاتب غير معروفة"






اما شارون وارنر صاحب كتاب "فتح رسالة الكتاب المقدس" فيقول بشأن كتبة العهد الجديد:
"معظم العلماء يوافقون على انه تمت كتابة انجيلي متى ولوقا بشكل مستقل عن بعضها البعض وبعد كتابة انجيل مرقص بعشرة او عشرين عام اعتمد كل من متى ولوقا (مرة اخرى هوية مؤلفين الإناجيل مجهولة) على انجيل مرقص كمصدر اساسي لكتابة انجيليهما."






اما عن انجيل يوحنا فيقول دونالد جريجز صاحب كتاب "الكتاب المقدس من الصفر: العهد الجديد للمبتدأين" :

"ينقل لنا التقليد منذ زمن بعيد ان يوحنا الرسول هو الذي كتب الإنجيل الرابع بالإضافة الى رسائل يوحنا الثلاثة ورؤيا يوحنا ومع ذلك وبعد دراسة علماء الكتاب المقدس لـ لغة واسلوب ومحتوى كل كتاب اتفق اغلبهم على يوحنا لم يكتب هذه الكتب الخمسة ويبقى مؤلف الإنجيل الرابع مجهول الهوية".








أما فرانسيس مولوني فيذكر لنا في سلسلة ساكرا باجنيا "الصفحة المقدسة: انجيل يوحنا" ان الجدال لا ينتهي بين علماء الكتاب المقدس حول هوية كاتب الإنجيل الرابع وهل كان فعلاً يوحنا بن زبدي ام غيره؟

"سواء كان ابن زبدي هو مؤلف الإنجيل الرابع ام لم يكن فهذا موضوع لا ينتهي الجدل بشأنه ابداً"






فـ كيف بعد شهادة كل هؤلاء العلماء بشأن حقيقة هوية كتبة العهد الجديد والكتاب المقدس بشكل عام يخبرنا سيادة القمص بكل اريحية ان اكثر من ثلاثين نبياً وحوارياً كتبوا كتابه المقدس؟ ماذا عن المنهجية المتبعة لمعرفة الغث من السمين؟


الدليل الثاني: كذلك النبوات أمر يخص الله وحده. لأنها إنباء بالغيب ولا يعلم الغيب إلا الله وحده. والكتاب المقدس ليس مملوءًا بالنبوات ولكنه مصبوغ بها. فما كانت وظيفة العهد القديم سوى التمهيد بالنبوات للعهد الجديد. وما العهد الجديد سوى تحقيق كامل لجميع نبوات العهد القديم. وما ورد في العهد الجديد مما تنبأ به المسيح عن آلامه وصلبه وقيامته وصعوده إلى السماء وعن خراب أورشليم، قد تمَّ جميعه. ولو خلا الكتاب المقدس من النبوات لانتفت النبوة من كاتبيه ومن ثم صار كلامه من عمل أناس عاديين من البشر وليس أنبياء. إذًا امتلاء الكتاب المقدس بالمعجزات والنبوات يشير إلى سماويته وأنه من الله. ومن ثم يؤكد صدقه وصحته.

دليل اخر لا أساس له من الصحة يسوقه لنا حضرة القمص الا وهو نبؤات التوراة بيسوع وصلبه ومعاناته وأحب ان اوضح ان كل نبؤات المزعومة عن يسوع في العهد القديم لم تنطبق منها ولا نبؤة على رب النصارى وكل ما فعله علماء النصارى على مدار التاريخ هو تحريف معاني النصوص العبرية وترجمتها بشكل خاطئ ليثبتوا شيء لا وجود له.

وبما أن سيادة القمص ذكر ان هناك نبؤات عن صلب المسيح وآلامه فسأثبت ان هذه النبؤة ما هي الا عملية نصب كشفها اليهود وردوا عليها وهدموها على رؤوس اصحابها.

يستشهد النصارى بنص في مزمور كنبؤة ودليل على صلب المسيح ودق المسامير في يديه ورجليه وآلامه:

[لانه قد احاطت بي كلاب.جماعة من الاشرار اكتنفتني.ثقبوا يديّ ورجليّ.] [فــــانـــدايك][Ps.22.16]

لكن اذا عدنا للنص الأصلي بالعبرية من موقع ميخون مامري لن نجد اي شيء مذكور له علاقة بثقب اي شيء

((כִּי סְבָבוּנִי, כְּלָבִים: עֲדַת מְרֵעִים, הִקִּיפוּנִי; כָּאֲרִי, יָדַי וְרַגְלָי))

[لانه قد احاطت بي كلاب.جماعة من الأسود حول يديّ ورجليّ.]


For dogs have encompassed me; a company of evil-doers have inclosed me; like a lion, they are at my hands and my feet.

http://www.mechon-mamre.org/p/pt/pt2622.htm

ورغم هذا الدليل يعترض النصارى ويقولون ان الكلمة العبرية كي آري تعني ثقبوا فكان رد اليهود كالتالي:

"(كي آري) في النص تعني (كالأسد) وقد اختلط الامر على النصارى فأسقطوها على حادثة الصلب لأن هذه الكلمة تشبه كلمة مجوف او مُقور في قواعد اللغة فقرأوا النص ثقبوا يدي ورجلي."

The Hebrew word ki-ari (like a lion) is grammatically similar to the word "gouged." Thus Christianity reads the verse as a reference to crucifixion: "They pierced my hands and feet."

المصدر ولرد اليهود على باقي النبؤات المزعومة في كتابهم:
http://www.simpletoremember.com/arti...ewsandjesus/#3




الدليل الثالث: لا يوجد اختلاف بين جميع نسخ الكتاب المقدس المنتشرة في العالم. بل هي كتاب واحد. كذلك النسخ الموجودة من القرون الأولى للمسيحية لا تختلف عن النسخ الموجودة لدينا الآن بعد مرور أكثر من ألفىْ عام. وإن كان الكتاب المقدس الموجود معنا يضم العهد القديم الذي يحوى الديانة اليهودية. وهو نفسه صورة طبق الأصل من النسخة الموجودة مع اليهود الذين سبقت ديانتهم الديانة المسيحية بآلاف السنين. وإن كان الكتاب المقدس متوافق مع تفاسير آباء القرون الأولى للمسيحية. فمن أين حدث تحريف الكتاب المقدس. ومتى حدث وكيف حدث؟


رغم اني لا احب شخصنة الأمور لكني للأسف فقدت كل احترامي للقمص بعد قوله هذا الكلام لأنه ان دل فيدل على فقدان تام للأمانة العلمية واستغلال جهل شعب الكنيسة ليوهمهم ان كتابهم واحد في كل العالم.

لو كان كتابكم واحد فلماذا نجدك ارثوذوكسي لا بروتستانتي على سبيل المثال يا حضرة القمص؟

لماذا تؤمن بكتاب مقدس مكون من 73 سفر لا 66 سفر كالبروتستانت ولا 81 سفر كالكنيسة الحبشية؟

ولماذا حذف البروتستانت 7 اسفار من كتابك الذي تؤمن به؟ ولماذا اضافت طائفتك 7 اسفار يرفضها البروتستانت؟








ماذا عن الكنيسة الحبشية لماذا اضافت 8 اسفار على كتابك؟




ولماذا يهاجم البروتستانت الكاثوليك ويتهموهم بالتحريف عن طريق اضافة 7 اسفار كتبها بشر وليست وحي الهي؟




أما سؤال القمص عن "من أين حدث تحريف الكتاب المقدس. ومتى حدث وكيف حدث؟"

فيجيب عليه الأستاذ يوسف رياض في كتابه "وحي الكتاب المقدس"



طيب لماذا حدث هذا الأمر وما سبب ضياع النسخ الأصلية؟

يكمل لنا الأستاذ يوسف رياض في كتابه "مدخل الى النقد الكتابي" ويوضح ما حدث من تحريفات وتعديلات واغلاط وقعت في هذه الكتب.






غير ان قاموس الكتاب المقدس يثبت هذا الأمر ايضاً





الدليل الرابع: إن اليهودية والمسيحية والإسلام يعترفون بأن الكتاب المقدس هو من عند الله. فإن ادعى أحد أنه مُحرَّف فإنه يتهم الله بعجزه عن حفظ كتابه الذي أوحى به إذ تركه بين أيدي بشر لكي يعبثوا به ويغيروا حقائقه. وإن صح هذا الاتهام فإنه يؤكد عجز الله عن حفظه أي كتاب آخر يوحى به للناس. ومن ثم يصير العالم كله "ضلال في ضلال". وصاحب هذا الاتهام يصبح أول المُضَلَّلين. وإن كان حاشا لله أن يضلل العالم فكتابه المقدس سليم تمامًا من كل تحريف.

يتحفنا سيادة القمص مرة اخرى بكلام عجيب يدل انه لم يطلع او يقرأ في الإسلام او حتى اليهودية التي يؤمن بكتابها المحرف ويضمها لكتابه، فاليهود أصلاُ لا يعترفون بعهدك الجديد المسمى زوراً انجيل ويعتبروه كتاب بشر ولا يؤمنون بيسوع انه المسيح بل يذكروه وامه بأبشع الألفاظ في تلمودهم فتارة يقولون على امنا مريم انها عاهرة وحاشاها وان المسيح وغد لجندي روماني اسمه بانثيرا وتارة يذكرون في تلمودهم ان المسيح يوم القيامة له عذاب اليم في الخراء المغلي في قعر جهنم وحاشاه.

فكيف بعد هذا يتحفنا سيادة القمص بأن اليهود يؤمنون ان كتابه وحي من الله؟

أما عن تقوله على الإسلام بأنه يؤمن ان كتابه المقدس وحي فهو من المضحكات المبكيات لأن القرآن لا يعترف بشيء اسمه الكتاب المقدس اصلاً ولا يذكر من الكتب السابقة سوى التوراة والإنجيل لكنهم تم تحريفهم لأن الله استحفظ اليهود عليهم لكنهم لم يحفظوا الأمانة كما قال الله في كتابه المجيد.

( إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) {المائدة}

الكارثة في هذا الموضوع ان سيادة القمص لا يعرف ان هذا الكلام عن توكيل الله لليهود لحفظ كلامه وخيانتهم وعدم حفظهم له موجود في كتابه الذي يقدس لكن يبدو انه لا يقرأه ولا يعلم عنه شيئاً وفقط يعترض لمجرد الإعتراض لأن النقد يأتي من مخالفيه في العقيدة فقط.

فهذا دليل توكيل حفظ التوراة لليهود:

(اذا ما هو فضل اليهودي او ما هو نفع الختان.اما اولا فلانهم استؤمنوا على أقوال الله. فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء.أفلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله. حاشا.بل ليكن الله صادقا وكل انسان كاذبا.كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك وتغلب متى حوكمت) {رومية 3: 1-4}

( فالآن يا اسرائيل اسمع الفرائض والاحكام التي انا اعلمكم لتعملوها لكي تحيوا وتدخلوا وتمتلكوا الارض التي الرب اله آبائكم يعطيكم. لا تزيدوا على الكلام الذي انا اوصيكم به ولا تنقصوا منه لكي تحفظوا وصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها) {تثنية 4:2}

(كل الكلام الذي أوصيكم به احرصوا لتعملوه لا تزد عليه ولا تنقص منه) {تثنية 32:12}

(كل كلمة من الله نقية. ترس هو للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذّب) {الأمثال 5:30}

ثم هذا التحذير شديد اللهجة من الله اذا قاموا بتحريف كلامه الذي استحفظهم عليه:

(لاني اشهد لكل من يسمع اقوال نبوة هذا الكتاب ان كان احد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وان كان احد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوّة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب في هذا الكتاب) {رؤيا 22: 18-19}


وهذه معاناة انبياء بني اسرائيل مع عصيان وجحود اليهود وتحريفاتهم لكلام الله:

نبي الله داوود يتهم اليهود بتحريف كلامه الذي هو وحي الله له ويدعوا عليهم:

(الله أفتخر بكلامه على الله توكلت فلا اخاف.ماذا يصنعه بي البشر. اليوم كله يحرفون كلامي.عليّ كل افكارهم بالشر. يجتمعون يختفون يلاحظون خطواتي عندما ترصّدوا نفسي. على اثمهم جازهم.بغضب اخضع الشعوب يا الله.) {المزامير 56: 4-7}

وهذا النبي ارميا يتهم اليهود بالتحريف المتعمد لكلام الله وادعاء النبوة والكفر والوثنية حتى اصبحوا في جحودهم كقوم لوط ومنبعاً للنفاق.

(أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمدًا: "وقد رأيت في أنبياء السامرة حماقة. تنبأوا بالبعل وأضلوا شعبي إسرائيل. وفي أنبياء أورشليم رأيت ما يقشعر منه. يفسقون ويسلكون بالكذب ويشددون أيادي فاعلي الشر حتى لا يرجعوا الواحد عن شره. صاروا لي كلهم كسدوم وسكانها كعمورة. لذلك هكذا قال رب الجنود عن الأنبياء. هانذا أطعمهم افسنتينا واسقيهم ماء العلقم لأنه من عند أنبياء أورشليم خرج نفاق في كل الأرض) {ارميا 23: 13-16}

ويستمر النبي ارميا في توبيخه لليهود:

(أما وحي الرب فلا تذكروه بعد لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كلام الإله الحي الرب القدير) {ارميا 36:23}

(كيف تقولون إننا حكماء وكلمة الرب معنا؟ حقًا إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب) {ارميا 8:8}

أما النبي إيليا فقد وصل عداء اليهود معه الى محاولة اغتياله بعد كفرهم بكلام الله وقتلهم للأنبياء قبله وهدمهم لبيوت الله:

(فلما سمع ايليا لف وجهه بردائه وخرج ووقف في باب المغارة.واذا بصوت اليه يقول ما لك ههنا يا ايليا. فقال غرت غيرة للرب اله الجنود لان بني اسرائيل قد تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا انبياءك بالسيف فبقيت انا وحدي وهم يطلبون نفسي ليأخذوها.) {الملوك الأول 19: 13-14}

لكن الله حفظ النبي ايليا من مكر اليهود وجيش الملك ورفعه اليه:

(وفيما هما يسيران ويتكلمان اذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعد ايليا في العاصفة الى السماء)
{الملوك الثاني 2: 11}

ثانياً كيف تقول يا حضرة القمص ان الإسلام يؤمن بصحة كتابك في حين انكم المسيحيون جميعاً بكل طوائفكم لا تؤمنون ان الزابور والتوارة والإنجيل انزلهم الله على انبيائه بل تمت كتابتهم على الأرض عن طريق بعض الأشخاص المساقين بالروح القدس كما تزعمون؟



في حين أن أهل الأسلام يؤمنون بإنزال الله للزابور والتوراة والأنجيل جملة واحدة كل كتاب على نبي معين في زمن معين.

(نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) {آل عمران}

(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ) {المائدة}

(وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) {المائدة}

(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) {النساء}

(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) {الإسراء}

الدليل الخامس: إن كتابنا المقدس يحمل سلامته في ذاته. وذلك من صدق أقواله وتحقق مواعيده وعظمة تأثيره في تغيير النفس البشرية والسمو بها في مدارِج الروح وإنارتها بالحكمة الإلهية وإشباعها بالمعارف الربانية والأسرار السمائية وإسعادها بتذوق الثمار الحلوة للسلوك بوصاياه والخضوع لأحكامه. وهذا دليل عملي حي، نحيا به بل هو يحيا فينا لأنه يجعلنا على قمة العالم في الحكمة والفضيلة والروحانية.


(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ* وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ) {المائدة}

----

اللهمَّ وفِّقْنِي لما تُحِبُّ و ترْضَى مِنَ القولِ والعملِ والنيَّةِ والهدى إِنَّكَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ

واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين