هل جَرَى مُوسَى خَلْفَ حَجَرٍ وَنَادَى عَلَيْهِ؟!

تهكّمَ أحدُهم في أحدى الفضائياتِ على حديثِ النبيِّ الثابتِ في صَحيحِ البخاريِّ كِتَاب(أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ) بَاب (حَدِيثِ الْخَضِرِ مَعَ مُوسَى - عليهما السلامُ-) برقم 3152 عَنْ أبي هرَيْرةَ -رضيَ اللهُ عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ":r إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا: مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ إمّا بَرَصٌ وَإمّا أُدْرَةٌ وَإمّا آفَةٌ وَإنّ اللهَ أرادَ أنْ يبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى فَخَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإنّ الحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَذَلِكَ قولُه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا }".

يكمنُ اعتراضُه في الآتي:

1- إنّ هذا الحديثَ أساءَ إلى نبيِّ اللهِ موسى .

2- إنّ التوراةَ لم تذكرْ مثلَك هذه القصّةَ.

3- كيف يطيرُ الحجرُ بالثوبِ، وهل يُعقلُ أنّ موسى كان يجري خلفَه لِيلْحقَ به ثم يضربُه؟

الردُّ على الشبهةِ

أولًا: إنّ قولَ المعترض بأنّ هذا الحديثَ أساءَ إلى نبيِّ اللهِ موسى قولٌ باطلٌ؛ لأنّ الحديثَ يذكرُ فضائلَ هذا النبيِّ المكرّمَ على النحوِ التالي:

1- إنّ الحديثَ ذكرَه الإمامُ النوويُّ في صحيحِ مسلمٍ في بَابِ (مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى r).

إذًا: فَهِمَ العلماءُ بخلافِ فَهْمِ المعترضُ للحديثِ !

2- إنّ الحديثَ يقولُ: " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ ".

واتسآءلُ: هل هذه الصفاتُ الذي ذُكرت في الحديثِ تُسيءُ لنبيٍّ مُكرّمٍ, مثلُ موسى؛ رجلٌ، حَيِيٌّ، سِتِّيرٌ؛ أيْ: يُحبُّ الستْرَ، لا يُرى مِن جلدِه شيءٌ؟!

3- إنّ الحديثَ يدلُّ على أنّ اللهَ يَعصمُ أنبياءَه، ويُبرّؤُهم ممّا يفْتريه عليهم السفهاءُ من تطاولٍ ونحوِه لو كانوا يُبصرون؛ فالحديثُ نفسُه يذكرُ قولَ الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا .

ثانيًا: إنّ قولَ المُعترضَ؛ بأنّ التوراةَ لم تذكرْ هذه القصّةَ؛ ليس له قيمةٌ لوجهين:

الأوّل: أنّ التوراةَ التي بين يدَيْه ليست حَكَمًا على القرآنِ الكريمِ؛ فهي محرّفةٌ لا نعترفُ بكلِّ ما جاءَ فيها؛ ثبتَ في صحيحِ البخاريِّ برقمِ 6814 عَنْ أبي هرَيْرةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيفسّرونهَا بِالعربيّة لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا باللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ " الْآيَةَ.

ثم إنّ القرآنَ مُهَيْمنٌ على التوراةِ أيْ: شاهدٌ لها، وحاكمٌ على ما فيها..
يقولُ : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَما جاءَكَ مِنَ الحَقِّ لكلّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إلى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48) (المائدة).

الثاني: أنّ التوراةَ لم تذكرْ لنا كلَّ حياةِ الأنبياءِ بتفصيلٍ دقيقٍ بما فيهم موسى وهذا بخلافِ ما جاءَ في سيرةِ نبيِّنا r فكونُ أنّ التوراةَ لم تذكرْ تلك الواقعةَ هذا لم ينْفِ وقوعَها بالفعلِ...

ثالثًا: إنّ قولَ المُعترضِ كيف يطيرُ الحجرُ بالثوبِ، وهل يُعقلُ أنّ موسى كان يجري خلفَه ليلحقَ به ثم يضربَه؟! لا قيمةَ له أيضًا؛ لأنّ هذا مَحْضُ اعتراضٍ على قُدرةِ اللهِ .

أسْألُه سؤلًا واحدًا هو: هلِ اللهُ قادرٌ على ذلك أم لا؟!

الجوابُ: إنّ اللهَ عَلَى كلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

إذًا: لا مجالَ للتَّهَكّمِ... لأنّه يُؤمنُ أنّ موسى ضربَ بِعصاه البحرَ وهو جمادٌ، وضربَ بالعصاةِ الحجرَ فخرجَ الماءُ، ويؤمِنُ أنّ المسيحَ أَسْكنَ البحرَ لما كان هائجًا وهو جمادٌ... لكنّه يعترضُ على ما جاءَ في الحديثِ لِمُجرّدِ أنّه ليس في كتابِه المقدّسِ، أو بمعنى أدقٍّ لأنّ النبيَّ r قاله !

إنّ كلَّ ما جاءَ في الحديثِ هو أنّ اليهودَ قومٌ قساةُ القلوبِ، قليليُّ الإيمانِ لا يؤمنون إلا بما يرَوْنَ بأعْيُنِهم، وهذا واضحٌ مِن قصّةِ موسى معهم (في القرآنِ والتوراةِ) لدرجةِ أنّهم قالوا لنبيِّ اللهِ موسى : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً(55) (البقرة)، ومِن المعلومِ أنّ هذا محالٌ شرعًا...

وكان موسى حَيِّيًّا سِتِّيرًا يمنعُه حياؤُه مِن أنْ يكشِفَ عن جسدِه أمامَهم ليُبرّئَ نفسَه لمّا كانوا يقولُون عنه: إنّه(آدَرُ) أيْ: مُنتفِخُ الخصيَتين...
فظلَّ صابرًا على أذاهم... يقولُ : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(5) (الصف).

جاءَ في تفسيرِ الجلالين: "وَ" اذْكُرْ "إِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمُ لِمَ تُؤْذُونَنِي" قَالُوا: إنِّهُ آدَرٌ أَيْ مُنْتَفِخُ الْخُصْيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَّبُوهُ "وَقَدْ" لِلتَّحْقِيقِ "تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيْكُمْ" الْجُمْلَةُ حَالٌ وَالرَّسُولُ يُحْتَرَمُ "فَلَمَّا زَاغُوا" عَدَلُوا عَنِ الْحَقِّ بِإِيذَائِهِ "أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ" أَمَالَهَا عَنِ الهُدَى عَلَى وَفْقِ مَا قَدَّرَهُ فِي الْأَزَلِ "وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" الْكَافِرِينَ فِي عِلْمِهِ. اهـ

فدافعَ اللهُ عن نبيِّه موسى وكذلك نبيُّه r دافعَ عنهما, جاءَ ذكرُه في الحديثِ الذي معنا، فاللهُ يُدافعُ عنِ الذين آمنوا؛ يقولُ : إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عِنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ(38) (الحج).

يذكرُ في كتابِه المجيدِ ما حكاه نبيُّنا بشأنِ هذه القصّةِ مِن أذيّةِ قومِه له مُحذّرًا إيّانا أنْ نفعلَ فِعلَهم مع أنبياءِ اللهِ، وأنّ نتّقيَ اللهَ في جميعِ أقوالِنا...

يقولُ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا(69) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71) (الأحزاب).

جاءَ في تفسيرِ الجلالين: "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا" مَعَ نَبِيِّكُمْ "كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى" بِقَولِهِمْ مَثَلًا: مَا يَمْنَعهُ أنْ يغْتَسِلَ مَعَنَا إلَّا أنّه آدَرٌ "فَبَرَّأَهُ اللَّه مِمَّا قَالُوا" بأنْ وَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ لِيَغْتَسِلَ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِهِ حَتَّى وَقَفَ بَيْن مَلَأٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَأَدْرَكَهُ مُوسَى فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَاسْتَتَرَ بِهِ فَرَأَوْهُ وَلَا أُدْرَةَ بِهِ وَهِيَ نَفْخَةٌ فِي الْخُصْيَةِ "وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا" ذَا جَاهٍ: وَمِمَّا أُوذِيَ بِهِ نَبِيُّنَا r أنّه قَسَمَ قَسْمًا فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ قِسْمَةُ مَا أُرِيد بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى فَغَضِبَ النَّبِيُّ r مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ:(يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ) رواه البخاريُّ. "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا" صَوَابًا "يُصْلِحُ لَكُمْ أَعْمَالكُمْ" يَتَقَبَّلهَا "وَيَغْفِر لَكُمْ ذُنُوبكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" نَالَ غَايَةَ مَطْلُوبَة. اهـ

رابعًا: إنّ المُعترضَ يعترضُ على أنّ موسى تعرّى أمامَ بني إسرائيلَ دون أن يدري اعتقادًا منه أنّ الحديثَ أساءَ إليه، ولا يعترضُ عمّا جاءَ في الكتابِ المقدّسِ مِن تعرّى بعضِ الأنبياءِ بكاملِ إرادتِهم أحيانًا، مثلَ نوحٍ، وداوُدَ، وإشعياءَ، ويسوعَ...

جاءَ ذلك في الآتي:

1- سفرُ التكوينِ إصحاح 9 عدد 20 " وَابْتَدَأَ نُوحٌ يَكُونُ فَلاَّحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. 21وَشَرِبَ مِنَ الخَمْرِ فَسَكِرَ وَتعرّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا... ".

2- سفرُ صموئيلَ الثاني إصحاح 6 عدد 20 " وَرَجَعَ داوُد لِيُبَارِكَ بَيْتَهُ. فَخَرَجَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ لاسْتِقْبَالِ داوُد، وَقَالَتْ: «مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ الْيَوْمَ، حَيْثُ تَكَشَّفَ الْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ السُّفَهَاءِ".

3- سفرُ إشعياء إصحاح 20 عدد 1 " فِي سَنَةِ مَجِيءِ تَرْتَانَ إِلَى أَشْدُودَ، حِينَ أَرْسَلَهُ سَرْجُونُ مَلِكُ أَشُّورَ فَحَارَبَ أَشْدُودَ وَأَخَذَهَا، 2فِي ذلِكَ الْوَقْتِ تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ إِشَعْيَاءَ بْنِ آمُوصَ قَائِلًا: «اِذْهَبْ وَحُلَّ الْمِسْحَ عَنْ حَقْوَيْكَ وَاخْلَعْ حِذَاءَكَ عَنْ رِجْلَيْكَ». فَفَعَلَ هكَذَا وَمَشَى مُعَرًّى وَحَافِيًا. 3فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ، آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ، 4هكَذَا يَسُوقُ مَلِكُ أَشُّورَ سَبْيَ مِصْرَ وَجَلاَءَ كُوشَ، الْفِتْيَانَ وَالشُّيُوخَ، عُرَاةً وَحُفَاةً وَمَكْشُوفِي الأَسْتَاهِ خِزْيًا لِمِصْرَ. 5فَيَرْتَاعُونَ وَيَخْجَلُونَ مِنْ أَجْلِ كُوشَ رَجَائِهِمْ، وَمِنْ أَجْلِ مِصْرَ فَخْرِهِمْ ".

3- إنجيلُ يوحنّا إصحاح 13 عدد 4 " قامَ عنِ العَشَاءِ، وَخَلَعَ ثِيَابَهُ، وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا، 5ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَل، وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التَّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِرًا بِهَا. 6فَجَاءَ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ. فَقَالَ لَهُ ذَاكَ: يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ! ".

ثم إنّه يعترضُ على أنّ الحديثَ ذكرَ أنّ موسى ضربَ بِعصاه الحجرَ لمّا كان غاضبًا بقولِه:" الحجرُ جمادٌ لا يشعُر". ولا يعترضُ عمّا جاءَ في كتابِه المقدّسِ الذي ذكرَ أنّ موسى ضربَ بِعصاه الحجرَ مرّتين وهو غاضبٌ مِن قومِه لِيُخرجَ لهم منه الماءَ واصفًا إيّاهم بالمردةِ...!

واتسآءلُ: أليس الحجرُ جمادًا؟!

الجوابُ: يكونُ في قراءةِ القصّةِ كاملةً في سفرِ العدد إصحاح 20 عدد 1 " وَأَتَى بَنُو إِسْرَائِيلَ، الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا، إِلَى بَرِّيَّةِ صِينَ فِي الشَّهْرِ الأوّل. وَأَقَامَ الشَّعْبُ فِي قَادَشَ. وَمَاتَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ. 2وَلم يكنْ مَاءٌ لِلْجَمَاعَةِ فَاجْتَمَعُوا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ. 3وَخَاصَمَ الشَّعْبُ مُوسَى وَكَلَّمُوهُ قَائِلِينَ: «لَيْتَنَا فَنِينَا فَنَاءَ إِخْوَتِنَا أمامَ الرَّبِّ. 4لِمَاذَا أَتَيْتُمَا بِجَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلَى هذِهِ الْبَرِّيَّةِ لِكَيْ نَمُوتَ فِيهَا نَحْنُ وَمَوَاشِينَا؟ 5وَلِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِتَأْتِيَا بِنَا إِلَى هذَا الْمَكَانِ الرَّدِيءِ؟ لَيْسَ هُوَ مَكَانَ زَرْعٍ وَتِينٍ وَكَرْمٍ وَرُمَّانٍ، وَلاَ فِيهِ مَاءٌ لِلشُّرْبِ!». 6فَأَتَى مُوسَى وَهَارُونُ مِنْ أمامَ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَسَقَطَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا، فَتَرَاءَى لَهُمَا مَجْدُ الرَّبِّ. 7وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 8«خُذِ الْعَصَا وَاجْمَعِ الْجَمَاعَةَ أَنْتَ وَهَارُونُ أَخُوكَ، وَكَلِّمَا الصَّخْرَةَ أمامَ أَعْيُنِهِمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا، فَتُخْرِجُ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ وَتَسْقِي الْجَمَاعَةَ وَمَوَاشِيَهُمْ». 9فَأَخَذَ مُوسَى الْعَصَا مِنْ أمامَ الرَّبِّ كَمَا أَمَرَهُ، 10وَجَمَعَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجُمْهُورَ أمامَ الصَّخْرَةِ، فَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا أَيُّهَا الْمَرَدَةُ، أَمِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً؟». 11وَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِعصاه مَرَّتَيْنِ، فَخَرَجَ مَاءٌ غَزِيرٌ، فَشَرِبَتِ الْجَمَاعَةُ وَمَوَاشِيهَا ".

ثم إنّ الكتابَ المقدّسَ وصفَ موسى بأنّه أُصيبَ بِمرضِ البرصِ وهو مرضٌ جلديٌّ يتأذّى منه الناسُ وينفرون منه … بينما يذكرُ القرآنُ أنْ يدَيْه كانتا بيضاءَ مِن غيرِ سوءٍ؛ أيْ ليس هناك مرضٌ في يدَيْه؛ مثلَ البرصِ...

ويبقى السؤالُ: مَنَ الذي أساءَ إلى نبيِّ اللهِ موسى ؛ القرآنُ الكريمُ أم الكتابُ المقدّسُ؟

جاءَ ما سبقَ في الآتي:

أولًا: القرانُ الكريمُ: يقولُ : " وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى(22) "(طه).

ثانيًا: الكتابُ المقدّسُ: سفرُ الخروجِ إصحاح 4 عدد 6 " ثُمَّ قَالَ لَهُ الرَّبُّ أَيْضًا: «أَدْخِلْ يَدَكَ فِي عُبِّكَ». فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، وَإِذَا يَدُهُ بَرْصَاءُ مِثْلَ الثَّلْجِ". لا تعليقُ !

كتبه / أكرم حسن مرسي