بسم الله الرحمن الرحيم
رب اشرح لي صدري ويسر لي امري
هل كان هناك في القرآن الكريم آية للرجم؟
نعم...ولكنها نُسختْ من القرآن كلفظٍ , وبقي حكمها في السنة الشريفة , وحكمها معمول به من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسيبقى حكمها جارٍ الى يوم القيامة , لما رواه احمد واهل السنن رحمه الله من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه انّ النبي صلى الله عليه وسلم قال خذوا عني , خذوا عني, قد جعل الله لهنّ سبيلاً, البكر بالبكر جلدُ مائةٍ وتغريبِ عام, والثيّب بالثيّب جلدُ مائةٍ والرجم
وأول من رُجمَ في الاسلام الصحابي ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه , حين أتى النبي صلى الله عليه وسلم معترفا بالزنى, فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمه يروى عن بريدة رضي الله عنه أنه قال: لما رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك كان الناس فيه فرقتين: قائل يقول: لقد هلك على أسوأ حالة، لقد أحاطت به خطيئته , وقائل يقول: أهناك توبة أفضل من توبة ماعز بن مالك! إنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده , وقال: اقتلني بالحجارة فلبثوا كذلك يومين أو ثلاثاً , ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس, فقال: استغفروا لماعز بن مالك، فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد تاب توبة لو قسمت بين أُمةٍ لوسعتهم
وفي الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه, قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلُّ دمُ امرىءٍ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث الثيِّبُ الزاني , والنفسُ بالنفسِ , والتاركُ لدينهالمفارقُ للجماعة
وهناك حدودُ أخرى للقصاص في الاسلام نذكرُ منها على سبيل المثال لا الحصر: الحدالرابع لمن يزني بمحرم له (أي الذي يزني بالمحرم عليه الزواج بهنّ) .. والحد الخامسلمن يعمل عمل قوم لوط أي اللوطية, والحد السادس: للسحرة.
نشرح الحديث بايجاز: لنبين الحالات التي يجوز فيها قتل المؤمن قصاصا بدلائل من الكتاب الكريم والسنة المطهرة ان شاء الله تعالى
اولا: الزاني المُحصن : أي اذا زنى المسلم المتزوج ذكرا كان أم انثى , او سبق لهما الزواج ولو مرة واحدة في العمر يُطبق عليهما حد الرجم حتى الموت ... ولكن هل ورد ذكر الرجم في القرآن الكريم ؟ نعم .. لقد كان هناك آية للرجم في القرآن ولكنها نُسخت , فنُسخَ لفظها وبقي حكمها, ولفظها " والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله, والله عزيز حكيم "
وما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقالة بخصوص هذه الآية الكريمة , ما جاء في الصحيحين من حديث مالك الطويل من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنّ عمر قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد, أيها الناس! فانّ الله تعالى بعث محمداً بالحق, وأنزل عليه الكتاب, فكان فيما أنزله عليه آية الرجم, فقرأناها ووعيناها, ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورجمنا بعده, فأخشى أن يطول الناس زمانٌ أنْ يقولُ قائلٌ: لا نجدُ آيةَ الرجم في كتاب الله, فيضنوا بترك فريضة قد أنزلها الله, فالرجم في كتاب الله حقٌّ على من زنى اذا أحصنَ من الرجال ومن النساء اذا قامت البيّنة أو الحبّلِ أو الاعتراف...
وفي روايه الامام احمد والنسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ....ولولا أن يقولَ قائلٌ أو يتكلم متكلمٌ أنّ عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت
وأمر نسخ بعض الآيات من القرآن الكريم أمرْ ثابت في الكتاب والسنة, وكان امر النسخ فقط على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , اذ لا وحيٌّ بعده عليه الصلاة والسلام , ودليل النسخ من القرآن قوله عزوجل في سورة البقرة 106
ما نَنْسَخُ مِنْ آيةٍ أو نُنْسِها نأتِ بخيرِ منها أو مثلها ألم تعلم أنّ الله على كل شيء قدير
وقد ورد في تفسير ابن كثير رحمه الله لهذه الآية الكريمة قول مجاهد رضي الله عنه أنه قال: أي ما نمحو من آيةٍ مثل قوله: الشيخُ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة, وقوله: لو كان لابن آدمَ واديان من ذهبٍ لابتغى لهما ثالثا
وأما عن تفاصيل أحكام النسخ وانواعه وشروطه فهي مبسوطة تفصيلا في أُصول الفقه لمن أراد أن يتوسع في العلم
ثانياً: قتل النفس بغير حق: تماماً كما يحدث في هذا الزمان الذي نعيش فيه القرن الواحد والعشرين, حين بات قتل المسلم كشربة ماء لأجل دنيا زائلة دون ذنبٍ يرتكب, كما كلنا يشهد شهادة حق لله عزوجل والحديث الشريف الذي بين أيدينا فيه دليل على وجوب احترام دم المسلم وعصمته ولا يحل لأحد قتله مهما فعل من الذنوب أو أخلَّ بالواجبات أو ضيّع من الحقوق , وان كلّ واحدٍ منّا قتل مسلمٍ لكبيرةٍ ما تركنا شيئاً لله يحاسبنا عليه, ورحم الله الامام القحطاني حيث قال في نونيته الشهيرة نونية القحطاني لسنا نُكفّرُ مسلمٍ بكبيرةٍ.... واللهُ ذو العفوِ وذو الاحسانِ ولا يجوز لبشرٍ ان يقتلَ نفساً بغير حق , إلا إذا فعل ما يوجب قتله بسلطان الشرع ,وينبغي أن يتولى قتله الا الإمام الشرعي أو من ينوب عنه بعد ثبوت ادانته أو اعترافه ,ولا يحل لمن سواهم إقامة هذا الحد باتفاق أهل العلم .وقد ورد في الشرع ذمٌّ شديدٌ لمن ينتهك حرمة المسلم ويستبيح دمه بغير وجه حقٍّ , لقوله تعالى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا فما بالُنا اليوم ونحن نرى من علماء الاسلام من يستبيحون قتل المسلمين تعصباً وعصبيّةٍ وهم الأجدر بهم والأولى حقن دماء المسلمين لا الأمر بقتلها واستباحة دماءها والتحريض على قتلها وفي الحديث الصحيحمن أعانَ على قتلِ مسلمٍ ولوْ بشطر كلمةٍ جاءَ يوم القيامة مكتوبٌ بينَ عينيهِ آيسٌ من رحمة الله
وايضالزوال السموات والأرض أهونُ عندَ الله من قتل مسلم وفي رواية لزوال الدنيا أهونُ عندَ الله من قتل مسلم
ثالثا: المرتد عن دينه ..أو الذي يُبدّلُ دينه الى دين آخر لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: من بدل دينه فاقتلوه
رابعا: من فعل فعل قوم لوط : لما رواه ابو داوود رحمه الله من حديث ابن عباس رضي الله عنهما , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ , فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ
خامساً: الزاني بذي محرم : لما روي عن الامام احمد والحاكم رحمهما الله , أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل من فعله من وقع على ذات محرم فاقتلوه
سادساً: الساحر: لما أخرج الترمذي من حديث جندب رضي الله عنه مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلمحد الساحر ضربه بالسيف
ونختم بقصة قتل الخوارج لثالث الخلفاء الراشدون وذو النورين : عثمان بن عفان رضي الله عنه, فقد روى الشيخان رحمهما الله من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال ، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أشرف يوم الدار ، فقال رضي الله عنهأنشدكم بالله تعالى تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنا بعد إحصان ، أو ارتداد بعد إسلام ، أو قتل نفس بغير حق يقتل به فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام , ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ولا قتلت النفس التي حرم الله ، فبم تقتلوني؟
ورحم الله ابن الجوزي صاحب كتاب تلبيس ابليس حيث قال
والمسكين كل المسكين من ضاع عمره في علم لم يعمل به ، ففاته لذات الدنيا ، وخيرات الآخرة ، فقدم مفلساً مع قوة الحجة عليه
ومن يجد في نفسه رغبةً في متابعة بحثٍ شيّق رائع يبحث في العلم عنوانه: الملامح العامة لأهل السنة , مدة المحاضرة حوالي الساعة, وأودُّ لكل مسلم ومسلمة أن يلمُّ بمحتوى هذه المحاضرة, كي كل منا يُدركُ موقعه من السنة النبوية الشريفة, ان كان مطبقها فليحمد الله, والا فليحاول احتواء اكبر قدر منها, وكما كلنا يعلم الحديث الشريف الذي يخبرنا بالفرقة الناجية يوم القيامة.
والله وحده أعلم بغيبه
المفضلات